أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة التاسعة الأربعون - صـ 270

جلسة 28 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيرى الجندى، على محمد على، محمد درويش وعبد المنعم دسوقى نواب رئيس المحكمة.

(68)
الطعن رقم 9857 لسنة 66 القضائية

(1 - 5) دعوى " ترك الخصومة فى الدعوى " " التدخل فى الدعوى". استئناف.
(1) الخصومة. ماهيته. تنازل أو إسقاط لها. أثره. زوالها بمجرد إبائه دون توقف على صدور حكم به. عدم مساسه بالحق المرفوعة به الدعوى.
(2) إصدار المطعون ضده الأول إقراراً موثقاً بتركه للخصومة أمام محكمة أول درجة وقضاؤها بإثبات هذا الترك. لازمه. عدم اعتباره خصماً أمامها من تاريخ تقديم الإقرار. اختصامه فى الاستئناف. وجوب قضاء محكمة الاستئناف من تلقاء ذاتها بعدم قبوله.
(3) التدخل فى الاستئناف. جوازه ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم فيه بطلب يقدم شفاهة بالجلسة فى حضور الخصوم. شرطه. عدم إبدائه طلبات تغاير طلبات من انضم إليه. جواز تقديمه أوجه دفاع جديدة لهذه الطلبات. قبول التدخل يكون صريحاًَ أو ضمنيا.
(4) ترك الخصومة. عدم مساسه بالحق المرفوعة به الدعوى. أثره. جواز التدخل انضمامياً فى الاستئناف ممن ترك الخصومة أمام محكمة أول درجة.
(5) طلب المطعون ضدهم إلزام مورث الطاعنين بتقديم كشف حساب عن إيرادات المخبز محل التداعى. ترك المطعون ضده الأول الخصومة أمام محكمة أول درجة. تمسك الطاعنين لأول مرة أمام محكمة الاستئناف بعقد ادعوا صدورة من مورثة المطعون ضدهم ببيعها المخبز إلى مورث الطاعنين. دفع المطعون ضده الأول أمام محكمة الاستئناف بالجهالة على ذلك العقد. اعتباره تدخلاً انضمامياً منه لباقى المطعون ضدهم فى طلب رفض الاستئناف. أثره. قبول الحكم المطعون فيه هذا الدفع. صحيح.
(6) نقض " سلطة محكمة النقض". حكم " ما لا يعيب تسبيب الحكم".
إصابة الحكم المطعون فيه صحيح القانون. عدم إيراده الأسباب القانونية المؤيدة لما انتهى إليه. لا عيب. لمحكمة النقض إنشاء أسباب قانونية جديدة تقوم لها قضاءه دون أن تنقضه.
(7) إثبات " المحررات العرفية " " الطعن بالإنكار". محكمة الموضوع.
إنكار التوقيع على المحرر العرفى. لقاضى الموضوع إجراء التحقيق بالبينة أو بالمضاهاة أو بهما معا إذا رأى لزوما لذلك.
(8) محكمة الموضوع " مسائل الواقع " " تقدير الأدلة " تقدير أقوال الشهود". إثبات.
محكمة الموضوع. سلطتها فى فهم الواقع فى الدعوى وتقدير ما يقدم إليها من أدلة ومنها أقوال الشهود وبحث مستنداتها واستخلاص الثابت منها دون رقابة محكمة النقض. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة.
(9) تزوير. خبرة. إثبات. حكم " عيوب التدليل: ما لا يعد قصوراًَ".
إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى صدور البصمة المنسوبة لمورثة المطعون ضدهم على العقد محل التداعى. القضاء بعدم صحة هذا التوقيع اطمئناناً لأقوال شاهد المطعون ضدهم. عدم الرد على مستندات الطاعنين وعدم الاستجابة إلى طلب ندب خبير للتحقق من صحة التوقيع المنسوب لهذا الشاهد على العقد. لا عيب. علة ذلك.
(10) محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير عمل الخبير، فى طلب ندب خبير اٌخر". إثبات. خبرة.
محكمة الموضوع. سلطتها فى تقدير عمل الخبير والموازنة بين الأدلة للأخذ بما تطمئن إليه. عدم التزامها بالرد على الطعون الموجهة لتقرير الخبير أو استجابتها إلى طلب ندب خبير آخر متى رأت فى تقرير الخبير السابق وأوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها.
(11) استئناف " تسبيب الحكم الاستئنافى". حكم.
تأييد محكمة استئناف للحكم المستأنف. الإحالة إلى ما جاء فيه من بيان لوقائع الدعوى أو الأسباب التى أقيم عليها. شرطه. أن تكون كافية لحمل قضائها وعدم استناد الخصوم أمامها إلى دفاع جديدة تخرج فى جوهرها عما قدموه إلى محكمة أول درجة.
1 - من المقرر أن ترك الخصومة هو التنازل أو إسقاط لها يترتب عليه زوالها وتتحقق آثاره القانونية بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به إلا أنه لا يمس الحق المرفوعة به الدعوى.
2 - لما كان الثابت أن المطعون ضده الأول كان قد أصدر إقراراً موثقاً يتضمن تركه للخصومة فى الدعوى قدمه الطاعنون أمام محكمة أول درجة بجلسة 15/ 4/ 1992 فقضت على هدى منه بإثبات ترك المذكور الخصومة فى الدعوى مما لازمه أنه لم يعد منذ هذا التاريخ خصماً فيها أمام محكمة أول درجة فإن اختصام الطاعنون له فى الاستئناف...... يوجب على محكمة الاستئناف أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم قبوله.
3 - المقرر وفقاً لحكم المواد 126/ 2، 143، 236/ 1 من قانون المرافعات أنه يجوز التدخل فى الاستئناف ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم فيه بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصوم شريطة ألا يبدى طلبات تغاير طلبات من انضم إليه وإن جاز له إبداء أوجه دفاع جديدة لهذه الطلبات وأن قبول التدخل كما يكون صريحاً يكون ضمنياً.
4 - ليس من شأن ترك الخصومة فى الدعوى المساس بالحق المرفوعة به الدعوى، ومن ثم فإنه يجوز لمن ترك خصومة الدعوى أمام محكمة أول درجة التدخل انضمامياً لأحد طرفى خصومة الاستئناف.
5 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تقدموا أمام محكمة الاستئناف بجلسة 20/ 11/ 1993 ولأول مرة بدفاع جديد لم يسبق تمسكهم به أمام محكمة أول درجة يتمثل فى عقد مؤرخ 20/ 4/ 1981 ادعوا صدوره من مورثة المطعون ضدهم يفيد بيعها المخبز محل النزاع إلى مورث الطاعنين فإن حضور المطعون ضده الأول بجلسة 22/ 12/ 1993 ودفعه بالجهالة على هذا العقد الذى لا يعدو فى حقيقته ومرماه أن يكون تدخلاً انضماميا منه لباقى المطعون ضدهم (المستأنف عليهم) فى طلب رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف باطراح حجية هذا العقد الذى لا يتطلب القضاء فيه إلا حلاً واحداً بعينه بالنسبة لهم جميعاً وينطوى على مساس بالحق المرفوعة به الدعوى الذى لم ينل ترك المطعون ضده الأول للخصومة فيها أمام محكمة أول درجة من بقائه محفوظاً له، ومن ثم فإن قبول الحكم المطعون فيه الدفع بالجهالة المبدى منه على ذلك العقد باعتباره دفاعاً جديداً قصد به تأييد دفاع إخوته باقى المطعون ضدهم فى طلب رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى توقيع مورثهم عليه يكون قد أصاب صحيح القانون.
6 - لا يعيب الحكم عدم إيراد الأسباب القانونية المؤيدة لما انتهى إليه إذ لمحكمة النقض أن تنشئ أسباباً قانونية جديدة تقوم بها قضاءه دون أن تنقضه.
7 - النص فى المادة 30 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه " إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة أصبعه وأنكر ذلك خلفه أو نائبه وكان المحرر منتجاً فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكون عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة أصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما " يدل - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - على أن المشرع قصد أن يكل غلى قاضى الموضوع اختيار الطريقة التى يراها مؤدية إلى ظهور الحقيقة، فله التحقيق بالبينة أو بالمضاهاة أو بهما معاً إذ ا رأى لزوماً لذلك.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وفى تقدير ما يقدم من أدلة ومنها أقوال الشهود وبحث مستنداتها واستخلاص الثابت منها ولا رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
9 - لما كان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قد رأت فى حدود سلطتها التقديرية إحالة الاستئناف إلى التحقيق لإثبات ونفى صدور بصمة الإبهام المنسوبة إلى المرحومة......... على عقد التنازل المؤرخ 20/ 4/ 1981 بشهادة الشهود بعد أن دفع المطعون ضده الأول بالجهالة على بصمتها وحلف يمين عدم العلم وأقامت قضاءها بعدم صحة هذا التوقيع على ما اطمأنت إليه من أقوال شاهد المطعون ضدهم بعد ان اطرحت شهادة شاهدى الطاعنين لعم اطمئنانها إليها وهى دعامة كافية لحمل قضائها فى هذا الخصوص فإنه لا يعيبه سكوتها عن الرد على ما قدمه الطاعنون من مستندات رأتها أنها غير مؤثرة فى تكوين عقيدتها، أو عدم الاستجابة إلى طلب ندب خبير لتحقيق من صحة التوقيع المنسوب صدورة لشاهد المطعون ضدهم بالمضاهاة لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمنى المسقط لدلالة ما تمسك به الطاعنون.
10 - من القرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تقدير عمل الخبير وفى الموازنة بين الأدلة للأخذ بما تطمئن إليه باعتبار أن رأى الخبير لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الإثبات ولا عليها إن لم ترد على الطعون التى وجهت إليه أو تستجب إلى طلب ندب خبير آخر متى رأت فى تقرير الخبير السابق ندبه وفى أوراق الدعوى ما يكفى لتكون عقيدتها فيها.
11 - لمحكمة الاستئناف متى أيدت الحكم المستأنف أن تحيل على ماجاء فيه سواء فى بيان وقائع الدعوى أو فى الأسباب التى أقيم عليها متى كانت تكفى لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج فى جوهرها عما قدموه إلى محكمة أول درجة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1557 لسنة 1990 مدنى المنيا الابتدائية على مورث الطاعنين بطلب الحكم بإلزامه بتقديم كشف حساب مشفوع بالمستندات عن إيردات المخبز المبين بالصحيفة وبيان صافى أرباحه ونصيب كل منهم فيه وقالوا بياناً لها إنه بتاريخ 10/ 7/ 1986 تحرر عقد شركة بينهم وبين الأخير محله استغلال المخبز المبين بالصحيفة عهدوا إليه فيه إدارته نظير أجر شهرى مقداره 250 جنيها على أن يتولى تحصيل الأرباح اليومية للمخبز وتوزيعها بالتساوى فى نهاية كل شهر بعد خصم المصاريف وفى نهاية شهر أغسطس سنة 1989 ماطل وجحد كل حق لهم فأقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1991 بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورث الطاعنين فقام المطعون ضدهم بتجديد دعواهم قبل الورثة وإذ قدم الطاعنون إقراراً صادراً من المطعون ضده الأول موثقاً بالشهر العقارى بتنازله وتركه الخصومة فى الدعوى فقد عدل المطعون ضدهم من الثانى وحتى الرابع - دون المطعون ضده الخامس - طلباتهم فى الدعوى إلى إلزام الطاعنين بأن يدفعوا لهم من تركة مورثهم مبلغ 22489.686 جنيه وبتاريخ 17 من مارس سنة 1993 حكمت محكمة أول درجة أولا: بإثبات ترك المطعون ضده الأول لدعواه. ثانيا: باعتماد ما جاء بتقرير الخبير متعلقاً بالمطعون ضده الخامس. ثالثا: بإلزام الطاعنين بأن يؤدوا من تركة مورثهم إلى المطعون ضدهم الثانى والثالث والرابع مبلغ 22489.686 جنيه قيمة الأرباح المستحقة لهم عن المدة من أول سبتمبر سنة 1989 حتى أول يونيه سنة 1990، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 560 لسنة 29 ق لدى محكمة استئناف بنى سويف " مأمورية المنيا " مختصمين جميع المطعون ضدهم وأثناء نظر الاستئناف قدم الطاعنون عقد بيع مؤرخ 20/ 4/ 1981 صادر من المرحومة هانم عثمان أحمد إلى ابنها مورث الطاعنين يتضمن تنازلها عن منزل يقع به المخبز محل النزاع فدفع المطعون ضده الأول بالجهالة على هذا التنازل وتسمك أيضاً بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى الدعوى رقم 139 لسنة 1989 المقامة من المطعون ضده الخامس بطلب الحكم بفرز وتجنيب وتسليم حصته فى المخبز والتى انتهى تقرير الخبير المنتدب فيها إلى أن عقار التداعى الكائن به المخبز مملوك للمرحومة ....... وبعد وفاتها آلت الملكية إلى ورثتها وبعد أن رفضت المحكمة هذا الدفع وحلف المطعون ضده الأول يمين عدم العلم بأن التوقيع المنسوب لمورثته على عقد التنازل صادر منها وإحالة الاستئناف إلى التحقيق لإثبات ونفى أن التوقيع الوارد على عقد التنازل صادر عن مورثته المذكورة حكمت فى موضوع الطعن بالجهالة بعدم صحة توقيع هذه المورثة ثم قضت بتاريخ 19 أغسطس سنة 1996 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة تمسكت فيها ببطلان الحكم وأبدت الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بمخالفة الحكم المطعون فيه لقاعدة إجرائية متعلقة بالنظام العام كانت عناصرها مطروحة أمام محكمة الموضوع ذلك أن محكمة أول درجة قضت بإثبات ترك المطعون ضده الأول لدعواه وأذ اختصمه الطاعنون فى صحيفة استئنافهم فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تقضى بعدم قبول اختصامه وإذ خالفت ذلك واستجابت لدفعه بالجهالة على توقيع مورثته المرحومة ........ عقد التنازل المؤرخ 20/ 4/ 1981 وقضت على هدى من هذا الدفع بعدم صحة توقيعها وبتأييد الحكم المستأنف رغم أنه لم يكن طرفاً فى الاستئناف فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه من المقرر أن ترك الخصومة هو تنازل أو إسقاط لها يترتب عليه زوالها وتتحقق آثاره القانونية بمجرد إبدائه دون توقف على صدور حكم به إلا أنه لا يمس الحق المرفوع به الدعوى. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضده الأول كان قد أصدر إقراراً موثقاً يتضمن تركه للخصومة فى الدعوى قدمه الطاعنون أمام محكمة أول درجة بجلسة 15/ 4/ 1992 فقضت على هدى منه بإثبات ترك المذكور الخصومة فى الدعوى مما لازمه أنه لم يعد منذ هذا التاريخ خصماً فيها أمام محكمة أول درجة فإن اختصام الطاعنون له فى الاستئناف كان يوجب على محكمة الاستئناف أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم قبوله، إلا انه لما كان من المقرر وفقاً لحكم المواد 126/ 2، 143، 236/ 1 من قانون المرافعات أنه يجوز التدخل فى الاستئناف ممن يطلب الانضمام إلى أحد الخصوم فيه بطلب يقدم شفاهة فى الجلسة فى حضور الخصوم شريطة ألا يبدى طلبات تغاير طلبات من انضم إليه وإن جاز له إبداء أوجه دفاع جديدة لهذه الطلبات وأن قبول التدخل كما يكون صريحاً يكون ضمنياً وأنه ليس من شأن ترك الخصومة فى الدعى المساس بالحق المرفوعة به الدعوى -
وعلى ما سلف بيانه - ومن ثم فإنه يجوز لمن ترك خصومة الدعوى أمام محكمة أول درجة التدخل انضمامياً لأحد طرفى خصومة الاستئناف وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين تقدموا أمام محكمة الاستئناف بجلسة 20/ 11/ 1993 ولأول مرة بدفاع جديد لم يسبق تمسكهم به أمام محكمة أول درجة يتمثل فى عقد مؤرخ 20/ 4/ 1981 ادعوا صدوره من مورثة المطعون ضدهم يفيد بيعها المخبز محل النزاع إلى مورث الطاعنين فإن حضور المطعون ضده الأول بجلسة 22/ 12/ 1993 ودفعه بالجهالة على هذا العقد لا يعدو فى حقيقته ومرماه أن يكون تدخلاً انضمامياً منه لباقى المطعون ضدهم (المستأنف عليهم) فى طلب رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف باطراح حجية هذا العقد الذى لا يتطلب القضاء فيه إلا حلاً واحداً بعينه بالنسبة لهم جميعاً وينطوى على مساس بالحق المرفوع به الدعوى الذى لم ينل ترك المطعون ضده الأول للخصومة فيها أمام محكمة أول درجة من بقائه محفوظاً له ومن ثم فإن قبول الحكم المطعون فيه الدفع بالجهالة المبدى منه على ذلك العقد باعتباره دفاعاً جديداً قصد به تأييد دفاع إخوته باقى المطعون ضدهم فى طلب رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى صحة توقيع مورثتهم عليه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه عدم إيراد الاسباب القانونية المؤيدة لما انتهى إليه، إذ لمحكمة النقض أن تنشئ أسباباً قانونية جديدة تقوم بها قضاءه دون أن تنقضه ومن ثم يضحى نعى النيابة بهذا الدفع على غير أساس.
وحيث إنه لما كان المطعون ضده الأول قد أضحى خصماً فى الاستئناف على نحو ما سلف بيانه وقضى لصالحه فيه فإنه يصح اختصامه فى الطعن بالنقض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أر بعة أسباب ينعى الطاعنون بالثلاثة الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبيب ذلك أنهم تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الاستئناف بطلب ندب خبير من مصلحة تحقيق الشخصية بمديرية الأمن للتحقق من صحة توقيع البصمة المنسوب صدورها للمرحومة........ على التنازل المؤرخ 20/ 4/ 1981 عن طريق المضاهاة إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وأحال الاستئناف إلى التحقيق لإثبات ونفى ذلك ثم اطرح أقوال شاهديهم على سند من أنهما لم يشاهدا المذكورة أثناء توقيعها بالبصمة على ذلك التنازل وهو أمر ليس بلازم ولا يقطع بعدم صدوره منها واعتمد فى قضائه بنفى صحة هذا التوقيع على أقوال شاهد المطعون ضدهم الذى سبق أن وقع على ذلك كشاهد ثم أنكر توقيعه زورا وطلبوا فى شأنه من المحكمة ندب خبير أبحاث التزييف والتزوير لإجراء المضاهاة بين توقيعه على ورقة التنازل وورقة إعلانه للادلاء بشهادته أمام المحكمة إلا أنها التفتت عن هذا الدفاع، هذا إلى أنهم تقدموا إلى محكمة الاستئناف بشهادة رسمية من بيانات محضر تصديق تفيد قيام المطعون ضده الأول وإخوته بالتنازل عن رخصة المخبز محل النزاع للطاعنين وكذا ورقة مذيلة بتوقيع والد هؤلاء يقر فيها بملكية مورث الطاعنين للمخبز إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذه القرائن ويخضعها إلى تقديره أو يعمل دلالتها فى صحة صدور التنازل المؤرخ 20/ 4/ 1981 كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن النص فى المادة 30 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 على أنه " إذا أنكر من يشهد عليه المحرر خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمة أصبعه وأنكر ذلك خلفه أو نائيه وكان المحرر منتجاً فى النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لتكون عقيدة المحكمة فى شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة أصبعه أمرت المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما " يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قصد أن يكل إلى قاضى الموضوع اختيار الطريقة التى يراها مؤدية إلى ظهور الحقيقة فله التحقيق بالبينة أو بالمضاهاة أو بهما معا إذا رأى لزوما لذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وفى تقدير ما يقدم من أدلة، ومنها أقوال الشهود وبحث مستنداتها واستخلاص الثابت منها ولا رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قد رأت فى حدود سلطتها التقديرية إحالة الاستئناف إلى التحقيق لإثبات ونفى صدور بصمة الإبهام المنسوبة إلى المرحومة ..... على عقد التنازل المؤرخ 20/ 4/ 1981 بشهادة الشهود بعد أن دفع المطعون ضده الأول بالجهالة على بصمتها وحلف يمين عدم العلم وأقامت قضائها بعدم صحة هذا التوقيع على ما اطمأنت إليه من أقوال شاهد المطعون ضدهم بعد ان اطرحت شهادة شاهدى الطاعنين لعم اطمئنانها إليها وهى دعامة كافية لحمل قضائها فى هذا الخصوص فإنه لا يعيبه سكوتها عن الرد على ما قدمه الطاعنون من مستندات رأتها أنها غير مؤثرة فى تكوين عقيدتها أو عدم الاستجابة إلى طلب ندب خبير لتحقيق من صحة التوقيع المنسوب صدورة لشاهد المطعون ضدهم بالمضاهاة لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمنى المسقط لدلالة ما تمسك به الطاعنون ومن ثم يغدو النعى بهذه الأسباب فى حقيقته مجرد جدل موضوعى فى تقدير الأدلة وفهم الواقع فى الدعوى تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول الطاعنون إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بعدة اعتراضات على ما انتهى إليه خبير الدعوى أمام محكمة أول درجة وأخذت به وهى أن الخبير اعتد بكشوف الحساب المقدمة من المطعون ضدهم ومن صنعهم دون أن يطلع على أرباح المنشأة بمأمورية الضرائب أو يورد حالات مماثلة سابقة عن ذات النشاط أو يعرض لما قدمه الحارس القضائى على المنشأة من كشوف حساب وقوفاً على التحديد الصحيح للأرباح خلال فترة المحاسبة، هذا إلى أنه أغفل استبعاد نصيب مورثيهم من جملة الأرباح التى انتهى إليها، ولم يجبهم إلى طلب ندب خبير آخر لتحقيق هذا الدفاع، إلا أن الحكم المطعون فيه أيد قضاء محكمة أول درجة دون أن يعرض له بالبحث والتمحيص مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى غير محله، ذلك أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تقدير عمل الخبير وفى الموازنة بين الأدلة للأخذ بما تطمئن إليه باعتبار أن رأى الخبير لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الإثبات ولا عليها إن لم ترد على الطعون التى وجهت إليه أو تستجب إلى طلب ندب خبير آخر متى رأت فى تقرير الخبير السابق ندبه وفى أوراق الدعوى ما يكفى لتكون عقيدتها فيها وأن لمحكمة الاستئناف متى أيدت الحكم المستأنف أن تحيل على ماجاء فيه سواء فى بيان وقائع الدعوى أو فى الأسباب التى أقيم عليها متى كانت تكفى لحمله ولم يكن الخصوم قد استندوا أمام محكمة الاستئناف إلى أوجه دفاع جديدة تخرج فى جوهرها عما قدموه إلى محكمة أول درجة لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف لم تر فيما أثاره الطاعنون من اعتراضات سبق أن تمسكوا بها أمام محكمة أول درجة على تقرير الخبير المقدم لها ما ينال مما انتهى إليه الحكم المستأنف من نتائج - خاصة بعد أن قام باستبعاد نصيب مورث الطاعنين - فأحال إلى أسبابه فإن ما يثيره الطاعنون بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع التقديرية مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.