أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 834

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار أحمد فؤاد جنينة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد حلمى راغب، وجمال منصور، ومحمد محمود عمر، وسمير ناجى.

(179)
الطعن رقم 999 لسنة 49 القضائية

(1، 2) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائى. إثبات. "بوجه عام". "قرائن". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
1 - كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة كيما يكون حائزا لها. ولو أحرزها ماديا شخص غيره.
2 - إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. تقديرها موضوعى. متى كان سائغا.
إفادة التحريات اتجار المتهم فى المخدرات. ضبطه محرزاً لمخدر ومعه سكين ملوثة وميزان وصنج وورقة سلوفان يستوجب التعرض لهذه الظروف لبيان ما إذا كانت تصلح دليلاً على قصد الاتجار من عدمه. استبعاد الحكم قصد الاتجار دون مناقشة الظروف. يعيبه.
1 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجانى حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ما يكفى للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه استند فى إدانة الطاعن إلى شهادة مأمور الضبط التى حصل مؤداها تفصيلاً - ولا ينازع الطاعن فى صحة ما أورده الحكم منها - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور فى التسبيب يكون فى غير محله.
2 - من المقرر أن احراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاص الحكم لتوافر الواقعة أو نفيها سائغاً تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها، ولما كان البين حسب تقريرات الحكم أن شهادة ضابط قسم مكافحة المخدرات قد دلت على أن المطعون ضده يتجر بالمخدرات وقد ضبطه وهو فى الطريق العام أمام منزله والجوهر المخدر والسكين الملوث به والميزان والصنج والورق السلوفان أمامه على منضدة مما كان من مقتضاه أن تقدر محكمة الموضوع هذه الظروف وتمحصها وتتحدث عنها بما تراه فيما إذا كانت تصلح دليلاً على توافر قصد الاتجار أو لا تصلح لا أن تقيم قضاءها على مجرد قول مرسل بغير دليل تستند إليه، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز جوهراً مخدرا (حشيشا) وكان ذلك بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملاً بالمواد 1/ 1 و2، 27 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند/ 12 من الجدول رقم (1) الملحق والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وتغريمه مبلغ ألف جنيه ومصادرة المضبوطات باعتبار أن احرازه للمخدر كان بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى. فطعن المحكوم عليه والنياب العامة فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه.
حيث إن المحكوم عليه ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة احراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى قد شابه قصور فى التسبيب ذلك أنه عول فى إدانته على مجرد قول الضابط شاهد الإثبات بمشاهدته له يقف أمام منضدة خشبية عليها ورق سلوفان وميزان وصنج وسكينة وقطع من مادة الحشيش وأنه لما هم بالقبص عليه لاذ بالفرار وكل هذا لا يدل على صلة الطاعن بالمنضدة وبالتالى بما عليها حتى تصح مساءلته عنه مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وقد كان يقف أمام مسكنه بشارع الباطنية وأمامه منضدة عليها قطع المخدر وصنح وسكين وميزان وأوراق سلوفان - ما أن شاهد الرائد ..... بقسم مكافحة المخدرات والمعروف له على بعد ثلاثة أمتار يتوجه نحوه حتى ولى الأدبار فقام الشاهد بضبط ما على المنضدة من قطع المخدر والأدوات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجانى حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن فى حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ما يكفى للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه استند فى إدانة الطاعن إلى شهادة مأمور الضبط التى حصل مؤداها تفصيلا - ولا ينازع الطاعن فى صحة ما أورده الحكم منها - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور فى التسبيب يكون فى غير محله ويكون طعنه على غير أساس متعين الرفض موضوعا.
ثانياً عن الطعن المقدم من النيابة العام
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة احراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطى أو الاستعمال الشخصى قد شابه التناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك بأن الحكم بعد أن بين واقعة الدعوى على صورة تجعل المطعون ضده ممن يتجرون فى المواد المخدرة عادة استخلص ما يخالف هذه الحقيقة واستند فى نفى قصد الاتجار عنه إلى مجرد القول بأنه لم يقم دليل على توافره مع أن الثابت من ظروف الواقعة وما شهد به الضابط وما تم ضبطه من مضبوطات أن المطعون ضده ممن يتجرون فى المواد المخدرة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عول فى إدانة المطعون ضده على أقوال الرائد ........ والتى بين مؤداها فى قوله: "بأنه فى يوم الحادث حوالى الساعة العاشرة صباحا توجه إلى منطقة الباطنية مستقلاً سيارة مصطحباً قوة من الشرطيين السريين أوقفها بعيداً وأن ذلك منه كان بغرض مكافحة ظاهرة العلانية فى الاتجار بالمواد المخدرة فأبصر المتهم وهو يعرفه كما أن المتهم يعرفه هو الآخر واقفاً أمام منزله بشارع الباطنية وأمامه منضدة خشبية عليها قطع لمخدر الحشيش وأوراق سلوفانية وصنج وميزان وسكين فأسرع بالنزول من السيارة إلا أن المتهم وقد شاهده وكان على بعد ثلاثة أمتار منه لاذ بالفرار فلم يتمكن من الامساك به وضبط ما على المنضدة من قطع المخدر والأدوات وذكر أن نصل السكين كان ملوثا بالمخدر كما أضاف أن المتهم قد أحرز الجوهر المخدر بقصد الاتجار" كما عول الحكم على تقرير التحليل لمصلحة الطب الشرعى والذى أورد مؤداه بما يفيد أن المادة المضبوطة لجوهر مخدر الحشيش وأن وزنها قائما تسعة وثلاثون جراما وأن نصل السكين المضبوط وجد ملوثاً بآثار نفس المخدر وبعد أن ساق الحكم الأدلة على ثبوت الواقعة بالصورة المتقدمة تحدث عن القصد من الاحراز بقوله. "وحيث أنه لا دليل قاطع جازم على أن المتهم قد أحرز الجوهر المخدر عن قصد محدد من اتجار أو تعاطى أو استعمال شخصى إذ لا يكفى لثبوت الاتجار ما شهد به الشاهد وما تم ضبطه من مضبوطات وذلك ما لم ينهض من الضمائم ما يؤيدها حتى يقطع ويجزم بالاتجار...." وانتهى الحكم من ذلك إلى معاقبة المطعون ضده طبقاً للمواد 1 و2 و37 و38 و48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق به. لما كان ذلك، ولئن كان من المقرر أن احراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضى الموضوع بالفصل فيها، إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاص الحكم لتوافر الواقعة أو نفيها سائغا تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها، وكان البين حسب تقريرات الحكم أن شهادة ضابط قسم مكافحة المخدرات قد دلت على أن المطعون ضده يتجر بالمخدرات وقد ضبطه وهو فى الطريق العام أمام منزله والجوهر المخدر والسكين الملوث به والميزان والورق السلوفان أمامه على منضدة مما كان من مقتضاه أن تقدر محكمة الموضوع هذه الظروف وتمحصها وتتحدث عنها بما تراه فيما إذا كانت تصلح دليلا على توافر قصد الاتجار أو لا تصلح لا أن تقيم قضاءاً على مجرد قول مرسل بغير دليل تستند إليه، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً واجباً نقضه والاحالة.