أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 839

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار حسن على المغربى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ شرف الدين خيرى، ومصطفى جميل مرسى، وفوزى أسعد، وهاشم قراعة.

(180)
الطعن رقم 1012 لسنة 49 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم تقديم أسباب للطعن. أثره. عدم قبول الطعن شكلا.
(2) قتل عمد. قصد جنائى. إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
استخلاص نية القتل. موضوعى. متى كان سائغاً.
جواز نشوء القتل. إثر مشادة وقتية.
مثال لتسبيب معيب فى نفى نية القتل.
1 - متى كان المحكوم عليه وأن قرر بالطعن فى الحكم فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا.
2 - من المقرر أن استخلاص نية القتل لدى الجانى وتقدير قيام هذه النية أو عدم قيامها وإن كان أمراً موضوعياً متروكاً لمحكمة الموضوع دون معقب إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغا وأن تكون الوقائع والظروف استندت إليها وأسست عليها رأيها تؤدى عقلاً إلى النتيجة التى رتبتها عليها ولمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كانت الأسباب التى أوردتها تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها. لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى وما نفته عن تقرير الصفة التشريحية وما عول عليه فى إنتفاء نية القتل لا يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها إذ قد تتوافر نية القتل لدى الجانى أثر مشادة وقتية، كما أن مشاعر الندم بعد ارتكاب الفعل ليس من شأنها نفى نية القتل، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد فى الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه والاحالة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة ...... بأنه: قتل عمدا ....... بأن انهال عليه طعنا بمدية فى أجزاء متعددة من جسمها قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الورادين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات بوصف أنه ضرب المجنى عليها بآلة حادة فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موتها فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى يوم صدوره ولم يقد أسباباً لطعنه، كما طعنت النيابة العامة فى هذا الحكم ... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليه وأن قرر بالطعن فى الحكم فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ نفى عن المطعون ضده نية القتل بجريمة احداث جروح بالمجنى عليها أفضت لموتها - لم يقصد من ذلك قتلها قد شابه الفساد فى الاستدلال، ذلك بأن ما أورده الحكم بياناً لظروف الواقعة وتدليلاً على انتفاء نية القتل لدى المطعون ضده غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدى إلى ما رتب عليه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله: أنها تخلص فى أن المتهم ...... قد هام حبا بالمجنى عليها ........ ومنى نفسه أن تكون شريكة حياته ولم يقف الأمر عن هذا التمنى بل أسرها حبه فكان أن بدلته حباً بحق ووعدها بالزواج منها وأحدث من هذا المنطلق تبادله رسائل الغرام وتلتقط معه صور الذكرى حتى إذا ما كان يوم 4/ 6/ 1973 بدائرة قسم أول بندر طنطا محافظة الغربية وهو يوم واقعة الدعوى التقى المتهم بالمجنى عليها فى عرض الطريق وعن له أن يبتها هواه فأعرضت عنه وأنبأته بأنها قد خطبت لغيره وعند ذلك ثارت ثائرته واضطربت مشاعره وانطلق مدفوعاً بهذه العوامل نحوها وقد استل مطواته وأخذ يطعنها فى أماكن من جسمها مريداً بذلك مطلق حد إيذائها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية...." وبعد أن أورد الحكم مؤدى أقوال شاهدى الإثبات نقل عن تقرير الصفة التشريحية أنه وجد بالمجنى عليها عدة إصابات قطعية بالرأس والوجه والعنق واحدى عشر جرحا طعنيا منتشرة بيسار ويمين مقدم الصدر وأسفل مقدم البطن والقطن الأيسر كما وجد بها ثمانية جروح قطعية منتشرة بالعضد الساعد الأيمن والعضد والمرفق الأيسر والفخذ الأيمن تحدث من الطعن بآلة صلبة ذات حافة حادة مدببة الطرف كمطواه وأن بعض الاصابات نفذت إلى تجويف الصدر والبطن وتعزى الوفاة إلى هذه الإصابات وما أحدثته من قطوع بنسيج الرئتين والطحال والكلية اليسرى والامعاء ونزيف داخلى وخارجى وصدمة عصبية ثم عرض الحكم لنية القتل فنفاها عن المطعون ضده فى قوله: "وحيث إنه عن قصد القتل فلا تراه قائماً فى الدعوى إذ لا شىء فى الدعوى يسوغ القول بأن المتهم كان يضمر قتل المجنى عليها بل أنه على النقيض فالثابت من التحقيقات أن المتهم قد شغفه حب المجنى عليها وكان كل أمله أن تكون زوجة له وكل ما هناك حسبما استخلصنه المحكم أن المتهم وقد التقى بالمجنى عليها عرضاً فى الطريق آلمه وحز فى نفسه أن تعرض عنه وأن تفضل غيره عليه وأن تختار هذا الأخير شريكاً لحياتها فكان أن أسقط فى يده وتحركت فى جوفه عوامل الغضب بعد أن رآى آماله تنهار وتتبدد فكان أن استل مطواه أخذ يطعنها فى مختلف أجزاء جسمها مريداً بذلك مطلق حد إيذائها شفاء لما فى نفسه من حزن وألم حتى إذا ما سقطت على الأرض مدرجة فى دمائها انصرف عنها لحال سبيله ولو كان المتهم يضمر القتل حقاً لواصل الاعتداء عليها استيثاقاً لتحقيق قصده من القتل - يقطع بذلك أيضاً أن المتهم وقد ترامى إلى سمعه نبأ وفاة المجنى عليها قد أخذ يندبها ويبكيها بل واحدث بنفسه إصابات جارحة حزنا عليها... ولا ينال من ذلك كون المتهم قد طعن المجنى عليها بآلة حادة (مطواه) فأحدث بها جروحاً نافذة فى صدرها إذ ليس فى هذا ما يكفى بذاته لثبوت نية القتل لديه..." لما كان ذلك، وكان استخلاص نية القتل لدى الجانى وتقدير قيام هذه النية أو عدم قيامها وإن كان أمراً موضوعياً متروكاً لمحكمة الموضوع دون معقب إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن تكون الوقائع والظروف التى استندت إليها وأسست عليها رأيها تؤدى عقلا إلى النتيجة التى رتبتها عليها ولمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كانت الأسباب التى أوردتها تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم فى بيانه لواقعة الدعوى وما نقله عن تقرير الصفة التشريحية وما عول عليه فى إنتفاء نية القتل لا يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها إذ قد تتوافر نية القتل لدى الجانى أثر مشادة وقتية، كما أن مشاعر الندم بعد ارتكاب الفعل ليس من شأنها نفى نية القتل، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالفساد فى الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه والاحالة.