أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 845

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار عثمان مهران الزينى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ صلاح بيومى نصار، وحسن جمعة الكتاتنى، ومحمد عبد الخالق النادى، وحسين كامل حنفى.

(182)
الطعن رقم 1048 لسنة 49 القضائية

(1) مواد مخدرة. تفتيش "التفتيش بإذن". "إذن التفتيش. إصداره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات. وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعى. المنازعة فى ذلك لأول مرة أمام النقض. غير مقبولة.
تقدير الدليل فى دعوى لا ينسحب إلى غيرها. علة ذلك؟
(2) تفتيش. "إذن التفتيش. تنفيذه". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإذن بتفتيش شخص. إجازته. لمأمور الضبط تفتيشه إينما وجده فى دائرة إختصاص مصدر الإذن ومنفذه.
(3) أسباب الإباحة وموانع العقاب. "دفاع شرعى". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى. موضوعى. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائزاً ما لم تكن مدونات الحكم تسانده
(4) إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التأخير فى تحرير محضر ضبط الواقعة أو فى تحريز المادة المخدرة لا يدل بذاته على معنى معين. ولا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به من أدلة.
(5) نقض. "المصلحة فى الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". عقوبة "العقوبة المبررة".
منازعة المتهم فى تهمة إحراز المخدر المسندة إليه. عدم جدواها. طالما كان الحكم قد أوقع عليه عقوبة جريمة التعدى الأشد المرتبطة بها والتى لا ينازع فيها.
1 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة عى تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب عليها فيما أثارته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كان الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عما يدعيه من بطلان التحريات لعدم جديتها فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض أما ما يثيره فى شأن القضاء فى دعوى مماثلة بالبراءة فمردود بأن تقدير الدليل فى دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى لأن قوة الأمر المقضى للحكم فى منطوقه دون الأدلة المقدمة فى الدعوى ولانتفاء الحجية بين حكمين فى دعويين مختلفتين سببا وموضوعا.
2 - لما كان الإذن بضبط الطاعن وتفتيشه جاء مطلقاً من قيد إجراءه بمسكنه وقد تم ضبط الطاعن فى محل تجارته، وكان من المقرر أنه متى صدر إذن النيابة بتفتيش متهم كان لمأمور الضبط القضائى المنتدب لإجرائه أن يفتشه أينما وجده طالما كان ذلك المكان فى دائرة اختصاص كل من صدر الإذن ومن قام بإجراءات تنفيذه - وهو ما لا يجحده الطاعن فى طعنه - ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الصدد يكون على غير أساس.
3 - الأصل فى الدفاع الشرعى أنه من الدفوع الموضوعية التى يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعى كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها - لما كان ذلك - وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك صراحة بقيام حالة الدفاع الشرعى، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - مجرد التأخير فى تحرير محضر ضبط الواقعة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحريز المادة المخدرة المضبوطة لا يدل بذاته على معنى معين ولا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به من أدلة منتجة فى الدعوى، ويكفى أن تقتنع المحكمة من الأدلة المقدمة إليها بأن التفتيش أجرى وأنه أسفر عما قبل أنه تحصل منه.
5 - لا مصلحة للطاعن فى نعيه بشأن تهمة إحراز المخدر التى أسندها الحكم إليه، ذلك بأنه اعتبر الجريمتين المسندتين إليه مرتبطتين إرتباطاً لا يقبل التجزئة فى حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، واعتبرهما جريمة واحدة وأوقع عليه العقوبة المقررة لأشدهما وهى جريمة مقاومة موظف عمومى من المنوط بهم تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً) أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. (ثانيا) قاوم بالقوة أحد الموظفين العموميين المنوط بهم تنفيذ القانون 182 لسنة 1960 المعدل بشأن مكافحة المخدرات هو الرائد ...... رئيس مكتب مكافحة مخدرات ميت غمر بأن مسك بملابسه ومزقها وتعدى عليه بالضرب فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً وكان ذلك أثناء وبسبب تأدية وظيفته. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 38، 4/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق من قانون العقوبات، بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى احراز مخدر فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً ومقاومة موظف عمومى من المنوط بهم تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960 قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه لم يلتفت إلى بطلان التحريات التى صدر بمقتضاها إذن النيابة العامة بتفتيشه ومسكنه، ولم يعرض للحكم الصادر ببراءته من تهمة مماثلة فى قضية الجناية رقم 468 لسنة 1971 المنصورة بناء على شك المحكمة فى صدق التحريات التى أجراها ذات الضابط الذى أجرى التحريات والضبط فى الدعوى الماثلة. كما أنه جرى تفتيش الطاعن بمتجره حين أن ذلك الإذن اقتصر على تفتيش شخصه ومسكنه. هذا إلى أن تماسكه والضابط - على فرض حصوله - يرجع إلى القبض عليه دون مقتض، وقد عول الحكم على أقوال شاهدى الإثبات رغم عدم اتساقها مع أقوال الطاعن وشاهدى النفى وما ثبت من معاينة النيابة لمكان الضبط. فضلاً عن أن محرر محضر الضبط لم يبادر إلى تحريره فور ضبط الواقعة وإنما تراخى فى ذلك بغير مبرر حتى فجر اليوم التالى، ولم تفطن المحكمة إلى حقيقة دفاع الطاعن من أن المخدر المضبوط لم يعثر عليه بحوزته وإنما دس عليه بعد الضبط والتفتيش بدلالة تضارب أقوال الضابطين فى شأن كيفية الاحتفاظ بالمخدر بغير تحريز منذ ضبطه وحتى عرضه على النيابة فى اليوم التالى. كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال الضابطين - شاهدى الإثبات - ومناظرة وكيل النيابة المحقق لأحدهما ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعى والتقرير الطبى، وهى أدلة سائغة وكافية لحمل قضائه ومن شأنها أن تؤدى على ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك - وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى توكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة عى تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب عليها فيما أثارته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كان الطاعن لم يثر أمام محكمة الموضوع شيئاً عما يدعيه من بطلان التحريات لعدم جديتها فإنه لا يقبل منه طرح ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض أما ما يثيره فى شأن القضاء فى دعوى مماثلة بالبراءة فمردود بأن تقدير الدليل فى دعوى لا ينسحب أثره إلى دعوى أخرى لأن قوة الأمر المقضى للحكم فى منطوقه دون الأدلة المقدمة فى الدعوى ولانتفاء الحجية بين حكمين فى دعويين مختلفتين سبباً وموضوعاً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت فى بياناته لواقعة الدعوى أن الإذن بضبط الطاعن وتفتيشه جاء مطلقاً من قيد إجرائه بمسكنه وقد تم ضبط الطاعن فى محل تجارته، وكان من المقرر أنه متى صدر إذن النيابة بتفتيش متهم وكان لمأمور الضبط القضائى المنتدب لإجرائه أن يفتشه أينما وجده طالما كان ذلك المكان فى دائرة اختصاص كل من مصدر الإذن ومن قام بإجراءات تنفيذه، - وهو ما لا يجحده الطاعن فى طعنه - ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان القانون قد أباح فى المادة 248 من قانون العقوبات مقاومة رجل الضبط القضائى إذا ما تجاوز القانون - حتى مع توافر حسن النية - إذا خيف لسبب مقبول أن ينشأ عن فعله جروح بالغة وذلك استعمالاً لحق الدفاع الشرعى عن النفس، وإذ كان الأصل فى الدفاع الشرعى أنه من الدفوع الموضوعية التى يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعى كما عرفه القانون أو ترشح لقيامها، وكانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة ولا ترشح لقيامها، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك صراحة بقيام حالة الدفاع الشرعى، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض، أما ما يثيره الطاعن من عدم اتساق تصوير شاهدى الإثبات مع ما ثبت من معاينة النيابة لمحل الحادث وأقوال شاهدى النفى فمردود بأن منعاه فى هذا الخصوص ينطوى على مصادرة لحرية المحكمة فى تقدير الدليل الذى اطمأنت إليه وأخذت به وعولت عليه. لما كان ذلك، وكان مجرد التأخير فى تحرير محضر ضبط الواقعة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحريز المادة المخدرة المضبوطة لا يدل بذاته على معنى معين ولا يمنع المحكمة من الأخذ بما ورد به من أدلة منتجة فى الدعوى، ويكفى أن تقتنع المحكمة من الأدلة المقدمة إليها بأن التفتيش أجرى وأنه أسفر عما قبل أنه تحصل منه. ولما كان التناقض بين أقوال الشهود - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة اطمأنت إلى سلامة إجراءات الضبط والتفتيش وإلى أقوال شاهدى الإثبات فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك فى هذه الأقوال وباقى أدلة الثبوت التى اطمأنت إليها المحكمة، وما ساقه من قرائن قد تشير إلى تلفيق التهمة إنما ينحل إلى جدل موضوعى لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن فى نعيه بشأن تهمة إحراز المخدر التى أسندها الحكم إليه، ذلك بأنه اعتبر الجريمتين المسندتين إليه مرتبطتين إرتباطاً لا يقبل التجزئة فى حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات، واعتبرهما جريمة واحدة وأوقع عليه العقوبة المقررة لأشدهما وهى جريمة مقاومة موظف عمومى من المنوط بهم تنفيذ القانون رقم 182 لسنة 1960.