أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 858

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ومحمد حلمى راغب، وأحمد محمود هيكل، وسمير ناجى.

(184)
الطعن رقم 2058 لسنة 48 القضائية

(1) نقض. "أثر نقض الحكم". محكمة الإعادة. عقوبة. "تشديدها".
امتناع تشديد العقوبة المقضى بها بالحكم المنقوض. متى كان النقض بناء على طعن المحكوم عليه وحده.
كون النقض حاصلاً بناء على طعن النيابة العامة. أثره. جواز تشديد العقوبة ولو كان المحكوم عليه قد طعن فى الحكم أيضا.
(2) إثبات. "معاينة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
طلب المعاينة الذى يقصد منه إثارة الشبهة. موضوعى. عدم التزام المحكمة بإجابته أو الرد عليه صراحة. علة ذلك؟.
(3) إثبات. "بوجه عام". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محاماة. إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
إلتفات المحكمة عن طلب تحقيق أبدى فى مذكرة. بعد سماع المرافعة وحجز الدعوى للحكم. لا إخلال.
حضور محام مع المتهم فى الجنح والمخالفات. غير واجب. النعى بعدم سماع دفاع المتهم. غير مقبول. ما دام قد حضر بالجلسة وأمسك عن إبداء دفاعه.
(4) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحاً محدداً. عدم إفصاح الطاعن عن ماهية الدفاع الذى ينعى على الحكم الالتفات عنه. أثره. رفض الطعن.
(5) إستئناف. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "بيانات التسبيب. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم الاستئنافى إلى أسباب الحكم المستأنف. كفايته. تسبيباً لقضائه وبياناً لمواد العقاب.
1 - إذا كانت المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد من الخصوم غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه، وكان البين من الأوراق أن الحكم قد نقض بناء على طلب النيابة العامة والمحكوم عليه، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن من أنه هو وحده الذى طعن بالنقض فى الحكم فلا يضار بطعنه، ويكون حكم محكمة الإعادة قد التزم صحيح القانون.
2 - من المقرر أن طلب المعاينة الذى لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة فى الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها رداً صريحاً، بل يكفى أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة، ولما كان البين من الأوراق أن طلب الدفاع عن الطاعن إجراء المعاينة لا يعدو الهدف منه التشكيك فى أقوال شهود الاثبات وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صحة الواقعة على الصورة التى رواها هؤلاء الشهود فإنه لا يجوز مصادرتها فى عقيدتها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد.
3 - ما دامت المحكمة - بعد أن سمعت المرافعة - أمرت باقفال بابها وحجزت القضية للحكم فهى بعد غير ملزمة باجابة طلب إعادتها للمرافعة من جديد لتحقيق طلب ضمنه الدفاع مذكرة فى شأن مسألة يريد تحقيقها بالجلسة، وإذ كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الإعادة أن محامياً حضر مع الطاعن وأبدى دفاعه فى الجلسات السابقة على جلسة - المرافعة الختامية - وفى هذه الجلسة الأخيرة حضر الطاعن بنفسه ولم يرد بمحضر الجلسة أنه أبدى دفاعه أو أنه طلب التأجيل حتى يحضر محاميه فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم، وكان القانون لا يوجب حضور محام عن المتهم بجنحة أو مخالفة، وكانت المحكمة غير ملزمة باعادة الدعوى للمرافعة لمجرد سماع دفاع من المتهم كان فى مقدوره إبداؤه حين حضر أمامها، ولا يجوز أن ينبنى على سكوت المتهم عن المرافعة فى الجنح الطعن على الحكم بدعوى الاخلال بحق الدفاع ما دام أنه لا يدعى أن المحكمة منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة ومن ثم فإن الطعن على الحكم بالاخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
4 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا. ولما كان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التى يقول أنه أثارها فى مذكرته وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها فى الدعوى المطروحة فإن ما يثيره فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها فليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل عليها، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيراداها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها - كما أن - الحكم المطعون فيه وإن جاء خالياً فى صلبه من ذكر المواد التى طبقتها المحكمة إلا أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائى لأسبابه، وكان الحكم الابتدائى قد سجل فى صلبه أنه يطبق على المتهم - الطاعن - المواد التى طلبتها النيابة العامة والتى اشار إليها فى صدر أسبابه، فإن ذلك يكفى بياناً لمواد القانون التى عاقب المتهم بمقتضاها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب خطأ فى موت ....... بأن كان ذلك ناشئا عن رعونته وعدم احترازه بأن قاد سيارة بكيفية خطرة فصدم سيارة يستقلها المجنى عليه فأصابه بالإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى أدت إلى موته ثانيا - تسبب خطأ فى جرحه وإيذاء كل من .... و... و.... و..... وكان ذلك ناشئا عن رعونته وعدم احترازه بأن قاد سيارة بكيفية ينجم عنها الخطر فصدم بها سيارة يستقلها المجنى عليهم فأصابهم بالاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى. ثالثاً - قاد سيارة بكيفية تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادتين 238/ 1 و224/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 2/ 81/ 88 من القانون 449 سنة 1955. وادعى......... مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت كما ادعى ورثة المرحوم...... مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف جنيه على سبيل التعويض ومحكمة جنح قسم ثان طنطا الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام. أولاً - بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. ثانياً - فى الدعوى المدنية بأن يؤدى للمدعى المدنى ....... مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض النهائى ومصاريف هذا الشق من الدعوى المدنية وإلزامه بأن يؤدى لباقى المدعيين بالحقوق المدنية ورثة المرحوم ....... مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف المناسبة فاستأنف المتهم هذا الحكم كما استأنفه كل من المدعيين بالحقوق المدنية. ومحكمة طنطا الإبتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلا وفى الموضوع بالنسبة للدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرين مع الشغل وبالنسبة للادعاء المدنى بتعديله بالنسبة لورثة ...... إلى ألفى جنيه وبالنسبة إلى ...... بجعل التعويض المقضى به تعويضا مؤقتا والزمت المتهم بالمبلغ المناسب من المصاريف طبقاً لما حكم عليه به فى الادعاء المدنى وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض وقضت بقبولها شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة طنطا الإبتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة مشكلة من قضاة أخرين والزمت المطعون ضدهم المصاريف المدنية. ومحكمة طنطا الابتدائية (بهيئة استئنافية) أخرى قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ ....... بطريق النقض للمرة الثانية ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم القتل والاصابة الخطأ وقيادة سيارة بحالة تعرض الأشخاص والأموال للخطر قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع وقصور فى التسبيب، ذلك بأنه أخطأ إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف الذى أوقع على الطاعن عقوبة الحبس مع الشغل لمدة ستة شهور رغم أن الطاعن هو وحده الذى طعن بطريق النقض فى الحكم المنقوض الذى قضى بالاكتفاء بحبسه شهرين مع الشغل مخالفاً بذلك قاعدة عدم جواز أضرار الطاعن بطعنه، كما أن المدافع عنه طلب إجراء معاينة لمكان الحادث وتمسك بهذا الطلب فى المذكرة التى تقدم بها لاعادة فتح باب المرافعة بعد حجز الدعوى للحكم بيد أن المحكمة التفتت عن طلبه ولم ترد عليه، هذا إلى أن المحكمة لم تستجب إلى طلب الطاعن تأجيل نظرى الدعوى لحضور محاميه وقررت حجزها للحكم، وأغفل الحكم الرد على دفاعه الذى ضمنه المذكرة المقدمة منه خلال فترة حجز الدعوى للحكم، كما أن الحكم اكتفى بالإحالة على أسباب الحكم المستأنف ولم يورد أسباباً مستقلة لقضائه، كما خلا من الاشارة إلى نص القانون الذى دان الطاعن بمقتضاه مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل الطاعن بوصف أنه تسبب خطأ فى موت ..... وفى إصابة ...... وأخرين وقاد سيارة بكيفية تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر، وقضت محكمة أول درجة بحبس الطاعن ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وإلزامه بالتعويض المدنى، فاستأنف الطاعن والمدعين بالحقوق المدنية وقضت المحكمة الاستئنافية بالنسبة للدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرين مع الشغل، فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وبنقض الحكم المطعن فيه والإحالة، وقضت محكمة الإعادة بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف لما كان ذلك، وكانت المادة 43 من القانون 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد نصت على أنه إذا كان نقض الحكم حاصلاً بناء على طلب أحد من الخصوم غير النيابة العامة فلا يضار بطعنه، وكان البين من الأوراق أن الحكم قد نقض بناء على طلب النيابة العامة والمحكوم عليه، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن من أنه هو وحده الذى طعن بالنقض فى الحكم فلا يضار بطعنه ويكون حكم محكمة الإعادة قد التزم صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن طلب المعاينة الذى لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود - بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة فى الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعا موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ولا يستلزم منها رداً صريحاً، بل يكفى أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة، وكان البين من الأوراق أن طلب الدفاع عن الطاعن إجراء المعاينة لا يعدو الهدف منه التشكيك فى أقوال شهود الاثبات، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صحة الواقعة على الصورة التى رواها هؤلاء الشهود فإنه لا يجوز مصادرتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد، ولا يغير من ذلك أن يكون الطاعن قد عاود التمسك بهذا الطلب فى المذكرة التى تقدم بها لإعادة فتح باب المرافعة - على ما يثير فى أسباب طعنه - لأنه ما دامت المحكمة - بعد أن سمعت المرافعة - أمرت باقفال بابها وحجزت القضية للحكم فهى بعد غير ملزمة باجابة طلب إعادتها للمرافعة من جديد لتحقيق طلب ضمنه الدفاع مذكرة فى شأن مسألة يريد تحقيقها بالجلسة. لما كان ذلك وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الإعادة أن محامياً حضر مع الطاعن وأبدى دفاعه فى الجلسات السابقة على جلسة 2/ 10/ 1977 وفى هذه الجلسة الأخيرة حضر الطاعن بنفسه ولم يرد بمحضر الجلسة أنه أبدى دفاعه أو أنه طلب التأجيل حتى يحضر محاميه فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم وكان القانون لا يوجب حضور محام عن المتهم بجنحة أو مخالفة، وكانت المحكمة غير ملزمة باعادة الدعوى لمجرد سماع دفاع من المتهم كان فى مقدوره إبداؤه حين حضر أمامها ولا يجوز أن ينبنى على سكوت المتهم عن المرافعة فى الجنحة الطعن على الحكم بدعوى الاخلال بحق الدفاع ما دام أنه لا يدعى أن المحكمة منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة، ومن ثم فإن الطعن على الحكم بالاخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محددا. وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية أوجه الدفاع التى يقول أنه أثارها فى مذكرته وأغفل الحكم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها فى الدعوى المطروحة، فإن ما يثيره فى هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التى بنى عليها، فليس فى القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب فى حكمها بل يكفى أن تحيل عليها، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيراداها وتدل على أن المحكمة قد اعتبرتها كأنها صادرة منها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم المستانف والإحالة إليه فى أسباب يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن جاء خالياً فى صلبه من ذكر المواد التى طبقتها المحكمة إلا أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائى لأسبابه، وكان الحكم الابتدائى قد سجل فى صلبه أنه يطبق على المتهم - الطاعن - المواد التى طبقتها النيابة العامة والتى اشار إليها فى صدر أسبابه، فإن ذلك يكفى بياناً لمواد القانون التى عاقب المتهم بمقتضاها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.