أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 66

جلسة 18 من يناير سنة 1976

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمود الأسيوطى، ومحمد عادل مرزوق، وأحمد موسى، وأحمد طاهر خليل.

(13)
الطعن رقم 1531 لسنة 45 القضائية

إثبات. "بوجه عام0إعتراف". إعتراف. جريمة. "أركانها". قصد جنائى. مواد مخدرة. جلب. حكم. "تسبيبه تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل"
تقصى العلم بأن ما يخفيه المتهم. مواد مخدرة. موضوعى.
عدم تقيد محكمة الموضوع فى أخذها باعتراف المتهم بنصه وظاهره.لها استنباط الحقيقة منه ومن غيره من العناصر الأخرى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك متفقا مع العقل والمنطق، مثال لرد سائغ على الدفع بعدم العلم بالمخدر. فى جريمة جلب مواد مخدرة.
لما كانت الطاعنة قد اعترفت بأنها كانت تحمل بشرجها الخوابير الثلاث المضبوطة وأن تلك الخوابير هى بذاتها التى أسفر عنها الكشف عليها طبيا. فإنه لا يغير من وصف هذا الاعتراف ما تذهب إليه الطاعنة من القول بأنه لا يمتد إلى العلم بأن ما تخفيه من الجواهر المخدرة، لأن تقصى هذا العلم من شئون محكمة الموضوع، وهى ليست مقيدة فى أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره، بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التى تصل إليها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك متفقا مع حكم العقل والمنطق، لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استظهر ذلك العلم من ظروف الدعوى وملابساتها وأقام على توافره فى حق الطاعنة - توافرا فعليا - أدلة سائغة حين قال "كما ثبت من أقوال المتهمة بتحقيق النيابة بعد عرض الخوابير الثلاث المضبوطة عليها أنها اعترفت باحرازها لها وبأنها أحضرتها من بيروت بعد أن أخفتها فى شرجها وأن تلك الخوابير المضبوطة هى التى أسفر عنها الكشف الطبى عليها بمستشفى منشية البكرى إلا أنها ادعت عدم علمها بأنها تحوى مادة مخدرة مقررة أنها كانت تعتقد أن بداخلها برشاما وهو ادعاء لا تعول عليه المحكمة إذ ينفيه حرصها على إخفاء الخوابير المضبوطة بمكان حساس من جسمها بالإضافة إلى أن كون الخوابير الثلاث من مادة البلاستيك ( النايلون ) يجعل محتوياتها ظاهرة للعين المجردة بحيث تظهر إن كانت لجسم واحد أو لعديد من الأقراص (البرشام) فضلا عن أن ملمسها يختلف فى حالة الجسم الواحد عنه فى حالة العديد من الأقراص مما يقطع بكذب ادعاء المتهمة وبأنها كانت تعلم بأن ما تحمله هو لمادة مخدرة "فإن فى هذا الذى ساقه الحكم ما يكفى لإطراح دفاع الطاعنة فى هذا الشأن ما دام هذا الذى استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الاقتضاء العقلى والمنطقى.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها فى يوم 14 سبتمبرسنة 1972 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة جلبت جوهرا مخدرا (حشيشا) إلى جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابى بذلك من الجهة الإدارية المختصة، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرافق بمعاقبة المتهمة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها ألف جنيه والمصادرة. فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة إحراز جوهر مخدر قد أخطأ فى تطبيق القانون وانطوى على خطأ فى الإسناد وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه مع أخذه بدفعها ببطلان إجراءات القبض والتفتيش قد عول فى قضائه على ما أسماه دليلا مستقلا عن الاجراء الباطل وهو اعترافها بحمل المضبوطات فى حين أن الاعتراف الذى يتخذ دليلا مستقلا إنما هو الاعتراف بالجريمة أى باحراز المخدر مع العلم بكنهه، وإذ كانت الطاعنة لم تعترف بهذا العلم، فإن وصف الحكم لإقرارها بحمل المضبوطات بأنه اعتراف بالجريمة ينطوى على خطأ يعيبه. هذا إلى أن الطاعنة قد ذكرت أن سيدة معينة سلمتها المضبوطات باعتبارها أقراص دواء ولكن الحكم رد على هذا الدفاع بما ليس له أصل فى الأوراق حين قال بأن المخدر كان موضوعا فى ثلاث أنابيب من مادة البلاستيك مما يجعل محتوياتها ظاهرة للعين المجردة فتميز إن كانت لجسم واحد أو لعديد من الأقراص فضلا عن اختلاف ملمسها فى الحالتين فى حين أن الثابت بالأوراق أن الأغلفة الثلاثة ملونة ولم يذكر بها أنها شفافة مما ينفى عنها ما ذهب إليه الحكم من أنها تكشف عما بداخله، يضاف إلى ذلك أن الأقراص إذا كدست ووضعت فى أنبوبة من البلاستيك غير الشفاف لا يمكن أن يختلف ملمسها عن ملمس الجسم الواحد.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر الحشيش التى دان الطاعنة بارتكابها أورد اعترافها عندما عرض لما دفعت به من بطلان ضبطها وتفتيشها بقوله "وحيث إن ذلك الذى أثاره الدفاع مردود بأن الدليل المستمد من الإجراءات التى يدفع ببطلانها قائم قبل المتهمة من دليل آخر مستقل عن تلك الإجراءات هو اعترافها بأنها كانت تحمل بشرجها الخوابير الثلاثة المضبوطة وأن تلك الخوابير هى بذاتها التى أسفر عنها الكشف عليها طبى، وقد جاء ذلك الاعتراف بتحقيق النيابة فى اليوم الثالث لوقوع تلك الإجراءات، وبعد عرض المضبوطات عليها مما يقطع الصلة كلية بين ذلك الاعتراف وتلك الإجراءات". لما كان ذلك، وكان لا يغير من وصف هذا الاعتراف ما تذهب إليه الطاعنة من القول بأنه لا يمتد إلى العلم بأن ما تخفيه هو من الجواهر المخدرة، لأن تقصى هذا العلم من شئون محكمة الموضوع، وهى ليست مقيدة فى أخذها باعتراف المتهم بأن تلتزم نصه وظاهره، بل لها أن تستنبط منه ومن غيره من العناصر الأخرى الحقيقة التى تصل إليها بطريق الاستنتاج و الاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر ذلك العلم من ظروف الدعوى وملابساتها وأقام على توافره فى حق الطاعنة - توافرا فعليا - أدلة سائغة حين قال "كما ثبت من أقوال المتهمة بتحقيق النيابة بعد عرض الخوابير الثلاثة المضبوطة عليها أنها اعترفت بإحرازها لها وبأنها أحضرتها من بيروت بعد أن أخفتها فى شرجه، وأن تلك الخوابير المضبوطة هى التى أسفر عنها الكشف الطبى عليها بمستشفى منشية البكرى، إلا أنها ادعت عدم علمها بأنها تحوى مادة مخدرة مقررة أنها كانت تعتقد أن بداخلها برشاما وهو ادعاء لا تعول عليه المحكمة، إذ ينفيه حرصها على إخفاء الخوابير المضبوطة بمكان حساس من جسمها بالإضافة إلى أن كون الخوابير الثلاثة من مادة البلاستيك (النايلون) يجعل محتوياتها ظاهرة للعين المجردة بحيث تظهر إن كانت لجسم واحد أو لعديد من الاقراص (البرشام) فضلا عن أن ملمسها يختلف فى حالة الجسم الواحد عنه فى حالة العديد من الأقراص مما يقطع بكذب ادعاء المتهمة وبأنها كانت تعلم بأن ما تحمله هو لمادة مخدرة "، فإن فى هذا الذى ساقه الحكم ما يكفى لإطراح دفاع الطاعنة فى هذا الشأن، ما دام هذا الذى استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الاقتضاء العقلى والمنطقى. لما كان ما تقدم، فإن سائر ما تثيره الطاعنه بطعنها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها وهو ما تستقل به ولا يجوز مجادلتها فى شأنه لدى محكمة النقض، ويصبح الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.