أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 70

جلسة 18 من يناير سنة 1976

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الاسيوطى، وعادل مرزوق، ويعيش رشدى، ومحمد وهبة.

(14)
الطعن رقم 1535 لسنة 45 القضائية

1 - إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان. دعوى جنائية. إحالة. "إحالة الدعوى الجنائية".
القرار بإحالة الدعوى من دائرة إلى أخرى من دوائر المحكمة. لا يلزم إخطار الغائب من الخصوم به.
2- دعوى مدنية. وصف التهمة. طعن. "المصلحة فى الطعن".
لا يصح الجدل فى وصف الجريمة من المدعى بالحقوق المدنية. أساس ذلك؟
3 ،4 - جريمة. " أركانها". عمل. "إضراب عن العمل".
(3) عدم تحقق جريمة الإضراب عن العمل. إذا ما وقع الإضراب دون تقديم طلب التوفيق. المادة 209 ق 91 لسنة 1959.
( 4 ) طلب التوفيق اللازم لتحقق جريمة الإضراب عن العمل هو ما كان مقدما وفق المادتين 189 ،190 من قانون العمل فحسب.
1 - من المقرر أن القرار الصادر بإحالة الدعوى من إحدى الدوائر إلى دائرة أخرى بالمحكمة ذاتها هو مما لا يوجب القانون إخطار الغائبين من الخصوم به.
2 - ان ما يثيره الطاعن بشأن عدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى باعتبار الواقعة جناية مردود بأنه متى كانت الشركة التى يمثلها هى المدعية بالحقوق المدنية، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تقضى بأنه لا يجوز الطعن من المدعى بالحقوق المدنية إلا فيما يتعلق بهذه الحقوق، فإنه لا يقبل منه ما ينعاه على الحكم الصادر فى الدعوى الجنائية فى هذا الخصوص لأن الجدل فى وصف الجريمة هو فى واقعة الدعوى، مقطوع الصلة بوجوه النعى التى يثيرها الطاعن بوصفه مدعيا بالحقوق المدنية.
3 - لما كانت الفقرة الأولى من المادة 209 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 - الواردة بالباب الخامس الخاص بالتوفيق والتحكيم فى منازعات العمل، قد نصت على أنه "يحظر على العمال الإضراب أو الامتناع عن العمل كليا أو جزئيا إذا ما قدم طلب التوفيق المنصوص عليه فى المادة 189 أو أثناء السير فى إجراءاته أمام الجهة الإدارية المختصة أو لجنة التوفيق أو هيئة التحكيم" فإنها بذلك تكون قد دلت - وبمفهوم المخالفة - على أن جريمة الإضراب عن العمل لا تتحقق إذا ما وقع الإضراب دون أن يقدم طلب التوفيق.
4 - إن العبرة فى الطلب الذى بدون تقديمه لا تتحقق جريمة الإضراب ليست بمطلق الشكاوى وإنما هى بطلب التوفيق الذى يقدم، من الأشخاص وبالأوضاع المبينة فى المادتين 189 و190 من قانون العمل السالف الإشارة إليه، إلى الجهة الإدارية المختصة للسعى فى حل النزاع بالطرق الودية.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم فى يوم 24 نوفمبر سنة 1969 بدائرة قسم بولاق محافظة القاهرة أضربوا عن العمل كليا على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهم بالمادتين 209 و233 من القانون رقم 91 لسنة 1959. وادعى (الطاعن) بصفته الممثل القانونى للشركة الأهلية لتشغيل المعادن مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 51ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة بولاق الجزئية قضت حضوريا ببراءة المتهمين مما أسند إليهم وبرفض الدعوى المدنية وألزمت الشركة المدعية بالحق المدنى بمصروفاتها ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنفت النيابة العامة والمدعى بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا للسابع والثامن والعاشر والحادى عشر والثانى عشر وغيابيا للباقين بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.


المحكمة

حيث إن الطاعن بوصفه الممثل القانونى للشركة المدعية بالحقوق المدنية ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة الإضراب عن العمل ورفض دعواها المدنية قبلهم تبعا لذلك قد أقيم على إجراءات باطلة وأخطأ فى تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق وشابه قصور فى التسبيب، ذلك بأنه على الرغم من أن الدعوى كانت محالة من دائرة أخرى بقرار نطق به فى آخر الجلسة بعد انصراف الحاضر عنه فقد صدر الحكم المطعون فيه فى غيبته بأول جلسة بعد الإحالة دون إشعاره، فضلا عن أنه لم يكن قد أعلن بعض المطعون ضدهم بعد بصفته الممثل الجديد للشركة وتخلف البعض منهم عن حضور تلك الجلسة. وهذا إلى أن الحكم لم يلتفت إلى دفعه بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المؤسس على أن الواقعة جناية لأن عمل الشركة يسد حاجة عامة، بل ولم يعرض لمسألة الاختصاص أصلا رغم تعلقها بالنظام العام فضلا عن خطئه باشتراطه لتوافر أركان الجريمة المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 209 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 أن يكون الإضراب مسبوقا بتقديم طلب التوفيق مع أن هذا لا يمشى مع حمة التشريد، وقوله أنه لم يسبق للعمال التقدم بشكاوى بمطالبهم قبل الإضراب فى حين أن ذلك يخالف الثابت بإقرار المطعون ضدهم وصور الشكاوى المقدمة منهم، وإغفاله الرد على أسباب الاستئناف سواء المقام من النيابة العامة للثبوت أو من الشركة فى خصوص الشكل والموضوع.
وحيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة بمحكمة ثانى درجة أن الحاضر عن الطاعن بصفته طلب بجلسة 24 من مارس سنة 1974 إحالة الدعوى إلى دائرة أخرى، فصدر القرار فى حضرته - أثر إبداء هذا الطلب - بإحالتها إلى الدائرة التى تنظر قضايا جنح قصر النيل المستأنفة لمانع لدى الهيئة وحددت لذلك جلسة 14 من أبريل سنة 1974 وبها صدر الحكم المطعون فيه، لما كان ذلك، وكان الاصل فى الاجراءات أنها روعيت، فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبت بمحضر الجلسة من صدور قرار الإحالة بما تضمنه من تحديد الجلسة التى يحضر فيها الخصوم أمام الدائرة التى أحيلت إليها الدعوى فى مواجهة الحاضر عنه عقب المرافعة مباشرة طالما أنه لم يزعم أنه أثبت برول القاضى ما يفيد إرجاء النطق بذلك القرار إلى آخر الجلسة، ومن ثم فان ما يعيبه على الحكم من صدوره فى غيبته دون إشعاره يكون على غير أساس. ومع ذلك - وبفرض صحة ما يدعيه فى هذا الخصوص - فإن منعاه لا يجديه لما هو مقرر من أن القرار الصادر الصادر بإحالة الدعوى من إحدى الدوائر إلى دائرة أخرى بالمحكمة ذاتها هو مما لا يوجب القانون إخطار الغائبين من الخصوم به. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان منها متصلا بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه، فإنه يكون غير مقبول ما ينعاه الطاعن على الحكم من صدوره فى غيبة بعض المطعون ضدهم الذين لم يكن قد أعلنهم بعد بصفته الممثل الجديد للشركة. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى باعتبار الواقعة جناية مردودا بأنه متى كانت الشركة التى يمثلها هى المدعية بالحقوق المدنية، وكانت المادة 30 من قانون حالات وإحراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تقضى بأنه لا يجوز الطعن من المدعى بالحقوق المدنية إلا فيما يتعلق بهذه الحقوق، فإنه لا يقبل منه ما ينعاه على الحكم الصادر فى الدعوى الجنائية فى هذا الخصوص لأن الجدل فى وصف الجريمة هو فى واقعة الدعوى - مقطوع الصلة بوجوه النعى التى يثيرها الطاعن بوصفه مدعيا بالحقوق المدنية. وكذلك الحال بالنسبة لما يدعيه من إغفال الحكم الرد على استئناف النيابة العامة للثبوت. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأولى من المادة 209 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 - الواردة بالباب الخامس الخاص بالتوفيق والتحكيم فى منازعات العمل - إذ نصت على أنه "يحظر على العمال الإضراب أو الامتناع عن العمل كليا أو جزئيا إذا ما قدم طلب التوفيق المنصوص عليه فى المادة 189 أو أثناء السير فى إجراءاته أمام الجهة الإدارية المختصة أو لجنة التوفيق أو هيئة التحكيم" فإنها بذلك تكون قد دلت - وبمفهوم المخالفة - على أن جريمة الإضراب عن العمل لا تتحقق إذا ما وقع الإضراب دون أن يقدم طلب التوفيق. ولا محل فى هذا المقام - إزاء صراحة النص ووضوح معناه - للبحث عن حكمة التشريع ودواعيه، إذ أن هذا البحث إنما يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضى مضطرا فى سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصى الغرض الذى رمى إليه والقصد الذى أملاه.على أن الحكمة من حظر الإضراب، وعلى ما جاء فى المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 318 لسنة 1952 فى شأن التوفيق والتحكيم فى منازعات العمل - الذى حل محله الباب الخامس من قانون العمل المشار إليه - إنما هى عدم جواز اتخاذه كوسيلة لتحقيق المطالب طالما لجئ إلى وسائل التوفيق والتحكيم ومن ثم فإن هذه الحكمة تكون متخلفة فى حالة الإضراب بغير تقديم طلب التوفيق. وإذ كان ذلك وكان الحكم قد أقام قضاءه ببراءة المطعون ضدهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم بالتالى على أن الشركة المدعية بالحقوق المدنية لم تقدم أى دليل على أنها قد سبق لها قبل الإضراب أن طلبت هى أو العمال التوفيق، وكان الطاعن لا يجادل فى أن ما أثبته الحكم من ذلك يتفق والثابت بالأوراق، فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا. ولا ينال من سلامته من بعد ما يعيبه عليه الطاعن من أنه إذ أورد فى مدوناته أنه لم يسبق للعمال التقدم بشكاوى بمطالبهم قبل الإضراب قد خالف الثابت بإقرار المطعون ضدهم وصور الشكاوى المقدمة منهم، ذلك بأن هذه المخالفة لو صحت لما كانت بذات أثر فى منطق الحكم ولا فى النتيجة الصحيحة التى انتهى إليها لأن العبرة فى الطلب الذى بدون تقديمه لا تتحقق جريمة الإضراب ليست بمطلق الشكاوى وإنما هى بطلب التوفيق الذى يقدم - من الأشخاص وبالأوضاع المبينة فى المادتين 189 و190 من قانون العمل السالف الإشارة إليه - إلى الجهة الإدارية المختصة للسعى فى حل النزاع بالطرق الودية، وهو ما لم يقم الدليل لدى محكمة الموضوع على وجوده على ما سبق بيانه. لما كان ذلك وكان الطاعن فيما ينعاه على الحكم من أنه أغفل الرد على أسباب استئناف الشركة - سواء ما تعلق منها بالشكل أو بالموضوع - قد أرسل القول إرسالا دون أن يكشف فى طعنه عن ماهية تلك الأسباب، فإن هذا المنعى منه لا يكون مقبول، لما هو مقرر من أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بصفته المصاريف.