أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة الثلاثون - صـ 882

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1979

برياسة السيد المستشار عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى جميل مرسى، وفوزى المملوك، وفوزى أسعد، وهاشم قراعه.

(188)
الطعن رقم 951 لسنة 49 القضائية

(1) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة. ببيان الواقعة ومادة العقاب. عند القضاء بالبراءة ورفض دعوى التعويض.
(2) دعوى مدنية. "نظرها". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها". انطواء عيب الحكم على مساس بالدعوى المدنية. أثره. حق المدعى المدنى الطعن عليه بأوجه متعلقة بالدعوى الجنائية.
(3) حكم "إصداره والتوقيع عليه" "بطلانه". بطلان. نقض "حالات الطعن. الخطأ فى تطبيق القانون". إجراءات. "إجراءات المحاكمة".
كفاية توقيع الأحكام الجنائية من رئيس المحكمة وكاتبها. جواز حلول أحد القضاة الذين اشتركوا فى إصدار الحكم محل الرئيس.
متى يشترط توقيع أحد القضاة الذين اشتركوا فى المداولة على مسودة الحكم؟
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". خطأ. إصابة خطأ.
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دليل. عند القضاء بالبراءة للشك.
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً. موضوعى.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". "بوجه عام".
تقدير أقوال الشهود موضوعى.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعى. ما دام سائغا.
1 - من المقرر أن القاضى الجنائى - عملاً بمفهوم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ليس ملزما قانوناً ببيان الواقعة الجنائية التى قضى فيها بالبراءة كما أنه غير ملزم ببيانها إذا قضى بالبراءة ورفض دعوى التعويض المقامة من المدعى المدنى معاً وحسبه أن يكون حكمة مسببا تسبيبا كافيا ومقنعا كما أن هذه المادة لا توجب الإشارة إلى نص مادة القانون الذى حكم بموجبه إلا فى حالة الحكم بالإدانة، فإذا كان الحكم قد صدر بالبراءة ورفض الدعوى المدنية فإنه لا يلزم بطبيعة الحال الإشارة إلى مواد الاتهام.
2 - من المقرر أنه ليس للطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - صفة فى الطعن على الحكم بأوجه متعلقة بالدعوى الجنائية إلا إذا انطوى العيب الذى شاب الحكم على مساس الدعوى المدنية.
3 - لما كان لا يلزم فى الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته، بل يكفى أن يحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها، وإذا حصل مانع للرئيس وقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه فى إصداره، ولا يوجب القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا فى المداولة على مسودة الحكم إلا إذا حصل له مانع من حضور تلاوة الحكم عملاً بما نصت عليه المادة 170 من قانون المرافعات. ولما كان الطاعن لا يمارى فى أن رئيس الهيئة التى سمعت المرافعة فى الدعوى واشتركت فى المداولة هو الذى وقع على نسخة الحكم الأصلية وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه ومحاضر جلساته أن الحكم تلى من ذات الهيئة التى استمعت للمرافعة واشتركت فى المداولة، فإنه بفرض صحة ما يثيره الطاعن من عدم توقيع جميع أعضائها على مسودته فإن ذلك لا ينال من صحته.
4 - لما كان الأصل على ما جرى به قضاء محكمة النقض إن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن الحكم بالبراءة أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة وأنه يكفى لسلامة الحكم بالبراءة أن تتشكك المحكمة فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم، وهى غير ملزمة بأن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن فى إغفال التحدث عنه ما يفيد حتماً أنها أطرحته ولم تر فيه ما تطمئن معه إلى الحكم بالإدانة ومن ثم فلا يعيب الحكم المطعون فيه وهو يقضى بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية عدم تصديه لما قد يكون المدعى بالحقوق المدنية قد ساقه من قرائن تشير إلى ثبوت الاتهام ما دامت المحكمة قد قطعت فى أصل الواقعة وتشككت فى ثبوت التهمة على المتهم.
5 - من المقرر أن تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزلة المنزلة التى تراها بغير معقب كما وأن لهذه المحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه (أولاً) تسبب خطأ فى جرح الطاعن وآخر وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه بأن قاد سيارة دون أن يلتزم الجانب الأيمن من الطريق ويتأكد من خلوه من المارة فصدم المجنى عليهما فحدثت إصاباتهما المبينة بالتقريرين الطبيين المرفقين. (ثانياً) لم يلزم الجانب الأيمن للطريق أثناء سيره بالسيارة (ثالثاً) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 عقوبات ومواد القانون رقم 66 لسنة 1973. ومحكمة جنح باب الشعرية قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس شهرين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ. فعارض فى أثناء نظر المعارضة ادعى المجنى عليه ..... مدنيا بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ثم قضى فيها بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وفى الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة القاهرة الإبتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بالغاء الحكم المستأنف وببراءة المطعون ضده مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قد شابه البطلان وانطوى على قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ذلك بأنه خلا من بيان التهمتين الثانية والثالثة المسندتين للمطعون ضده ومن بيان نصوص القانون المطلوب تطبيقها على هاتين التهمتين، ولم يوقع على مسودته من جميع أعضاء هيئة المحكمة التى أصدرته، وأسس قضاءه بالبراءة على التناقض بين أقوال المجنى عليه وشاهد الاثبات فى شأن وقوع الحادث فى المكان المخصص من الطريق لسير الترام دون أن يلتفت إلى دفاع الطاعن بأنه عند إدلائه بأقواله كان تحت تأثير إصابته التى لحقت به من الحادث وإلى ما أثاره الدفاع من أن أقوال المجنى عليه الثانى تؤيد أقوال شاهد الإثبات وأن ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بالغاء الحكم المستأنف ببراءة المطعون ضده من تهمة الإصابة الخطأ ورفض الدعوى المدنية وخلا من إيراد تهمة عدم التزام المطعون ضده الجانب الأيمن للطريق وقيادته السيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وهما التهمتان الثانية والثالثة اللتان رفعت بهما النيابة العامة الدعوى الجنائية ضده وفصل فيهما الحكم المستأنف، كما لم يشر إلى نصوص القانون رقم 66 التى طلبت النيابة العامة تطبيقها على هاتين التهمتين. ولما كان القاضى الجنائى - عملاً بمفهوم المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية - ليس ملزما قانونا ببيان الواقعة الجنائية التى قضى فيها بالبراءة كما أنه غير ملزم ببيانها إذا قضى بالبراءة ورفض دعوى التعويض المقامة من المدعى المدنى معاً وحسبه أن يكون مسببا تسبيبا كافيا ومقنعا كما أن هذه المادة لا توجب الإشارة إلى نص مادة القانون الذى حكم بموجبه إلا فى حالة الحكم بالإدانة، فإذا كان الحكم قد صدر بالبراءة ورفض الدعوى المدنية فإنه لا يلزم بطبيعة الحال الإشارة إلى مواد الاتهام، ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه خلوه من بيان التهمتين الثانية والثالثة سالفتى الذكر ومن الإشارة إلى نصوص القانون التى طلبت النيابة تطبيقها عليهما هذا إلى أن من المقرر أنه ليس للطاعن - المدعى بالحقوق المدنية - صفة فى الطعن على الحكم بأوجه متعلقة بالدعوى الجنائية إلا إذا انطوى العيب الذى شاب الحكم على مساس بالدعوى المدنية وهو ما لا يتوافر بالنسبة لتهمتى عدم إلتزام المطعون ضده الجانب الأيمن من الطريق وقيادته السيارة بحالة ينجم عنها الخطر إذا لا تقوم بالنسبة للدعوى الجنائية المرفوعة بها تبعية للدعوى المدنية المرفوعة من الطاعن بما يملك معه التمسك بأوجه نعى على إغفال قضاء الحكم فيهما. لما كان ذلك، وكان لا يلزم فى الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته، بل يكفى أن يحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها، وإذا حصل مانع للرئيس وقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه فى إصداره، ولا يوجب القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا فى المداولة على مسودة الحكم إلا إذا حصل له مانع من حضور تلاوة الحكم عملاً بما نصت عليه المادة 170 من قانون المرافعات. ولما كان الطاعن لا يمارى فى أن رئيس الهيئة التى سمعت المرافعة فى الدعوى واشتركت فى المداولة هو الذى وقع على نسخة الحكم الأصلية، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه ومحاضر جلساته أن الحكم تلى من ذات الهيئة التى استمعت للمرافعة واشتركت فى المداولة، فإنه بفرض صحة ما يثيره الطاعن من عدم توقيع جميع أعضائها على مسودته فإن ذلك لا ينال من صحته ويكون النعى عليه فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أوردت أقوال شاهد الواقعة وأقوال المجنى عليهما - وأحدهما هو الطاعن - ومؤدى التقريرين الطبيبن الخاصين بهما وأقوال المطعون ضده وشاهد النفى أسست قضاءها بالبراءة ورفض الدعوى المدنية على عدم اطمئنانها لصحة تصوير شاهد الواقعة للحادث لما قرره من أن المجنى عليهما كانا يجلسان معه على أحد المقاهى ثم قاما للانصراف وعند عبورهما الطريق صدمتهما سيارة المطعون ضده وأثناء سيرها فى المكان المخصص لسير الترام لأن أقواله جاءت متناقضه مع أقوال المجنى عليه الأول (الطاعن) الذى قرر أنه كان يستقل سيارة أجرة مع آخر وأثناء نزوله منها صدمته سيارة ونفى أن هذه السيارة كانت تسير فى المكان المخصص من الطريق لسير الترام، ولما كان الأصل على ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن الحكم بالبراءة أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة وأنه يكفى لسلامة الحكم بالبراءة أن تتشكك المحكمة فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم، وهى غير ملزمة بأن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام لأن فى إغفال التحدث عنه ما يفيد حتماً أنها أطرحته ولم تر فيه ما تطمئن معه إلى الحكم بالإدانة، ومن ثم فلا يعيب الحكم المطعون فيه وهو يقضى بالبراءة وما يترتب على ذلك من رفض الدعوى المدنية عدم تصديه لما قد يكون المدعى بالحقوق المدنية قد ساقه من قرائن تشير إلى ثبوت الاتهام ما دامت المحكمة قد قطعت فى أصل الواقعة وتشككت فى ثبوت التهمة على المتهم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من الأدلة السائغة التى أوردها - ومن بينها أقوال الطاعن نفسه والتى يسلم بأن ما أورده الحكم بشأنها له معينه الصحيح من الأوراق - أن تصوير شاهد الواقعة للحادث محل شك، وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزلة المنزلة التى تراها بغير معقب كما وأن لهذه المحكمة أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها فى الأوراق - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإنه لا يقبل من الطاعن المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادره الكفالة والزام الطاعن المصاريف المدنية.