أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 94

جلسة 25 من يناير سنة 1976

برياسة السيد المستشار/ محمود كامل عطيفه، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمود الاسيوطى، وأحمد فؤاد جنينة، ويعيش رشدى، ومحمد وهبة.

(20)
الطعن رقم 1561 لسنة 45 القضائية

إثبات. "شهادة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
قدرة الشاهد على التمييز. شرط للأخذ بشهادته. المنازعة الجدية فى هذه القدرة. تستوجب تحقيقيها.
الأصل فى الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، فهى تقتضى بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها، ولذا فقد أجازت المادة 82 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية - التى أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأى سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع إن هى رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية حول قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغا إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو أن ترد عليها بما يفندها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم فى يوم 4 من أغسطس سنة 1969 بدائرة قسم مصر القديمة محافظة القاهرة: هتكوا عرض ..... بأن أمسك بها الثانى والثالثة وأوقعاها أرضا وجثمت الثالثة على صدرها وكبلت يديها وقام الثانى بفتح فخذها ونزع سروالها حيث تمكن الأول بوضع مادة حارقة ( شطة ) فى فرجها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. وادعت المجنى عليها مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 268/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات وبإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فطعن الأستاذ .... المحامى عن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه المحكوم عليهم على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة هتك عرض بالقوة قد شابه قصور فى التسبيب وإخلال بحق الدفاع. ذلك بأنه عول فى قضائه - فيما عول عليه على أقوال ولدة المجنى عليها دون تحقيق منازعة المدافع عنهم الجدية بأنها مصابة بما يفقدها القدرة على التمييز، أو الرد عليها بما يفندها.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قال إن والدة المجنى عليها تضل وتخرج هائمة على وجهها وهى فى غير وعيها وقد نشرت صورتها فى جريدة الجمهورية وطلب ممن يجدها أن يتصل بابنها، ومن ثم فلا يعتد بأقوالها كشاهدة اثبات فى واقعة الجناية المسندة إليهم وقد عقب على ذلك المدافع عن المدعية بالحقوق المدنية بأن حالة الضلال المذكورة وإنما اعترت هذه الشاهدة أثر حالة وفاة لاحقة على الواقعة، لما كان ذلك، وكان الأصل فى الشهادة هو تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، فهى تقتضى بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها، ولذا فقد أجازت المادة 82 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية - التى أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية - رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمبيز لهرم أو حداثة أو مرض أو لأى سبب آخر، مما مقتضاه أنه يتعين على محكمة الموضوع إن هى رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية حول قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغا إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو أن ترد عليها بما يفندها - ولما كانت المحكمة قد عولت فى إدانة الطاعنين على أقوال والدة المجنى عليها دون أن تحقق الطعن المبدى من المدافع عنهم بما مؤداه أن هذه الشاهدة مصابة بما يفقدها القدرة على التمييز - بالرغم من قيام منازعة جدية حول الفترة الزمنية التى اعترتها فيها حالة الضلال الموصوفة على النحو سالف البيان - ودون أن تعرض لهذه المنازعة فى حكمها المطعون فيه، فانه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب فضلا عن الاخلال بحق الدفاع. ولا يعصمه من هذا العيب كونه قد عول فى قضائه على أدلة أخرى، ذلك بأن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا فإذا استبعد أحدها تعذر التعرف على مبلغ ما كان له من أثر فى تكوين عقيدة المحكمة، لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والاحالة بغير حاجة إلى بحث باقى ما يثيره الطاعنون فى طعنهم.