أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 100

جلسة 25 من يناير سنة 1976

برياسة السيد المستشار/ مصطفى محمود الاسيوطى، وعضوية السادة المستشارين/ عادل مرزوق، و أحمد فؤاد جنينه، ويعيش محمد رشدى، و محمد وهبة.

(22)
الطعن رقم 1567 لسنة 45 القضائية

(1) خيانة أمانة فى الأوراق الموقعة على بياض. تزوير. "تزوير المحررات العرفية".
تغير الحقيقة فى الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها. خيانة أمانة. وقوع التغير ممن حصل عليها بأى طريق خلاف التسليم الاختيارى. يعد تزويرا.
(2) وصف التهمة. "محكمة الموضوع". سلطتها فى تعديل وصف التهمة".
حق محكمة الموضوع فى تعديل وصف التهمة. حده. ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير المطروحة عليها.
( 3 ) إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
كفاية تشكك القاضى فى ثبوت التهمة قبل المتهم للقضاء ببراءته. طالما أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة. وخلا حكمه من عيوب التسبيب.
1 - الأصل فى الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانه الأمانة معاقب عليها بالمادة 340 من قانون العقوبات ويخرج عن هذا الأصل حالة ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة. أو نتيجة غش أو بأية طريقة أخرى خلاف التسيلم الاختيارى فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويرا.
2 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانونى المسبغ على الفعل المسند إلى المتهم بل هى مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون التى تحمكها تطبيقا صحيحا وكل ما تلتزم به فى هذا النطاق هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير تلك التى وردت بأمر الإحالة أو بطلب التكليف بالحضور.
33 - من المقرر أنه وإن كان يكفى أن تتشكك محكمة الموضوع فى ثبوت التهمة لتقضى للمتهم بالبراءة ورفض الدعوى المدنية قبله إلا أن حد ذلك أن تكون قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وألمت بأدلتها وخلا حكمها من عيوب التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد وقف فى تبرير قضائه برفض استئناف المدعية بالحقوق المدنية للحكم الابتدائى القاضى برفض دعواها عند حد القول بأن الأسباب التى استندت إليها - والتى ألمح الحكم الابتدائى إليها لا تكفى لقيام جريمة التزوير، وهى عبارة مجملة لا تكفى لحمل قضاء الحكم لما تنبئ عنه بذاتها من أن المحكمة قد أصدرته بغير احاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة ودون إلمام بأدلتها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب بما يستوجب نقضه فيما قضى به فى الدعوى المدنية.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل الجزئية ضد المطعون ضده بوصف أنه فى الفترة من 4 يوليو سنة 1961 وما بعدها (أولا) إرتكب تزويرا فى محرر عرفى بطريق الاصطناع (ثانيا) استعمل هذا المحرر وهو عالم بتزويره، وطلبت معاقبته بالمادة 215 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت، والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية ببرءاة المتهم ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعتها المصاريف ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنفت كل من النيابة العامة والمدعية بالحقوق المدنية هذا الحكم، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن كل من الأستاذ المحامى عن المدعية بالحقوق المدنية والنيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض استئنافها للحكم الابتدائى الصادر ببراءة المطعون ضده من تهمتى تزوير فى محرر عرفى واستعماله وبتأييد ذلك الحكم لأسبابه قد شابه قصور فى التسبيب ذلك بأنه على الرغم من أن دفاع المدعية بالحقوق المدنية - التى أقامت الدعوى الجنائية بالطريق المباشر - قد قام على أن المطعون ضده حصل على ورقة ممضاه منها على بياض لتقديمها إلى ادارة الغاز والكهرباء فخان الأمانة وكتب فى البياض الذى فوق الإمضاء سند دين ثم استصدر بموجبه أمر أداء، فقد اقتصر الحكم فى تبرير قضائه على القول بأن الأسباب التى استندت إليها هذه المدعية لا تكفى لقيام جريمة التزوير المنصوص عليها فى المادة 215 من قانون العقوبات دون أن يعرض لجريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها فى المادة 340 من هذا القانون.
وحيث إن البين من الحكم الابتدائى - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه حصل دفاع المدعية بالحقوق المدنية، التى أقامت الدعوى الجنائية بالطريق المباشر قبل المطعون ضده بجريمتى تزوير محرر عرفى واستعماله، فى قوله:"وقام دفاع المدعية على أن المتهم - المطعون ضده - حصل على هذا التوقيع منها على بياض لكتابة طلب لشركة الكهرباء لتغيير عداد إلى إسمها وأنه استغل الفراغ الواقع فوق هذا التوقيع فى تحرير إقرار السلفة المذكور على المدعية ثم قام باستعماله ..."ثم خلص الحكم إلى تبرئة المطعون ضده مقتصرا فى تبرير ذلك على القول بأن الأسباب التى استندت إليها المدعية بالحقوق المدنية لا تكفى لقيام جريمة التزوير المنصوص عليها فى المادة 215 من قاون العقوبات - لما كان ذلك، وكان الأصل فى الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة معاقب عليها بالمادة 340 من قانون العقوبات ويخرج عن هذا الأصل حالة ما إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق إحتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختيارى فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويرا وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف القانونى المسبغ على الفعل المسند إلى المتهم بل هى مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون التى تحمكها تطبيقا صحيحا وكل ما تلتزم به فى هذا النطاق هو ألا تعاقب المتهم عن واقعة غير تلك التى وردت بأمر الإحالة أو بطلب التكليف بالحضور، وكانت الأسباب التى أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه برفض استئناف النيابة للحكم الابتدائى القاضى ببراءة المطعون ضده من تهمتى التزوير والاستعمال ليس من شأنها أن تؤدى إلى نفى قيام جريمة خيانة الأمانة المنصوص عليها فى المادة 340 سالفة الذكر، وهى واقعة لا تغاير - وفق تحصيل الحكم لدفاع المدعية بالحقوق المدنية - على النحو السالف بيانه - الواقعة التى كانت مطروحة على محكمة الموضوع بدرجتيها والتى دارت عليها المرافعة، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب بما يستوجب نقضه فيما قضى به فى الدعوى الجنائية والإحالة.
وحيث إن مما تنعاه المدعية بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض استئنافها للحكم الابتدائى الصادر برفض دعواها المدنية قبل المطعون ضده - تبعا لتبرئته من تهمتى تزوير المحرر واستعماله - وتأييد ذلك الحكم لأسبابه قد شابه قصور فى التسبيب، ذلك بأن تلك الأسباب لا تكفى لحمل قضاء الحكم.
وحيث إن الحكم الابتدائى - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية قبله تبعا لذلك على قوله: "ومن حيث إن المحكمة ترى أن الأسباب التى استندت إليها المدعية والتى أخذت بها محكمة استئناف القاهرة فى القضية رقم 621 سنة 81 ق للقضاء برد وبطلان السند موضوع الإتهام، والتى تخلص فى مظهر الورقة التى حرر عليها هذا السند وعدم تحريره بخط المدعية وعدم وجود شهود على صحتة واختلاف الحبر الذى جرى به تحريره عن الحبر الذى تم به توقيع المدعية عليه، لا تكفى فى نطاق الإتهام الجنائى لقيام جريمة التزوير المنصوص عليها فى المادة 215 عقوبات إذ أنها غير قاطعة بتزوير المتهم - المطعون ضده - للسند المذكور. ومن حيث إنه ترتيبا على ذلك فإن الإتهام يكون محل شك ولا تطمئن المحكمة إليه ومن ثم يتعين القضاء ببراءة المتهم مما أسند إليه عملا بالمادة 304/ 1 أ. ج ورفض الدعوى المدنية "لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان يكفى أن تتشكك محكمة الموضوع فى ثبوت التهمة لتقضى للمتهم بالبراءة ورفض الدعوى المدنية قبله إلا أن حد ذلك أن تكون قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وألمت بأدلتها وخلا حكمها من عيوب التسبيب، وكان الحكم المطعون فيه قد وقف فى تبرير قضائه برفض استئناف المدعية بالحقوق المدنية للحكم الابتدائى القاضى برفض دعواها عند حد القول بأن الأسباب التى استندت إليها - والتى ألمح الحكم الابتدائى إليها على النحو سالف بيانه - لا تكفى لقيام جريمة التزوير، وهى عبارة مجملة لا تكفى لحمل قضاء الحكم لما تنبئ عنه بذاتها من أن المحكمة قد أصدرته بغير إحاطة بالدعوى عن بصر وبصيرة ودون إلمام شامل بأدلتها فان الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور فى التسبيب بما يستوجب نقضه فيما قضى به فى الدعوى المدنية والاحالة والزام المطعون ضده بالمصاريف، وذلك بغير حاجه إلى بحث سائر ما تثيره الطاعنة من أوجه.