أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة التاسعة الأربعون - صـ 322

جلسة 15 من إبريل سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ أحمد زكى غرابة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو الحجاج، شكرى العميرى، عبد الصمد عبد العزيز وعبد الرحمن فكرى نواب رئيس المحكمة.

(81)
الطعن رقم8583 لسنة 66 القضائية

(1، 2) ملكية. حقوق عينية " الحقوق المتفرعة عن حق الملكية: حق الانتفاع".
(1) حق الانتفاع حق عينى يخول صاحبه استعمال الشئ واستغلاله بنفسه أو بواسطة غيره. شرطه. ألا يتجاوز حق الرقبة.
(2) حق الانتفاع. ماهيته. حق مؤقت ينتهى بنهاية مدته أو بموت المنتفع. لازمه. أن يكون المنتفع شخصا آخر غير مالك الرقبة. مؤداه. مالك الشئ ملكية كاملة. انتفاعه بالمال لا يعتبر مباشرة لحق الانتفاع وإنما مباشرة لحق الملكية الكاملة. أساس ذلك. المواد من 985 إلى 995 مدنى.
(3) دعوى " تكييف الدعوى". محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بشأن تكييف الدعوى". ملكية " حق الانتفاع". حكم " الخطأ فى تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
محكمة الموضوع. عدم تقيدها فى تكييف الدعوى بوصف الخصوم لها. التزامها بالتكييف القانونى السليم الذى تتبينه من وقائعها. إقامة المطعون ضده دعواه بطلب تقرير حق انتفاع بالطريق مثار النزاع على سند من ملكيته له بمفرده بوضع اليد المدة الطويلة. تكييفها الصحيح. دعوى ملكية. مغايرتها عن دعوى تقرير حق الانتفاع وحده. خلط الحكم المطعون فيه بين أساس حق الملكية وحق الانتفاع وإقامة قضائه على غير الأساس الذى أقيمت عليه الدعوى بتقرير حق الانتفاع بالطريق للمطعون ضده بوضع يده المدة المقررة لكسب هذا الحق. خطأ.
1 - إن المشرع عتبر حق الانتفاع فى المواد من 985 إلى 995 من القانون المدنى من الحقوق العينية وذلك بإدراجه فى باب الحقوق المتفرعة عن حق الملكية وهو فى نظر القانون المصرى حق مالى قائم بذاته ولا يعتبر من القيود الواردة عليه، ومن ثم فهو باعتباره من الحقوق العينية يخول صاحبه استعمال الشئ واستغلاله بنفسه أو بواسطة غيره دون قيود بشرط ألا يتعدى إلى ملكية الرقبة.
2 - حق الانتفاع يتقرر للمنتفع من صاحب حق الملكية ومن ثم فهو حق عينى فى الانتفاع بشئ مملوك للغير بشرط الاحتفاظ بذات الشئ لرده إلى صاحبه عند نهاية حق الانتفاع الذى يجب أن ينتهى حتماً بموت المنتفع بما لازمه أن يكون المنتفع شخصا آخر غير مالك الرقبة ولا يقال لمن يملك المال ملكية كاملة أنه يملك كلا من الرقبة وحق الانتفاع بل إن انتفاعه بالمال لا يعتبر مباشرة لحق الانتفاع وإنما هو مباشرة لحق الملكية الكاملة.
3 - يتعين على محكمة الموضوع أن تسبغ على الدعوى وصفها الحق وإسباغ التكييف القانونى السليم لها وفقاً لما تتبينه من وقائعها فى ضوء أحكام القانون دون تقيد فى ذلك بما يصفه بها الخصوم أو يسبغوه عليها من تكييف. وإذ كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد أسس طلبه بتقرير حقه فى الانتفاع بالطريق مثار النزاع وحده مع نفى أى ادعاء للطاعن عليه على سند من ملكيته له بمفرده بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية، ومن ثم فهى دعوى ملكية وهى على هذا النحو تكون مغايرة لدعوى تقرير حق الانتفاع وحده، وإذ أقام الحكم قضاءه على سند من أن المطعون ضده قد كسب حق الانتفاع بالطريق مثار النزاع على سند من وضع يده عليه المدة المقررة لكسب هذا الحق فإنه يكون بذلك قد خلط بين أساس حق الملكية وحق الانتفاع وأقام قضاءه على غير الأساس الذى أقيمت عليه الدعوى من المطعون ضده ولو فطن إلى ذلك لجاز أن يتغير وجه الرأى فيما انتهى إليه من قضاء بما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 837 لسنة 1994 مدنى محكمة الزقازيق الابتدائية "مأمورية فاقوس" على الطاعن بطلب الحكم بتقرير حقه فى الانتفاع بالطريق المبين بصحيفة الدعوى وكيّف منازعته له فيه على سند من ملكيته له ووضع يده عليه واختصاصه به منذ أكثر من أربعين سنة سابقة، وإزاء منازعة الأخير له فى ذلك مما كان مثاراً لتحقيقات القضية رقم 4745 لسنة 1987 فاقوس والحكم الصادر فى الدعوى رقم 8650 لسنة 1988 مدنى محكمة الزقازيق الابتدائية والتى أقامها برد حيازته له وقضى بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد فقد أقام الدعوى بطلباته. ندبت المحكمة خبيرا فيها وبعد أن قدم تقريره قضت بتقرير حقه فى الانتفاع وحده بالطريق مثار النزاع. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق) بالاستئناف رقم 392 لسنة 39 ق وبتاريخ 24/ 7/ 1996 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالشق الثانى من الوجه الثانى من أوجه الطعن الخطأ فى تطبيق القانون وبيانا لذلك يقول إنه لما كان حق الانتفاع من عناصر حق الملكية يقرره صاحب الحق الأخير لغيره فيحد بذلك من نطاق حقه ولا يبقى له إلا ملكية الرقبة ومن ثم فهو يتقرر عادة للمنتفع بالاتفاق مع المالك، فإن الحكم إذ قضى للمطعون ضده بتقرير حقه فى الانتفاع بالطريق مثار النزاع على سند من أنه يضع يده عليه وضع يد هادئ ومستمر وبنية التملك مع أنه لم يطلب تثبيت ملكيته له ولم يفصح عن المالك الذى قرر له هذا الحق عليه والذى سوف يعود إليه بعد إنقضاء أجله فخلط بذلك بين دعوى الملك ودعوى حق الانتفاع بما يفيد أنه لم يسبغ على الدعوى التكييف الصحيح وينزل عليها حكم القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كان المشرع اعتبر حق الانتفاع فى المواد من 985 إلى 995 من القانون المدنى من الحقوق العينية وذلك بإدراجة فى باب الحقوق المتفرعة عن حق الملكية وهو فى نظر القانون المصرى حق مالى قائم بذاته ولا يعتبر من القيود الواردة عليه ومن ثم فهو باعتباره من الحقوق العينية يخول صاحبه استعمال الشئ واستغلاله بنفسه أو بواسطة غيره دون قيود بشرط ألا يتعدى إلى ملكية الرقبة ويتقرر له من صاحب حق الملكية ومن ثم فهو حق عينى فى الانتفاع بشئ مملوك للغير بشرط الاحتفاظ بذات الشئ لرده إلى صاحبه عند نهاية حق الانتفاع الذى يجب أن ينتهى حتما بموت المنتفع بما لازمه أن يكون المنتفع شخصا آخر غير مالك الرقبة ولا يقال لمن يملك المال ملكية كاملة أنه يملك كلا من الرقبة وحق الانتفاع بل إن انتفاعه بالمال لا يعتبر مباشرة لحق الانتفاع وإنما هو مباشرة لحق الملكية الكاملة. لما كان ذلك، وكان من المتعين على محكمة الموضوع أن تسبغ على الدعوى وصفها الحق واسباغ التكييف القانونى السليم لها وفقا لما تبينه من وقائعها فى ضوء أحكام القانون دون تقيد فى ذلك بما يصفه بها الخصوم أو يسبغوه عليها من تكييف. وإذ كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده قد أسس طلبه بتقرير حقه فى الانتفاع بالطريق مثار النزاع وحده مع نفى أى ادعاء للطاعن عليه على سند من ملكيته له بمفرده بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية، ومن ثم فهى دعوى ملكية وهى على هذا النحو تكون مغايرة لدعوى تقرير حق الانتفاع وحده، وإذ أقام الحكم قضاءه على سند من أن المطعون ضده قد كسب حق الانتفاع بالطريق مثار النزاع على سند من وضع يده عليه المدة المقررة لكسب هذا الحق فإنه يكون بذلك قد خلط بين أساس حق الملكية وحق الانتفاع وأقام قضاءه على غير الأساس الذى أقيمت عليه الدعوى من المطعون ضده ولو فطن إلى ذلك لجاز أن يتغير وجه الرأى فيما انتهى إليه من قضاء بما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الاحالة.