أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة التاسعة الأربعون - صـ 329

جلسة 18 من إبريل سنة 1998

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيرى الجندى، على محمد على، محمد درويش نواب رئيس المحكمة وأحمد الحسينى.

(83)
الطعن رقم 2557 لسنة 66 القضائية

(1) تقسيم " تقسيم الأراضى". أعمال المرافق العامة فى الأراضى المقسمة. جواز الاتفاق مع المقسم على تولى الوحدة المحلية تنفيذها بمعرفتها أو بمعرفة الجهة المختصة. أثره. للمقسم أداء نفقات هذه الأعمال إلى الوحدة المحلية إذا تولت التنفيذ أوالجهة المختصة التى عهد إليها به.
(2ـ4) عقد " انعقاد العقد: الإيجاب والقبول".
(2) الإيجاب. ماهيته. العرض الذى يعبر به الشخص على وجه جازم عن إرادته فى إبرام عقد معين. اقترانه بقبول مطابق له. أثره. انعقاد العقد. عدم جواز التنصل منه أو التحلل من آثاره بالإرادة المنفردة لأى من طرفيه.
(3) انعقاد العقد بتلاقى الإيجاب والقبول. إمكانية استخلاص تحققهما من المكاتبات المتبادلة. عدم إثباتهما فى محرر واحد.
(4) الجهة الإدارية. لها إبرام عقود مع الأفراد تتعلق بنشاطها الخاص لتحقيق غرض مالى خاص بها والحصول على ربح مادى دون أن تقصد من ورائها تسيير مرفق عام.
(5) مسئولية " المسئولية العقدية". تعويض. عقد.
قيام الخطأ فى المسئولية العقدية. كفاية ثبوت عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته المترتبة على العقد. رفع المسئولية عنه بإثباته رجوع عدم التنفيذ إلى قوة قاهرة أو بسبب اجنبى أو بخطأ المتعاقد الآخر.
1 - النص فى الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمرانى على أن "يلتزم المقسم بتنفيذ المرافق العامة اللازمة لأراضى التقسيم أو بإداء نفقات إنشائها للوحدة المحلية، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التى تحددها اللائحة التنفيذية"، والنص فى الفقرة الثانية من المادة 57 من قرار وزير التعمير رقم 600 لسنة 1982 باللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر على أن: " ويتولى المقسم تنفيذ أعمال المرافق العامة تحت إشراف الجهة المختصة بالوحدة المحلية، ويجوز بالاتفاق مع المقسم أو بناء على قرار من المجلس الشعبى المحلى أن تتولى الوحدة المحلية التنفيذ بمعرفتها أو بمعرفة الجهات المختصة، وعلى المقسم فى هذه الحالة أن يؤدى نفقات أعمال المرافق إلى الجهة القائمة بالتنفيذ قبل صدور قرار اعتماد التقسيم". مفاده أنه يجوز عند تنفيذ أعمال المرافق العامة فى الأراضى المقسمة الاتفاق مع المقسم على أن تتولى الوحدة المحلية تنفيذ هذه الأعمال بمعرفتها أو بمعرفة الجهة المختصة، وعلى ذلك فإن للمقسم أداء نفقات هذه الأعمال إما إلى الوحدة المحلية إذا تولت التنفيذ بمعرفتها أو إلى الجهة المختصة التى عهد إليها بالتنفيذ.
2 - الإيجاب - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - هو العرض الذى يعبر به الشخص على وجه جازم عن إرادته فى إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد ولا يجوز بعد ذلك لأى من الطرفين بإرادته المنفردة التنصل منه أو التحلل من آثاره.
3 - لا يلزم لانعقاد العقد إثبات الأيجاب والقبول فى محرر واحد وإنما يمكن استخلاص تحققه من المكاتبات المتبادلة.
4 - ليس هناك ما يحول دون قيام الجهة الإدارية بإبرام عقود مع الأفراد تتعلق بنشاطها الخاص ولا تقصد من ورائها تسيير مرفق عام، وإنما تحقيق غرض مالى خاص بها والحصول على ربح مادى.
(5) يكفى لقيام الخطأ فى المسئولية العقدية ثبوت عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته المترتبة على العقد ولا ترفع عنه المسئولية إلا إذا قام هو بإثبات أن عدم التنفيذ يرجع إلى قوة قاهرة أو بسبب أجنبى أو بخطأ المتعاقد الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن بصفته - رئيس الجمعية التعاونية لبناء المساكن لأهالى ..... - أقام الدعوى رقم 6670 لسنة 1992 جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بصفته - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للصرف الصحى - فى مواجهة المطعون ضده الثانى بصفته - رئيس حى مصر القديمة - بتنفيذ مشروع الصرف الصحى الخاص بتقسيم الجمعية - التى يمثلها - مع أداء التعويض عن الأضرار التى لحقت به، ذلك على سند من القول إنه بتاريخ 31/ 1/ 1983 أرسلت الجمعية الى المطعون ضده الثانى كتابا تطلب فيه تنفيذ مرافق أرض الجمعية مرفقاً به شيك بمبلغ قدره 31290.800 جنيه قيمة ما يخص مشروع التقسيم من تكاليف تنفيذ أعمال المرافق العامة وفقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المعدل، وبتاريخ 22/ 7/ 1984 طلب المطعون ضده الأول من المطعون ضده الثانى مطالبة الجمعية التى يمثلها الطاعن بسداد مبلغ 55 ألف جنيه قيمة تكاليف المقايسة عن مشروع الصرف الصحى لأرض الجمعية. فقام بتسليم شيك بهذا المبلغ إلى المطعون ضده الأول فى 21/ 11/ 1984، وإذ لم يقم الأخير بتنفيذ هذا المشروع رغم مضى أكثر من 8 سنوات ولحقته من جراء ذلك اضرارا يستحق عنها التعويض فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى، وبعد أن أودع تقريره حكمت فى 26 من يناير سنة 1995 بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4334 لسنة 112 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 5527 لسنة 112 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثانى للأول قضت فى 11 من يناير سنة 1996 برفض الاستئناف الأول وفى الثانى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله والفساد فى الاستدلال، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه نفى وجود علاقة تعاقدية بينه وبين المطعون ضده الأول استناداً إلى أن المادة 21/ 1 من القانون رقم 3 لسنة 1982 فى شأن التخطيط العمرانى توجب أداء نفقات انشاء المرافق للوحدة المحلية - التى يمثلها المطعون ضده الثانى - وهو التزام مصدره القانون، وإذ قام الطاعن بسدادها إلى المطعون ضده الأول مباشرة فإنه يكون قد خالف القانون فلا يستفيد من خطئه ومن ثم فلا ينعقد العقد ولا يلتزم الأخير بتنفيذ مشروع الصرف الصحى للطاعن، فى حين أن المادة 21/ 1 سالفة الذكر قد ألزمت المقسم بتنفيذ المرافق العامة اللازمة لأراضى التقسيم بنفسه أو بأداء نفقات إنشائها للوحدة المحلية وفقاً للشروط والأوضاع التى تحددها اللائحة التنفيذية التى أجازت له سدادها أيضاً للجهة القائمة بالتنفيذ مباشرة، وهو ما سلكه الطاعن وقام أدائه إلى المطعون ضده الأول باعتباره الجهة القائمة على التنفيذ بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 1982 بشأن التخطيط العمرانى على أن "يلتزم المقسم بتنفيذ المرافق العامة اللازمة لأراضى التقسيم أو بأداء نفقات إنشائها للوحدة المحلية، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التى تحددها اللائحة التنفيذية"، والنص فى الفقرة الثانية من المادة 57 من قرار وزير التعمير رقم 600 لسنة 1982 باللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر على أن "ويتولى المقسم تنفيذ أعمال المرافق العامة تحت إشراف الجهة المختصة بالوحدة المحلية، ويجوز بالاتفاق مع المقسم أو بناء على قرار من المجلس الشعبى المحلى أن تتولى الوحدة المحلية التنفيذ بمعرفتها أو بمعرفة الجهات المختصة، وعلى المقسم فى هذه الحالة أن يؤدى نفقات أعمال المرافق إلى الجهة القائمة بالتنفيذ قبل صدور قرار اعتماد التقسيم". مفاده أنه يجوز عند تنفيذ أعمال المرافق العامة فى الأراضى المقسمة الاتفاق مع المقسم على أن تتولى الوحدة المحلية تنفيذ هذه الأعمال بمعرفتها أو بمعرفة الجهة المختصة، وعلى ذلك فإن للمقسم أداء نفقات هذه الأعمال أما إلى الوحدة المحلية إذا تولت التنفيذ بمعرفتها أو إلى الجهة المختصة التى عهد إليها بالتنفيذ. وكان الإيجاب - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العرض الذى يعبر به الشخص على وجه جازم عن إرادته فى إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد ولا يجوز بعد ذلك لأى من الطرفين بإرادته المنفردة التنصل منه أو التحلل من آثاره، وكان لا يلزم لانعقاد العقد إثبات الايجاب والقبول فى محرر واحد وإنما يمكن استخلاص تحققه من المكاتبات المتبادلة وإنه ليس هناك ما يحول دون قيام الجهة الإدارية بإبرام عقود مع الأفراد تتعلق بنشاطها الخاص ولا تقصد من ورائها تسيير مرفق عام، وإنما تحقيق غرض مالى خاص بها والحصول على ربح مادى، وإنه يكفى لقيام الخطأ فى المسؤولية العقدية ثبوت عدم تنفيذ المتعاقد لالتزاماته المترتبة على العقد ولا ترفع عنه المسئولية إلا إذا قام هو بإثبات أن عدم التنفيذ يرجع إلى قوة قاهرة أو بسبب أجنبى أو بخطأ المتعاقد الآخر. لما كان ذلك، وكان الثابت من المستندات المقدمة من الطاعن والمطعون ضده الأول والمرفقة بالأوراق وما أورده خبير الدعوى فى تقريره أن الطاعن كان قد لجأ إلى المطعون ضده الثانى بطلب تنفيذ الصرف الصحى للتقسيم الصادر لصالحه فقام الأخير بمخاطبة المطعون ضده الأول باعتباره الجهة المنوط بها تنفيذه للإفادة بمقايسة تكاليف التنفيذ وذلك بكتابه المؤرخ 6/ 11/ 1983 تحت رقم 2181 فأجابه بخطابه رقم 6057 بتاريخ 22/ 7/ 1984 بأن قيمة المقايسة التقديرية للتقسيم تبلغ خمسة وخمسين ألف جنيه بخلاف قيمة إعادة تالف الرصف للطرق المرصوفة بالتقسيم وإذ قام المطعون ضده الثانى بإخطار الطاعن بهذا التقدير طالباً منه سداده مباشرة إلى المطعون ضده الأول وإخطاره بما يفيد السداد بكتابه المؤرخ 3/ 11/ 1984، فقد قام الطاعن بتوجيه خطاب إلى المطعون ضده الأول أرفق به الشيك رقم 1355760 بتاريخ 14/ 10/ 1984 بمبلغ خمسة وخمسين ألف جنيه تم تسليمه للموظف المختص فى 21/ 11/ 1984، وكان الثابت أيضا من مذكرتى رئيس الإدارة المركزية للمشروعات للعرض على المطعون ضده الأول والمؤرختين 26/ 1/ 89، 24/ 10/ 91 ومن مذكرة المستشار الهندسى للتصميم المؤرخة 15/ 3/ 1990 الموجهة إلى رئيس الإدارة المركزية للمشروعات التابعة للمطعون ضده الأول - المرفقة بالحوافظ المقدمة من الأخير - أن المقايسة التى تم على أساسها سداد مبلغ خمسة وخمسون ألف جنيه وتعليته تحت حساب جارى دائن بالتسوية رقم 168 فى 29/ 11/ 1984 لدى الهيئة العامة للصرف الصحى التى يمثلها المطعون ضده الأول تم تصميمها على أن يكون المصب على شبكات عين الصيرة التى كان مقرراً الانتهاء من مشروع تحسين الصرف فيها بتاريخ 19/ 11/ 1984، إلا أنه أرجئ الانتهاء منه بموافقة المطعون ضده الأول حتى 20/ 1/ 1989 وهو ما مؤداه أن عقدا مدنيا انعقد بين المطعون ضده الأول يتعلق بنشاط خاص قصد به تحقيق غرض مالى له وبين الطاعن قوامه ما صدر من إيجاب من الأول تحدد فيه قيمة مقايسة تنفيذ الصرف الصحى للتقسيم الخاص بالطاعن بمبلغ خمسة وخمسين ألف جنيه تم تصميمها بمعرفته وفى حينه على أن يكون المصب على شبكات صرف عين الصيرة وذلك بخلاف قيمة إعادة تالف الرصف للطرق المرصوفة بالتقسيم وقت التقدير، اقترن به قبول مطابق من الطاعن بسداده هذا المبلغ للمطعون ضده الثانى - ممثل الوحدة المحلية - بسداده للمطعون ضده الأول باعتباره القائم بالتنفيذ وفقاً لأحكام المادتين 21 من القانون 3 لسنة 1982 والفقرة الثانية من المادة 57 من لائحته التنفيذية وعلى نحو ما سلف بيانه، ومما لازمه أنه لا يجوز معه من بعد لأى من الطرفين بإرادته المنفردة التنصل منه أو التحلل من آثاره، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بمقولة خلو الأوراق من دليل على انعقاد ذلك العقد ورتب على ذلك عدم التزام المطعون ضده الأول بتنفيذ مشروع الصرف الصحى للطاعن فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقى أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم وكان الحكم المستأنف قد انتهى سديدا إلى قيام علاقة عقدية بين المستأنفين فى الاستئنافين رقمى 4334، 5527 لسنة 112 ق القاهرة وإلى أنه قد ثبت لديه عدم تنفيذ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للصرف الصحى لالتزامه التعاقدى فقد تحقق خطؤه المستوجب لمسئوليته بعد أن خلت الأوراق من دليل على أن عدم تنفيذه لهذا الالتزام كان مرجعه إلى قوة قاهرة أو سبب أجنبى أو خطأ المتعاقد معه، فإنه يتعين تأييده لأسبابه مكملة بما أضافه هذا الحكم من أسباب لا تتعارض معه مع استبدال عبارة " مع تغريمها مبلغ عشرين جنيهاً عن كل يوم تأخير عن التنفيذ " بعبارة "مع تعريمها مبلغ مائة جنيه عن كل يوم تأخير عن التنفيذ" الواردة بأسبابه وتعديل البند "2" من المنطوق على نحو ما سيرد ذكره فى منطوق هذا الحكم.