مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 161

(20)
جلسة 21 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعة، ويحيى خصرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 6431 لسنة 42 القضائية

عقد إدارى - صورة - التعهد بالدراسة وخدمة الحكومة
التعهد بسداد قيمة وتكاليف الاختبارات والفحوص الطبية للمقدم للالتحاق بإحدى الكليات العسكرية فى حالة اختياره للانضمام إلى إحدى هذه الكليات وتخلفه عن الحضور أو تقديم استقالته خلال فترة الإعداد العسكرى هوعقد إدارى مصدرا لالتزام المتعهد برد تلك النفقات.
مطالبة المتعهد والضامن له بسداد قيمة نفقات الاختبارات والفحوص الطبية بعد قيام جهة الإدارة بشطب اسم المتعهد بعد اختباره وتخلفه عن الحضور والانتظام بالدراسة بالكلية تعد مطالبة قائمة على أساس سليم من القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 7/ 9/ 1996 أودع الأستاذ ........ النائب بهيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالبا فى ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير - بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للطاعن بصفته، مبلغاً مقداره (1145 جنيه) (ألف ومائة وخمسة وأربعون جنيهاً) والفوائد القانونية المستحقة على هذا المبلغ بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، مع إلزامهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى. وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الطاعن المصروفات.
وقد تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، وبجلسة 2/ 8/ 2000 قررت الدائرة احالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 5/ 9/ 2000، وبعد تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3110 لسنة 46 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدراى بتاريخ 25/ 1/ 1992 طالبا الحكم بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا له بصفته مبلغ 1145 جنيها وفوائده القانونية بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، على سند من القول أن المطعون ضده الأول تقدم بطلب للالتحاق بالكلية الحربية ووقع تعهداً بسداد قيمة المبالغ والتكاليف التى تتكبدها القوات المسلحة على الاختبارات والفحوص الطبية التى يجتازها من خلال مكتب تنسيق القبول بالكليات العسكرية فى حالة اختباره للانضمام إلى إحدى الكليات العسكرية وتخلفه عن الحضور أو فى حالة تقديم استقالته منها خلال فترة الاعداد العسكرى، وقد كلفه فى ذلك المطعون ضده الثانى ولى أمره بتاريخ 2/ 9/ 1991، وأن المطعون ضده الاول قد تخلف عن الحضور للكلية الحربية أكثر من المدة القانونية، فصدر قرار مجلس الكلية رقم 91 لسنة 1991 بجلسة 29/ 10/ 1991 بإجماع الآراء بشطب اسم الطالب (المطعون ضده الأول) من قوة الدفعة 88 حربية لتخلفه عن الحضور وإلزامه برد قيمة تكاليف الاختبارات والفحوص الطبية التى بلغت 1145 جنيها وأنه عملا بأحكام القانون رقم 92 لسنة 1975 والتعهد الموقع من المطعون ضدهما فإنهما يلتزمان بأداء تلك المبالغ التى تكبدتها القوات المسلحة أثناء تواجد المطعون ضده الأول فضلا عن الفوائد القانونية على المبلغ المذكور بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
وبجلسة 21/ 7/ 1996 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعا والزمت المدعى بصفته المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن المطالبة بقيمة الاختبارات والفحوص الطبية التى تكبدتها القوات المسلحة بالنسبة لمن تقرر قبوله بإحدى الكليات العسكرية ثم تخلف عن الانتظام بالدراسة تفتقر إلى السند القانونى حيث جاءت أحكام القوانين المنظمه للكليات والعاهد العسكرية خالية من نص يقضى بإلزام المتقدم بسداد تلك النفقات، كما خلت أحكام اللائحة الداخلية للكلية الحربية من نص يفيد إلزام الطالب بالنفقات المطالب بها وأنه لا وجه للتمسك بالإقرار الموقع من المطعون ضدهما بالتزامهما برد النفقات سالفة الذكر لأن إعمال أثر التعهد المشار إليه رهين بوجود السند القانونى للمطالبة بهذه النفقات فضلاً عن أن تلك النفقات لا تعدو أن تكون من قبيل المصاريف الإدارية التى أنفقتها الإدارة عند ممارستها لنشاطها المنوط بها أصلا فلا يسوغ لها أن تطالب به، فضلاً عن أن إلزام الطالب المتقدم للكليات العسكرية بالنفقات المذكورة فى حالة عدم التحاقه بالكلية العسكرية تتعارض مع احكام الدستور التى تقضى بعدم جواز إجبار المواطنين على مباشرة عمل معين إلا بمقتضى قانون ولأداء خدمة وبمقابل عادل.
ومن حيث إن حاصل أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله فضلا عن الفساد فى الاستدلال ذلك تأسيسا على أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما قد وقعا على تعهد التزما فيه بالتضامن فيما بينهما بسداد قيمة الفحوص والاختبارات الطبية فى حالة قبول المطعون ضده الأول باحدى الكليات العسكرية ثم نكل عن الانتظام فى الدراسة بالكلية وحيث إن هذا التعهد المذكور ما هو إلا عقد إدارى يلتزم بمقتضاه الطالب الذى تقرر قبوله بعد اجتيازه للاختبارات والفحوص الطبية المقررة فى هذا الشأن الانتظام بالدراسة وأنه فى حالة إخلاله بهذا الالتزام يكوم ملزما بسداد قيمة نفقات الاختبارات والفحوص المشار إليه، ومن ثم فإنه لذلك، وبمراعاة أن المطعون ضده الأول قد اجتاز جميع الاختبارات وتقرر قبوله بالكلية الحربية إلا أنه لم ينتظم بالدراسة بالكلية الأمر الذى حدا بالإدارة إلى شطبه من عداد الدفعة 88 حربية - لذلك يكون ملزما بسداد قيمة هذه النفقات المطالب بها وضامنه.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول تقدم بطلب الالتحاق بإحدى الكليات العسكرية بعد أن وقع على تعهد ضمنه فيه والده المطعون ضده الثانى بأن يقوم بسداد قيمة وتكاليف الاختبارات والفحوص الطبية التى يجتازها من خلال مكتب تنسيق القبول للكليات العسكرية فى حالة اختياره للانضمام إلى احدى الكليات العسكرية وتخلفه عن الحضور أو فى حالة تقديم استقالته منها خلال فترة الإعداد العسكرى (45 يوم من تاريخ الالتحاق) وأن هذا التعهد وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة إنما هو عقد إدارى وأن هذا العقد هو مصدر التزام المطعون ضدهما بنفقات الاختبارات والفحوص الطبية فى حالة قبول المطعون ضده الأول طالباً بالكلية ومن ثم فإن مناط التزام المطعون ضدهما برد تلك النفقات استناداً إلى التعهد الموقع منهما هو قبول المطعون ضده الأول طالباً بإحدى الكليات العسكرية ثم تخلفه عن الانتظام فى الدراسة بالكلية أو فى حالة تقديم استقالته منه، بحيث لا يكون هناك الزاما برد تلك النفقات إذا أسفر الكشف والاختبارات عن عدم صلاحية المتقدم للالتحاق بالكلية لأسباب خارجة عن إرادته ومن ثم فليس فى شأن إلزام المتقدم للكليات العسكرية وضامنه بنفقات الفحوص والاختبارات الطبية فى حالة قبوله بالكليات العسكرية إجباره على أداء عمل بغير نص فى القانون وإنما يجد هذا الالتزام سنده فى تنظيم الاستفادة من خدمات مرفق عام، كما وأنه لا وجه للقول بأن تلك النفقات تعد من قبيل المصاريف الإدارية التى تنفقها الإدارة عند ممارستها لنشاطها المنوط بها أصلاً وبالتالى فإنه لا يسوغ لها أن تطالب بها لأن قيام الإدارة بإجراء الاختبارات الطبية لاختيار أحسن العناصر المتقدمة هى قيود وضعتها الإدارة لمصلحة المرفق ذاته وليس لمصلحة المتقدم فهذا القول لا يستقيم إلا إذا كانت الجهة الإدارية هى التى رفضت قبول المتقدم إما إذا قبلته فلا مناص فى إلزامه برد النفقات بالتضامن مع ضامنه إعمالاً للتعهد الصادر منهما.
ومن حيث إنه - بالبناء على ما تقدم - وكان الثابت من مطالعة الأوراق إن مكتب تنسيق القبول للكليات العسكرية قد اختار المطعون ضده الأول للالتحاق بالكلية الحربية ضمن الدفعة 88 - السنة الأولى بتاريخ 15/ 10/ 1991، وتخلف عن الحضور للانتظام بالدراسة بهذه الكلية فى العام الدراسى 91/ 1992 - وذلك خلال المدة المقررة قانون، وبناء على ذلك قرر مجلس الكلية الحربية رقم 91لسنة 1991 بتاريخ 28/ 10/ 1991 شطب اسمه من قوة طلبة الدفعة رقم 88 لتخلفه عن الحضور لأكثر من المدة القانونية (14 يوماً) وإلزامه برد قيمة تكلفة الاختبارات والفحوص الطبية التى تكلفه، ومن ثم يكون مطالبة المطعون ضدهما متضامنين بسداد قيمة نفقات الاختبارات والفحوص الطبية المشار إليها قائمة على أساس سليم من القانون الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلزامهما متضامنين بسداد قيمة هذه النفقات المذكورة ومقدارها 1145 جنيهاً.
ومن حيث إنه عن طلب الفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به، فإنه لما كان هذا المبلغ معلوم المقدار ومستحق الأداء وقت المطالبة القضائية يكون المطعون ضدهما ملزمان بالفوائد القانونية عن المبلغ المقضى به متضامنين إعمالاً لحكم المادة 226 من قانون المدنى، وذلك بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد.
ومن حيث أن المطعون ضدهما قد خسرا الطعن، فإنه يتعين إلزامهما بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يدفعا للطاعن بصفته مبلغا مقداره (1145 جنيه) (ألف ومائة وخمسة وأربعون جنيها) والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 25/ 1/ 1992 وحتى تمام السداد وألزمتهما المصروفات.