مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) صـ 167

(21)
جلسة 22 من نوفمبر سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى أبو عيشة، وأحمد حلمى محمد أحمد حلمى نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3967 لسنة 44 القضائية

أرض زراعية - المخالفات التى تجرى على الأراضى الزراعية.
المادة 151، المادة 155 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدلة بالقانون رقم 2 لسنة 1985.
حظر المشرع على مالك الأرض الزراعية أو نائبه أو مستأجرها أو حائزها القيام بأى عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبته، وأعطى لوزير الزراعة الحق فى وقف أسباب المخالفة وبإزالتها بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وذلك قبل صدور الحكم فى الدعوى الجنائية - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الاثنين الموافق 30/ 3/ 1998 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفتهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 3967 لسنة 44ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا بجلسة 15/ 2/ 1998 فى الدعوى رقم 6631 لسنة 1ق والقاضى منطوقه بإلغاء القرار المطعون فيه ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الادارية المصروفات.
وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة فى ختام تقريرها تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكل، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه فى شقه الخاص بوقف الأعمال المخالفة والقضاء برفض الدعوى فى هذا الشق مع إلزام المطعون ضدها المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالاوراق.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فيه ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا وإلغاء الحكم الطعين ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن جلسة 21/ 12/ 1999، وبجلسة 15/ 5/ 2000 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 16/ 7/ 2000 وجرى تداوله بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 15/ 10/ 2000 قررت الدائرة الأولى إحالته لهذه الدائرة للاختصاص لنظره بجلسة 25/ 11/ 2000 وجرى تداوله أمام هذه الدائرة وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع تتحصل فى أنه بتاريخ 5/ 12/ 1992 أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 1587 لسنة 47ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلبت فى ختامها الحكم بقبولها شكلا وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 1169 لسنة 1992 الصادر من محافظ الغربية فيما تضمنه من إزالة المبانى التى أقامتها مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذكرت شرحا لذلك أنه بتاريخ 23/ 8/ 1992 أصدر محافظ الغربية القرار المطعون فيه وتم إعلانه إليها فى 18/ 10/ 1992 عن طريق مركز شرطة السنطة متضمنا إزالة المبانى الجارى إقامتها فى الأرض الزراعية بناحية أبو الجهور مركز السنطة - غربية بحوض السرو القبلى بحجة إقامتها على أرض زراعية بدون ترخيص، ونعت المطعون ضدها على هذا القرار مخالفته للقانون لأن الثابت من الخرائط المساحية المعدة لتحديد الحيز العمرانى والكردون المعتمد أن المساحة المقام عليها البناء الصادر بشأنه قرار الإزالة ليست أرضا زراعية، وإنما هى ضمن الحيز العمرانى للقرية والمستثنى من الحظر الوارد فى القانون رقم 116 لسنة 83 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1985 بشأن البناء على أرض زراعية، فضلا عن أنها أرض بور غير صالحة للزراعة وداخل الكردون.
تدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 25/ 11/ 1993 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا للاختصاص، وتنفيذا لذلك أحيلت إلى المحكمة الأخيرة وقيدت بقلم كتابها تحت رقم 6631 لسنة 1ق وتدوول نظر الشق العاجل منها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 18/ 4/ 1995 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من ازالة المبانى التى أقامتها المطعون ضدها بحوض السرو القبلي، ورفض ما عدا ذلك وألزمت الجهة الإدارية والمدعية المصروفات مناصفة.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فى ختامه الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعية المصروفات.
تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساته، وبجلسة 15/ 2/ 98 حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت قضاءها على أساس أن المستفاد من نصوص المادتين 152، 156 من قانون الزراعة أن المشرع لم يمنح وزير الزراعة أو من يفوضه سلطة إزالة البناء على الأرض الزراعية بالمخالفة للقانون، وإنما جعل له وقف أسباب المخالفة بالطريق الإدارى لحين صدور حكم المحكمة الجنائية التى تنظر المخالفة، وجعل سلطة إزالة المبنى المخالف من صلاحيات المحكمة الجنائية وحدها عند الحكم بإزالة المخالفة، ولما كان الثابت من الأوراق أن محافظ الغربية أصدر قراره الطعين بإزالة البناء المخالف المقام من المدعية بالطريق الإدارى فإنه يكون قد تجاوز ماله من سلطة قانونية فى هذا الصدد مغتصبا لاختصاص خص به المشرع القضاء، ويكون قراره الطعين معيبا الأمر الذى يتعين معه الحكم بالإلغاء.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة قد أسست طعنها على سند من القول أن سلطة وزير الزراعة أو من يفوضه تقف عند حد وقف أسباب المخالفة بالبناء على الأرض الزراعية دون أن يتجاوز ذلك إلى حد إزالة المبانى المخالفة إداريا لأن ذلك منوط بالقضاء الجنائى وحده، ولما كان الحكم الصادر فى الشق العاجل قد أعمل صحيح حكم القانون حيث قضى بوقف تنفيذ القرار الطعين فيما تضمنه من إزالة المبانى بحسبان أن الإزالة من سلطة القاضى الجنائى أما سلطة وقف الأعمال المخالفة فمنوط بالجهة الإدارية ولذلك فإن الحكم الصادر فى الشق العاجل وقد قضى برفض طلب الوقف بالنسبة لوقف الأعمال والاستمرار فيه، إلا أن الحكم الطعين قام بإلغاء القرار بأكمله دون سند من القانون بالنسبة للشق الخاص بوقف الأعمال، ولما كان الثابت أن المطعون ضدها لم تقدم ما انتهى إليه القضاء فى الشق الجنائى ومن ثم فإن قرار وقف الأعمال يظل ساريا لحين تقديم المطعون ضدها ما انتهى إليه محضر المخالفة والقضاء الجنائي، وما كان يجوز للحكم الطعين أن يقضى بإلغاء القرار فى شقه الخاص بوقف الأعمال لأن ذلك يدخل فى اختصاص الجهة الادارية وإذ خالف الحكم الطعين ذلك فإنه يكون حريا بالإلغاء فى هذا الشق.
ومن حيث إن المادة 151 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدلة بالقانون رقم 2 لسنة 1985 تنص على أن "يحظر على المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات إنتاجها التى تحدد بقرار من وزير الزراعة.، كما يحظر عليهم ارتكاب أى فعل أو الامتناع عن أى عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها.
كما تنص المادة 155 منه على أنه "يعاقب على مخالفة حكم المادة 151 من هذا القانون بالحبس وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد عن ألف جنيه.... ولوزير الزراعة قبل الحكم فى الدعوى أن يأمر بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإدارى على نفقة المخالف".
ومفاد ما تقدم أن المشرع حظر على مالك الأرض الزراعية أو نائبه أو مستأجرها أو حائزها القيام بأى عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبته، وأعطى لوزير الزراعة الحق فى وقف أسباب المخالفة وبإزالتها بالطريق الإدارى على نفقة المخالف وذلك قبل صدور الحكم فى الدعوى الجنائية.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وبتطبيقه على وقائع المنازعة الماثلة وكان الثابت من الأوراق ومن الاطلاع على محضر المخالفة رقم 6932 المؤرخ 30/ 7/ 1992 أن المطعون ضدها قامت بناحية السرو القبلى التابعة لأبو الجهور بأرضها الزراعية الحائزة لها ومساحتها 165م2 بتشوين مواد بناء دون ترخيص من المحافظ المختص، وتبعا لذلك أصدر محافظ الغربية بناء على قرار وزير الزراعة رقم 1299 لسنة 1987 بالتفويض فى الاختصاصات القرار المطعون فيه رقم 1169 بتاريخ 23/ 8/ 1992 متضمناً إزالة المخالفة المذكورة على نفقة المطعون ضدها وإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الدعوى، ولما كان تشوين مواد البناء فى الأرض الزراعية من شأنه تبويرها والمساس بخصوبتها بما يندرج تحت حكم المادتين 151، 155 سالفتى الذكر، وبالتالى يحق للمحافظ إصدار قرار إزالة تلك المخالفة بموجب القانون، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه وقد صدر بأزالة تلك المخالفة قد صدر على سند صحيح من حكم القانون ويكون طلب وقف تنفيذه وإلغائه حريا بالرفض، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه عكس هذا المذهب وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه على سند من القول أن المدعى بصفته قد اغتصب سلطة المحكمة الجنائية التى من حقها الإزالة ويقتصر حق المحافظ فقط على وقف أسباب المخالفة، وذلك على سند أن المطعون ضدها قد قامت بالبناء على أرض زراعية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ فى تطبيق حكم القانون على وقائع النزاع وأغفل الإشارة إلى محضر المخالفة المشار إليه والذى تضمن أن المخالفة المنسوبة إلى المطعون ضدها هى تشوين مواد بناء على أرض زراعية وليس البناء عليها ويكون الطعن عليه حريا بالقبول مما يقضى معه القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزمه مصروفاته عملا لحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضدها المصروفات.