أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 162

جلسة 2 من فبراير سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن على المغربى، وقصدى إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر، ومحمد عبد الخالق بغدادى.

(32)
الطعن رقم 1610 لسنة 45 القضائية

(1) إجراءات. محكمة الموضوع. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الأصل فى الإجراءات الصحة وأنها قد روعيت.
النعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. لا يجوز.
(2) حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل".
خلو الحكم من بيان التاريخ الذى صدر فيه أمر الإحالة. لا يبطله.
(3) نقض. "المصلحة فى الطعن".
إنتفاء الجدوى من النعى على الحكم باستبعاد ظرف سبق الاصرار، ما دام ذلك أمر يستفيد منه الطاعن، ولم يحكم عليه بعقوبة تجاوز المنصوص عليه فى القانون للجريمة الموجهة إليه.
(4) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير العقوبة". عقوبة. "تقديرها".
تقدير العقوبة من إطلاقات محكمة الموضوع. ما دامت تدخل فى حدود العقوبة المقررة قانونا.
(5) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود".
المحكمة لا تلتزم أن تورد من الأدلة إلا ما كان ذا أثر فى تكوين عقيدتها.
حقها فى استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود. وسائر العناصر المطروحة أمامها - عدم إلزامها بدليل معين إلا فى الأحوال التى يقررها القانون.
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. بوجه عام.
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى. من حق محكمة الموضوع.
1 - الأصل فى الإجراءات الصحة وأنها قد روعيت ما لم يقم دليل خلاف ذلك - وأنه لما كان الطاعنان لم يتمسكا أمام محكمة الموضوع بأن أمرا لم يصدر من مستشار الإحالة بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات، فإنه لا يجوز لهما إثارة ذلك، والدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - أن خلو الحكم من بيان التاريخ الذى صدر فيه أمر الإحالة لا يبطله إذ لا يوجد فى قانون الإجراءات الجنائية نص يوجب ذكر هذا التاريخ فى الحكم.
3 - المصلحة شرط لازم فى كل طعن فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولا - وعلى ذلك متى كان استبعاد سبق الإصرار من التهمة أمرا يستفيد منه الطاعن فلا يصح أن يكون سببا لطعنه فى الحكم الصادر عليه استنادا إلى أنه لم ينبه إلى هذا التعديل قبل إجرائه ما دام لم يحكم عليه بعقوبة أشد من المنصوص عليه فى القانون للجريمة الموجهة إليه.
4 - أن تقدير العقوبة فى الحدود المقررة قانونا هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابا عن الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى أرتأته وكانت العقوبة التى أنزلها الحكم بالطاعن الأول وهى السجن لمدة ثلاث سنوات تدخل فى نطاق العقوبة المقررة فى المادة 240/ 1 من قانون العقوبات لجريمة أحداث العاهة المستديمة التى دانه الحكم بها ومن ثم تكون مصلحة الطاعن فيما أثاره فى هذا الصدد منتفية.
5 - إن محكمة الموضوع لا تلتزم فى أصول الاستدلال بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها، ولها أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها ولها استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى إذ العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته - فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا فى الأحوال التى يقررها القانون.
6 - لما كان الحكم قد ساق أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجنى عليهما بالتحقيقات ومن التقارير الطبية الشرعية - صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعنين للجريمة المسندة إليهما، مطرحا للأسباب التى أوردها دفاعهما المؤسس على أقوال المجنى عليهما بالجلسة - إذا جاءت لتساير عقد الصلح الذى تم بين الفريقين وأريد به التدليل على نفى ارتكاب الطاعنين للحادث خلافا للحقيقة التى اطمأنت إليها المحكمة من أدلة الثبوت القائمة فى الدعوى وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك سائغا وكافيا للرد على دفاع الطاعنين، ومن ثم فإن منعاهما لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم فى يوم 13 سبتمبر سنة 1971 بدائرة مركز رشيد محافظة البحيرة: ( المتهم الأول ) ضرب ....... بأن طعنه بسكين فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلفت من جراء إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد الطرف العلوى الأيمن عند اتصال ثلثه السفلى بالمتوسط مما يقلل من كفاءته على العمل بنحو 75 % وكان الضرب صادرا من سبق الإصرار: ( المتهم الثانى ): ضرب ....... بسكين فى رأسه وساعده الأيسر فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلفت لديه من جراء أولاهما عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد العظم لقدمى الأيمن لا ينتظر ملؤه بنسيج ليفى مما يعرض حياته للخطر بحرمان المخ من جزء من وقايته الطبيعبة ضد التغيرات الجوية والإصابات البسيطة مما يقلل من كفاءته على العمل بنحو 11 % ( المتهم الثالث ): أحدث عمدا بـ ....... الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على العشرين يوما. وطلبت إلى مستشار الإحالة احالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 240/ 1 و2 من قانون العقوبات ومحكمة جنايات دمنهور قضت فى الدعوى حضوريا عملا بمادة الاتهام (أولا): بمعاقبة المتهم الأول بالسجن مدة ثلاث سنوات (ثانيا) بمعاقبة المتهم الثانى بالحبس مع الشغل مدة سنتين. (ثالثا): بتغريم المتهم الثالث مبلغ ثلاثة جنيهات. فطعن المحكوم عليهما الأول والثانى فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الذى نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه بطلان فى الاجرءات وإخلال بحق الدفاع وعاره قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه لم يشر إلى أن أمرا صدر من مستشار الإحالة بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات كما جاء خلوا من بيان تاريخ الجلسة التى صدر فيها هذا الأمر، وأن المحكمة عدلت الوصف القانونى للتهمة المسندة إلى الطاعن الأول على أساس استبعاد ظرف سبق الإصرار دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل ومع ذلك فانها لم تنزل على مقتضيات هذا التعديل إذ فارقت فى العقوبة التى أوقعتها بين الطاعنين مع أنها اعتبرت ما اقترفاه يندرج تحت نص الفقرة الأولى من المادة 240 من قانون العقوبات، هذا إلى أن الحكم عول على أقوال المجنى عليهما بالتحقيقات مع أنهما عدلا عنها بجلسة المحاكمة وأغفل وأفسد أثر محضر الصلح الذى عقد بين الفريقين وتضمن براءة ساحتهما مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنين بها وأقام عليها فى حقهما أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أمر الإحالة تلى فى مواجهة الطاعنين وترافع الدفاع عنهما دون أن ينازع فى صحة هذا الأمر، وكان الأصل فى الإجراءات الصحة وأنها قد روعيت ما لم يقم دليل على خلاف ذلك و كان الطاعنان لم يتمسكا أمام محكمة الموضوع بأن أمرا لم يصدر من مستشار الإحالة باحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات، فإنه لا يجوز لهما إثارة ذلك والدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا فضلا عن أن طعنهما لم يبنى إلا مجرد أن الحكم لم يشر فيه إلى هذا الأمر ولم يدعيا أن هذا الإجراء قد خولف فى الواقع، ومن ثم فإن منعاهما فى هذا المنحى لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان خلو الحكم من بيان التاريخ الذى صدر فيه أمر الإحالة لا يبطله إذ لا يوجد فى قانون الإجراءات الجنائية نص يوجب ذكر هذا التاريخ فى الحكم، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المصلحة شرط لازم فى كل طعن فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولا - وكان استبعاد سبق الإصرار من التهمة أمرا يستفيد منه الطاعن الأول فلا يصح أن يكون سببا لطعنه فى الحكم الصادر عليه استنادا إلى أنه لم ينبه إلى هذا التعديل قبل إجرائه ما دام لم يحكم عليه بعقوبة أشد من المنصوص عليه فى القانون للجريمة الموجهة إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة فى الحدود المقررة قانونا هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حسابا عن الأسباب التى من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى أرتأته وكانت العقوبة التى أنزلها الحكم بالطاعن الأول وهى السجن لمدة ثلاث سنوات تدخل فى نطاق العقوبة المقررة فى المادة 240/ 1 من قانون العقوبات لجريمة أحداث العاهة المستديمة التى دانه الحكم بها، ومن ثم تكون مصلحة الطاعن الأول فيما أثاره فى هذا الصدد منتفية ولا وجه لما نعاه. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع لا تلتزم فى أصول الاستدلال بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها، وكان لها أن تأخذ بأقوال الشاهد فى أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو كانت مخالفة لما شهد به أمامها، ولها استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى إذ العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو براءته - فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا فى الأحوال التى يقررها القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم قد ساق أدلة سائغة مستمدة من أقوال المجنى عليهما بالتحقيقات ومن التقارير الطبية الشرعية - صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعنين للجريمة المسندة إليهما، مطرحا للأسباب التى أوردها دفاعهما المؤسس على أقوال المجنى عليهما بالجلسة - إذا جاءت لتساير محضر الصلح الذى تم بين الفريقين وأريد به التدليل على نفى ارتكاب الطاعنين للحادث خلافا للحقيقة التى اطمأنت إليها المحكمة من أدلة الثبوت القائمة فى الدعوى، وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك سائغا وكافيا للرد على دفاع الطاعنين، ومن ثم فإن منعاهما لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وفى استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.