أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 168

جلسة 2 من فبراير سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن على المغربى، ومحمد صلاح الدين الرشيدى، وقصدى إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر.

(33)
الطعن رقم 1611 لسنة 45 القضائية

( 1 ) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية تشكك المحكمة فى صحة إسناد التهمة. للقضاء بالبراءة. طالما حكمها على ما يفيد تمحيصها الدعوى.
( 2 ) دخان. غش. جريمة. "أركانها".
القصد الجنائى المعترض. والخلط دون مراعاة النسب المقررة. شرطا تحقق جريمة خلط الدخان.
1 - يكفى فى المحاكمات الجنائية أن تشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة لكى تقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما تطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الإتهام ووازنت بينهما وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات.
2 - استقر قضاء محكمة النقض على أن جريمة خلط الدخان تقتضى بالضرورة توافر عنصرين الخلط المؤثم بفعل الجانى دون مراعاة النسب المقررة والقصد الجنائى ولا يغنى توافر أحدهما عن وجوب توافر الآخر.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى يوم 5 يناير سنة 1971 بدائرة قسم دمنهور محافظة البحيرة: هرب تبغا على النحو المبين بالمحضر وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 من القانون 92 لسنة 1964. وادعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهم بمبلغ 990 جنيها على سبيل التعويض. ومحكمة دمنهور الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه. فاستأنفت كل من النيابة العامة ومصلحة الجمارك الحكم. ومحكمة دمنهور الإبتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف ورفض استئناف المدعية بالحقوق المدنية وألزمتها المصروفات. فطعنت مصلحة الجمارك المدعية بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن المقدم من مصلحة الجمارك أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة تهريب التبغ قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال ذلك بأنه أسس البراءة ورفض الدعوى المدنية قبله على ما قال به من أن نسبة زيادة العسل فى الدخان نسبة ضيئلة مع أن جريمة خلط الدخان تتوافر بتوافرعنصرين هما الخلط المؤثم بفعل إيجابى دون مراعاة النسب المقررة والقصد الجنائى المفترض وتتحقق الجريمة بمجرد تجاوز نسبة الخلط الحد الأقصى المقرر لها وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال تعقيبا على بيانه لواقعة الدعوى وتسبيبا لقضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية قبل المطعون ضده ما نصه: "وبسؤال المتهم أنكر التهمة المسندة إليه ودفعها بأن العينة وزنها 40 جرام ولا تمثل الكمية التى شملتها عملية الإنتاج وأجاز أن تكون زيادة العسل نتيجة ترسب العسل والتقليب... ولما كان الدليل قبل المتهم على اقترافه الجريمة المسنده إليه مستند أساسا على ما ينسبه من تحليل عينة من الدخان المعسل تزن 40 جرام من أنها تحتوى على 274.05 % عسل بدلا من 250 % عسل كحد أقصى وأنه لما كان ذلك فإن الراجح أن يكون مرجعه إلى عدم دقة عملية خلط الدخان بالعسل إذ أن هذه العملية تتم بطريقة يدوية وقد أخذت عينة تمثل كمية ضئيلة لا تشتمل على أجزاء متعددة من الكمية المخلوطة - يؤكد هذا النظر أن نسبة الزيادة فى العسل فى العينة نسبة ضئيلة ومن ثم فإن الشكوك والريب تحوط بالإتهام المسند إلى المتهم وتضحى التهمة غير ثابتة فى حقه "لما كان ذلك وكان يكفى فى المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى ما تطمئن إليه فى تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفى فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة فى صحة عناصر الإثبات - لما كان ذلك، وكان
قضاء محكمة النقض قد استقرعلى أن جريمة خلط الدخان تقتضى بالضرورة توافر عنصرين: الخلط المؤثم بفعل الجانى دون مراعاة النسب المقررة والقصد الجنائى ولا يغنى توافر أحدهما عن وجوب توافر الآخر. ولما كان دفاع المطعون ضده الذى أخذ به الحكم المطعون فيه قام أساسا على نفى الركن المادى للجريمة لا القصد الجنائى فيها مستندا إلى وجهة نظر موضوعية اعتنقتها محكمة الموضوع وقضت على ضوئها وخلصت بعد تمحيصها لواقعة الدعوى إلى أن العينة المرسلة إلى التحليل تمثل كمية ضئيلة من الدخان المخلوط ولا تشتمل على أجزاء متعددة منه وأن زيادة نسبة العسل فى العينة يرجع إلى عدم دقة الخلط الذى يتم بطريقة يدوية وهو دليل سائغ يستقيم به قضاء الحكم ولا ينطوى على قضاء من القاضى فى مسألة فنية يتعين الرجوع فيها الى أهل الخبرة ولا يتعارض مع تقرير التحليل المقدم فى الدعوى لما كان ذلك، وكان الطاعنة لا تجادل فى سلامة ما أخذه الحكم المطعون فيه واستخلصه من أوراق الدعوى فإن محكمة الموضوع فى قضائها بالبراءة تكون قد استعملت سلطتها فى تقدير أدله الدعوى مما لا يجوز مجادلتها فيه أمام محكمة النقض لما كان ذلك فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع إلزام الطاعنة المصاريف المدنية.