مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 213

(28)
جلسة 2 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق على عبد القادر نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: سعيد أحمد حسين برغش، ومحمود إسماعيل رسلان، وعطية عماد الدين نجم، ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3621 لسنة 43 القضائية

عاملون - إصابة عمل - شروط تحققها.
قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - اعتبر التأمين الاجتماعى إصابة العمل كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو المهام التى يكلف بها أو عودته منه، شريطة أن يكون الذهاب والإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى، والمقصود بالحادث فى هذا الصدد، هو وقوع فعل نتيجة قوة خارجية مفاجئة يمس جسم العامل ويحدث به ضرر، أى تكون علاقة سببية بين الفعل والضرر - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 10/ 5/ 1997 أودع الأستاذ ...... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل، فى حكم محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات والجزاءات الصادر بجلسة 10/ 3/ 1997 فى الدعوى رقم 6889 لسنة 48ق، والذى قضى بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلزام المطعون ضده الأول فى مواجهة الثانى بأحقيته فى احتساب إصابته فى 26/ 6/ 1991 إصابة عمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا باعتبار الإصابة الناتجة عن الحادث الذى وقع للطاعن بتاريخ 26/ 6/ 1991 إصابة عمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، والتى قررت بجلسة 22/ 5/ 2000 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 17/ 6/ 2000.
وعليه ورد الطعن إلى هذه المحكمة، وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 21/ 10/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 10/ 3/ 1997 وقد صادف آخر يوم فى ميعاد الطعن فى هذا الحكم (9/ 5/ 1997) عطلة رسمية (الجمعة) ومن ثم يمتد ميعاد الطعن إلى اليوم التالى (السبت الموافق 10/ 5/ 1997)، وإذ أقيم الطعن الماثل فى هذا اليوم، كما استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى والمقررة قانون، ومن حيث يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 16/ 2/ 1993 أقام الطاعن الدعوى رقم 153 لسنة 1993 عمال كلى جنوب القاهرة أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون ضدهم، طالبا الحكم باحتساب إصابته بتاريخ 26/ 6/ 1991 إصابة عمل، مع صرف جميع ما يترتب على ذلك من حقوق مالية، تأسيسا على أنه أثناء توجهه إلى إدارة الصف التعليمية التابعة لمديرية التربية والتعليم بالجيزة بتاريخ 26/ 6/ 1991، عقب أجازة عيد الأضحى، حسب أمر التكليف من إدارة الشرفا الإعدادية التى يعمل بها والمؤرخ 21/ 6/ 1991، للسؤال عن استمارات الشهادة الإعدادية، اصطدمت السيارة الميكروباص التى كان يستقلها بسيارة نقل، وقد نتج عن ذلك أصابته وبتر الذراع الايسر، وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 2130 لسنة 1991 جنح الصف، وأثبتت اللجنة الطبية العامة بالهرم بتقريرها المؤرخ 28/ 1/ 1996 أن الإصابة تخلف عنها بتر كامل للزراع الأيسر فى الكتف، واستقرت الحالة بنسبة عجز مستديم 80%، وقد طالب الهيئة القومية للتأمين والمعاشات باحتساب إصابته إصابة عمل، ولكنها رفضت الأمر الذى حدا به إلى تقديم طلب إلى لجنة فض المنازعات بالهيئة، وقد انتهت اللجنة إلى عدم اطمئنانها إلى المستندات المقدمة منه، حيث ثبت أن توجيه يوم الاصابة كان لمصلحة شخصية وفقا لما جاء بمحضر الشرطة وأن المأمورية كان محررة بتاريخ 21/ 6/ 1991 وهو يوم جمعة، وبذلك تنتفى علاقة السببية ويتعذر احتساب الإصابة إصابة عمل.
وبجلسة 17/ 11/ 1993 حكمت المحكمة - قبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى للتحقيق ليثبت المدعى بكافة طرق الإثبات أن الإصابة التى حدثت له بتاريخ 26/ 6/ 1991 كانت أثناء وبسبب عمله بإدارة مدرسة الشرفا الإعدادية وعما إذا كان وجوده بهذا المكان الذى حدثت به تلك الاصابة
كان بسبب هذا العمل من عدمه - وبجلسة 2/ 2/ 1994 - استمعت المحكمة إلى شهادة كل من ....... و....... المدرسين بالمدرسة المذكورة، حيث شهدا بأن المدعى كان وقت الحادث متوجها إلى إدارة الصف التعليمية لإحضار استمارات بناء على تكليف من ناظر المدرسة، وبجلسة 20/ 4/ 1994 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الادارى بالقاهرة للاختصاص.
وعليه أحيلت الدعوى إلى المحكمة المذكورة، حيث قيدت بجدولها برقم 6889 لسنة 48ق، وبجلسة 10/ 3/ 1997 قضت بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوع، وأقامت قضاءها على أن الثابت بمحضر الضبط الذى حرر عن الواقعة، وطبقا لما قاله المدعى بهذا المحضر، أن الحادث وقع حال توجهه من محل اقامته بحلوان إلى إدارة الصف التعلمية لتقديم طلب لنقله، وبذلك تنتفى علاقة السببية بين الحادث وأداء العمل وبالتالى لا يسوغ اعتبار الإصابة التى حدثت للمدعى إصابة عمل.
لم يصادف هذا الحكم قبولا لدى الطاعن، فأقام الطعن الماثل، والذى شيد على مخالفة الحكم المطعون فيه القانون، وذلك لإهدار المستندات الرسمية التى تضمنتها الدعوى محل هذا الطعن، والتى تفيد أن الإصابة حدثت له أثناء توجهه إلى إدارة الصف التعليمية عقت إجازة العيد بناء على تكليف من إدارة مدرسة الشرفا التى يعمل بها يوم 21/ 6/ 1991، للسؤال عن استمارات الشهادة الاعدادية، وقد تأيد ذلك من أقوال الشهود أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، وقد تقدم بطلب نقل أثناء تنفيذ المهمة الرسمية، وهذا الطلب يتعلق بالعمل وتنظيمه، كما تأيد ذلك أيضا من كتاب مدير شئون العاملين ومدير إدارة الصف التعليمية المؤرخ 29/ 6/ 1991 والموجه إلى رئيس قسم الحوادث بالحوامدية، الذى يفيد بما تقدم.
ومن حيث إن المادة 5 من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أنه (فى تطبيق أحكام هذا القانون يقصد: ........
ه - بإصابة العمل: الإصابة بأحد الأمراض المهنية المبينة بالجدول رقم 1 المرافق - أو الإصابة نتيجة حادث وقع أثناء تأدية العمل أو بسببه ..... ويعتبر فى حكم ذلك كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو عودته منه بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى. و - بالمصاب: من أصيب باصابة عمل))
ومؤدى هذا النص أن قانون التأمين الاجتماعى شرع من أجل الرعاية الاجتماعية للمخاطبين بأحكامه، وقصد بالنص فيه على تأمين اصابات العمل حماية للعاملين من الخاطر التى يتعرضون لها أثناء العمل أو بسببه، وأنه تحقيقا لهذه الغاية اعتبر إصابة العمل كل حادث يقع للمؤمن عليه خلال فترة ذهابه لمباشرة عمله أو المهام التى يكلف به، أو عودته منه، شريطة أن يكون الذهاب والإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعى، والمقصود بالحادث فى هذا الصدد، هو وقوع فعل نتيجة قوة خارجة مفاجئة يمس جسم العامل ويحدث به ضرر، أى تكون ثمة علاقة سببية بين الفعل والضرر.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن يعمل مدرسا بمدرسة الشرفا الاعدادية، وقد كلف من إدارة المدرسة بالتوجه إلى إدارة الصف التعليمية التى تتبعها المدرسة عقب أجازة عيد الأضحى مباشرة للسؤال عن استمارات الشهادة الاعدادية، بموجب أمر التكليف المؤرخ 21/ 6/ 1991 وإبان توجهه من محل إقامته بحلوان إلى تلك الإدارة بتاريخ 26/ 6/ 1991 بناء على أمر التكليف المشار إليه اصطدمت سيارة نقل بسيارة الميكرباص التى كان يستقله، وقد أسفر هذا التصادم عن اصابته، حيث بتر زراعة الأيسر من الكتف وإذ أن هذه الإصابة قد حدثت للطاعن بفعل خارجى مفاجئ إبان تنفيذ المهمة المكلف بها - وكان سالكا الطريق الطبيعى ما بين محل اقامته بحلوان والإدارة التعليمية بالصف دون توقف أو تخلف أو انحراف، حيث أجدبت الأوراق مما يدحض هذا الأمر، ومن ثم تعتبر الإصابة التى حدثت له إصابة عمل وفقا لأحكام المادة 5 من قانون التأمين الاجتماعى المشار إليه.
ولا يقدح فى ذلك ما تضمنه محضر الشرطة رقم 2130 المحرر بتاريخ 26/ 6/ 1991 عن الحادث أن الطاعن كان ذاهبا إلى إدارة الصف التعليمية لأمر شخصى، وهو تقديم طلب لنقله، وفقا لما أفاد به المذكور بهذا المحضر، بذلك تنتفى علاقة السببية بين الحادث والإصابة، ذلك أن تقديم هذا الطلب لا ينفى أن الطاعن كان فى مهمة رسمية أصل، وأنه أزمع تقديم طلب النقل إبان تنفيذ هذه المهمة، فضلا عن أن هذا المحضر قد حرر يوم وقوع الحادث (26/ 6/ 1991) الساقة الثانية وخمسة وأربعون دقيقة بعد الظهر وذلك بعد خروج الطاعن من غرفة العمليات بمدة ساعة وربع، حيث أفادت مديرية الصحة بالجيزة بكتابها المؤرخ 10/ 4/ 1993 أن المذكور دخل غرفة العمليات الساعة الثانية عشر ظهر، وتم إجراء العملية الساعة الواحدة والنصف بعد الظهر، والمعروف فى مثل هذه الحالات أنه لا يجوز أخذ أقوال المريض إلا بعد حوالى ست ساعات ليكون قد أفاق من المخدر وبعد موافقة الطبيب المعالج، ويبين من ذلك أن الطاعن قد أخذ أقواله إبان وقوعه تحت تأثير المخدر، ولا مراء فى أنه قد أدلى بما تبادر إلى ذهنه من معلومات فى ظل حالته المرضية والنفسية، دون التوفيق فيما يقول، ودون أن يفطن إلى إعطاء هذه المعلومات كاملة، أو إلى جانب ذكره منه، الأمر الذى لا يعول معه على ما ورد بهذا المحضر.
هذا بالإضافة إلى ما جاء به الشاهد أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية من أن إصابة الطاعن كانت أثناء توجهه إلى إدارة الصف التعليمية بناء على التكليف الصادر له من ناظر مدرسة الشرفا التى يعمل به، كما أفاد بذلك أيضاً كتاب مدير تلك الإدارة المؤرخ 29/ 6/ 1991، وهو ما يؤكد أن إصابة المذكور هى إصابة عمل.
ولا ينال ما تقدم أن أمر تكليف الطاعن بأداء المهمة المشار إليها صدر يوم 21/ 6/ 91 فى حين أن الإصابة حدثت للمذكور يوم 26/ 6/ 1991، أى بعد انقضاء خمسة أيام على أمر التكليف ذلك أن الأمر صدر قبل إجازة عيد الأضحى، وقد قام المذكور بهذه المهمة عقب تلك الاجازة، وذلك وفقا لما ورد بأمر التكليف.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى غير هذا المذهب، حيث قضى برفض الدعوى، ومن ثم لم يصادف الواقع والقانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغاء هذا الحكم، وباعتبار إصابة الطاعن يوم 26/ 6/ 1991 إصابة عمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إنه عن المصروفات، فإنه لما كانت الهيئة القومية للتأمين المعاشات (المطعون ضدها الأولى) هى الجهة المنوط بها تنفيذ هذا الحكم، ومن ثم لا وجه لإلزامها بهذه المصروفات عملا بحكم المادة 137 من قانون التأمين الاجتماعى المشار إليه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباعتبار اصابة الطاعن يوم 26/ 6/ 1991 إصابة عمل، مع ما يترتب على ذلك من آثار.