أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 263

جلسة 23 من فبراير سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن على المغربى، و محمد صلاح الدين الرشيدى، وفاروق محمود سيف النصر، و إسماعيل محمود حفيظ.

(54)
الطعن رقم 8142 لسنة 45 القضائية

(1) قتل خطأ. خطأ. رابطة سببية.
تقدير الخطأ وتوافر رابطة السببية بينه وبين الإصابة. موضوعى
(2) حكم. تسبيبه. "تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع فى أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه. شرطه. أن يكون له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. تسبيبه. "تسبيب غير معيب. إثبات. "بوجه عام".
حدود سلطة المحكمة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى. أن لا تكون المسأله المطروحه من المسائل الفنية البحت التى لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها فيها.
(4) إثبات. شهود. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. تسبيبه. "تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتحقيق دفاع لم يثر أمامها. النعى عليها فى هذا الخصوص غير مقبول.
1 - إن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا ومستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها فى الأوراق.
2 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه ما دام له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى.
3 - الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ما دامت المسائل المطروحه ليست من المسائل الفنية البحت التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأى فيها.
4 - من المقرر أن محكمة ثانى درجة إنما تحكم فى الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه. ومن ثم فمتى كان محضر جلسة محكمة ثانى درجة قد خلا مما يفيد أن الطاعن أو المدافع عنه طلب من المحكمة سماع شهود الواقعة فإنه لا يجوز له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة المطعون ضده فى قضية الجنحة رقم 8547 سنة 1971 بأنه فى يوم 13 ديسمبر سنة 1971 بدائرة الساحل محافظة القاهرة تسبب خطأ فى موت ......، ولما كان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه واتباعه للقوانين واللوائح بأنه قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر دون أن يتنبه لخلو الطريق من المارة فاصطدم بالمجنى عليها وأحدث بها الإصابات الواردة بالتقرير الطبى والتى أودت بحياتها. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات وادعى ...... (الطاعن) مدنيا قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسون جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الساحل الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا (أولا) ببراءة المتهم. (ثانيا) وبرفض الدعوى المدنية وألزمت المدعى المدنى المصاريف. فاستأنف كل من النيابة العامة والمدعى بالحقوق المدنية الحكم وقيد إستئنافه برقم 306 سنة 1973. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت فى الدعوى حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعى المدنى بمصاريف دعواه المدنية عن الدرجة الثانية. فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد الطعن برقم 930 لسنة 44 القضائية، وقضى فيه بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الإبتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى وألزمت المطعون ضده المصاريف المدنية. أعيدت الدعوى ثانية إلى المحكمة المشار إليها وقضت فيها حضوريا بقبول الاستئنافين شكلا وبرفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المدعى بالحقوق المدنية المصاريف الاستئنافية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم للمرة الثانية وقدم الأستاذ ...... المحامى عنه تقريرا بأسباب الطعن فى التاريخ ذاته موقعا عليه منه.


المحكمة

حيث إن المدعى بالحقوق المدنية ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتأييد الحكم الإبتدائى ببراءة المطعون ضده من تهمة القتل الخطأ ورفض الدعوى المدنية قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، وذلك بأنه اعتبر مجرد عبور المجنى عليها للطريق المفتوح أمامها خطأ أدى لوقوع الحادث ولم يستظهر سلوك المطعون ضده أثناء قيادته السيارة وما إذا كانت الظروف والملابسات تسمح له بالاتجاه بعيدا عن المجنى عليها ومدى الحبطة والحذر اللذين كان فى مقدوره اتخاذهما ولم يوضح الأساس الفنى الذى استمدت منه المحكمة أن المجنى عليها كانت مسرعة والمعيار الذى اتخذه أساسا للموازنة بين خطأ المجنى عليها وخطأ المتهم وكان على المحكمة أن تستمع إلى شهود الواقعة لتستوضح هذه النقاط مما يعيب حكمها ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن سبب الحادث يرجع إلى خطأ المجنى عليها وحدها التى تسببت بإهمالها وتقصيرها فى حق نفسها فيما وقع لها إذ أنها لو انتظرت وهى السيدة التى تبلغ من العمر 45 عاما حتى تتأكد من خلو الطريق من السيارات لعبرت الطريق فى مأمن من الخطر ولكنها عبرت الطريق متسرعة دون أن تتأكد من خلوه من السيارات، كما نقل عن شاهد الواقعة أن المتهم استعمل الفرامل وآلة التنبيه وانحرف يسارا فى محاولة لمفاداتها إلا أنها اصطدمت بمؤخرة السيارة فحدثت إصاباتها التى أودت بحياتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر إن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه وتقدير توافر السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا ومستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها فى الأوراق لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة أن الخطأ كان فى جانب المجنى عليها وحدها التى عبرت الطريق بسرعة وظهرت أمام سيارة المطعون ضده الذى بذل ما فى وسعه لمفاداتها ولكنها اصطدمت بمؤخرة السيارة واطمأن فى ذلك أقوال شاهد الواقعة، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه ما دام له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى - وكان الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث ما دامت المسائل المطروحه ليست من المسائل الفنية البحت التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأى فيها فإن ما استخلصته المحكمة من عبور المجنى عليها الطريق بسرعة لا يحتاج إلى رأى فنى لتقريره لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة ثانى درجة إنما تحكم فى الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه، وكان محضر جلسة محكمة ثانى درجة خلوا مما يفيد أن الطاعن أو المدافع عنه طلب من المحكمة سماع شهود الواقعة فإنه لا يجوز له أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجرء تحقيق لم يطلب منها - لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بالمصاريف المدنية.