مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 287

(39)
جلسة 12 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى، ومحمود إبراهيم عطا الله، وسالم عبد الهادى محروس جمعه، ويحيى خصرى نوبى محمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 7353 لسنة 44 القضائية

عقد إدارى - مبدأ عدم جواز الدفع بعدم التنفيذ - تعديل العقد وأثره
لا يسوغ للمتعاقد مع جهة الإدارة أن يتمسك بالامتناع عن تنفيذ التزاماته العقدية بحجة أن جهة الإدارة المتعاقد امتنعت عن سداد مستحقاته عن الأعمال التى قام بتنفيذها أو تأخرت فى صرف المستخلصات فى المواعيد المتفق عليها - صرف دفعات تحت الحساب للمقاول أمر متروك لتقدير جهة الإدارة - عدم جواز تمسك المتعاقد بالتوقف عن العمل استنادا إلى تأخر جهة الإدارة فى صرف هذه الدفعات - قيام جهة الإدارة بتعديل العقد فى الحدود المنصوص عليها قانونا لا يخول المتعاقد الطلب فى التعويض - تجاوز هذه النسب يكون بموافقة المتعاقد - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الخميس الموافق 30/ 7/ 1998 أودعت الأستاذة ....... المحامية نيابة عن الطاعن بصفته تطبيقا لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل طالبا فى ختامه - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجددا برفض الدعوى رقم 1182 لسنة 43ق وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوع، وإلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 3/ 5/ 2000 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره أمامها جلسة 18/ 7/ 2000 ونظرت المحكمة الطعن فى تلك الجلسة والجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 12/ 12/ 2000، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن مورث المطعون ضدهم أقام الدعوى رقم 1182 لسنة 43ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 27/ 11/ 1988 طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع أولا: بصفة مستعجلة: بندب خبير تكون مهمته معاينة الأعمال التى نفذها المدعى لكل من معهد بحوث المحاصل الحقلية، ومعهد بحوث أمراض النبات، وتحديد هذه الأعمال وقيمة المستحق له عنها ومقداره وما صرف منها وتحديد المتسبب فى تأخير التنفيذ، وبالتالى عدم خصم غرامات التأخير أو غيرها من المدعى وتصفيه الحساب فى ضوء ذلك.
ثانيا: بإلزام جهة الإدارة المتعاقدة بأن تؤدى للمدعى باقى مستحقاته فى ضوء ما تسفر عنه تصفيه الحساب التى يجريها الخبير مع إلزامها برد مبلغ التأمين النهائى.
ثالثا: ألزام جهة الإدارة بأن تؤدى مبلغ عشرين ألف جنيه تعويضا له عما أصابه من أضرار مادية وأدبية والمصروفات.
وذلك تأسيسا على أنه رست عليه عملية تجديد وترميم مبنى الأرصاد التابع لمعهد بحوث المحاصيل الحقلية والتابع بدوره لمركز البحوث الزراعية بقيمة تقديرية 29020 جنيها. وقد اضطر إلى التوقف عن العمل بسبب قيام الجهة الإدارية بإعداد تعديلات فى المقايسة وإضافة أعمال أخرى لم تكن واردة بالمقايسة، فضلا عن تأخيرها فى صرف مستحقاته ثم قيامها بخصم 15% غرامات تأخير بدون وجه حق، وقد قام بتنفيذ جميع الاعمال الأصلية والإضافية، ورغم ذلك رفضت الجهة الإدارية صرف مستحقاته عن هذه العملية وكذا صرف التأمين النهائى المقدم منه عن هذه العملية وهو مبلغ 1451 جنيه، كما رست عليه عملية تعديل وترميم مبانى الفيروس والحبوب بقيمة تقديرية 31400 جنيها وأخلت الجهة الإدارية بالتزامها وذلك بالتأخير فى صرف مستحقاته دون مبرر ووقعت عليه غرامة تأخير دون مبرر ثم امتنعت عن صرف باقى مستحقاته عن العملية وقيمة التأمين النهائى المقدم عنه فى العملية وهو مبلغ 1570 جنيها.
وبجلسة 30/ 4/ 1989 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة فى الدعوى وبتاريخ 17/ 10/ 1990 قام ورثة المدعى المطعون ضدهم بتعجيل نظر الدعوى طالبين الحكم بالطلبات الموضحة بصحيفة الدعوى الأصلية.
وبجلسة 6/ 6/ 1993 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا بالنسبة للمدعى عليه الأول بصفته، وتمهيديا وقبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بشمال الجيزة ليعهد إلى خبير هندسى بأداء المأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم.
وقد باشر الخبير مأموريته وقدم عنها التقرير المرفق بالأوراق.
وبجلسة 31/ 5/ 1998 حكمت محكمة القضاء الإدارى بإلزام المدعى عليه الأول بصفته بأن يؤدى للمدعين مبلغا مقداره 6408.678 (ستة ألاف وأربعمائة وثمانية جنيها) يوزع بينهم حسب الأنصبة الشرعية والمصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس إن الثابت من تقرير الخبير المودع فى الدعوى والذى تطمئن إليه المحكمة إن أسباب تأخير مورث المطعون ضدهم فى تنفيذ العمليتين محل الدعوى يرجع إلى الجهة الإدارية وذلك لتأخيرها فى صرف المستخلصات الواجب أدائها له فى الميعاد طبقا لبنود العقد، وذلك لعدم وجود اعتماد مالى وأن ذلك التأخير تجاوز المدة المعقولة، فضلا عن التعديلات والأعمال الإضافية التى أسندت إلى المقاول، وعليه يكون القرار الصادر بسحب العمل منه صدر بالمخالفة للقانون ولا يترتب عليه ثمة أثر. الأمر الذى يوجب صرف مستحقاته لدى الجهة الإدارية وعدم الاعتداد بما فرض عليه من غرامة تأخير وأحقيته فى صرف التأمين النهائى عن كل من العميلتين وأضافت المحكمة إن الثابت من تقرير الخبير المودع إنه بعد إجراء تصفية حسابية بين ما تم صرفه للمذكور وما قام بتنفيذه من أعمال فى العمليتين يكون مستحق له مبلغا مقداره 1387.678 جنيها وذلك بخلاف قيمة التأمين النهائى عن العمليتين ومقداره 2021 جنيه فيكون المستحق لمورث المطعون ضدهم عن العمليتين هو مبلغ 4408.678 جنيها.
وبالنسبة لطلب التعويض قالت المحكمة أنه لما كان امتناع الجهة الإدارية عن أداء المبلغ سالف البيان لمورث المطعون ضدهم ترتب عليه إصابته بأضرار مادية تمثلت فى حرمانه من استثماره فى نشاطه التجارى وما فاته من كسب من جراء حبسه لدى الجهة الادارية، فضلا عما تكبده ورثته من إجراءات تقاضى، وتقدر التعويض الجابر لتلك الأضرار بمبلغ 2000 جنيها وعليه فأنه يتعين الحكم بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى لورثة المطعون ضده مبلغا مقداره 6408.678 جنيها يوزع بينهم حسب الأنصبة الشرعية.
وإذا لم يلق الحكم المطعون فيه قبولا لدى الطاعن فقد أقام عنه هذا الطعن الذى يبينه على مخالفة القانون والفساد فى الاستدلال للأسباب الآتية:
أولاً: إنه ليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم الطعين من إن أسباب تأخير مورث المطعون ضدهم فى تنفيذ العمليتين محل الدعوى يرجع لتأخر جهة الإدارة فى صرف المستخلصات وذلك لإنه بالاطلاع على العقدين محل النزاع يبين أنه لم يتضمنا أى شروط خاصة بالصرف وإنهما قد أحالا إلى القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية.
ثانياً: عدم صحة ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إن السبب فى التأخير فى التنفيذ يرجع أيضا إلى تكليف المقاول بأعمال إضافية ذلك لأن جهة الإدارة قد منحت للمقاول فى مقابل الأعمال الإضافية التى أسندت إليه مدة شهرين أخرين ثم وافقت على طلب المقاول بمنحه مدة إضافية تنتهى فى 30/ 6/ 1987 ورغم ذلك لم يقم بنهو الأعمال وحتى بعد التاريخ المحدد بطلبه شخصيا.
ثالثا: خالف الحكم المطعون فيه ما هو ثابت بالأوراق وكذا بتقرير الخبير من استحقاق جهة الإدارة مبلغ 5620.80 جنيها قيمة الأعمال التى تم تنفيذها على حساب المقاول مورث المطعون ضدهم ومن حيث إن الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن الجهة الطاعنة أسندت إلى مورث المطعون ضدهم عملية ترميمات وتجديدات مبنى الأرصاد الجوية بمعهد بحوث المحاصيل الزراعية وبتاريخ 18/ 12/ 1986 أصدرت أمر التشغيل رقم 18 لمقاول العملية متضمنا قبول العرض المقدم منه ومطالبته بموافاتها بقيمة التأمين النهائى والحضور لتوقيع العقد وأنه سيصير تسليمه القيمة حسب ما يرد من إدارة الهندسة المدنية من دفعات تحت العجز والزيادة، وبتاريخ 25/ 12/ 1986 تحرر عقد بين الطرفين التزم بمقتضاه المقاول بإجراء الأعمال طبقا للفئات المبينة بالقائمة المرفقة والبالغ قيمتها 29020 جنيها وإنه قام بسداد التأمين النهائى ومقداره 1451 جنيها ومدة تنفيذ العملية شهرين تبدأ من تاريخ إعلانه بالبدء فى العمل كما انفقا على أن تسرى على هذا العقد أحكام الشروط العمومية الخاصة بعطاءات ومناقصات الحكومة وأحكام لائحة الشروط العمومية الخاصة بالإدارة العامة للمبانى بوزارة الإسكان والمرافق.
كما وقع المقاول على إقرار غير مؤرخ أقر بمقتضاه أنه اطلع على المواصفات والاشتراطات الفنية وعلى جميع الرسومات الخاصة بهذه العملية. وبتاريخ 4/ 1/ 1987 استلم المقاول موقع العملية خاليا من أى عوائق واتفقا على أن هذا التاريخ بداية العمل ثم أسندت إلى مقاول العملية أعمال إضافية فتم الاتفاق على أن بداية العمل فى 4/ 3/ 1987 وصار ميعاد النهو المتفق عليه 3/ 5/ 1987 ثم اتفقا على مد ميعاد النهو إلى 30/ 6/ 1987 بناء على طلب المقاول إلا أنه لم يقم بنهو العمل فحررت مديرة الهندسة المدنية مذكرة للعرض على مدير إدارة معهد بحوث المحاصيل تضمنت إنه مضت مدة العملية وكذا المدة الإضافية ولم يقم المقاول بنهو الأعمال رغم إنذاره بسحب العمل منه أكثر من مرة ما لم يقم بنهو الأعمال ولم يستجب وبالمرور على موقع العمل وجد إن العمل متوقف نهائيا.
وبتاريخ 28/ 12/ 1987 تم إخطار المقاول للحضور إلى مقر المعهد يوم 7/ 1/ 1988 بخصوص العملية المذكورة، كما أنه تم إخطار المقاول بسحب العملية منه وتنفيذها على حسابه بكتاب المعهد رقم 340 فى 14/ 2/ 1988.
ومن حيث إن الجهة الطاعنة أعلنت أيضا عن مناقصة محلية (جلسة 1/ 12/ 1986) عن عملية إجراء تعديلات وترميمات بمبانى (قسم أمراض الحبوب - الفيروس - صوبة قسم أمراض الزينة) التابعة لمعهد بحوث أمراض النباتات) وبتاريخ 15/ 12/ 1986 تم إخطار مورث المطعون ضدهم بترسية هذه العملية عليه بقيمة إجمالية مقدارها 31400 جنيها وبتاريخ 23/ 12/ 1986 تحرر العقد رقم 3 لسنة 1986 بين الطرفين والذى تضمن أن مدة تنفيذ هذه العملية ستة أشهر تبدأ من تاريخ إعلانه بالبدء فى العمل واستلام الموقع.
وبتاريخ 1/ 1/ 1987 استلم المقاول موقع العملية خاليا من أى عوائق واعتبر هذا التاريخ بداية العمل وصار موعد النهو المتفق عليه هو 30/ 6/ 1987، أفادت مديرة الهندسة المدنية بمذكرتها المحررة فى 26/ 5/ 1987 بأن العمل يسير ببطء وبناء على ذلك تم توجيه إنذار إلى المقاول بكتاب المعهد رقم 3120 فى 26/ 5/ 1987 بالتنبيه عليه بالإسراع فى العمل والتنفيذ ونهو العملية فى الميعاد المحدد لها وإلا سيسحب العمل منه ويتم تنفيذه على حسابه تطبيقا للمادة 12 من القانون رقم 9 لسنة 1983 ثم إرسال إنذار ثان للمقاول بكتاب المعهد رقم 3225 فى 14/ 6/ 1987 متضمنا بأن الهندسة المدنية بالمعهد أفادت بأن العمل متوقف بمبنى الفيروس والحبوب والتنبيه عليه بسرعة الانتهاء من تنفيذ الأعمال الموكولة إليه قبل 30/ 6/ 1987 وإلا أنه سيتم سحب العمل منه. وبتاريخ 10/ 8/ 1987 تقدم المقاول بطلب لمنحه مهلة أضافية لاتمام الأعمال المسندة إليه. فقام المعهد بتشكيل لجنة لبحث هذا الطلب، فقررت تلك اللجنة بجلستها المنعقدة فى 21/ 10/ 1987 سحب العمل منه نظرا لتأخره الشديد مع سوء التنفيذ بدرجة واضحة وأن تقوم الهندسة المدنية بحصر تقييم الأعمال التى تمت وتحديد مدى جودتها وكذا عمل مقايسة للأعمال المتبقية لاعادة عرضها للتنفيذ على الحساب وبناءً على ذلك قام المعهد بإخطار المقاول بكتابة رقم 988 فى 2/ 11/ 1987 بسحب العمل منه وتنفيذ باقى العملية على حسابه كما أخطره المعهد بكتابه رقم 1061 فى 11/ 11/ 1987 بأنه تم تحديد يوم 15/ 12/ 1987 موعدا لحصر الأعمال التى تمت والتى لم تتم وكذلك جرد الأدوات والعدد والمواد المستخدمة ويطالبه بالحضور أو مندوب عنه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والمتعلق بعدم صحة ما ذهب إليه الحكم الطعين من أن سبب التأخير فى التنفيذ يرجع إلى تأخير جهة الإدارة فى صرف مستحقات المقاول لأن العقدين موضوع الدعوى لم يتضمنا شروطا خاصة بالصرف فإن هذا النعى فى محله ذلك أنه لا يسوغ للمتعاقد مع جهة الإدارة أن يتمسك بالامتناع عن تنفيذ التزاماته العقدية بحجة أن جهة الإدارة المتعاقدة قد امتنعت عن سداد مستحقاته عن الأعمال التى قام بتنفيذها أو تأخرت فى صرف المستخلصات فى المواعيد المتفق عليه، وذلك لأنه يرتبط بعقد إدارى يسهم فى تسيير أحد المرافق العامة وهو ما يتجافى طبيعته مع الدفع بعدم التنفيذ من جانب المتعاقد مع الإدارة، وإذ خلت أوراق الطعن من ثمة دليل يفيد إن العطائين المتقدمين من مورث المطعون ضدهما اقترفا بتحفظات قبلتها جهة الإدارة المتعاقدة بعد مفاوضته بشأنها وصارت جزء من العقد، واتفقا بمقتضاها على احتساب مدد التأخير فى صرف المستخلصات ضمن مدة تنفيذ العملية أو تعطيل العمل خلال مدد التوقف أو التأخير فى صرف المستخلصات ومن ثم فإنه لا يوجد مبرر لدى المقاول يمنحه الحق فى التوقف عن تنفيذ التزاماته ومن حيث أنه - علاوة على ما تقدم - فإن المادة 83 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزارة المالية رقم 157 لسنة 1983 تنص على أنه: "يجوز بموافقة الجهة الإدارية المتعاقدة وعلى مسئوليتها أن يصرف للمقاول دفعات تحت الحساب تبعا لتقدم العمل على النحو التالى:
(أ) بحد أقصى 95% من القيمة المقررة للأعمال التى تمت فعلا مطابقة للشروط والمواصفات وذلك من واقع الفئات الواردة بالجدول.
كما يجوز صرف ال5% نظير كتاب ضمان معتمد من أحد البنوك المحلية .......
(ب) بحد أقصى 75% من القيمة المقررة للمواد التى وردها المقاول ...... وللجهة الإدارية المتعاقدة الحق فى تنظيم الدفع للمقاول عن الأعمال التى تتم على نحو مغاير إذا اقتضت طبيعة الأعمال المسندة إليه ذلك ولها الحق فى عدم صرف الدفع إذا رأت أن تقدم العمل أو سلوك المقاول غير مرض (ج) ...... (د) ........
ومن حيث إن المستفاد من هذا النص أن صرف دفعات تحت الحساب للمقاول تبعا لتقدم العمل أمر متروك تقديره للجهة الإدارية المتعاقدة ما دام النص قد جاء بصيغة الجواز تاركا كيفية تحديد طريقة ومواعيد الدفع لتقدير جهة الإدارة حسبما تراه متفقا مع نوعية العمل المكلف به المتعاقد ومدى تقيده بالبرنامج الزمنى لتنفيذ العقد، ومحققا لصالح الإدارة وحافظا لحقوقها تجاه المتعاقد فى ضوء أشرافها عليه ومعاينة ما تم إنجازه من أعمال ومدى جودتها.
ومن حيث أنه متى كان الأمر فإنه لا وجه لما كان قد أثاره مورث المطعون ضدهم من أنه اشترط بكراسة عطائه صرف المبلغ المستحق له خلال يومين ومن تاريخ تقديم المستخلص، فإنه ولو بفرض ذلك، فإنه لا يجوز مع ذلك للمقاول أن يتوقف عن العمل استنادا إلى تأخر جهة الإدارة فى الوفاء بالأقساط أو إلى أى خطأ ينسب لجهة الإدارة المتعاقدة، وإنما يكون للمقاول فقط الحق فى المطالبة بالتعويض إن كان لذلك مقتضى، كما أنه لا صحة لما ذهب إليه الحكم الطعين من إن أسباب تأخير مورث المدعين (المطعون ضدهم) فى تنفيذ العمليتين محل الدعوى يرجع إلى الجهة الإدارية وذلك لتأخرها فى صرف المستخلصات الواجب أدائها له فى الميعاد المقرر طبقا لبنود العقد وذلك لعدم وجود اعتماد مالى وأن ذلك التأخير تجاوز المدة المعقولة ......." ذلك أن مثل هذه المخالفات إن وجدت لا تمس صحة العقد ولا نفاذه، فيكون ملزما لطرفيه ولا يعطى ذلك الحق للمتعاقد أن يتوقف عن العمل لأن العقود الإدارية التى تبرمها الإدارة مع الغير تنشأ علاقات فردية ذاتية وليست تنظيمية عامة وإن كانت تلك المخالفات تعرض المسئول عنها للمساءلة طبقا لنص المادة 13 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 سالف الذكر.
ومن حيث إنه - بالإضافة لكل ما تقدم - فإنه لا وجه لما جاء بعريضة دعوى مورث المطعون ضدهم - موضوع الطعن الماثل - من أن أسباب تأخيره فى تنفيذ عملية ترميمات وتجديدات مبنى الأرصاد الجوية أن جهة الإدارة لم تقم بتسليمه الرسومات الهندسية للبوابة والسلالم رغم أنه اشترط فى عطائه أن مدة العقد تبدأ من تاريخ استلامه تلك الرسومات، فإن هذا القول مردود عليه بأن الثابت من مطالعة العقد مثار النزاع الماثل والإقرار الموقع من مقاول العملية ومحضر استلام موقع العملية من أنه لم يرد فى تلك المستندات مثل هذا الشرط وتم الاتفاق فى محضر تسليم الموقع على أن بداية العمل تبدأ من تاريخ استلام الموقع فى 4/ 1/ 1987 (يراجع مستندات جهة الإدارة رقم (1) المودعة أمام محكمة أول درجة).
ومن حيث أنه عن السبب الثانى من أسباب الطعن والخاص بعدم صحة ما قضى به الحكم الطعين من أن السبب فى تأخير مورث المطعون ضدهم فى إنجاز الأعمال المسندة إليه يرجع أيضا لجهة الإدارة لإجراء التعديلات وإسناد أعمال أضافية لأن جهة الإدارة منحته مدد أضافية فإن هذا النعى سديد ذلك أن المادة 76 مكررا من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 المضافة بالقرار الوزارى رقم 234 لسنة 1984 أنشأت حقا للجهة الإدارية التى تسرى عليها أحكام هذه اللائحة تباشره أثناء تنفيذ العقود مقتضاه تعديل كميات أو حجم عقودها بالزيادة أو النقص فى حدود 15% من عقود التوريد بصفة عامة و30% فى عقود توريد الأغذية و25% فى عقود الأعمال بذات الشروط والأسعار ولا يملك المتعاقد إذا ما باشرت جهة الإدارة حقها هذا سوى الخضوع لطلب جهة الإدارة والالتزام بتنفيذه ودون أن يكون له الحق فى المطالبة بأى تعويض عن ذلك، إلا أنه - فى حدود هذا الحق المخول لجهة الإدارة المتعاقدة - فإنها مقيدة بالنسب المشار إليه، أما إذا رأت تجاوز هذه النسب، وإسناد أعمال إضافية تزيد عليها إلى المتعاقد معه، فإنه لا يلتزم بتنفيذ هذه الأعمال الإضافية إلا بموافقته.
ومن حيث أنه بتطبيق المبدأ المتقدم على واقعة النزاع فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق أن جهة الإدارة طلبت من مورث المطعون ضدهم - بالنسبة للعملية المسندة إليه بمبنى الأرصاد الجوية - التابع لمعهد بحوث المحاصيل الحقلية بموجب العقد المؤرخ 25/ 12/ 1986 - تنفيذ أعمال إضافية فى الكهرباء والأعمال المدنية تجاوز حجمها نسبة ال 25% من حجم العقد الأصلى حسبما جاء بتقرير الخبير المنتدب المرفق بالأوراق وأنه بتاريخ 4/ 3/ 1987 تم اعتماد المبالغ اللازمة لتنفيذ هذه الأعمال وقد بلغت 8000 جنيها بالنسبة لاعمال الكهرباء و7934 جنيها بالنسبة للأعمال المدنية بنود غير مدرجة، وتم منح المقاول مهلة أضافية لنهو هذه الأعمال مقدارها شهران، تبدأ بعد انتهاء موعد النهو المتفق عليه 4/ 3/ 1987 فصار موعد التسليم الابتدائى بتاريخ 3/ 5/ 1987 وقبل انتهاء هذا الميعاد طلبت جهة الإدارة من المقاول تنفيذ أعمال إضافية أخرى (يراجع مستند رقم 3 مرفق بحافظة مستندات الجهة الإدارية المشار إليها سالفا).
وقد قبل مورث المطعون ضدهم تنفيذ هذه الأعمال بدليل أنه تقدم بخطاب إلى جهة الإدارة محرر فى 3/ 3/ 1997 - واستلمته جهة الإدارة فى 4/ 3/ 1987 (متضمنا أنه توقف عن العمل لمطالبته بتنفيذ بقض التعديلات والأعمال الإضافية وزيادة بنود، وهى متداخلة مع الأعمال الأساسية وأنه لم يستلم أمر شغل بها - حتى تاريخه، طالبا الإسراع فى استصدار أمر الشغل حتى يتمكن من استئناف العمل ومنحه مدة أضافية زيادة على مدة العقد.
كما تقدم بطلب مؤرخ فى 29/ 3/ 1987 لجهة الإدارة مطالبا تسليمه أمر الشغل الخاص بالأعمال الإضافية المتداخلة مع الأعمال الأساسية (يراجع حافظة مورث المطعون ضدهم رقم 1 المودعة أمام محكمة أول درجة).
وقد وافقت جهة الإدارة على منحه مهلة إضافية حتى 30/ 6/ 1987 بناء على طلبه، لاستكمال الأعمال الإضافية.
ومن حيث إنه متى ثبت أن مورث المطعون ضدهم لم يقم بتنفيذ الأعمال الأصلية والإضافية المسندة إليه بموجب العقد المذكور قبل ميعاد النهو المتفق عليه فى 30/ 6/ 1987 حتى تم سحب العمل منه وتنفيذه - على حسابه فى 29/ 2/ 1988 وقد بلغت مدة التأخير فى هذه العملية 8 شهور. كما ثبت أن مورث المطعون ضدهم لم يقم بإنهاء الأعمال المسندة إليه فى العملية الخاصة بمعهد بحوث أمراض النباتات بموجب العقد رقم 1 لسنة 1986 فى 23/ 11/ 1986 قبل ميعاد التسليم الابتدائى المتفق عليه فى 30/ 6/ 1987 وحتى 2/ 11/ 1987 تاريخ سحب العملية منه وتنفيذها على حسابه وقد بلغت مدة التأخير 12 يوم و4 أشهر وأنه كان قد تسبب من جانبه فى تأخير إنهاء العمل لتوقفه عن التنفيذ بغير مبرر طبقا لما سلف بيانه، وكان يجب عليه الاستمرار فى التنفيذ ومن ثم يكون سحب العمل منه قد صدر صحيح، وبالتالى تكون مطالبة مورث المطعون ضدهم بعدم توقيع غرامة التأخير عليه وصرف باقى مستحقاته وبتعويضه بمبلغ عشرين ألف جنيه عما أصابه من أضرار مادية وأدبية من جراء قرار سحب العمل منه لا سند لها من الواقع والقانون، مما يتعين معه القضاء برفض دعواه موضوع الطعن الماثل.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد جانب الصواب فى قضائه، وأخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله، الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه والحكم برفض الدعوى.
ومن حيث إن من - خسر الدعوى، يلتزم بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.