مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 301

(40)
جلسة 13 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وسامى محمد أحمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز إبراهيم أبو العزم، ومصطفى محمد عبد المعطى أبو عيشة نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4393 لسنة 42 القضائية

أملاك دولة خاصة - ماهية السند القانونى لوضع اليد.
المادة 970 مدنى، المادة 26، 31 من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979.
منازعة واضع اليد على أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة يجب أن تستوى على سند من القانون يدرأ صفة التعدى - تخلف ذلك - يعد تعديا عليها يحق إزالته إدارى، لا يكفى لقيام هذا السند القانونى لوضع اليد المشروع مجرد وجود وعد بالتعاقد أو اتخاذ إجراءات ممهدة له - أساس ذلك - أن الوعد بالتعاقد لا يقوم مقام العقد الموعود بإبرامه إلا إذا صدر بذلك حكم قضائى حائز لقوة الشيء المقضى به - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الأحد الموافق 2/ 6/ 1996، أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 4393 لسنة 42ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 9964 لسنة 1ق بجلسة 6/ 4/ 1996 القاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزام جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة بتقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة وفى الموضوع بإلغائه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار الطعين وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (بالمحكمة الإدارية العليا) جلسة 3/ 1/ 2000 حيث قررت إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 3/ 10/ 2000 وقد تداولت المحكمة نظره على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى وأضاعه الشكلية المقررة قانونا.
وومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدهما أقاما دعواهما بطلب الحكم بوقف تنفيذ والغاء القرار رقم 11 لسنة 1990 فيما تضمنه من إزالة التعدى الواقع منهما على أرض مملوكة للدولة وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعيان شرحا للدعوى بأنهما يضعان اليد على مساحة 175 مترا كائنة بزمام مدينة سرس الليان بحوض داير الناحية رقم 19 قطعة رقم 316 وذلك خلفا عن مورثهم ثم قامت الدولة بردمها ضمن مشروع ردم البرك، وأعلنت ممثلة فى إدارة أملاك الدولة الخاصة بالمنوفية عن عزمها بيع هذه القطع لواضعى اليد عليها فتقدما لشرائها ووافقت إدارة الوحدة المحلية والمجلس الشعبى المحلى على ذلك بجلسة 29/ 4/ 1989 كما وافقت ادارة الأملاك على هذا البيع إلا أن رئيس مجلس مدينة سرس الليان رفض الموافقة على الطلب رغم موافقته للآخرين من واضعى اليد على قطعة أخرى وأصدر القرار الطعين بإزالة تعديهما على قطعة الأرض المذكورة.
ونعى المدعيان على القرار خالفته للقانون وصدوره من سلطة غير متخصصة بعد أن وفقت الجهات المعنية على عملية البيع، وخلصا من ذلك إلى طلباتها المتقدمة.
وبجلسة 9/ 4/ 1996 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت جهة الإدارة أو الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على سند من أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس الوحدة المحلية لمدينة سرس الليان وقد خلت ديباجة القرار من الإشارة إلى قرار المحافظ المختص بوجود تفويض لمصدر القرار بذلك وإقتصرت الديباجة على الإشارة إلى أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلى وإلى كتب دورية صدرت عن وزارة الإسكان والحكم المحلى رغم أن القانون رقم 52 لسنة 1975 ألغيت أحكامه بصدور القانون رقم 43 لسنة 1979 الذى ناط بالمحافظ سلطة إصدر قرارات إزالة التعدى على أملاك الدولة العامة والخاصة.
وأضاف الحكم بأنه نظرا لخلو القرار من ثمة تفويض لرئيس مدينة سرس الليان بمباشرة اختصاصات المحافظ المنصوص عليها بالقانون رقم 43/ 1979 فمن ثم يكون القرار الطعين قد صدر بحسب الظاهر من الأوراق من سلطة غير مختصة مخالفا لذلك أحكام القانون مما يجعله مرجح الإلغاء عند الفصل فيه ويتوافر بذلك ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار إلى جانب تحقق ركن الإستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى الحرمان من الإنتفاع بأرض النزاع.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السابق.
وومن حيث إن هذا القضاء لم يلق قبولا من الجهة الإدارية فقد طعنت عليه بطعنها الماثل تأسيساً على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه ذلك لأن المطعون ضدهما قد ثبت تعديهما على أرض غير مملوكة لهما بموجب إقرارهما وتقديمهما بطلب شرائه، وأن هذه الأرض تعد من أملاك الدولة الخاصة التى لا يجوز كسب أى حق عينى عليها وأن المشرع بسط حمايته عليها بتقريره حظر التعدى عليها وتخويل السلطة المختصة حق إزالته إدارى، وعلى ذلك يكون القرار المطعون فيه صدر صحيحا متفقا مع حكم المادتين 26، 31 من قانون الإدارة المحلية رقم 43/ 1979 بما لا يجوز معه النيل منه أو الطعن عليه.
واختتمت الجهة الإدارية عريضة طعنها بالحكم لها بطالباتها المتقدمة.
وومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدأ المشروعية فوجب على القضاء الإدارى ألا يوقف قرارا إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين الأول: قيام الإستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركه، والثانى: يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون إدعاء الطلب فى هذا الشأن قائما على أسباب جديرة، وكلا الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة القضاء الإدارى وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بركن الجدية فإن المادة (970) من القانون المدنى تنص على أنه "...... ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو الأشخاص الإعتبارية العامة أو كسب أى حق عينى على هذه الأموال بالتقادم". br> وتنص المادة (26) من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43/ 1979 على أنه "..... وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة لحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى".
كما تنص المادة (31) على أنه "للمحافظ أن يفوض بعض سلطاته وإختصاصاته إلى مساعديه أو سكرتير عام المحافظة أو السكرتير العام والمساعد أو إلى رؤساء المصالح أو رؤساء الوحدات الأخرى".
ومفاد ذلك أن المشرع أضفى حماية على أملاك الدولة العامة والخاصة، وكذلك الأشخاص الإعتبارية العامة بحيث لا يجوز تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، أعطى للوزير المختص حق الإزالة فى حالة وجود أية تعديات عليه، كما جعل للسلطات المحلية ممثلة فى المحافظ حق اتخاذ جميع الإجراءات التى تكفل حماية هذه الأموال والمحافظة عليها وأجاز له تفويض مساعديه من السلطات المحلية المحددة بنص المادة (71) فى القيام بهذا الواجب خاصة إذا ما تجرد واضع اليد من وجود سند قانونى لوضع يده.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن وضع اليد على أرض مملوكة للدولة ملكية خاصة يجب أن يستوى على سند من القانون ويدرأ عنه صفة التعدى وإلا شكل تعديا عليها وحقت إزالته إداريا ولا يكفى لقيام هذا السند القانونى لوضع اليد المشروع مجرد - وجود وعد بالتعاقد أو إتخاذ إجراءات ممهدة له حيث إن الوعد بالتعاقد لا يقوم مقام العقد الموعود بإبرامه إلا إذا صدر بذلك حكم قضائى حائز لقوة الشئ المقضى به.
وولما كان الثابت بالأوراق أن محافظ المنوفية أصدر القرار رقم 12 لسنة 1987 بتشكيل لجنة حالات التعدى على أملاك الدولة، وقد أستقر البحث عن أن المطعون ضدهما يضعان اليد على مساحة 116.69 م2، 175.3م2 من أرض البرك المردومة ضمن المشروع الذى قامت به المحافظة وأصبحت فى حكم الأرض الفضاء بزمام مدينة سرس الليان حوض داير الناحية قطعة رقم 316 وقد رأت اللجنة عدم التصرف ببيع هذه المساحة لحاجة الوحدة المحلية لها لأغراض المنفعة العامة مع إزالة التعدى الواقع عليه، ووقع أعضاء اللجنة ورئيسها على المحضر ثم اعتمده المحافظ، ومن ثم يكون المحافظ هو السلطة التى قررت عدم البيع وكذلك إزالة التعدى بموجب تأشيرته على المحضر المذكور طبقاً للتكييف الصحيح لمرامى الدعوى وتحديدا للمقصد الحقيقى منه، ويضحى قرار رئيس مدينة سرس الليان إجراءً تنفيذياً للقرار السابق، ويؤكد ذلك ما ورد فى ديباجة القرار من إشارة إلى محضر لجنة التعديات المؤرخ فى 16/ 9/ 1989 وإعتماد المحافظ له بكافة عناصره التى من بينها إزالة التعدى مما يجعل قرار الإزالة صدر صحيحاً متفقاً مع حكم القانون لا ينال منه تلك العيوب التى لحقت بديباجة قرار رئيس المدينة بإعتباره أمرا تنفيذيا لا يمس من صحة وسلامة القرار الأول الصادر بإعتباره السلطة المختصة طبقاً لقانون الإدارة المحلية المشار إليه.
ومن حيث إنه بما تقدم يكون قد تخلف ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لصحة وسلامة القرار الطعين، وبالتالى يكون الطلب قد إفتقد أحد ركنيه اللازمين لقيامه عليهما مما يتعين معه رفض طلب وقف التنفيذ دون حاجة لبحث مدى تحقق ركن الإستعجال لعدم الحاجة إليه.br> وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين القضاء بإلغائه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

ففلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكل، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.