أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 283

جلسة أول مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار حسن على المغربى، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدى، وقصدى إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر، ومحمد صفوت القاضى.

(60)
الطعن رقم 1876 لسنة 45 القضائية

(1) نصب. جريمة. "أركانها". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيه. تسبيب غير معيب"، انتحال صفة غير صحيحة. كفايته وحده لقيام ركن الاحتيال. فى جريمة النصب.مثال.
(2) إثبات. "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل".
العبرة فى المحاكمات الجنائية. باقتناع القاضى. إلا إذا قيده القانون بدليل معين.
إثبات جريمة النصب. بكافة طرق الإثبات.
الأخذ بأقوال المجنى عليه. مؤداه. إطراح جميع الأعتبارات التى ساقها الدفاع لعدم الأخذ بها.
(3) نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد أسباب الطعن. ووضوحها. شرط لقبولها.
1 - من المقرر أن من ادعى كذبا الوكالة عن شخص واستولى بذلك على مال له يعد مرتبكا الفعل المكون لجريمة النصب، إذ أن انتحال صفة غير صحيحة يكفى لقيام ركن الاحتيال، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن إتخاذه كذبا صفة الوكالة عن زوج المجنى عليها وتوصل بذلك إلى الاستيلاء على المبلغ موضوع الجريمة، فإنه إذ دانه بجريمة النصب يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله.
2 - من المقرر أن الأصل فى المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائى لم يجعل لإثبات جريمة النصب طريقا خاصا، وكان الحكم المطعون فيه قد عول على أقوال المجنى عليها فى ثبوت الاتهام وتوافر أركان جريمة النصب، وكان تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع وأن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجنى عليها مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، وإذ كان الطاعن لم يكشف فى طعنه ماهية الدفاع الذى ينعى على الحكم إعراضه عنه بل أرسل القول عنه إرسالا، فإن ما يثيره فى هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما وآخر منذ أربعين يوما سابقة على يوم 5 ديسمبر سنة 1973 بدائرة قسم مطروح محافظة الإسكندرية. (أولا) المتهمان توصلا إلى الاستيلاء على مبلغ 65 ج ...... وكان ذلك بالاحتيال لسلب مالها بأن أوهماها بواقعة مزورة وهى ضرورة توكيل محام عن زوجها المحبوس احتياطيا وقررا لها أنه حكم عليه بالسجن خمس سنوات رغم أنه لم يطلب ذلك، فسلمتهم المبلغ المشار إليه على هذا الأساس. (ثانيا) (المتهم الأول) اختلس 45 قرشا والبطاقة العائلية المبينين بالمحضر والمملوكة ...... والمسلمين إليه بصفته وكيلا عنه لتوصيلها لزوجته فاختلسها لنفسه إضرارا به. وطلبت عقابه بالمواد 336/ 1 و341 من قانون العقوبات. ومحكمة مرسى مطروح الجزئية قضت فى الدعوى حضوريا عملا بمادتى الاتهام بحبس المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لكل منهما لوقف التنفيذ وبحبس المتهم الأول أيضا شهرا واحدا مع الشغل وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهمان الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتهمة الأولى بحبس كل من المتهمين شهرا مع الشغل وإلغائه فيما قضى به بالنسبة للتهمة الثانية المسندة للأول وبراءته منها. فطعن المحامى عن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض. وقدم تقريرا بالأسباب موقعا عليه منه.


المحكمة

(أولا) بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الثانى .....
من حيث أن الأستاذ ...... المحامى قرر نيابة عن المحكوم عليه "الطاعن" بالطعن فى الحكم المطعون فيه وقدم توكيلا ليس فيه ما يفيد أن الطاعن وكله للتقرير بالطعن فى الأحكام بطريق النقض، ولما كان الطعن بطريق النقض حقا شخصيا لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه بحسب ما يبدو له من المصلحة فليس لأحد أن يتحدث عنه فى هذا الحق إلا بإذنه،وعلى هذا يجب أن يكون إظهار الرغبة فى هذا الطعن بالتقرير به فى قلم الكتاب حاصلا إما بمعرفة صاحب الشأن شخصيا أو بمعرفة من يوكله عنه لهذا الغرض. لما كان ذلك، وكان التوكيل المقدم من المحامى الذى قرر بالطعن لا يتضمن توكيله فى الطعن بطريق النقض نيابة عن الطاعن، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا لتقديمه من غير ذى صفة.
(ثانيا) بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن الأول ......
من حيث إن هذا الطعن قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة النصب قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه فساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع، ذلك أن ما وقع من الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين على فرض حصوله من أنهم توجهوا إلى منزل المجنى عليها وأبلغوها أن زوجها قضى بحبسه خمس سنوات وقد طلب منهم توكيل محام للدفاع عنه وقدموا إليها بطاقته فسلمهم مبلغا من المال، كل ذلك لا يكفى لقيام ركن الاحتيال كما عول الحكم فى إدانته على رواية المجنى عليها وحدها بالرغم من خلو الأوراق مما يساندها ولم يعن بالرد على دفاع الطاعن الوارد بمذكرته المقدمة لمحكمة ثانى درجة.
وحيث إن الحكم المطعون حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن وآخرين أوهموا المجنى عليها بأن زوجها وكلهم فى الحصول منها على مبلغ من المال للاستعانة بمحام للدفاع عنه فى جريمة حكم عليه فيها بالحبس خمس سنوات وقدم لها الطاعن بطاقة زوجها فانخدعت المجنى عليها بهذه الصفة وسلمته مبلغ خمسة وستين جنيها، لما كان ذلك. وكان من المقرر أن من ادعى كذبا الوكالة عن شخص واستولى بذلك على مال له يعد مرتكبا الفعل المكون لجريمة النصب، إذ أن انتحال صفة غير صحيحة يكفى وحده لقيام ركن الاحتيال، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن إتخاذه كذبا صفة الوكالة عن زوج المجنى عليها وتوصل بذلك إلى الاستيلاء على المبلغ موضوع الجريمة، فإنه إذ دانه بجريمة النصب يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل فى المحاكمات الجنائية، هو اقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أى دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائى لم يجعل لإثبات جريمة النصب طريقا خاصا، وكان الحكم المطعون فيه قد عول على أقوال المجنى عليها فى ثبوت الاتهام وتوافر أركان جريمة النصب، وكان من المقرر أن تقدير أدلة الدعوى من إطلاقات محكمة الموضوع وأن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجنى عليها مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك. وكان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة محددة، وإذ كان الطاعن لم يكشف فى طعنه ماهية الدفاع الذى ينعى على الحكم أعراضه عنه بل أرسل القول عنه ارسالا، فإن ما يثيره فى هذا الصدد لا يكون مقبولا، لما كان ما تقدم. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.