أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 288

جلسة 7 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمود الأسيوطى، وعادل محمد مرزوق، وأحمد جنينة، ومحمد وهبة.

(61)
الطعن رقم 1474 لسنة 45 القضائية

(1) إجراءات التحقيق. بطلان. إستدلالات. دفوع."الدفع ببطلان محضر الاستدلالات". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز الدفع ببطلان محضر الضبط. لأول مرة أمام النقض. لأنه من الإجراءات السابقة على المحاكمة.
إغفال محضر الضبط. بعض بيانات بطانة الشاهد. لا يعيبه.
(2) إثبات. "بوجه عام". "شهادة". "إعتراف". إعتراف. دعارة.
إثبات العادة. فى استعمال مكان للدعارة. ليس له طريق إثبات خاص. جواز الاستدلال فى هذا الصدد. بالاعتراف. أو بالشهادة.
(3) إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". جريمة. "أركانها". دعارة.
إستقلال قاضى الموضوعى فى إثبات العناصر وركن الاعتياد فى ممارسة الدعارة. ما دام لذلك ما يسوغه.
(4) إثبات. "شهادة". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
الأخذ بالشهادة. مفاده. إطراح جميع الاعتبارات المسوقة لعدم الأخذ بها. المجادلة فى ذلك أمام النقض. غير جائزة.
(5) تفتيش. "التفتيش بإذن".
تقدير جدية التحريات. منوط بسلطة التحقيق. تحت إشراف محكمة الموضوع.
1 - لما كانت الطاعنة لم تدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان الضبط فإن هذا الوجه من النعى يكون غير مقبول لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا فضلا عن أنه ليس فى إغفال إثبات محرر الضبط بعض بيانات البطاقة لا يكون له من وجه ولا يعتد به.
2 - إستقر قضاء محكمة النقض على أنه لا يلزم لثبوت العادة فى استعمال مكان لارتكاب الدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات، وأنه لا تثريب على المحكمة إذا ما عولت فى ذلك على شهادة الشهود واعتراف المتهم.
3 - أن إثبات العناصر الواقعية للجريمة وركن الاعتياد على ممارسة الدعارة هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه ما دام يقيمه على أسباب سائغة فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها "أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها"، ولا تجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية التى تخضع لتقديرها بغير معقب عليها.
5 - تقدير جدية التحريات متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا تجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة - وأخريات - بأنهما فى يوم 12 من أبريل سنة 1973 بدائرة قسم حدائق القبة (أولا) أدارت المكان المبين بالمحضر للدعارة بأن سمحت بارتكاب الدعارة به على النحو المبين بالأوراق (ثانيا) حرضت المتهمة الثالثة على ارتكاب الدعارة مع الرجال على النحو المبين بالأوراق. (ثالثا) سهلت دعارة المتهمات من الثانية إلى الخامسة بأن قدمتهن للرجال لارتكاب الدعارة حالة كون المتهمة الثانية لم تتجاوز من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية على النحو المبين بالأوراق (رابعا) استغلت بغاء المتهمات من الثانية إلى الخامسة. وطلبت معاقبتها بالمواد 1/ 1 و6/ 2 و8/ 1 و9/ ج و10 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961، ومحكمة الآداب الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهمة (الطاعنة) خمس سنوات مع الشغل والنفاذ وتغريمها خمسمائة جنيه ووضعها تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ عقوبة الحبس وغلق المسكن المدار للدعارة ومصادرة الأمتعة والمنقولات والأثاث الموجودة به وقت الضبط. فاستأنفت ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهمة سنة واحدة مع الشغل وتغريمها مائة جنيه ووضعها تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة مع غلق المسكن ومصادرة الأمتعة والمنقولات الموجودة به. فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت أسباب موقعا عليها من ..... المحامى عنها .. إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجرائم إدارة محل للدعارة وتسهيلها لباقى المتهمات واستغلال بغائهن وتحريض المتهمة الثانية على ممارستها قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وتحريض المتهة الثانية على ممارسنها قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ فى القانون كما شابه قصور فى التسبيب، ذلك بأن محكمة محكمة ثانى درجة لم تسمع محرر المحضر وشاهد الإثبات على الرغم من تمسك الطاعنة بسماعهما أمامها وعدم إجابة محكمة أول درجة طلبها فى هذا الشأن. كما أن الحكم لم يستظهر توافر ركن العادة فى حق الطاعنة بالنسبة لجريمة إدارة محل الدعارة، وقد خلت الأوراق من سوابق خلقية للطاعنة فى هذا الصدد، ولا يكفى فى بيان هذا الركن ما استدل به الحكم عليه من أقوال شاهد الإثبات فى محضر الشرطة من سبق تردده على مسكن الطاعنة هذا إلى أن أقوال الشاهد لا تبعث على الثقة لصدورها عن شخص سيئ السمعة يتردد على منازل الدعارة فضلا عن كذب أقواله فيما قرره من أنه اعتاد التردد على مسكن الطاعنة عشرات المرات لارتكاب الفحشاء إذ أن موارده المالية لا تسمح بذلك وهو فى الواقع مجرد مرشد للشرطة. وقد تعمد محرر محضر جمع الاستدلالات إغفال إثبات الاطلاع على بطاقته العائلية وذكر جهة صدورها بما يحول دون إمكان الاهتداء إليه حتى لا ينكشف أمره بما يؤدى إلى بطلان محضره، ثم إن الحكم دان الطاعنة بجريمتى التحريض على الدعارة وتسهيل ممارستها على الرغم من عدم توافر أركانهما، كما أنه جاء قاصرا فى الرد على ما دفعت به الطاعنة من بطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التى بنى عليها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم إدارة محل للدعارة ومعاونة باقى المتهمات على ممارستها واستغلال بغائهن وتحريض المتهمة الثانية على ذلك والتى دان الطاعنة بها، وأورد على ثبوتها فى حقها أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن محضر الضبط ومن اعتراف المتهمات فيه بالتهم المسندة إليهن وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة محكمة الدرجة الأولى أن الدفاع عن الطاعنة لم يطلب سماع أيا من محرر المحضر أو شاهد الإثبات، وكانت محكمة ثانى درجة إنما تحكم فى الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوما لإجرائه ولا تلتزم إلا بسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة، وكانت الطاعنة قد عدت نازلة عن هذا الطلب بسكوتها عن التمسك به أمام محكمة أول درجة، فإن ما تنعاه الطاعنة فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان محضر الضبط فإن هذا الوجه من النعى يكون غير مقبول لما هو مقرر من أن الدفع ببطلان إجراء من الإجراءات السابقة على المحاكمة لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. هذا فضلا عن أنه ليس فى اغفال إثبات محرر محضر الضبط بعض بيانات البطاقة الخاصة بالشاهد ما يعيب محضره. ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة فى هذا الصدد لا يكون له من وجه ولا يعتد به. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أقام الحجة بما أورده من أسباب سائغة على مقارفة الطاعنة للجرائم المسندة إليها بما استخلصته من إقرارها فى محضر الضبط بإدارة مسكنها للدعارة وأنها تقدم النسوة اللاتى يتواجدن فى مسكنها لهذا الغرض للرجال الذين يترددون على المسكن فى أوقات متباينة لارتكاب الفحشاء لقاء أجر يتقاسمه معهن ومن اعتراف باقى المتهمات فى الدعوى بسبق ترددهن على مسكن الطاعنة لممارسة الدعارة لقاء أجر يتقاسمنه معها ومن اعترافهن بما أسند إليهن فى محضر الضبط ومن أقوال شاهد الإثبات الذى ضبط فى حالة اتصال جنسى مع المتهمة الثانية داخل إحدى حجرات المسكن، واستظهر ركن العادة بالنسبة إلى جريمة إدارة محل للدعارة من هذه العناصر مجتمعة وبما استخلصه من شهادة ذلك الشاهد من سابقة تردد عدة مرات على مسكن الطاعنة لارتكاب الفحشاء مع النسوة التى تقدمهن له لقاء أجر وهو استخلاص سائغ يؤدى إلى ما انتهى إليه من توافر ركن العادة فى جريمة إدارة الطاعنة مسكنها للدعارة. وكان قضاء هذا المحكمة قد استقر على أنه لا يلزم لثبوت العادة فى استعمال مكان لارتكاب الدعارة طريقة معينة من طرق الإثبات، وأنه لا تثريب على المحكمة إذا ما عولت فى ذلك على شهادة الشهود واعتراف المتهم، وكان إثبات العناصر الواقعية للجريمة وركن الاعتياد على ممارسة الدعارة هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه ما دام يقيمه على أسباب سائغة فإن ما تثيره الطاعنة فى هذا الصدد يكون غير سديد أما ما تثيره الطاعنة من نعى على الحكم لركونه إلى أقوال الشاهد رغم تجريحها إياها فمردود بأنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروك لتقدير محكمة الموضوع، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولا تجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض لكونه من الأمور الموضوعية التى تخضع لتقديرها بغير معقب عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعنة من بطلان إذن النيابة العامة بالتفتش لابتنائه على تحريات غير جدية فأطرحه مقرا النيابة على ما ارتأته من جديتها وصلاحيتها لإصداره، وكان تقدير جدية التحريات متروكا لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا تجوز المجادلة فى ذلك أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.