أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الأول - السنة التاسعة الأربعون - صـ 419

جلسة 17 من مايو سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحى الجمهودى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، خيرى فخرى، حسين نعمان نواب رئيس المحكمة وفتحى محمد حنضل.

(102)
الطعن رقم 2522 لسنة 62 القضائية

(1 - 4) عقد. التزام " سبب الالتزام". إثبات " عبء الإثبات " طرق الإثبات: البينة: القرائن". صورية " صورية سبب العقد". محكمة الموضوع.
(1) سبب الدين. اعتباره مشروعاً ولو لم يذكر فى سنده. ذكر السبب فى سند الدين. اعتباره السبب الحقيقى الذى قبل المدين الالتزام من أجله. إدعاء المدين عدم صحته أو صوريته. وجوب إقامته الدليل على ذلك. المادتان 136، 137 مدنى.
(2) الإدعاء بأن سبب الدين غير صحيح أو بصوريته. عدم جواز إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدنياً. وجود مانع أدبى يحول دون الحصول على دليل كتابى. أثره. جواز إثباته بكافة طرق الإثبات. م 63/ 1 إثبات.
(3) محكمة الموضوع. استقلالها بتقدير قيام المانع الأدبى من الحصول على دليل كتابى فى الأحوال التى يتطلب فيها القانون ذلك. رفضها لهذا الطلب. وجوب بيانها الأسباب التى تسوغ ذلك.
(4) السند الكتابى. لا يمنع قيام المانع الأدبى الذى يحول دون الحصول على دليل كتابى متى توافرت شروطه. تحقق هذا المانع. للمدين إثبات صورية سند المديونية بالبينة والقرائن.
1 - المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادتين 136، 137 من القانون المدنى أن المشرع قد وضع قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن الدين سبباً مشروعاً ولو لم يذكر هذا السبب فى سند الدين. فإن ذكر فإنه يعتبر السبب الحقيقى الذى قبل المدين أن يلتزم من أجله، وإن إدعى المدين أن السبب المذكور فى السند غير صحيح أو أنه سبب صورى كان عليه أن يقيم الدليل على ذلك.
2 - إن الإدعاء بأن السبب المذكور فى سند الدين غير صحيح أو أنه سبب صورى لا يجوز إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدنياً لأنه إدعاء بما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابى إلا أن إثباته يكون جائزاً بطرق الإثبات كافة إذا وجد مانع أدبى يحول دون الحصول على دليل كتابى عملاً بالمادة 63/ 1 من قانون الإثبات.
3 - إن كان تقدير قيام المانع الأدبى من الحصول على دليل كتابى فى الأحوال التى يتطلب فيها القانون ذلك هو من الأمور التى يستقل بها قاضى الموضوع إلا أنه فى حالة رفض هذا الطلب يتعين عليه أن يبين الأسباب التى تسوغ ذلك.
4 - إن وجود سند مكتوب لا يمنع من قيام المانع الأدبى الذى يحول دون الحصول على دليل كتابى إذا توافرت شروطه ومتى تحقق هذا المانع لدى المدين الذى يطعن على سند المديونية بالصورية فإنه يجوز إثبات ذلك بالبينة والقرائن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم .... لسنة .... مدنى شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 1000 جنيه قيمة السند الاذنى الصادر له منه بتاريخ 2/ 3/ 1990 قولاً منه إنه يداين الطاعن بالمبلغ المطالب به، وإذ طلب منه الوفاء به امتنع عن السداد فأقام الدعوى. بتاريخ 10/ 11/ 1991 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون عليه مبلغ 1000 جنيه، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا - مأمورية شبين الكوم - بالاستئناف رقم ..... سنة... ق وبتاريخ 4/ 2/ 1992 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن السند الإذنى موضوع التداعى صورى لا يمثل مديونية حقيقية، إذ حرره كضمان للتوقيع على قائمة منقولات جهاز زوجته ابنة المطعون عليه - على أن يرده إليه عقب ذلك، وقد تم تحرير هذه القائمة، ولما طالبه برد ذلك السند لانتهاء موجبه إدعى فقده ولقيام علاقه المصاهره بينهما لم يشأ الحصول على مخالصة منه وركن فى إثبات ذلك إلى ما جاء بأقوال كل من محرر صلب السند وشاهد آخر بتحقيقات الشكوى رقم 3663 سنة 1990 إدارى تلا فضلاً عن معاصرة تاريخ السند لتاريخ وثيقة زواجه من ابنة المطعون عليه، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع الجوهرى وقضى بإلزامه بقيمة هذا السند على ما ذهب إليه من أنه لا يجوز له إثبات عكس الثابت بالكتابة بغير الكتابة عملاًً بالمادة 60 من قانون الإثبات حال أن المادة 63/ 1 من ذات القانون تجيز ذلك متى تحقق قيام المانع الأدبى وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص المادتين 136، 137 من القانون المدنى أن المشرع قد وضع قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن الدين سبباً مشروعاً ولو لم يذكر هذا السبب فى سند الدين. فإن ذكر فإنه يعتبر السبب الحقيقى الذى قبل المدين أن يلتزم من أجله، وإن إدعى المدين أن السبب المذكور فى السند غير صحيح أو أنه سبب صورى كان عليه أن يقيم الدليل على ذلك - وأنه لئن كان هذا الإدعاء لا يجوز إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدنياً لأنه إدعاء بما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابى إلا أن إثباته يكون جائزاً بطرق الاثبات كافة إذا وجد مانع أدبى يحول دون الحصول على دليل كتابى عملاً بالمادة 63/ 1 من قانون الإثبات، وأنه وإن كان تقدير قيام المانع الأدبى من الحصول على دليل كتابى فى الأحوال التى يتطلب فيها القانون ذلك هو من الأمور التى يستقل بها قاضى الموضوع إلا أنه فى حالة رفض هذا الطلب يتعين عليه أن يبين الأسباب التى تسوغ ذلك، وإن وجود سند مكتوب لا يمنع من قيام المانع الأدبى الذى يحول دون الحصول على دليل كتابى إذا توافرت شروطه ومتى تحقق هذا المانع لدى المدين الذى يطعن على سند المديونية بالصورية فإنه يجوز إثبات ذلك بالبينة والقرائن. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعه الوارد بسبب النعى، وكان البين من الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائى أنه أطرح هذا الدفاع على قالة إن السند ذكر فيه سبب الدين بأن المبلغ تسلمه الطاعن فلا يجوز له أن يثبت ما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابى بغير الكتابة خاصة وأن المطعون عليه قد دفع بذلك وخلص إلى إلزامه بقيمة السند المذكور وكان هذا الذى أقام الحكم عليه قضاءه لا يصلح رداً على دفاع الطاعن، ذلك أن محكمة الموضوع متى تحقق لها قيام هذا المانع لدى الطاعن فإنه يجوز له إثبات صورية سبب الدين الوارد بالسند وأن اه سبباً آخر غيره بالبينة والقرائن عملاً بالمادة 63/ 1 آنفة الذكر وعلى ما سلف بيانه كما وأن أيضاً إثبات وفائه بهذا الالتزام الآخر المقابل الذى صدر سند الدين بسببه، وكانت محكمة الاستئناف بذلك قد حجبت نفسها عن إعمال سلطتها فى تقدير الظروف والملابسات التى ساقها الطاعن تدليلاً على قيام المانع الأدبى الذى تمسك به وحال بينه وبين الحصول على دليل كتابى ومدى صلاحيتها فى اعتبارها كذلك فان حكمها المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه.