أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 299

جلسة 7 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الاسيوطى، وأحمد جنينة، ومحمد وهبة، وأحمد طاهر خليل.

(63)
الطعن رقم 1898 لسنة 45 القضائية

(1 و2) كحول. رسم انتاج. تعويض. جريمة. "أركانها". إثبات. "بوجه عام" .حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
(1) مجرد إقرار المرء ببيعه زجاجات الخمور المضبوطة فى حوزة آخر. لا يدل بذاته على المساهمة بفعل إيجابى فى جريمة غشها. أو حيازتها دون أداء رسم الإنتاج والاستهلاك عنها.
(2) استقلال نص المادة 21 من القانون 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسوم الإنتاج والاستهلاك على الكحول - عن نص المادة 20 من ذات القانون. والمادة الأولى من القانون 238 لسنة 1952 فى شأن العقوبات التى توقع على المخالفات الخاصة بالإنتاج. قصد المشرع من المادة 21 المشار إليها. تعويض الخزانة عما ضاع عليها من الرسوم أو كان عرضة للضياع. وجوب بيان الحكم إعماله لها. وما إذا كان الرسم قد أمكن تقديره. أم تعذر ذلك. وإلا كان قاصرا.
1 - إن مجرد إقرار الطاعن بصحة صدور الفاتورتين اللتين تفيدان شراء المتهم الأول زجاجات الخمور المضبوطة والتى أورى تقرير المعامل أنها غير مطابقة للمواصفات لأن الدرجة الكحولية بها أقل من المقرر قانونا، لا يدل بذاته على مساهمة الطاعن بفعل إيجابى فى الأفعال المسندة إليه على أى صورة من صور المساهمة مع ما أثبت من ضبط هذه الخمور فى حوزة المتهم الأول ومخالفتها لأصل العينة المأخوذة من معمل الطاعن وقت انتاجها لا سيما وأن الحكم دان المتهم الأول لمقارفته جريمة غش هذه الخمور وعدم أداء رسم الانتاج عنها، كما أن الحكم لم يستظهر الحالة التى كانت عليها الزجاجات المحتوية على المواد الكحولية المباعة من الطاعن للمتهم الأول وما إذا كانت محكمة الغلق بحيث يتعذر العبث بمحتواها حتى يمكن الاستدلال عليه بمخالفة المواد الكحولية المعبأة بداخلها للمواصفات القانونية وأصل العينة، فإنه فضلا عما شابه من فساد فى الاستدلال يكون معيبا بالقصور فى البيان.
2 - نصت المادة الأولى من القانون رقم 238 لسنة 1952 فى شأن العقوبات التى توقع على المخالفات الخاصة بالإنتاج على أن "كل مخالفة للقوانين أو المراسيم الخاصة بالإنتاج أو اللوائح الصادرة بتنفيذها يعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع الجزاءات الأخرى المنصوص عليها. ثم صدر القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الإستهلاك على الكحول وأوجب فى المادة 20 منه الحكم فضلا عن العقوبات المنصوص عليها فى القانون رقم 328 لسنة 1952 - أداء الرسم الذى يكون مستحقا فى جميع الحالات ولو لم تضبط المنتجات مع المصادرة وغلق المعمل أو المصنع أو المحل على التفصيل المبين فى المادة المذكورة. ثم نصت المادة 21 من هذا القانون على أنه "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها فى المواد السابقة يجوز الحكم على المخالف بأداء تعويض للخزانة العامة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة وإذ تعذر معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بحيث لا يزيد على ألف جنيه وفى حالة العود خلال سنة يضاعف الحد الأقصى للتعويض" وهو نص خاص يستقل عن العقوبات الواردة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 والمادة 20 من القانون رقم 363 لسنة 1956سالفى الذكر، قصد به الشارع على ما هو ظاهر من عبارته تعويض الخزانة العامة عما ضاع عليها من الرسوم أو ما كان عرضة للضياع عليها بسبب مخالفة القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد قضى بالزام الطاعن مع المتهمين الأخيرين بأن يؤدى إلى وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى للجمارك مبلغ 810 ج و 249 م، دون أن يستظهر فى مدوناته مقدار الخمور المضبوطة ونسبة الكحول الصافى فيها ومقدار الرسم المستحق عليها، ولم يفصح إن كان المبلغ المحكوم به هو قدر الرسم المستحق على الكحول والذى أوجبت المادة 20 من القانون رقم 363 لسنة 1956 إلزام المخالف بأدائه، أو أن المحكمة أعملت الرخصة المنصوص عليها فى المادة 21 من هذا القانون، وفى الحالة الأخيرة لم يبين إن كان الرسم المستحق قد أمكن تقديره أم تعذر ذلك حتى يتضح مدى موافقة التعويض المقضى به للقيود القانونية المنظمة له، كما أن الحكم لم يبين دور الطاعن مع المتهمين الأخيرين والذى اقتضى منها الحكم عليهم جميعا بالمبلغ المحكوم به، الأمر الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم فإن ذلك كله مما يعيبه بالقصور ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن الأخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم فى يوم 28 سبتمبر سنة 1968 بدائرة قسم الموسكى عرضوا للبيع الكحول المضبوط مغشوشا على الوجه المبين بالمحضر. وطلبت معاقبتهم بالمواد 1 و12 و20 و22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 المعدل والمادة الأولى من القانون رقم 238 لسنة 1952 والمواد 1 و2/ 1 و6/ 1 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1966. وادعت مصلحة الجمارك مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 249 ج و 810 م. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح الموسكى الجزئية عدلت المحكمة وصف التهمة باضافة تهمة ثانية إلى المتهمين وهى أنهم فى الزمان والمكان سالفى الذكر حازوا كحولا لم يؤدوا عنه رسوم الانتاج والاستهلاك وأن المتهم الأول حاز مشروب الطافيا ثم قضت حضوريا اعتباريا للأول والثانى (الطاعن) وغيابيا للثالث عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم الأول شهرين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ وبحبس كل من المتهمين الثانى (الطاعن) والثالث شهرا واحدا مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ ومصادرة المواد المضبوطة وغلق محل المتهم الأول ومعمل المتهمين الثانى والثالث لمدة خمسة عشر يوما وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 249 ج و 810 م والمصاريف المدنية ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الشق المدنى من الحكم بالنفاذ المعجل بغير كفالة. استأنف المتهم الثانى (الطاعن) ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ..... المحامى عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة كحول لم يؤد عنه رسوم الإنتاج أو الاستهلاك وبإلزامه بأن يؤدى مع المتهمين الأخيرين لوزارة الخزانة مبلغ 249 ج و 810 م قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه استند فى إدانة الطاعن إلى أدلة قاصرة لا تحمل قضائه، كما لم يبين الأساس الذى أقام عليه قضاءه بالمبلغ المحكوم به فى الدعوى المدنية وعناصر هذا القضاء ومبرراته فضلا عن أنه قضى بمبالغ تزيد عما ادعته وزرة الخزانة قبل كل من المتهمين وحدة.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل واقعة الدعوى برر قضاءه بقوله: "وحيث إن التهم المسندة إلى المتهمين ثابتة فى حقهم فيما أثبت بمحضر ضبطها وفى ضبط الخمور فى حوزة المتهم الأول والمنسوب صدورها إلى كل منهما وفى مطابقة هذه الفواتير للبيانات الخاصة بالخمور المضبوطة وفيما كشف عنه تقرير المعامل من عدم مطابقة هذه الخمور لأصل العينات التى أخذت وقت الكسر فى إنتاج المتهمين الثانى والثالث لتلك العينات، وفى عدم تقديم المتهم الأول دليلا على شرائه الكميات التى لم يقدم عنها فواتير، وهى أمور جميعها تقطع بأن الخمور جميعها إنما كانت ناتج عمليات تمت دون إشراف مراقبة الانتاج وبالتالى لم يؤد عنها رسوم، وإلا لجاءت مطابقة لأصل العينات بالنسبة للمتهمين الثانى والثالث، ولتقدم المتهم الأول بدليل شرائه لتلك الخمور. هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الواقعة تنطوى على جريمة غش كشف عنها صراحة تقرير المعامل بالنسبة للعينات المقدم عنها فواتير من المتهمين الثانى والثالث لمخالفتها للمواصفات المقررة وبالنسبة للمتهم الأول لتخفيف بعضها بالماء، كما أن التهمة المسندة إلى المتهم الأول من عرضه مشروب الطافيا الممنوع تداوله للبيع ثابتة فى حقه من ضبطها بحوزته وفيما كشف عنه تقرير المعامل بخصوصها ومن ثم يتعين عقاب كل منهم بمواد الاتهام" ثم عرض للدعوى المدنية واقتصر فى تسبيب قضاءه فى خصوصها على قوله "وحيث أنه متى تقرر ما تقدم، وكانت المحكمة قد خلصت إلى ثبوت الجرم فى حق المتهمين جميعا فإن الدعوى المدنية تقوم على ما يحملها ويتعين إجابة المدعى بالحق المدنى إلى طلباته خاصة إذا روعى أن تلك التعويضات إنما هى تمثل تضمينات مدنية فضلا عن كونها جزاءات تأديبية تكمل العقوبات المقررة للجرائم الخاصة بهذا القانون مما يستتبع الحكم فى جميع الأحوال بها بلا ضرورة لدخول الخزانة فى الدعوى". لما كان ذلك، وكان مجرد إقرار الطاعن بصحة صدور الفاتورتين اللتين تفيدان شراء المتهم الأول منه زجاجات الخمور المضبوطة والتى أورى تقرير المعامل أنها غير مطابقة للمواصفات لأن الدرجة الكحولية بها أقل من المقرر قانونا، لا يدل بذاته على مساهمة الطاعن بفعل إيجابى فى الأفعال المسندة إليه على أى صورة من صور المساهمة مع ما أثبته الحكم من ضبط هذه الخمور فى حوزة المتهم الأول ومخالفتها لأصل العينة المأخوذة من معمل الطاعن وقت انتاجها لا سيما وأن الحكم دان المتهم الأول لمقارفته جريمة غش هذه الخمور وعدم أداء رسم الانتاج عنها، كما أن الحكم لم يسنظهر الحالة التى كانت عليها الزجاجات المحتوية على المواد الكحولية المباعة من الطاعن للمتهم الأول وما إذا كانت محكمة الغلق بحيث يتعذر العبث بمحتوياتها حتى يمكن الاستدلال عليه بمخالفة المواد الكحولية المعبأة بداخلها للمواصفات القانونية وأصل العينة، فإنه فضلا عما شابه من فساد فى الاستدلال يكون معيبا بالقصور فى البيان. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 238 لسنة 1952 فى شأن العقوبات التى توقع على المخالفات الخاصة بالإنتاج قد نصت على أن "كل مخالفة للقوانين أو المراسيم الخاصة بالإنتاج أو اللوائح الصادرة بتنفيذها يعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع الجزاءات الأخرى المنصوص عليها". ثم صدر القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسم الإنتاج أو الإستهلاك على الكحول وأوجب فى المادة 20 منه الحكم فضلا عن العقوبات المنصوص عليها فى القانون رقم 328 لسنة 1952 - أداء الرسم الذى يكون مستحقا فى جميع الحالات ولو لم تضبط المنتجات مع المصادرة وغلق المعمل أو المصنع أو المحل على التفصيل المبين فى المادة المذكورة. ثم نصت المادة 21 من هذا القانون على أنه "مع عدم الإخلال بالعقوبات المنصوص عليها فى المواد السابقة يجوز الحكم على المخالف بأداء تعويض للخزانة العامة لا يزيد على ثلاثة أمثال الرسوم المستحقة وإذ تعذر معرفة مقدار الرسم قدرت المحكمة التعويض بحيث لا يزيد على ألف جنيه وفى حالة العود خلال سنة يضاعف الحد الأقصى للتعويض" وهو نص خاص يستقل عن العقوبات الواردة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 والمادة 20 من القانون رقم 363 لسنة 1956سالفى الذكر قصد به الشارع على ما هو ظاهر من عبارته تعويض الخزانة العامة عما ضاع عليها من الرسوم أو ما كان عرضة للضياع عليها بسبب مخالفة القانون. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى الذى أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه قد قضى بالزام الطاعن مع المتهمين الآخرين بأن يؤدى إلى وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى للجمارك مبلغ 810 ج و249 م، دون أن يستظهر فى مدوناته مقدار الخمور المضبوطة ونسبة الكحول الصافى فيها ومقدار الرسم المستحق عليها، ولم يفصح إن كان المبلغ المحكوم به هو قدر الرسم المستحق على الكحول والذى أوجبت المادة 20 من القانون رقم 363 لسنة 1956 إلزام المخالف بأدائه، أو أن المحكمة أعملت الرخصة المنصوص عليها فى المادة 21 من هذا القانون، وفى الحالة الأخيرة لم يبين إن كان الرسم المستحق قد أمكن تقديره أم تعذر ذلك حتى يتضح مدى موافقة التعويض المقضى به للقيود القانونية المنظمة له، كما أن الحكم لم يبين دور الطاعن مع المتهمين الآخرين والذى اقتضى منها الحكم عليهم جميعا بالمبلغ المحكوم به، الأمر الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها بالحكم فإن ذلك كله مما يعيبه بالقصور ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن الأخرى.