أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 305

جلسة 14 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمود الاسيوطى، وعادل محمد مرزوق، ويعيش رشدى، ومحمد وهبة.

(64)
الطعن رقم 1907 لسنة 45 القضائية

(1، 2، 3) استدلالات. إثبات. "بوجه عام". شهادة. تحقيق. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". بطلان. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) خلو محضر جمع الاستدلالات. من مواجهة المتهم بغيره من المتهمين والشهود لا يبطله.
(2) عدم التزام المحكمة بإجراء تحقيق فى مذكرة مصرح بها. ما دام سبقه دفاع شفوى لم يبد فيه هذا الطلب.
(3) إشارة الحكم إلى ما طرأ على أقوال الشهود من إضافة فى تحقيق النيابة وما لم يطرأ. كفايته ردا على الإدعاء بعدم الالمام بأقوالهم فى النيابة.
اختلاف الشهود فى بعض تفصيلات أقوالهم. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة بما لا اختلاف فيه.
(4) إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". دعارة.
العبرة فى عقيدة المحكمة. بالمقاصد والمعانى. لا بالألفاظ والمبانى. مثال ؟
(5) حكم. "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل". إثبات. "قرينة".
تزيد الحكم. فيما لا أثر له فى منطقه ولا فى نتيجته. لا يؤثر فى سلامته. مثال على إشارة الحكم إلى السابق كدليل على المسلك الإجرامى.
(6) حكم. "بيانات حكم الإدانة".
أخذ الحكم بمواد الاتهام. التى أشار إليها فى مدوناته يتحقق به بيان نص القانون إلى حكم بموجبه.
1 - من المقرر أن خلو محضر جمع الاستدلالات من مواجهة المتهم بغيره من المتهمين أو الشهود لا يترتب عليه بطلانه، ومن ثم فإن الحكم إذ التزم هذا النظر يكون قد أصاب صحيح القانون بما يضحى معه تعييبه فيما اشتملت عليه أسبابه من تزيد فى هذا الصدد غير مجد.
2 - إن المحكمة ليست ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذى يبديه المتهم فى مذكرته المقدمة بعد حجز الدعوى للحكم - سواء بتصريح منها أو بغير تصريح - ما دام قد سبقها دفاعه الشفوى بجلسة المرافعة ولم يتمسك بهذا الطلب.
3 - إن ادعاء الطاعنة لا يبين من الحكم أن المحكمة قد ألمت بأقوال الشهود فى تحقيق النيابة العامة ينقضه ما ضمنه الحكم مدوناته - بعد تفصيل أقوال الشهود فى محضر جمع الاستدلالات - من إشارة إلى ما طرأ على هذه الأقوال من إضافة فى تحقيق النيابة وما لم يطرأ، هذا إلى أن الاختلاف فى بعض التفصيلات فى أقوال الشهود - بفرض حصوله - ولا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا اختلاف فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليها فى تكوين عقيدته.
4 - لما كان الثابت من المفردات المضمومة أن ما سجله الحكم من أنه ورد بمحضر التحريات المؤرخ 14 من أكتوبر سنة 1970 أن الطاعنة وزوجها يحتالان على إرسال الفتيات إلى الخارج لممارسة الدعارة تحت ستار العمل فى الشركات والمؤسسات له صداه فى محضر جمع الاستدلالات المؤرخ 18 من أكتوبر سنة 1970، أما عن الخطأ المادى فى ذكر تاريخ المحضر فلا يضيع أثر الدليل المستمد منه، كما وأن ما أورده الحكم من أقوال على لسان المتهمة..... له أصله الثابت فى الأوراق، وكان ما عبر به الحكم - فى مقام سرده أدلة الثبوت - بقوله من هذا الحشد من أقوال الفتيات اللاتى سئلن وكلهن إجماع على أن المتهمة - الطاعنة - هى الساعد الأيمن لزوجها...... "إنما كان ملحوظا فيه أن الشاهدة ........ والمتهمة ........ لا تدخلان ضمن هذا الحشد الذى يعنيه الحكم بدليل أنه لم يورد أولاهما البتة ضمن شهود الإثبات الذين بين أسماءهم بيان حصر وأورد أقوالهم قبل هذه العبارة مباشرة، وأنه وإن أسند إلى أخراهما القول بأن الطاعنة كانت ترافق الفتيات فى السفر، إلا أن قصده واضح فى أنه لم يستخلص الإدانة سوى من إجماع حشد الفتيات اللاتى شهدن بأن الطاعنة كانت الساعد الأيمن لزوجها فى إرسال الفتيات إلى الخارج لممارسة الدعارة دون غيرهن ممن أورد أقوالهن فى أدلة الثبوت التى عددها على سبيل الحصر، وإذ كان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعانى لا على الألفاظ والمبانى بما ينأى به الحكم عما تعيبه عليه الطاعنة من التردى فى إطلاق القول بإجماع الفتيات اللائى سئلن على ما خلص إليه فى حقها، فإنه تنحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الاسناد.
5 - إن ما أضافه الحكم كقرينة على سلوك الطاعنة الإجرامى، مما قال إن صحيفة سوابقها قد كشفت عنه، لا تعلق له بجوهر الأسباب التى اعتمد عليها فى قضائه بإدانتها ولا يعدو أن يكون تزيدا منه لا يؤثر فى سلامته طالما أنه لا أثر له فى منطقه ولا فى النتيجة التى انتهى إليها.
6 - متى كان الحكم لم يقتصر على الإشارة فى صلب مدوناته إلى مواد الاتهام التى طلبت النيابة العامة تطبيقها وإنما أورد فى عجزها عبارة - عملا بمواد الاتهام "تعقيبا على ما انتهى إليه من إدانة الطاعنة التى رفض استئنافها والمحكوم عليها الأخرى التى تلتها وألغى الحكم المستأنف فيما قضى به من براءتها، قاصدا من ذلك - وعلى ما يبين من سياقه - انصراف هذه العبارة إلى عقاب الاثنين معا وفى ذلك يحقق الإشارة إلى نص القانون الذى حكم بموجبه على الطاعنة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخرين بأنهم فى المدة السابقة على 2 مايو سنة 1972 داخل وخارج جمهورية مصر العربية (أولا) أقامت المجنى عليها (الطاعنة) وآخر هو .... بمساعدة النسوة المتهمات الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة والتاسعة عشرة والعشرين والثانية والعشرين والثالثة والثلاثين والسابعة والثلاثين والتاسعة والثلاثين والأربعين والحادية والأربعين والثانية والأربعين على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة مع علمها بذلك وكان ذلك بطريق الخداع على النحو المبين بالأوراق (ثانيا) قامت المحكوم عليها (الطاعنة) والمتهمان ..... و ..... بمساعدة نسوة من بينهن المتهمة .... على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة. وطلبت عقابهم بالمواد 2 و3 و6 من القانون رقم 10 لسنة 1961. ومحكمة الآداب الجزئية قضت بالنسبة للمتهمة (الطاعنة) حضوريا اعتباريا عملا بمواد الاتهام بالحبس مع الشغل لمدة خمس سنوات وكفالة خمسمائة جنيه وغرامة خمسمائة جنيه عن التهمتين المسندتين إليها. فاستأنفت المحكوم عليها (الطاعنة) هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها (الطاعنة) فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجرائم مساعدة أناث على مغادرة جمهورية مصر العربية للاشتغال بالدعارة وتسهيل ارتكابها لاأنثى واستغلال بغائها قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع وقصور فى التسبيب وخطأ فى الإسناد فضلا عما لحق به من بطلان. ذلك بأنه رفض الدفع ببطلان محضر جمع الاستدلالات لعدم مواجهة الطاعنة بالمتهمات وغيرهن من الشهود قولا منه بأنها كثيرا ما كانت على سفر فلم يتسن لمحرر المحضر إحضارها للمواجهة كما أن خلو المحضر من هذه المواجهة لا يترتب عليه بطلانه، مع أنه لم يثبت أن محرره قد طلب الطاعنة لإجراء المواجهة ومع أن الطاعنة لم تقف عند حد ذلك الدفع بل تمسكت فى مذكرة دفاعها - التى صرح لها بتقديمها بعد أن حجزت محكمة ثانى درجة الدعوى للحكم - بطلب مناقشة محرر المحضر والمتهمات وسائر الشهود الذين عينتهم ومواجهتها بهم فكان حتما على المحكمة الاستجابة إلى هذا الطلب بيد أنها لم تفعل رغم أن الطاعنة كانت قد طلبت أمام محكمة أول درجة مناقشة محرر المحضر ولم يجب طلبها لغيابها بعد ذلك. هذا إلى اقتصار الحكم على سرد روايات الشهود فى محضر جمع الاستدلالات دون أن يعنى بإيراد شئ من أقوالهم فى تحقيق النيابة العامة مع ما فيها من اختلاف أشار إليه الدفاع، الأمر الذى لا يبين منه أن المحكمة قد ألمت بها. كما أنه عول فى قضائه على أنه ورد بمحضر التحريات المؤرخ 14 من أكتوبر سنة 1970 أن الطاعنة وزوجها يحتالان على إرسال الفتيات إلى الخارج لممارسة الدعارة تحت ستار العمل فى الشركات والمؤسسات، مع أن المحضر المحرر فى ذلك التاريخ لم يرد به شيء من الفعل المذكور على الإطلاق. ثم إن الحكم نسب إلى المتهمة .... أقوالا لا سند لها فى الأوراق خلص منها إلى أن الطاعنة كانت الساعد الأيمن لزوجها فى ذلك الفعل. وأطلق القول بأن هذا الذى خلص إليه ثابت من إجماع أقوال الفتيات، كما استدل من هذه الأقوال على توافر القصد الجنائى فى حق الطاعنة، فى حين أن الثابت فى ملف الدعوى لا يفيد هذا الإجماع إذ لم تذكر الشاهدة ...... والمتهمة.... حين سئلتا أى شىء عن الطاعنة. وأضاف الحكم أن ما كشفت عنه صحيفة سوابق الطاعنة من العديد من الجرائم التى ارتكبتها يعد قرينة على سلوكها الإجرامى مع أن ما تضمنته الأوراق من سوابق لا يعدو أن يكون مجرد بيان لم تقره وليس صحيفة الحالة الجنائية، فضلا عن أن الحكم لم يبين نوع تلك الجرائم. وأخيرا فعلى الرغم من أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بأسباب الحكم المستأنف وإنما أنشأ لنفسه أسبابا جديدة فإنه لم يشر إلى نص القانون الذى حكم بموجبه على الطاعنة، ولا يغنى عن ذلك إشارته إلى مواد الاتهام التى طلبت النيابة العامة تطبيقها ما دام لم يفصح عن أن هذه المواد هى التى أخذت بها وعاقب الطاعنة بمقتضاها.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها فى حقها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن خلو محضر جمع الاستدلالات من مواجهة المتهم بغيره من المتهمين أو الشهود لا يترتب عليه بطلانه، ومن ثم فإن الحكم إذ التزم هذا النظر يكون قد أصاب صحيح القانون بما يضحى معه تعييبه فيما اشنملت عليه أسبابه من تزيد فى هذا الصدد غير مجد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة 27 من أبريل سنة 1974 التى حجزت فيها محكمة ثانى درجة الدعوى للحكم أن الحاضرة مع الطاعنة قد ترافعت دون أن تطلب أيهما استدعاء محرر المحضر أو أحد من المتهمات وسائر الشهود لمناقشته ومواجهة الطاعنة به، فإنه لا على المحكمة إذ هى لم تستجب إلى طلبها إعادة الدعوى إلى المرافعة لهذا الغرض، ذلك بأن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة طلب التحقيق الذى يبديه المتهم فى مذكرته المقدمة بعد حجز الدعوى للحكم - سواء بتصريح منها أو بغير تصريح - ما دام قد سبقها دفاعه الشفوى بجلسة المرافعة ولم يتمسك بهذا الطلب. لما كان ذلك، وكان ادعاء الطاعنة بأنه لا يبين من الحكم أن المحكمة قد ألمت بأقوال الشهود فى تحقيق النيابة العامة ينقضه ما ضمنه الحكم مدوناته - بعد تفصيل أقوال الشهود فى محضر جمع الاستدلالات - من إشارة إلى ما طرأ على هذه الأقوال من إضافة فى تحقيق النيابة وما لم يطرأ، هذا إلى أن الاختلاف فى بعض التفصيلات فى أقوال الشهود - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا اختلاف فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها فى تكوين عقيدته. لما كان ذلك، وكان الثابت من المفردات المضمومة أن ما سجله الحكم من أنه ورد بمحضر التحريات المؤرخ 14 من أكتوبر سنة 1970 أن الطاعنة وزوجها يحتالان على إرسال الفتيات إلى الخارج لممارسة الدعارة تحت ستار العمل فى الشركات والمؤسسات له صداه فى محضر جمع الاستدلالات المؤرخ 18 من أكتوبر سنة 1970، أما عن الخطأ المادى فى ذكر تاريخ المحضر فلا يضيع أثر الدليل المستمد منه، كما وأن ما أورده الحكم من أقوال على لسان المتهمة..... له أصله الثابت فى الأوراق، وكل ما عبر به الحكم - فى مقام سرده أدلة الثبوت - بقوله "من هذا الحشد من أقوال الفتيات اللاتى سئلن وكلهن إجماع على أن المتهمة - الطاعنة - هى الساعد الأيمن لزوجها..." إنما كان ملحوظا فيه أن الشاهدة..... والمتهمة... لا تدخلان ضمن هذا الحشد الذى يعنيه الحكم بالإجماع - بدليل أنه لم يورد أولاهما البتة ضمن شهود الإثبات الذين بين أسماءهم بيان حصر وأورد أقوالهم قبل هذه العبارة مباشرة وأنه وإن أسند إلى أخراهما القول بأن الطاعنة كانت ترافق الفتيات فى السفر إلا أن قصده واضح فى أنه لم يستخلص الإدانة سوى من إجماع حشد الفتيات اللاتى شهدن بأن الطاعنة كانت الساعد الأيمن لزوجها فى إرسال الفتيات إلى الخارج لممارسة الدعارة دون غيرهن ممن أورد أقوالهن فى أدلة الثبوت التى عددها على سبيل الحصر - وإذ كان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعانى لا على الألفاظ والمبانى بما ينأى به الحكم عما تعيبه عليه الطاعنة من التردى فى إطلاق القول بإجماع الفتيات اللائى سئلن على ما خلص إليه فى حقها، فإنه تنحسر عن الحكم قالة الخطأ فى الإسناد. لما كان ذلك، وكان ما أضافه الحكم كقرينة على سلوك الطاعنة الإجرامى، مما قال أن صحيفة سوابقها قد كشفت عنه، لا تعلق له بجوهر الأسباب التى اعتمد عليها فى قضائه بإدانتها ولا يعدو أن يكون تزيدا منه لا يؤثر فى سلامته طالما أنه لا أثر له فى منطقه ولا فى النتيجة التى انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يقتصر على الإشارة فى صلب مدوناته إلى مواد الاتهام التى طلبت النيابة العامة تطبيقها وإنما أورد فى عجزها عبارة "عملا بمواد الاتهام" تعقيبا على ما انتهى إليه من إدانة الطاعنة التى رفض استئنافها والمحكوم عليها الاخرى التى تلتها وألغى الحكم المستأنف فيما قضى به من براءتها، قاصدا من ذلك - وعلى ما يبين من سياقه - إنصراف هذه العبارة إلى عقاب الاثنين معا، وفى ذلك يحقق الإشارة إلى نص القانون الذى حكم بموجبه على الطاعنة - لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.