أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 231

جلسة 14 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمود الاسيوطى، ومحمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينة، ومحمد وهبة.

(65)
الطعن رقم 1908 لسنة 45 القضائية

(1، 2) إثبات "اعتراف". "شهادة" حكم. "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل"..تسبيبه "تسبيب غير معيب".
(1) تسمية الحكم الاقرار اعترافا. لا يعيبه. ما دام لم يعول عليه وحده.
(2) عدم التزام المحكمة بالإشارة إلى شهادة النفى. ما دامت لم تستند إليها.
مؤدى قضاء الإدانة: إطراح أقوال شهود النفى.
(3) إثبات "بوجه عام". مواد مخدرة. جريمة. "أركانها". محلات عامة.
إثبات الحكم فى حق الطاعن تقديمه أدوات. لبعض رواد مقهاه. لاستعمالها فى تدخين المخدرات. واستعمال هؤلاء لها بالفعل فى هذا الغرض. على مرأى منه تتحقق بها جريمة تسهيل تعاطى المخدرات.
(4) إرتباط. مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقديم توافر الارتباط بين الجرائم. موضوعى.
كفاية إثبات الحكم بما يسوغه. عدم قيام ارتباط بين تهمتى إحراز الطاعن مخدرات وتسهيل تعاطى مخدرات.
1 - إن خطأ المحكمة فى تسمية الإقرار إعترافا لا يقدح فى سلامة حكمها طالما أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانونى للاعتراف، فإن ما يثيره الطاعن بقالة الخطأ فى الاسناد لا يكون له محل.
2 - لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة فى أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، فإن منعى الطاعن فى هذا الخصوص غير مقبول.
3 - متى كان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه سمح لبعض رواد مقهاه بتدخين المخدرات فى "جوزة" دخان المعسل فى حضوره وتحت بصره وكان هذا الذى أثبته الحكم - بما ينطوى عليه من تحلل الطاعن من التزامه القانونى بمنع تعاطى المخدرات فى محله العام وتغاضيه عن قيام بعض رواد مقهاه بتدخين المخدرات تحت أنفه وبصره ثم تقديمه "جوزة" دخان المعسل لهم وهو على بصيرة من استخدامها فى هذا الغرض - تتوافر به فى حق الطاعن عناصر جريمة تسهيل تعاطى المخدرات كما هى معرفة فى القانون، فإنه لا محل لما يحاج به الطاعن من تخلف القصد الجنائى فيها.
4 - استقر قضاء محكمة النقض - على أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه فى المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم داله على توافر شروط انطباق هذه المادة، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها عن تحقيق الإرتباط بين الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، فإن الحكم يكون بمنأى عن الخطأ فى تطبيق القانون فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 4 سبتمبر سنة 1972 بدائرة مركز الواسطى محافظة بنى سويف (أولا) أحرز جوهرا مخدرا "حشيشا" بقصد الاتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. (ثانيا) حاز جوهرين مخدرين "أفيونا وحشيشا" بقصد الاتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. (ثالثا) سهل للغير تعاطى الحشيش فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضوريا (أولا) ببرءاة المتهم من التهمة الثانية المسندة إليه ومصادرة المخدرات المضبوطة. (ثانيا) بمعاقبته عملا بالمواد 1/ 1 و2 و35 و37 و38 و42 من القانون رقم 182 سنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 سنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق به والمادتين 17 و32/ 2 من قانون العقوبات بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدر المضبوط عن التهمة الأولى (ثالثا) بمعاقبته بالاشغال الشاقة المؤقتة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة الأدوات المضبوطة عن التهمة الثالثة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتى احراز جوهر مخدر وتسهيل تعاطى المخدرات، قد انطوى على خطأ فى الاسناد وشابه قصور فى التسبيب وخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه عول فى إدانته على ما أسنده إليه من اعتراف فى حين أنه أنكر ما نسب إليه فى جميع مراحل التحقيق. وأعرض عن أقوال شهود النفى. ودانه بجريمة تسهيل التعاطى مع عدم توافر القصد الجنائى فيها إذ لا شأن لارادته فيما قام به رواد مقهاه من تدخين المخدرات فى "جوزة" دخان المعسل المضبوطة فيه. هذا إلى أنه أوقع عليه عقوبة مسنقلة عن كل من الجريمتين دون اعمال نص المادة 22 من قانون العقوبات مع توافر شروط انطباقها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأقام عليهما فى حقه أدلة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من إقرار الطاعن أمام النيابة ومن أقوال شاهدى الإثبات ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان لا يبين مما أورده الحكم أنه نسب إلى الطاعن إعترافا بارتكاب الجريمة وإنما اقتصر على إقراره أمام النيابة باستعمال رواد مقهاه ما ضبط فيها من "جوزة" فى تدخين المخدرات تحت بصره وإذ كان هذا الذى حصله الحكم من إقرار الطاعن يتفق تماما مع ما يسلم به فى وجه الطعن، وكان خطأ المحكمة فى تسمية الإقرار اعترافا لا يقدح فى سلامة حكمها طالما أن الإقرار قد تضمن من الدلائل ما يعزز أدلة الدعوى الأخرى وما دامت المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانونى للاعتراف، فإن ما يثيره الطاعن بقالة الخطأ فى الاسناد لا يكون له محل. ولما كان لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها، وفى قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة فى أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، فإن منعى الطاعن فى هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه سمح لبعض رواد مقهاه بتدخين المخدرات فى "جوزة" دخان المعسل فى حضوره وتحت بصره وكان هذا الذى أثبته الحكم - بما ينطوى عليه من تحلل الطاعن من التزامه القانونى بمنع تعاطى المخدرات فى محله العام وتغاضيه عن قيام بعض رواد مقهاه بتدخين المخدرات تحت أنفه وبصره ثم تقديمه "جوزة" دخان المعسل لهم وهو على بصيرة من استخدامها فى هذا الغرض - تتوافر به فى حق الطاعن عناصر جريمة تسهيل تعاطى المخدرات كما هى معرفة فى القانون، فإنه لا محل لما يحاج به الطاعن من تخلف القصد الجنائى فيها. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة مستقرا على أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه فى المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها عن تحقيق الإرتباط بين الجريمتبن اللتين دان الطاعن بهما، فإن الحكم يكون بمنأى عن الخطأ فى تطبيق القانون فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.