أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 316

جلسة 15 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن على المغربى، ومحمد صلاح الدين الرشيدى، وقصدى إسكندر عزت، ومحمد صفوت القاضى.

(66)
الطعن رقم 1931 لسنة 45 القضائية

(1، 2) إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "شهادة". محكمة ثانى درجة. "الإجراءات أمامها".
(1) الأصل فى المحاكمات الجنائية. ابتناؤها على التحقيقات التى تجريها المحكمة. عدم جواز الافتئات على هذا الأصل. إلا بنزول الخصوم. صراحة أو ضمنا.
(2) عدم التزام محكمة ثانى درجة بإجراء تحقيق. مقيد بوجوب مراعاة مقتضيات حق الدفاع.
تمسك الطاعن بسماع شاهد. كان متهما معه ثم قضى ببراءته. وجوب سماعه. ولو لم يبد هذا الطلب أمام أول درجة. علة ذلك ؟
1 - لما كان الأصل أن الأحكام الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التى تجريها المحكمة فى الجلسة وتسمع فيها الشهود متى كان سماعهم ممكنا وإن كان لها أن تقرر تلاوة شهادة الشاهد إذا تعذر سماع شهادته أو إذا قبل المدافع عن المتهم ذلك إلا أنه لا يجوز الافتئات على هذا الأصل لأية علة إلا بنزول الخصوم صراحة أو ضمنا عنه.
2 - من المقرر أنه وإن كان الأصل وفق المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية أن المحكمة الاستئنافية لا تجرى تحقيقا وإنما تحكم على مقتضى الأوراق إلا أن حقها فى ذلك مقيد بوجوب مراعاتها مقتضيات حق الدفاع بل أن المادة 413 من ذلك القانون توجب على المحكمة أن تسمع بنفسها أو بواسطة أحد القضاة تندبه لسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة وتستوفى كل نقص آخر فى إجراءات التحقيق وترتيبا على ذلك عليها أن تورد فى حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها، وإذ كانت الحال فى الطعن الماثل أن المدافع عن الطاعن قد استمسك بجلسة المعارضة الإستئنافية بسماع شهادة.... تأسيسا على أنه كان متهما وإياه فى الدعوى وأدانته محكمة أول درجة ثم قضى ببراءته استئنافيا وكان قوله من بين ما عولت عليه محكمتا أول وثانى درجة فى إدانة الطاعن، فكان على الحكم المطعون فيه أن يعرض لهذا الطلب الجوهرى إيرادا وردا، ذلك بأنه ليس يسوغ محاجة الطاعن بأنه لم يبد هذا الطلب أمام محكمة أول درجة، لأن سببه لما يكن قد قام أمام تلك المحكمة، وإنما جد من بعد ذلك حين إنقشع الإتهام نهائيا عن المطلوب سماع شهادته بقضاء محكمة ثانى درجة ببراءته فصار يجوز سماعه شاهدا بعد أداء اليمين - عملا بحكم المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والإعادة.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين - حكم عليهم - بأنه فى ليلة 25 من أغسطس سنة 1970 بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة أخفى الأشياء المسروقة المبينة وصفا وقيمة بالمحضر والمملوكة... وذلك مع علمه بأمر سرقتها. وطلبت عقابه بالمادة 44/ 1 مكرر من قانون العقوبات. ومحكمة جنح النزهة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة مائتى قرش لإيقاف التنفيذ فاستأنف المتهم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصروفات جنائية. فطعن الأستاذ .... المحامى بصفته وكيلا عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه المحكوم عليه على الحكم المطعون فيه. أنه إذ دانه بجريمة إخفاء أشياء مسروقة، قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عنه قد تمسك بجلسة المحاكمة بسماع شهادة.... الذى كان وإياه متهما فى الدعوى وقضى ببراءته إستئنافيا بيد أن المحكمة التفتت بما تمسك به.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية قد رفعت على الطاعن وآخرين أحدهما ..... بوصف أنهم أخفوا أشياء مسروقة مع علمهم بذلك فدانتهم محكمة أول درجة جميعا فاستأنف المحكوم عليهما - الطاعن و..... وقضت المحكمة حضوريا للأخير ببراءته وغيابيا بالنسبة إلى الطاعن برفض استئنافه وإذ عارض الطاعن أبان المدافع عنه أن الدليل قبله ينحصر فى أقوال ..... الذى ضبطت بحوزته أنبوبة البوتاجاز مثار الإتهام، فأراد تبرئة نفسه بالقاء التهمة على الطاعن وأنه يتمسك بسماع أقوال ذلك الشخص كشاهد بعد أن قضى ببراءته استئنافيا بيد أن المحكمة لم تسنجب لهذا الطلب وأغفلت الرد عليه وقضت بتأييد الحكم المعارض فيه. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الأحكام الجنائية إنما تبنى على التحقيقات التى تجريها المحكمة فى الجلسة وتسمع فيها الشهود متى كان سماعهم ممكنا وإن كان لها أن تقرر تلاوة شهادة الشاهد إذا تعذر سماع شهادته أو إذا قبل المدافع عن المتهم ذلك إلا أنه لا يجوز الافتئات على هذا الأصل لأية علة إلا بنزول الخصوم صراحة أو ضمنا عنه، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل وفق المادة 411 من قانون الإجراءت الجنائية أن المحكمة الاستئنافية لا تجرى تحقيقا وإنما تحكم على مقتضى الأوراق إلا أن حقها فى ذلك مقيد بوجوب مراعاتها مقتضيات حق الدفاع بل أن المادة 413 من ذلك القانون توجب على المحكمة أن تسمع بنفسها أو بواسطة أحد القضاة تندبه لسماع الشهود الذين كان يجب سماعهم أمام محكمة أول درجة وتستوفى كل نقص آخر فى إجراءات التحقيق وترتيبا على ذلك عليها أن تورد فى حكمها ما يدل على أنها واجهت عناصر الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن إنها فطنت إليها ووازنت بينها، وإذ كانت الحال فى الطعن الماثل أن المدافع عن الطاعن قد استمسك بجلسة المعارضة الاستئنافية بسماع شهادة.... تأسيسا على أنه كان متهما وإياه فى الدعوى وأدانته محكمة أول درجة ثم قضى ببراءته استئنافيا وكان قوله من بين ما عولت عليه محكمتا أول وثانى درجة فى إدانة الطاعن، فكان على الحكم المطعون فيه أن يعرض لهذا الطلب الجوهرى إيرادا وردا، ذلك بأنه ليس يسوغ محاجة الطاعن بأنه لم يبد هذا الطلب أمام محكمة أول درجة، لأن سببه لما يكن قد قام أمام تلك المحكمة، وإنما جد من بعد ذلك حين انقشع الاتهام نهائيا عن المطلوب سماع شهادته بقضاء محكمة ثانى درجة ببراءته فصار يجوز سماعه شاهدا بعد أداء اليمين - عملا بحكم المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والاعادة.