مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1996 إلى آخر فبراير سنة 1997) - صـ 21

(3)
جلسة 15 من أكتوبر سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ فاروق على عبد القادر، ود. محمد عبد السلام مخلص، وعلى فكرى حسن صالح، ومحمد إبراهيم قشطة نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1204 لسنة 35 قضائية عليا

إصلاح زراعى - قواعد الاعتداد بالتصرفات - استثناء - أحكامه.
القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير الأحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الاصلاح الزراعى معدلاً بالقانون رقم 50 لسنة 1979.
يشترط للاعتداد بتصرفات الملاك الخاضعين لأحكام قوانين الإصلاح الزراعى ولو لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل بالقانون رقم 15 لسنة 1970 توافر شرطين الأول: أن يكون المالك قد أثبت التصرف فى الإقرار المقدم إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تنفيذا لأحكام أى من هذه القوانين أو كان المتصرف اليه قد أثبت التصرف فى الإقرار المقدم منه إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى أو أن يكون التصرف قد رفعت بشأنه منازعة أمام اللجان القضائية للاصلاح الزراعى حتى 31 ديسمبر سنة 1977، الثانى: الا تزيد مساحة الأرض موضوع كل تصرف على حدة على خمسة أفدنة - يقصد بذلك أن يكون تصرف المالك الخاضع لقوانين الإصلاح الزراعى موضوعه خمسة أفدنة فأقل فإذا كان التصرف متعلقاً بمساحة تزيد على خمسة أفدنة ثم طرأ ما يجعل هذه المساحة أقل كأن يتوفى المشترى ليصبح نصيب كل وارث أقل من خمسة أفدنة فإنه ليس من سبيل إلى القول بانطباق أحكام الاستثناء الذى أتاحه القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الثلاثاء الموافق 12/ 3/ 1989 أودع الأستاذ ........ المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا والوكيل عن الطاعنين بالتوكيلات أرقام 3020 لسنة 1981 ب توثيق الإسكندرية، 1172 ح لسنة 1989 توثيق الإسكندرية، 3546 لسنة 1981 توثيق الإسكندرية قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن رقم 1204 لسنة 35 ق ع ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى فى القرار الصادر من اللجنة القضائية للإصلاح الزراعى بجلسة 23/ 1/ 89 فى الاعتراض رقم 488 لسنة 1981 المقام من الطاعنين ضد المطعون ضده والذى قضى بعدم قبول الاعتراض شكلاً لرفعه بعد الميعاد. وبختام تقرير الطعن يطلب الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه ورفع الاستيلاء عن المساحة محل المنازعة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى الهيئة المطعون ضدها بتاريخ 22/ 3/ 1989.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وبإلغاء القرار المطعون عليه وبرفض الاعتراض موضوعا مع إلزام الطاعنين بالمصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قدم الطاعنون صورة ممهرة بخاتم الدولة لشهادة صادرة من مأمورية الشهر العقارى ببلبيس، كما قدموا مذكرتى دفاع تضمنتا طلباً بإلغاء قرار الاستيلاء على الأرض محل النزاع تطبيقا لاحكام القانون رقم 50 لسنة 1979 بحسبان مورثهم قد توفى سنة 1962 قبل الاستيلاء الفعلى على تلك الارض بالتالى فإن نصيب كل منهم أقل من خمسة أفدنة - وبجلسة 16/ 11/ 1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن الى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظرة بجلسة 3/ 1/ 1995 واحيل الطعن الى المحكمة وتدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت المحكمة ضم الاعتراض رقم 104 لسنة 1958 وقدم الطاعنون مذكرة تمسكوا فيها بطلباتهم الواردة بمذكراتهم المقدمة أمام دائرة فحص الطعون - وقررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة اليوم وقد صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما هو الثابت بالاوراق - تخلص الى ان الطاعنين أقاموا الاعتراض - رقم 488 لسنة 1981 أمام اللجان القضائية طالبوا فيه بإلغاء القرار الصادر بالاستيلاء على مساحة 6 ط 26 ف بزمام ناحية الشفانية مركز بلبيس شيوعا فى مساحة 45 ف وذلك على سند من القول بأن مورثهم المرحوم ........ قد اشترى من ........ المساحة محل المنازعة بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ 1/ 11/ 1951 وقد اقترن ذلك بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية فضلا عن ان هذا التصرف ثابت التاريخ قبل العمل بالقانون رقم 178 لسنة 1952 حسبما هو ثابت من القضية رقم 472 لسنة 1952 كلى مصر.
وبجلسة 14/ 1/ 1982 قررت اللجنة القضائية للاصلاح الزراعى ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالشرقية لأداء المهمة المحددة بمنطوقه.
وعقب انتهاء مكتب الخبراء من أداء مهمته قدم محاضر أعماله وتقريرا بنتائج تلك الاعمال خلص فيها الى:
1- أن مساحة الأرض محل المنازعة 6 ط 26 ف شيوعا فى مساحة 45 ف وأن الخصوم لا ينازعوا فى أن تلك المساحة طبقا للحدود بالعقد المؤرخ فى 1/ 12/ 1951.
2- أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى قد استولت على المساحة محل المنازعة بموجب محضر الاستيلاء المؤرخ 4/ 1/ 1965 تطبيقا لاحكام القانون 178 لسنة 1952 قبل الخاضع ......... الذى يملكها بالميراث عن والده.
3- جاء بقائمة جرد تركة المرحوم ........ فى الدعوى رقم 472 لسنة 1952 كلى مصر (بصفته) أن ......... قد تصرف فى المساحة محل المنازعة بموجب عقد بيع ابتدائى مؤرخ 1/ 12/ 1951 لسداد ديون التركة كما أثبت الخاضع هذا التصرف فى اقراره المؤرخ 8/ 10/ 1957.
4- أن الارض محل النزاع كانت وقت الاستيلاء عليها فى وضع يد مورث المعترضين وبجلسة 23/ 1/ 1989 أصدرت اللجنة القضائية الإصلاح الزراعى قرارها فى الاعتراض قاضيا بعدم قبول الاعتراض شكلا لرفعه بعد الميعاد.
وأقامت اللجنة قرارها على أن الثابت بالاوراق أن المعترضين اقاموا الاعتراض رقم 212 لسنة 1965 بذات الطلبات الواردة بالاعتراض الماثل وأنه قد قضى فيه بالرفض وانه ولئن كانت الاوراق جاءت خالية بما يفيد الطعن على هذا القرار من عدمه مما لا يجوز معه القول بأن القرار الصادر من اللجنة فى الاعتراض 212 لسنة 1965 قد حاز معه حجية الشئ المقضى به طبقا لحكم المادة (101) من قانون الاثبات إلا أن إقامة المعترضين للاعتراض رقم 212 لسنة 1965 يفيد علمهم بقرار الاستيلاء علما يقينيا وبالتالى فان الاعتراض الماثل يكون مقاماً بعد انقضاء مدة الخمسة عشر يوما المقررة لإقامة الاعتراض.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة القرار المطعون عليه للواقع والقانون فضلا عن كونه مشوبا بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال تأسيسا على:
1- أن العلم اليقينى هو علم شخصى وبالتالى فلا يصح القول بأن علم السلف بالقرار علما يقينيا يمتد الى الخلف واذ كان الثابت أن الاعتراض رقم 212 لسنة 1965 مقام من كل من: ........... و........... و.......... بينما الاعتراض محل الطعن مقام من ورثة ......... وزوجة المرحوم .......... وان هؤلاء لم يكونوا ممثلين فى الاعتراض السابق وبالتالى فلا يجوز القول بأن علم مورث الطاعنين يفيد علمهم بالقرار الصادر بالاستيلاء على الارض محل النزاع.
2- أن فكرة العلم اليقينى تتعارض مع احكام قوانين الإصلاح الزراعى التى تخاطب مزارعين معظمهم غير ملمين بالقراءة والكتابة.
3- أن الاستيلاء على الارض محل النزاع تم سنة 1965 أى بعد وفاة مورث الطاعنين والحادث سنة 1962 وبالتالى فان حصة كل طاعن تقل عن خمسة أفدنة بما يتعين معه تطبيق أحكام القانون 50 لسنة 1979.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن قرارات اللجان القضائية الإصلاح الزراعى تعتبر بحسب طبيعتها أحكاما قضائية وليست قرارات إدارية ومن ثم تحوز حجية الامر المقضى به بين الخصوم فلا يجوز لأحد منهم أن يجدد النزاع أمامها بدعوى مبتدأة ولو رفعت هذه الدعوى لم يجز قبولها بل تدفع بحجية الأمر المقضى.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الطاعنون لم ينكروا ما ورد بمذكرات الهيئة المطعون ضدها أمام اللجان القضائية للاصلاح الزراعى المطعون على القرار الصادر منها أن اللجنة القضائية قد اصدرت قرارها فى الاعتراض رقم 212 لسنة 1965 برفضه بجلسة 27/ 3/ 1966 وصدق عليه من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى فى 28/ 9/ 1971 كما وانهم لم يقدموا ما يفيد اقامة طعن على هذا القرار أمام المحكمة الادارية العليا وأنها قضت بإلغاء قرار اللجنة واعادته الى اللجنة القضائية لاعادة نظره من جديد وبالتالى يكون القرار الصادر من اللجنة القضائية فى الاعتراض رقم 212 لسنة 1965 قد اصبح حائزا لحجية الشئ المقضى به وأن هذه الحجية يعتد بها فى مواجهة الخصوم بنفس صفاتهم كما وأن تلك الحجية تسرى فى مواجهة الخلف العام ومن ثم فإن القرارات الصادرة فى الاعتراض رقم 212 لسنة 1965 تحوز حجية فى مواجهة رافضى هذا الاعتراض وخلفهم العام الامر الذى كان يتعين معه على اللجنة القضائية إعمال تلك الحجية باعتبارها من النظام العام وتقضى بعدم جواز نظر الاعتراض المطعون على القرار الصادر بشأنه واذ ذهبت اللجنة القضائية غير هذا المذهب ولم تقض بعدم جواز نظر الاعتراض فإن قرارها يكون مخالفا للقانون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث إنه ولئن كان متعينا حسبما سلف القضاء بإلغاء القرار المطعون عليه والقضاء مجددا بعدم جواز نظر الاعتراض الا انه لما كان الطاعنون قد طلبوا بتقرير الطعن تطبيق أحكام القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير الاحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لاحكام قوانين الإصلاح الزراعى معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1979 وهو ما يعتبر سببا جديدا يحول دون القضاء بعدم جواز نظر الاعتراض الامر الذى يتعين معه الفصل فى موضوع هذا الطلب.
ومن حيث إن المادة الاولى من القانون رقم 15 لسنة 1970 بتقرير الاحكام الخاصة بتصرفات الملاك الخاضعين لاحكام قوانين الإصلاح الزراعى معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1979 تنص على أنه (استثناء من أحكام المادة (3) من المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 بالإصلاح الزراعى والمادة (3) من القانون رقم 127 لسنة 1961 فى شان تعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى والمادة (2) من القانون رقم 15 لسنة 1963 ........... يعتد بتصرفات الملاك الخاضعين لاحكام أى من هذه القوانين ولو لم تكن ثابتة التاريخ قبل العمل به متى توافر الشرطان الاتيان:
1- أن يكون المالك قد أثبت التصرف فى الإقرار المقدم منه الى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تنفيذا لاحكام أى من هذه القوانين أو كان المتصرف إليه قد أثبت التصرف فى الاقرار المقدم منه الى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى طبقا لحكم المادة (8) من القانون رقم 15 لسنة 1963 المشار اليه أو أن يكون التصرف قد رفعت بشأنه منازعة أمام اللجان القضائية الإصلاح الزراعى حتى 31 ديسمبر سنة 1977.
2- ألا تزيد مساحة الارض موضوع كل تصرف على حدة على خمسة أفدنة كما تنص المادة الثانية من هذا القانون على أنه (لا تسرى أحكام المادة السابقة على قرارات اللجان القضائية التى أصبحت نهائية بالتصديق عليها من مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ولا على قرارات هذه اللجان التى أصبحت نهائية بعدم الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ولا على أحكام هذه المحكمة الصادرة فى هذه التصرفات).
ومن حيث إن مفاد هذا النص أنه يشترط لإعمال أحكام القانون 15 لسنة 1970 معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1979 ألا تزيد مساحة الارض موضوع كل تصرف على حدة على خمسة افدنة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن المقصود بعبارة كل تصرف على خمسة أفدنة هو أن يكون تصرف المالك الخاضع لقوانين الإصلاح الزراعى موضوعه خمسة أفدنة فأقل فإذا كان التصرف متعلقاً بمساحة تزيد على خمسة أفدنة ثم طرأ ما يجعل هذه المساحة أقل كأن يتوفى المشترى ليصبح نصيب كل وارث اقل من خمسة افدنة فإنه ليس من سبيل الى القول بانطباق أحكام الاستثناء الذى اتاحه القانون 15 لسنة 1970 معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1979 على التصرف حيث يمتنع تطبيق الاستثناء الوارد بهذا القانون إلا على عقد بمواصفات معينة أهمها أن يكون قد صدر من المالك فى حدود هذه المساحة قبل العمل بالقانون الذى تم الاستيلاء بموجبه.
ومن حيث إنه لما سبق وكان التصرف الصادر من المالك الاصلى للارض محل النزاع والذى خضع للقانون 178 لسنة 1952 - الى مورث الطاعنين موضوعه 6 ط 26 ف أى يزيد على الحد الاقصى الذى اشترطه القانون 50 لسنة 1979 لاعمال احكامه ومن ثم فإن هذا التصرف يخرج على نطاق تطبيقه وبالتالى يغدو طلب الطاعنين إلغاء الاستيلاء على الارض محل المنازعة تطبيقا لأحكامه غير قائم على سند من القانون جديرا بالرفض بما يتعين معه الحكم برفض هذا الطلب.
ومن حيث إن الطاعنين وقد خسروا الطعن فإنهم يلزمون بمصروفاته عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه، وبقبول الاعتراض شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعنين المصروفات.