أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 320

جلسة 21 من مارس سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الاسيوطى، وعادل مرزوق، ويعيش رشدى، ومحمد وهبة.

(67)
الطعن رقم 1934 لسنة 45 القضائية

(1) صحافة. مؤسسات صحفية. مؤسسات خاصة. مؤسسات عامة. موظفون عموميون. استعمال سلطة الوظيفة فى وقف تنفيذ الأوامر. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المؤسسات الصحفية مؤسسات خاصة. لا عامة.
اعتبار المؤسسات الصحفية. مؤسسات عامة حكما لا فعلا. فى الأحوال المنصوص عليها حصرا فى القانون.
اقتصار حكم المادة 123 عقوبات على الموظف العام. فحسب.
من هو الموظف العام ؟
رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية. والعاملون بها. ليسوا فى عداد الموظفون العموميون. أساس ذلك؟
(2) حكم "إصداره وتحريره. بياناته".
كفاية تحرير الحكم على نموذج مطبوع. ما دام مستوفيا بالذات أو بالإحالة. البيانات الجوهرية المقررة قانونا.
1 - أن القانون رقم 156 لسنة 1960 قد صدر بتنظيم الصحافة ونص فى مادته السادسة على أن "يشكل الاتحاد القومى مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التى يملكها، ويعين لكل مؤسسة مجلس إدارة يتولى مسئولية إدارة صحف المؤسسة، كما نص فى مادته السابعة على أن "يعين لكل مجلس إدارة رئيس وعضو منتدب أو أكثر ويتولى المجلس نيابة عن الاتحاد القومى مباشرة جميع التصرفات القانونية". ثم صدر القانون رقم 156 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية ونص فى مادته الثالثة على أن "تعتبر المؤسسات الصحفية المشار إليها فى هذا القانون فى حكم المؤسسات العامة فيما يتعلق بأحوال مسئولية مديريها ومستخدميها المنصوص عليها فى قانون العقوبات، وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد"، كما نص فى مادته الرابعة على أن "يستمر العمل بأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون وتحل اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى محل الاتحاد القومى فى كل ما يتعلق بالاختصاصات المخولة طبقا لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960". ومؤدى هذه النصوص مجتمعة أن الصحافة وإن كانت ملكا للشعب وقائمة على خدمة عامة باعتبارها وسيلة من وسائل التوجيه الاجتماعى والسياسى، بيد أنها لا تخرج عن كونها جزءا من التنظيم الشعبى وهو - بمثابة سلطة توجيه ومشاركة فى بناء المجتمع - لا يخضع للجهاز الإدارى، ولا تعدو المؤسسات الصحفية أن تكون مؤسسات خاصة - تنوب مجالس إدارتها فى هذه الإدارة وكافة ما تباشره من تصرفات قانونية عن الاتحاد الاشتراكى العربى بوصفه التنظيم السياسى الذى يمثل تحالف قوى الشعب - وهى وإن اعتبرت مؤسسات عامة - حكما لا فعلا - فى الأحوال المستثناه المنصوص عليها فى القانون على سبيل الحصر، إلا أن هذا الاستثناء لا يجعل منها مؤسسات عامة بتعريفها ومعناها ولا يجوز القياس عليه أو التوسع فى تفسيره. لما كان ذلك، وكان نطاق تطبيق المادة 123 من قانون العقوبات مقصورا - وفق صريح نصها فى فقرتيها - على الموظف العام كما هو معرف به فى القانون - دون من فى حكمه - فلا يدخل فى هذا النطاق بالتالى العاملون بالمؤسسات الخاصة المعتبرة فى حكم المؤسسات العامة، لما هو مقرر من أن الموظف العام هو من يعهد إليه بعمل دائم فى خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصبا يدخل فى التنظيم الإدارى لذلك المرفق، وكان رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية - بحكم نيابة هذه المجالس عن الاتحاد الاشتراكى العربى، وكون تلك المؤسسات بمنأى عن الخضوع للجهاز الإدارى - شأنهم شأن العاملين بها ليسوا فى عداد الموظفين العامين الذين يحكمهم ذلك النص، وكان القرار رقم 580 لسنة 1972 الصادر من رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الاشتراكى العربى لا يسبغ عليهم هذه الصفة وإن نص فيه على تكليفهم بتنفيذه - إذ هو لا يتضمن سوى إعادة أعضاء نقابة الصحفيين الذين سبق نقلهم لوظائف غير صحفية إلى المؤسسات الصحفية التى كانوا يعملون بها ولا شأن له بطبيعة هذه المؤسسات ولا بصفة العاملين بها والقائمين على إدارتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم توافر أركان الجريمة المنصوص عليها فى المادة المشار إليها لأن المطعون ضده - بوصفه رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر ورئيسا لتحرير جريدة الجمهورية - ليس موظفا عاما فى حكم هذا النص، ورتب على ذلك رفض دعوى الطاعن المدنية قبله يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكانت الحجج المغايرة التى ساقها الطاعن بوجه نعيه لا تعدو أن تكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان، ومن ثم - وبفرض إبدائها أمام محكمة الموضوع، فلا ينال من سلامة حكمها التفاته عن تقصيها فى كل جزئية منها للرد عليها.
2 - إن تحرير الحكم على نموذج مطبوع بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه لا يعيبه طالما أن الطاعن لا ينازع فى استيفائه البيانات الجوهرية التى نص عليها القانون وما دامت الأسباب التى أحال إليها قد سلمت من القصور الذى يعيبه عليها الطاعن.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح الأزبكية الجزئية - قيدت بجدولها برقم 1907 سنة 1972 - ضد المطعون ضده بوصف أنه منذ 20 مايو سنة 1972 بدائرة قسم الأزبكية بصفته موظفا عموميا استعمل سلطة وظيفته فى وقف تنفيذ قرار السيد رئيس جمهورية مصر العربية ورئيس الاتحاد الاشتراكى العربى الصادر والمنشور فى الجريدة الرسمية بتاريخ 20 مايو سنة 1972 رغم مضى أكثر من ثمانية أيام من انذاره على يد محضر بتاريخ 14 من أغسطس سنة 1972. وطلبت معاقبته بالمادة 123 من قانون العقوبات وإلزامه أن يدفع له مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابيا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية براءة المتهم مما اسند إليه ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها المصاريف. فاستأنف المدعى بالحقوق المدنية ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المدعى بالحقوق المدنية فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت أسباب الطعن موقعا عليها من المحامى عنه.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة وقف تنفيذ قرار صادر من رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الاشتراكى العربى المعاقب عليها بنص المادة 123 من قانون العقوبات - تأسيسا على أنه ليس موظفا عاما فى حكم هذا النص - وبرفض دعوى الطاعن المدنية قبله تبعا لذلك، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب. ذلك بأن القرار الرقيم 580 لسنة 1972 - موضوع التهمة - قد نص على إعادة أعضاء نقابة الصحفيين الذين سبق نقلهم إلى وظائف غير صحفية - والطاعن من بينهم - إلى المؤسسات الصحفية التى كانوا يعملون بها، مما مقتضاه أنه اسبغ صفة الموظف العام على كل من رؤساء مجالس إدارات هذه المؤسسات - والمطعون ضده من بينهم - طالما أنهم مكلفون بتفيذه، فضلا عن توافر هذه الصفة فيهم أصلا بحكم أنهم يعينون بقرارات تصدر من رئيس الجمهورية ويمارسون نوعا من السلطة. هذا إلى أن المؤسسات المذكورة قد اعتبرت بالقانون رقم 151 لسنة 1964 مؤسسات عامة فى أحوال معينة تدخل فى نطاقها ضمنا الجريمة المرفوعة بها الدعوى، وإنها مملوكة للشعب ممثلا فى الاتحاد الاشتراكى العربى. وبالرغم من أن الطاعن قد أبدى هذا الدفاع لأول مرة فى مذكرته المقدمة لمحكمة ثانى درجة، فقد جاء حكمها المطعون فيه خلوا من الرد عليه ومحررا على نموذج مطبوع بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه.
وحيث أن القانون رقم 156 لسنة 1960 قد صدر بتنظيم الصحافة ونص فى مادته السادسة على أن "يشكل الاتحاد القومى مؤسسات خاصة لإدارة الصحف التى يملكها، ويعين لكل مؤسسة مجلس إدارة يتولى مسئولية إدارة صحف المؤسسة"، كما نص فى مادته السابعة على أن "يعين لكل مجلس إدارة رئيس وعضو منتدب أو أكثر ويتولى المجلس نيابة عن الاتحاد القومى مباشرة جميع التصرفات القانونية". ثم صدر القانون رقم 151 لسنة 1964 بشأن المؤسسات الصحفية ونص فى مادته الثالثة على أن "تعتبر المؤسسات الصحفية المشار إليها فى هذا القانون فى حكم المؤسسات العامة فيما يتعلق بأحوال مسئولية مديريها ومستخدميها المنصوص عليها فى قانون العقوبات، وفيما يتعلق بمزاولة التصدير والاستيراد"، كما نص فى مادته الرابعة على أن "يستمر العمل بأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960 فيما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون وتحل اللجنة التنفيذية للاتحاد الاشتراكى محل الاتحاد القومى فى كل ما يتعلق بالاختصاصات المخولة طبقا لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960". ومؤدى هذه النصوص مجتمعة أن الصحافة وإن كانت ملكا للشعب وقائمة على خدمة عامة باعتبارها وسيلة من وسائل التوجيه الاجتماعى والسياسى، بيد أنها لا تخرج عن كونها جزءا من التنظيم الشعبى وهو - بمثابة سلطة توجيه ومشاركة فى بناء المجتمع - لا يخضع للجهاز الإدارى، ولا تعدو المؤسسات الصحفية أن تكون مؤسسات خاصة - تنوب مجالس إدارتها فى هذه الإدارة وكافة ما تباشره من تصرفات قانونية عن الاتحاد الاشتراكى العربى بوصفه التنظيم السياسى الذى يمثل تحالف قوى الشعب - وهى، وإن اعتبرت مؤسسات عامة - حكما لا فعلا - فى الأحوال المستثناة المنصوص عليها فى القانون على سبيل الحصر، إلا أن هذا الاستثناء لا يجعل منها مؤسسات عامة بتعريفها ومعناها ولا يجوز القياس عليه أو التوسع فى تفسيره. لما كان ذلك، وكان نطاق تطبيق المادة 123 من قانون العقوبات مقصورا - وفق صريح نصها فى فقرتيها - على الموظف العام كما هو معرف به فى القانون - دون من فى حكمه - فلا يدخل فى هذا النطاق بالتالى العاملون بالمؤسسات الخاصة المعتبرة فى حكم المؤسسات العامة، لما هو مقرر من أن الموظف العام هو من يعهد إليه بعمل دائم فى خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام عن طريق شغله منصبا يدخل فى التنظيم الإدارى لذلك المرفق، وكان رؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية - بحكم نيابة هذه المجالس عن الاتحاد الاشتراكى العربى، وكون تلك المؤسسات بمنأى عن الخضوع للجهاز الادارى - شأنهم شأن العاملين بها ليسوا فى عداد الموظفين العامين الذين يحكمهم ذلك النص، وكان القرار رقم 580 لسنة 1972 الصادر من رئيس الجمهورية ورئيس الاتحاد الاشتراكى العربى لا يسبغ عليهم هذه الصفة وإن نص فيه على تكليفهم بتفيذه - إذ هو لا يتضمن سوى إعادة أعضاء نقابة الصحفيين الذين سبق نقلهم لوظائف غير صحفية إلى المؤسسات الصحفية التى كانوا يعملون بها، ولا شأن له بطبيعة هذه المؤسسات ولا بصفة العاملين بها والقائمين على إدارتها، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم توافر أركان الجريمة المنصوص عليها فى المادة المشار إليها، لأن المطعون ضده - بوصفه رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر ورئيسا لتحرير جريدة الجمهورية - ليس موظفا عاما فى حكم هذا النص، ورتب على ذلك رفض دعوى الطاعن المدنية قبله يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكانت الحجج المغايرة التى ساقها الطاعن بوجه نعيه لا تعدو أن تكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان، ومن ثم - وبفرض إبدائها أمام محكمة الموضوع - فلا ينال من سلامة حكمها التفاته عن تقصيها فى كل جزئية منها للرد عليها، وكان تحرير الحكم نموذج مطبوع بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه لا يعيبه طالما أن الطاعن لا ينازع فى استيفائه البيانات الجوهرية التى نص عليها القانون، وما دامت الأسباب التى أحال إليها قد سلمت من القصور الذى يعيبه عليها الطاعن، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعن المصاريف.