مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 381

(51)
جلسة 30 من ديسمبر سنة 2000

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد القادر نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ سعيد أحمد حسين برغش، ومحمود إسماعيل رسلان، وعطية عماد الدين نجم، ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4285 لسنة 45 القضائية

عاملون مدنيون - معاش - الجمع بين المرتب والمعاش - تقادم
المادة (40) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1975.
المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية.
يترتب على الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 40 المشار إليها عدم جواز تطبيقها من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية. وينسحب هذا الأثر - وفقا ما تقضى به المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليها على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة التقادم، وقد قرر المشرع تقادم المرتبات والمكافآت والبدلات بانقضاء خمس سنوات من تاريخ استحقاقها وذلك لضرورة استقرار الحق بعد المدة المشار إليها.
وأن عدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة 40 سالفة البيان، والذى قضى بعدم دستوريته لم يكن فى حينه - حائلا أو مانعا قانونيا من شأنه وقف التقادم - تطبيق.


إجراءات الطعن:

فى يوم الاثنين الموافق 19/ 4/ 1999 أودع الأستاذ ........... المحامى بصفته نائبا عن الأستاذ .......... المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل، عن حكم محكمة القضاء الإدارى - دائرة التسويات والجزاءات - الصادر بجلسة 22/ 2/ 1999 فى الدعوى رقم 2743 لسنة 51ق، والذى قضى: بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بسريان التقادم الخمسى على مستحقات المدعيين الناتجة عن الجمع بين المرتب والمعاش.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بالتقرير - الحكم: بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها استحقاقها الجمع بين المعاش والمرتب دون اعتبار للتقادم الخمسى.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بتاريخ 24/ 4/ 1999.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم: بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بعدم سريان التقادم الخمسى على مستحقات الطاعنين الناتجة عن الجمع بين المرتب والمعاش على النحو المبين بالأسباب.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، والتى قررت بجلسة 10/ 7/ 2000 إحالته إلى المحكمة الادارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 19/ 8/ 2000.
وعليه ورد الطعن إلى هذه المحكمة، وتدوول بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 7/ 10/ 2000 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 11/ 11/ 2000، مع التصريح بتقديم مذكرات ومستندات خلال ثلاثة أسابيع، ولم يودع شيء خلال هذا الأجل، ثم رؤى مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم (30/ 12/ 2000)، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمستندات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونا. ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 5/ 1/ 1997 أقام الطاعنان الدعوى رقم 2743 لسنة 51ق أمام محكمة القضاء الإدارى - دائرة التسويات والجزاءات - ضد المطعون ضدهم، للحكم بإلغاء القرار رقم 274 بتاريخ 5/ 12/ 1996 برفض جمعهما بين المعاش ومرتبهما بدون حد أقصى، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الجهة الإدراية المصروفات، وذلك تأسيسا على أنهما كانا يعملان بالمخابرات العامة إلى أن أحيلا إلى المعاش، وتم تسوية المعاش المقرر لهم، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 383 لسنة 1987 فى 22/ 9/ 1987 بتعيين الأول فى وظيفة من الدرجة العليا برئاسة الجمهورية اعتبارا من 16/ 9/ 1987، كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 317 لسنة 1990 فى 11/ 7/ 1990 بتعيين الثانى فى وظيفة من درجة مدير عام برئاسة الجمهورية، وقد رفضت الهيئة المدعى عليها أن يجمع المدعيان بين المرتب والمعاش استنادا إلى نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة/ 40 من قانون التأمين الاجتماعى رقم 79 لسنة 1975، وبجلسة 14/ 1/ 1995 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 16 لسنة 15ق بعدم دستورية الفقرة الأولى وما يتصل بها من أحكام الفقرة الثانية من المادة/ 40 المشار إليه، ومن ثم تقدم كل منهما بطلب إلى الهيئة المدعى عليها للجمع بين المرتب والمعاش، بيد أن لجنة فض المنازعات بتلك الهيئة رفضت الطلب.
وبجلسة 23/ 2/ 1999 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بسريان التقادم الخمسى على مستحقات المدعيين الناتجة عن الجمع بين المرتب والمعاش، وأقامت قضاءها على أن مقطع النزاع فى هذه الدعوى يتحدد فى مدى سريان التقادم الخمسى على مستحقات المدعيين الناتجة عن الجمع بين المرتب والمعاش، وذلك بعد أن قامت الهيئة المدعى عليها بصرف هذه المستحقات لهما تنفيذا لحكم المحكمة الدسنورية العليا فى الدعوى رقم 16 لسنة 15ق، وأعملت فى شأنهما أحكام التقادم الخمسى. وإذ أن وجود النص التشريعى غير الدستورى لا يعد مانعا قانونيا يؤدى إلى وقف التقادم، وإنما إلى صاحب الحق أن ينهض للمطالبة بحقه ويتخذ من الإجراءات القانونية ما هو كفيل بقطع سريان التقادم، والحصول على حكم بعدم دستورية النص الذى يحرمه من هذا الحق وصولا للقضاء له بما يدعيه. ولما كانت الأوراق قد خلت مما يفيد قيام المدعين باتخاذ ى إجراء من الإجراءات القاطعة للتقادم قبل صدور حكم المحكمة الدستورية المشار إليه، ومن ثم فإنه لا مناص من سريان التقادم الخمسى على مستحقاتهم الآنفة الذكر.
لم يصادف هذا الحكم قبولا لدى الطاعنين، فأقاما الطعن الماثل، والذى شيد على مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ فى تطبيقه. ذلك أن التقادم لا ينطبق إلا حيث ينكشف لمن يراد الاحتجاج بسريانه عليه وجه استحقاقه حقا م، وأن الحق محل النزاع لم ينكشف وجه جواز المطالبة به إلا بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 16 لسنة 15ق بجلسة 14/ 1/ 1995 ثم صدور حكمها فى الدعوى رقم 52 لسنة 18ق بجلسة 7/ 6/ 1997، ولا يتصور أن يسرى التقادم الخمسى على حق لم ينشأ بعد، ولا على حق ينكشف لأصحابه وجه إمكان المطالبة به، وإذ أنهما (الطاعنان) قد أقاما دعواهما بتاريخ 5/ 1/ 1997، وأنهما كانا قد تقدما بطلبهما إلى المدعى عليها الثانية بتاريخ 3/ 12/ 1996، فأجابتهما بالرفض فى 5/ 12/ 1996، فإن التقادم الخمسى لا يكون قد اكتمل سريانه فى حقهم، كما أهدر الحكم المطعون فيه مبدأ المساواة وإذ جعل من قام برفع الدعوى الدستورية متميزا عند صدور الحكم فيها من غيره من أصحاب المركز القانونى نفسه، فضلا عن القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، حيث استند إلى نص المادة ظ/ 44 من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، فى حين أن هذه المادة برقم/ 29، - وهذا الاستناد خاطئ، وقد بينا هذا الخطأ فى مذكرتهما المودعة بجلسة 16/ 11/ 1998، بيد أن الحكم سكت عنه إيراداً ورد، سيما وأنه لا مجال لسريان نص المادة/ 29 المشار إليها فى شأنهم، لعدم توافر شرط أعمال هذا النص، وهو القعود عن المطالبة بالحق لمدة خمس سنوات لأن هذا الحق كان محجوبا عنهما وعن الكافة بنص المادة/ 40 من قانون التأمين الاجتماعى، الذى قضى بعدم دستوريته.
ومن حيث إن المادة/ 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أنه (... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم، فإذا كان الحكم بعد الدستورية متعلقا بنص جنائى تعتبر الأحكام التى صدرت بالإدانة استنادا إلى ذلك النص كأن لم تكن..) وتنص المادة 375 من القانون المدنى على أنه (يتقادم بخمس سنوات كل حق دورى متجدد ولو أقر به المدين...)، وتنص المادة/ 29 من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية على أنه (تؤول إلى الخزانة العامة مرتبات ومكافآت وبدلات العاملين بالدولة التى لم يطالب بها خلال خمس سنوات من تاريخ استحقاقها) كما تنص المادة/ 50 من القسم الثانى من اللائحة المالية للميزانية والحسابات على أنه (الماهيات التى لم يطالب بها فى مدة خمس سنوات تصبح حقا مكتسبا للحكومة".
ومؤدى ما تقدم عن نصوص، أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشر الحكم فى الجريدة الرسمية، إلا أن عدم تطبيق النص - على ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص، على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدور الحكم بحكم حائز على قوة الأمر المقضى أو بانقضاء مدة تقادم. كما قرر المشرع تقادم المرتبات والمكافآت والبدلات بانقضاء خمس سنوات على تاريخ استحقاقه، وتؤول - من ثم - إلى الخزانة العامة، والحكمة فى تقرير هذا التقادم، هى ضرورة استقرار الحق بعد المدة المشار إليه، وقد اعتبر المشرع مجرد مضى هذه المدة على الحق المطالب به سببا قائما بذاته لانقضاء هذا الحق.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين كانا يعملان بجهاز المخابرات العامة، وقد أحيلا إلى المعاش، الأول(..........) بتاريخ 15/ 9/ 1987 والثاني(.........) بتاريخ 7/ 1/ 1986، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 383 لسنة 1987 فى 22/ 9/ 1987بتعيين الأول برئاسة الجمهورية اعتبارا من 16/ 9/ 1987 كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 317 لسنة 1990 فى 1/ 7/ 1990 بتعيين الثانى بذات الجهة، وطبقا لنص الفقرة الأولى من المادة (40) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 لم يجز لهما الجمع بين مرتبهما برئاسة الجمهورية والمعاش المستحق لهم، وبصدور حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 16 لسنة 15 بجلسة 14/ 1/ 1995 - بعدم دستورية نص تلك الفقرة، فقد تقدم المذكوران بطلب إلى الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية (المطعون ضدها) بصرف مستحقاتهما من المعاش لأحقيتهما فى الجمع بينه وبين مرتبهما برئاسة الجمهورية استنادا إلى حكم المحكمة الدستورية المشار إليه، حيث قامت الهيئة بصرف هذه المستحقات تنفيذاً لهذا الحكم، وأعملت فى شأنهما التقادم الخمسى. وإذ إن المعاش المستحق للمذكورين يأخذ حكم المرتب من حيث الدورية والتجديد، وهو بذلك يخضع لأحكام التقادم الخمسى.
ولما كانت تلك الهيئة قد أعملت هذه الأحكام لدى صرف مستحقات الطاعنين من المعاش، ومن ثم تكون قد سلكت جادة الصواب، ولا تثريب عليها فى هذا الشأن.
ولا يقدح فى ذلك ما تذرع به الطاعنان من أن حقهما فى هذا الشأن لم ينكشف وجه المطالبة به إلا بعد صدور حكم المحكمة الدستورية المشار إليه.
ذلك إن عدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة/ 40 من قانون التأمين الاجتماعى الآنف الذكر، والذى قضى بعدم دستوريته، لم يكن - فى حينه - حائلا أو مانعا قانونيا من شأنه وقف التقادم، وكان يتعين عليهما ولوج الطريق القضائى والطعن فى دستورية هذا النص بغية الوصول إلى اقتضاء مستحقاتهما من المعاش دون أعمال أحكام التقادم الخمسى فى شأنهم، وذلك استنادا إلى ما تقضى به المادة/ 68 من الدستور من أن (التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى .... ويحظر النص فى القوانين على تحصين ى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء). وإذ خلت الأوراق مما يفيد قيام الطاعنان بهذا الأجراء، ومن ثم فإنه لا مناص من سريان أحكام التقادم الخمسى على مستحقاتهم المشار إليها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بهذا النظر، ومن ثم يكون قد صادف حكم القانون فى صحيحه، الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إن المنازعات المتعلقة بأحكام قانون التأمين الاجتماعى المشار إليه معفاة من الرسوم القضائية عملا بحكم المادة/ 137 من هذا القانون.

فلهده الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا.