مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1996 إلى آخر فبراير سنة 1997) - صـ 191

(18)
جلسة 19 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد عبد السلام مخلص، وعلى فكرى حسن صالح، ود. حمدى محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 929 لسنة 36 قضائية عليا

عقد إدارى - تنفيذه - الإجراءات التى تتخذها الإدارة ضد المتعاقد المقصر - توقيع الحجز على المواد والآلات والمهمات.
المادتان 94 و96 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957.
حق الإدارة فى حجز المواد والآلات والمهمات المملوكة للمقاول المقصر الذى سحب منه العمل والموجودة بموقع العمل واستعمالها فى إتمام العمل وإبقائها بعد ذلك ضماناً لحقوقها قبله وبيعها استيفاءً لتلك الحقوق - هذا الحق يقابله التزامها بإجراء جرد لتلك المواد والمهمات والالات سواء بحضور المقاول أو فى غيبته فى حالة تعذر حضوره مع إخطاره بنتيجة الجرد فى الحالة الأخيرة واعتبار تلك النتيجة نهائية إذا لم يعترض عليها خلال أسبوع من تاريخ وصول الإخطار إليه - حق الإدارة فى حجز المواد والمهمات والآلات المملوكة للمقاول المسحوب منه العمل رهين باستيفاء حقوقها فإن استوفتها تعين عليها تسليمها له كاملة أو ما تبقى منها بعد استيفاء حقها. تطبيق.


إجراءات الطعن:

بتاريخ 15/ 2/ 1990 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا قيد برقم 929 لسنة 36 ق وذلك طعنا على الحكم الصادر من دائرة العقود والتعويضات بمحكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 2242 لسنة 35 ق بجلسة 17/ 12/ 1989 الذى قضى بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ ألفى جنيه وإلزامهما المصروفات مناصفة، وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم له بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق، وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهى لأسبابه إلى قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى رقم 2242 لسنة 35 ق مع الزام المطعون ضده المصروفات.
وقد نظرت دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 1/ 2/ 1995 - قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة - موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 9/ 5/ 1995، وقد نظرت الدائرة الأخيرة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 4/ 6/ 1996 قررت حجزه للحكم وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 17/ 12/ 1989 - وكان الطعن قد أقيم فى 15/ 2/ 1990 فإنه يكون مقام خلال الميعاد المحدد بالمادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، وإذا استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص وفقا للثابت بالاوراق فى أنه بتاريخ 10/ 11/ 1979 - أقام المطعون ضده الدعوى رقم 7619 لسنة 1979 أمام محكمة طنطا الابتدائية وذلك للحكم له بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع له مبلغ سبعة آلاف جنيه والمصروفات، واستند فى ذلك إلى أنه تعاقد مع الإدارة فى 12/ 11/ 1977 على إنشاء ثلاث حجرات ودورة مياه وسلم بمبنى محكمة المحلة الكبرى بقيمة إجمالية قدرها 7303.149 جنيها وعلى أن يتم التنفيذ خلال مدة أربعة شهور من تاريخ استلام الموقع الذى تم فى 19/ 12/ 1977، وبعد أن بدأ التنفيذ عدلت الإدارة الرسومات الهندسية للسقف وأضافت عمليات خاصة بالسور، كما صادفته خطوط هاتف مما أدى إلى توقف العمل لحين تدخل هيئة المواصلات السلكية، وكذلك تأخر الطاعن فى صرف مواد البناء فلم يتسلم الحديد إلا فى 22/ 6/ 1978، وبالرغم من ذلك فإن الإدارة أنذرته بتسليم الأعمال فى 21/ 10/ 1978، ثم أصدرت فى 4/ 12/ 1978 قرار بسحب الأعمال منه واسنادها إلى مقاول آخر دون جرد لمعداته ومهماته، الأمر الذى أدى إلى ضياعها، وقد حدد المطعون ضده قيمة تلك المعدات والمهمات بمبلغ 2000 جنيه، كما طالب بتعويض قدره (5000 جنيه) عما لحقه من أضرار بسبب حبس التأمين وتحمله لفروق أسعار نتيجة اسناد الأعمال لمقاول آخر وما أدى إليه ذلك من إساءة إلى سمعته، وبجلسة 14/ 1/ 1981 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدرى، ومن ثم قيدت الدعوى بالمحكمة الأخيرة برقم 2242 لسنة 35 ق وأحيلت إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها، وبعد إيداع تقرير الهيئة نظرت المحكمة الدعوى على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 19/ 1/ 1984 - أصدرت حكما تمهيديا بإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم وبتاريخ 6/ 3/ 1988 - أودع الخبير تقريره الذى خلص فيه إلى أن أيا من طرفى الخصومة لم يقدم الرسومات الأصلية أو المعدلة للأعمال رغم طلبها مما تعذر معه القطع بوجود تعديلات من عدمه، وأن المطعون ضده تسلم كميات الأسمنت اللازمة للأعمال فى أواخر يوليو سنة 1978 ولم يتسلم الحديد حتى نهاية الأعمال وأشار الخبير إلى وجود الخطوط الهاتفية بالموقع وأنها تعتبر عائقا إلا أنه لم يكن من شأنها أن تؤدى إلى تأخير ملموس، وأكد الخبير أنه قد تعذر عليه تقدير قيمة التشوينات التى تخص المطعون ضده لعدم إجراء جرد لها عند سحب الأعمال وأنه تعذر عليه تقدير قيمة الأعمال التى أنجزها المطعون ضده حتى سحب العمل منه لعدم تقديم الرسومات وأضاف أن الإدارة صرفت للمطعون ضده مبلغ 2942.172 جنيها وفقا للثابت بمستخلصات الأعمال.
وبجلسة 17/ 12/ 1989 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضده مبلغ ألفى جنيه وألزمت طرفى الخصومة المصروفات مناصفة، واستندت فى ذلك إلى محضر تسليم الموقع المؤرخ 19/ 12/ 1977 الذى وقع عليه المطعون ضده والذى اعتبر تاريخ تحريره تاريخا لبدء الأعمال، وأن المدعى لم ينجز تلك الأعمال خلال مدة الشهود الأربعة المحددة فى العقد لإنهائها واستمر كذلك حتى قررت الإدارة سحب العمل منه بعد زهاء عام كامل ولم يكن قد أنجز من الأعمال سوى ما تقل قيمته عن نصف قيمة إجمالى الأعمال المتعاقد عليها، وذلك فضلا عن توقفه عن العمل أكثر من مرة وإنذار الإدارة دون جدوى ولذلك أكدت المحكمة اتفاق سحب العمل مع أحكام القانون وخلصت من ذلك إلى رفض طلب المطعون ضده التعويض عما أصابه من ضرر بسبب هذا الإجراء، وفيما يتعلق بقيمة المهمات فإن المحكمة قضت للمطعون ضده بالمبلغ سالف الذكر على أساس أن الإدارة أخلت بالتزام جوهرى أوجبته المادة 96 من لائحة المناقصات والمزايدات عليها فلم تحصر التشوينات بحضور المطعون ضده. وأن الخبير أثبت فى تقريره أنه كان يوجد له معدات بالموقع وقت سحب العمل وفقا للمحضر رقم 3499 لسنة 1979 إدارى قسم أول المحلة الكبرى وأن الطاعن بصفته لم ينازع أمامها فى تقدير المطعون ضده لقيمة تلك المعدات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم خالف القانون لأنه بعد أن سلم بصحة قرار السحب لم يعمل حكم المادة 94 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 57 والتى تقرر للإدارة الحق فى حالة سحب العمل فى حجز كل أو بعض الآلات الموجودة بموقع العمل والمملوكة للمقاول المقصر حتى بعد انتهاء العمل ضمانا لحقوقها، وأن المطعون ضده لم يؤد مستحقات الإدارة المترتبة على التنفيذ على حسابه، كما عابت الإدارة على الحكم مغالاته فى قيمة معدات المطعون ضده باعتبار أن قيمة الأعمال بكاملها لا تجاوز 7073.149 جنيها.
ومن حيث إنه لما كان العقد المحرر بين الإدارة والمطعون ضده فى 13/ 12/ 1977 قد نص فى البند الثانى منه على تطبيق أحكام لائحة المناقصات والمزايدات وكانت لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 المعمول بها وقت إبرام العقد فى 13/ 12/ 1977 ووقت سحب العمل من المطعون ضده فى 2/ 12/ 1978 تنص فى الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 94 المنظمة لسحب العمل على أنه "وفى هذه الأحوال يكون للوزارة أو المصلحة أو السلاح الحق فى احتجاز كل أو بعض ما يوجد بمحل العمل من منشآت وقتية ومبان وآلات وأدوات ومواد وخلافه وأن تستعملها فى إتمام العمل وذلك دون أن تكون مسئولة لدى المقاول أو غيره عنها وعما يصيبها من تلف أو نقص لأى سبب كان أو دفع أى أجر عنها.
وللوزارة أو المصلحة أو السلاح أيضا الحق فى احتجاز كل أو بعض هذه الآلات والمواد حتى بعد انتهاء العمل، وذلك ضمانا لحقوقها قبل المقاول، ولها أن تبيعها دون أن تسأل عن أية خسارة تلحقه من جراء البيع، كما يكون لها فى هذه الأحوال الحق فى استرداد جميع ما تكبدته من مصروفات وخسائر زيادة على قيمة العقد نتيجة سحب العمل بالخصم من التأمين المودع لديها من المقاول أو من أية مبالغ مستحقة قبلها أو قبل أية مصلحة حكومية أخرى وذلك دون إخلال بحق الوزارة أو المصلحة أو السلاح فى المطالبة بالتعويض عما قد يلحق بها من أضرار، وكانت المادة 96 من ذات اللائحة تنص على أنه "فى حالة سحب العمل كله أو بعضه من المقاول يحرر كشف بالأعمال التى تمت وبالآلات والأدوات التى استحضرت والمهمات التى لم تستعمل والتى يكون قد وردها المقاول بمكان العمل ويحصل ذلك الجرد خلال شهر من تاريخ سحب العمل بمعرفة مندوب الوزارة أو المصلحة أو السلاح وبحضور المقاول بعد إخطاره بكتاب موصى عليه بالحضور هو أو مندوبه ويثبت هذا الجرد بموجب محضر يوقعه كلا من مندوب الوزارة أو المصلحة أو السلاح والمقاول أو من ينوب عنه فإذا لم يحضر أو لم يرسل مندوبا عنه فيجرى الجرد فى غيابه.
وفى هذه الحالة يخطر المقاول بنتيجة الجرد فإذا لم يبد ملاحظاته خلال أسبوع من تاريخ وصوله إليه كان ذلك بمثابة إقرار منه بصحة البيانات الواردة فى محضر الجرد والوزارة أو المصلحة أو السلاح غير ملزمة بأخذ شيء من هذه المهمات إلا بالقدر الذى يلزم لإتمام الأعمال فقط على شرط أن تكون صالحة للاستعمال، أما ما يزيد على ذلك فيكلف المقاول بنقله من المحل فإن حق الإدارة فى حجز المواد والآلات والمهمات المملوكة للمقاول المقصر الذى سحب منه العمل والموجودة بموقع العمل واستعمالها فى إتمام العمل وإبقائها بعد ذلك ضمانا لحقوقها قبله وبيعها استفياء لتلك الحقوق، إنما يقابله التزامها بإجراء جرد لتلك المواد والمهمات والآلات سواء بحضور المقاول أو فى غيبته فى حالة تعذر حضوره مع إخطاره بنتيجة الجرد فى الحالة الأخيرة واعتبار تلك النتيجة نهائية إذا لم يعترض عليها خلال أسبوع من تاريخ وصول الإخطار إليه كما وأن حق الإدارة فى حجز المواد والمهمات والآلات المملوكة للمقاول المسحوب منه العمل رهين باستيفاء حقوقها فإن استوفتها تعين عليها تسليمها له كاملة أو ما بقى منها بعد استيفاء حقها.
ومن حيث إنه لما كان الثابت بالأوراق أن الإدارة الطاعنة لم تجر جردا لمهمات وأدوات ومواد المطعون ضده بعد سحب العمل منه، وكان الثابت كذلك بمذكرة إدارة العقود والمشتريات بالوحدة المحلية لمدينة المحلة الكبرى المؤرخة 16/ 12/ 1981 - والمودعة حافظة الإدارة - المقدمة بجلسة 14/ 11/ 1982 أن الفروق المالية المترتبة على سحب العمل وقدرها 469.120 جنيها وغرامة التأخير المستحقة على المطعون ضده وقدرها 294.220 جنيها قد تم خصمها كاملة من مستحقات المطعون ضده فإنها تكون ملزمة بناء على ذلك بأن تسلمه المواد والمهمات والأدوات التى احتجزتها بموقع العمل وقت سحب الأعمال منه.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من عريضة الدعوى وكافة الأوراق المودعة من المطعون ضده أنه لم يحدد ماهية المهمات والأدوات والمواد التى حجزت منه بموقع العمل اكتفاء بالمطالبة بقيمتها التى حددها بمبلغ 2000 جنيه وكان تقرير الخبير المودع ملف الدعوى قد أثبت تعذر بيان قيمة المهمات والأدوات المملوكة للمطعون ضده ونفى وجود مواد له بالموقع وفقا للثابت بمحضر الشرطة الذى حرره المطعون ضده برقم 3499 لسنة 1979 إدارى قسم أول المحلة الكبرى والذى أطلع عليه الخبير وأوضح أنه لم يتضمن بيانا بالمعدات والمهمات التى يطالب المطعون ضده بقيمتها وأشار فقط إلى الأخشاب دون تحديد لكميتها ولم يشر إلى وجود تشوينات، وإذ لم تذكر الإدارة وجود مهمات ومعدات للمطعون ضده بالموقع، وكان تقرير الخبير قد أثبت فقدها فإنها تكون ملزمة بأداء قيمتها للمطعون ضده.
ومن حيث إنه إزاء ما تقدم فإنه لا يكون هناك مناص من تحديد قيمة معدات المطعون ضده فى ضوء القيمة الإجمالية للأعمال المحددة فى العقد بمبلغ 7073.149 جنيها وهو ما تقدره المحكمة بمبلغ "700 جنيها" سبعمائة جنيه ومن ثم يكون من المتعين تعديل الحكم المطعون فيه والقضاء بهذا المبلغ للمطعون ضده.
ومن حيث إن كل من الخصمين قد أخفق فى بعض طلباته فإن المحكمة تلزمهما بالمصاريف مناصفة عملا بنص المادة 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ سبعمائة جنيه وبإلزام المطعون ضده نصف المصروفات.