أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 27 - صـ 449

جلسة 19 من أبريل سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن على المغربى، وقصدى إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر، وأحمد طاهر خليل.

(97)
الطعن رقم 84 لسنة 46 القضائية

إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "بيانات حكم الإدانة".
وجوب تضمن حكم الإدانة بيانا بالواقعة وجميع عناصرها. وإلا كان قاصرا.
أوجب القانون فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التى استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ، وإلا كان حكمها قاصرا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم بدائرة مركز بلقاس محافظة الدقهلية، (أولا) المتهمون من الأول حتى الثالث: أبدوا أقوالا غير صحيحة مع علمهم بذلك فى إجراءات تحقيق وفاة...... أمام محكمة بلقاس للأحوال الشخصية ولاية على النفس بأن تقدم الأول بطلب إلى المحكمة مدعيا فيه وفاة ..... وأنه يستحق تركته جمعيا بدون شريك ولا وارث له سواه وتقدم المتهمان الثانى والثالث أمام المحكمة وشهدا بما يؤيد صحة هذه الأقوال وذلك على خلاف الحقيقة وتم ضبط الإعلام على هذا الأساس (ثانيا) المتهم الأول أيضا: استعمل الإعلام المزور سالف الذكر الذى تم ضبطه بناء على أقوال غير صحيحة مع علمه بذلك بأن قدمه إلى الشهر لنقل ملكية الأرض إليه. وطلبت عقابهم بالمادة 226 من قانون العقوبات. ومحكمة بلقاس الجزئية قضت فى الدعوى غيابيا عملا بمادة الإتهام بحبس كل من المتهمين ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ فعارض المتهمون، وفى أثناء نظر المعارضة ادعى كل من ..... و...... مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيها لكل على سبيل التعويض المؤقت. وبتاريخ 11 ديسمبر سنة 1972 قضى فى المعارضة بقبولها شكلا وفى موضوع الدعوى الجنائية بتأييد الحكم المعارض فيه. وفى الدعوى المدنية بإلزام المتهمين متضامنين بأن يؤدوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت وإلزامهم مصاريف الدعوى المدنية. فاستأنف المتهمون الحكم وقيد استئنافهم برقم 9050 لسنة 1972. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت فى الدعوى حضوريا بقبول الإستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والإكتفاء بتغريم كل من المتهمين عشرين جنيها وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الأستاذ ...... المحامى عن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بالجريمة المنصوص عليها فى المادة 226 من قانون العقوبات قد شابه القصور فى البيان والاستدلال وذلك بأن خلا من بيان الواقعة بيانا واضحا تتحقق به أركان الجريمة التى دان الطاعنين بها ولم يورد مضمون أدلة الثبوت ومؤداها التى عول عليها فى ثبوت الجريمة مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الغيابى الابتدائى المؤيد والمكمل لأسبابه بالحكم المطعون فيه إنه بعد أن أشار إلى وصف التهمة التى نسبتها النيابة العامة إلى الطاعنين وإلى طلبها معاقبتهم وفق نص المادة 226 من قانون العقوبات حصل واقعة الدعوى بقوله. "وحيث إن الواقعة تخلص من استقراء الأوراق أن ........ من كفر العزل قد تقدم بطلب إلى محكمة بلقاس للأحول الشخصية قيد برقم 40 وارثات لسنة 1969 قرر فيه أنه الوارث الوحيد أخير لـ ... وموقع عليه بخاتمه ومؤرخا 18/ 5/ 1969 واستشهد فيه بالمتهمين الثانى والثالث اللذين أيداه فى روايته وقد تم ضبط الاشهاد على ما ذكر، وحيث إن ........ أبلغ وقرر بمحضر جمع الاستدلالات وأمام النيابة بأن المتهم فعل هذا الجرم وتقدم بالطلب المزور بحجة الاستيلاء على 9 ف و21 ط هى التركة المخلفة عن المورث المتوفى بكفر العزل مركز بلقاس وغير اسم والده الحقيقى إذ هو .... ووافقه المتهمان الثانى والثالث وسايراه فيما فعل أضرارا به وأضاف بأن المتهم تقدم بطلب إلى مكتب الشهر العقارى مستغلا الحصول على الاعلام الشرعى المزور لنقل التكليف من اسم الوارث لإسمه وحده ثم نقل التكليف وباع من هذا القدر 3 ف و7 ط إلى كل من..... وآخر. ومن حيث إن.... شيخ بلد كفر العزل شهد بما يؤكد ما ذهب إليه المبلغ جملة وتفصيلا ومن حيث بسؤال المتهم بمحضر تحقيقات النيابة قرر أنه تقدم بالطلب رقم 40 لسنة 1969 أحوال شخصية لإثبات وفاة المرحوم..... الذى توفى سنة 1925 ولا يذكر تواريخ الوفاة ومن حيث إنه بسؤال المتهمين الثانى والثالث أنكرا التهمة المسندة إليهما ومن حيث إنه تقدم محضر صلح مؤرخا 10/ 10/ 1968 وفيه يقرر المبلغ بأنه استلم جميع حقوقه فى الأطيان الزراعية والموروثة عن والدهم جميعا وأنه تنازل عن جميع الدعاوى والشكاوى المرفوعة بخصوص الأطيان الزراعية "ثم خلص الحكم إلى أن التهمة ثابتة قبل الطاعن الأول من حصوله على الإعلام الشرعى وقبل الطاعنين الأخيرين من شهادتهما على صحة ما ورد بهذا الإعلام، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أحال فى بيان وقائع الدعوى على أسباب الحكم الابتدائى الصادر فى معارضة الطاعن أمام محكمة أول درجة والذى أحال بدوره فى تبيانها إلى أسباب الحكم الغيابى الابتدائى وأضاف أسبابا جديدة لقضائه بالتأييد فأورد شهادة...... بما مفاده أن المتهم الأول هو ابن عمها ....... والذى توفى عن تركة قدرها عشرة أفدنة وأن المدعيين بالحق المدنى أولادها وأن والدهما توفى قبل وفاة عمها المذكور، ثم عرض الحكم للأدلة التى استند إليها فى إدانة المتهمين بقوله: "وحيث إن المحكمة تستخلص من سرد واقعة الدعوى على النحو سالف البيان أن الواقعة المسندة إلى المتهمين قد ثبت لدى المحكمة وتوافر الدليل على صحتها من المستندات المقدمة من المدعيين بالحق المدنى وأقوالهم وأقوال الشهود التى تقطع بأن المتهم الأول ليس هو ابن المتوفى المورث وأنه يمت بصلة القربى له وكذا الشاهدين المنهمين الثانى والثالث كانا يعلمان بذلك وشهدا بهذه الواقعة عن سوء قصد وأن مستندات المتهم الأول لا تفيد الدعوى فى شئ وأن ما انتهى إليه الحكم من إدانتهم قد أصاب وجه الحق مما يتعين معه تأييده ورفض الاستئناف لما كان ذلك، وكان القانون أوجب فى كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التى استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة المأخذ، وإلا كان حكمها قاصرا، ولما كان ما أورده الحكم بيانا لواقعة الدعوى جاء غامضا ولا يبين منه أركان الجريمة المسندة إلى الطاعنين هذا فضلا عن أن الحكم وقد عول على مستندات المدعيين بالحق المدنى وأقوال الشهود فإنه لم يورد مضمون تلك المستندات وهذه الشهادة ومؤداها فى ثبوت الجريمة التى دان الطاعنين بها ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قاصر البيان لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بالدليل الذى استنبطت منه معتقدها فى الدعوى مما يصمه بالقصور ويستوجب نقضه والاحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.