مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1996 إلى آخر فبراير سنة 1997) - صـ 251

(24)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد عبد السلام مخلص، وعلى فكرى حسن صالح، ود. حمدى محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنان رقما 1266 و1286 لسنة 33 قضائية عليا

عقد إدارى - إبرامه - سلطة الجهة الإدارية فى إلغاء المناقصة أو المزايدة بعد البت فيها - حدودها - حق الراسى عليه فى طلب التعويض.
القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات، لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957.
أجاز المشرع لسلطة الاعتماد بناءً على رأى لجنة البت فى العطاءات، إلغاء المناقصة أو المزايدة بعد البت فيها إذا كانت قيمة العطاء الأقل فى المناقصة تزيد على القيمة السوقية وفى المزايدة تقل عن تلك القيمة - إذا ما صدر قرار السلطة المختصة بالاعتماد بإلغاء المزايدة لما ثبت لها من أن الثمن الذى رست به المزايدة يقل كثيراً عن القيمة السوقية وحتى لو جاوز الثمن الأساسى المحدد بمعرفة لجنة التثمين وكان ذلك ابتغاء مصلحة عامة تكمن فى الحصول على أكبر ثمن ممكن لممتلكاتها فإن قراراها الصادر فى هذا الشأن يكون متفقاً وأحكام القانون - لجنة البت فى المزاد وإن كانت تنوب عن الجهة الإدارية فى اتخاذ إجراءات البيع ويكون السعر الأساسى المقدر بمعرفة لجنة التثمين سعراً استرشادياً فحسب، تلتزم بعدم رسو المزاد بسعر يقل عنه إلا إنه يجب عليها عند اتخاذ قراراها أن يكون سعر البيع مناسباً للأسعار المتعامل بها عند رسو المزاد - مردود ذلك أن السعر المحدد بمعرفة لجنة التثمين قد يكون مناسبا وقد لا يكون مناسبا وأن البيع فى المزدات الحكومية يقوم على فكرة البيع بأعلى سعر مناسب لأسعار السوق - أسعار السوق يترك تقديرها لسلطة التعاقد من ظروف البيوع المماثلة وهى ظروف لا تتوافر للجنة التثمين باعتبار أن التقدير يكون فى وقت سابق على إجراءات البيع وظروفه - لجنة البت يقتصر دورها على تعيين أفضل المتناقصين أو المتزايدين - هذا الإجراء ليس الخطوة الأخيرة فى التعاقد بل ليس إلا إجراءً تمهيدياً فى عملية التعاقد المركبة ثم يأتى بعد ذلك دور السلطة المختصة بإبرام العقد فإذا ما رأت أن تبرمه فإنها تلتزم بإبرامه مع المزايد أو المناقص الذى عينته لجنة البت واختصاصها فى هذا الشأن اختصاص مقيد حيث تلنزم بالامتناع عن التعاقد مع غير هذا الشخص ولا تستبدل غيره به - يقابل هذا الاختصاص المقيد سلطة تقديرية هى حق جهة الإدارة فى إتمام أو فى عدم اتمام التعاقد والعدول عنه إذا ثبت ملاءمة ذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة - إن التقدم بالعطاء ولو كان يزيد على غيره من العطاءات ليس إلا إيجاباً من صاحب هذا العطاء ولابد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزايدة عليه ممن يملكه - إذا لم يصدر هذا القبول من السلطة المختصة بالتعاقد ويخطر به الراسى عليه المزاد فإن عقداً ما لا يكون قد انعقد بينهما - يحق للراسى عليه المطالبة بالتعويض عن الأضرار التى تكون قد لحقت به فى حالة عدم إلغاء الإدارة للمزاد فى ميعاد مناسب - أساس ذلك: أن عدم اتخاذ الإدارة قرارها فى هذا الشأن يعتبر خطأ تقصيرياً موجباً للمسئولية التقصيرية. تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 8/ 3/ 1987 أودع الأستاذ ........ المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا نائياً عن الأستاذ ....... المحامى بصفته وكيلاً عن السيدين ....... و...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1266 لسنة 33 ق. ع ضد السيدين/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، ومدير عام مديرية الإصلاح الزراعى بالإسكندرية بصفتيهما، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 11/ 1/ 1987 فى الدعوى رقم 376 لسنة 38 ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهما، والذى قضى بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعى الأول مبلغ 2800 جنيه وللمدعى الثانى مبلغ 2200 جنيه، مع إلزام المدعى عليهما المصاريف.
وطلب الطاعنان فى ختام الطعن، للأسباب الواردة به الحكم:
أولاً: بقبول الطعن شكلا.
ثانياً: وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى الحكم بصفة أصلية بصحة ونفاذ إجراءات المزاد التى رسا بها على الطاعنين مزاد بيع الأرض الموضحة فى صحيفة الدعوى، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتسليم الأرض بشروط المزاد وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
ثالثاً: وبصفة احتياطية - وعند عدم إجابة الطلب الأصلى الحكم بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع تعويضا ماليا مقداره 100000 جنيها (مائة ألف جنيه) لكل من الطاعنين عن كل فدان من الأفدنة التى رسا مزاد بيعها إلى الطاعنين، وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وفى الطلب الاحتياطى - الحكم تمهيديا وقبل الفصل فى تحديد قيمة التعويض ندب خبير فى الطعن للاطلاع عليه، وتقدير ما فات الطاعنين من كسب وما لحقهما من خسارة بسبب عدم نفاذ البيع وتقدير التعويض على هذا الأساس، وتقديم تقرير بذلك للمحكمة.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 16/ 3/ 1987 والمطعون ضده الثانى فى 29/ 3/ 1987
وفى يوم الثلاثاء الموافق 10/ 3/ 1987 أودع الأستاذ ......... المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن آخر فى الحكم المشار إليه قيد بجدولها تحت رقم 1286 لسنة 33 ق. ع، بصفته وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ضد السيدين ........... (وصحته ........) و.......، وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم أولاً: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثانيا: بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدها بتاريخ 19/ 3/ 1987.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه بالنسبة للطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. ع الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض للطاعنين إلى القيمة التى تقدرها هيئة المحكمة مع إلزام الجهة الإدارية والطاعنين المصروفات مناصفة.
وبالنسبة للطعن رقم 1286 لسنة 33 ق. ع الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع برفضه بشقيه العاجل والموضوعى.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 29/ 2/ 1992 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 1286 لسنة 33 ق. ع إلى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. ع ليصدر فيهما حكم واحد. وبجلسة 3/ 3/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة - موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 4/ 5/ 1993.
وقد تدوول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلستها المعقودة فى 19/ 10/ 1992 حجز الطعن لإصدار الحكم بجلسة 7/ 2/ 1993، وبجلسة 7/ 2/ 1993 قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة اليوم، وإحالته إلى الدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لقيام موجب الإحالة إليها لوجود تعارض بين الحكم الصادر فى الطعنين رقمى 1505، 1539 لسنة 29 ق. ع بجلسة 29/ 11/ 1986، وحكم سابق لهذه المحكمة فى الطعن رقم 812 لسنة 13 ق. ع الصادر بجلسة 1/ 2/ 1969 بالنسبة لمدى حق الجهة الإدارية فى إلغاء القرار الصادر بإرساء المزاد من اللجنة المختصة، مثار النزاع فى الطعن المعروض.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى المسألة المعروضة ارتأت فيه أنه لا يجوز للجهة الادارية الامتناع عن اعتماد المزاد تمهيدا لإعادة المزايدة للوصول إلى ثمن أعلى.
وبجلسة 3/ 8/ 1995 حكمت المحكمة (دائرة توحيد المبادئ) بأنه "يجوز للسلطة المختصة عدم اعتماد توصية لجنة إرساء المزاد إذ تبين لها أن السعر الذى انتهى إليه المزاد يقل كثيرا عن القيمة السوقية وقت رسو المزاد، وعلى أن تصدر قرارها بالإلغاء فى وقت مناسب على النحو المبين بالأسباب وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.
وقد ورد الطعن إلى الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 5/ 12/ 1995 وتدوول أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم. وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من سائر الأوراق - فى أنه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 25/ 10/ 1983 أقام الطاعنان فى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. ع الدعوى رقم 376 لسنة 38 ق طالبين الحكم أصليا: بصحة ونفاذ إجراءات المزاد التى رسا بها الطالبين مزاد بيع الأرض الموضحة فى صحيفة الدعوى مع ما يترتب على ذلك من آثار وتسليم الأرض بشروط المزاد واحتياطيا: إلزام المدعى عليها الأولى بأن تدفع لكل من المدعين تعويضاً مالياً مقداره (مائة ألف جنيه) لكل واحد من المدعين عن كل فدان من الأفدنة التى رسا مزاد بيعها عليهما، وإلزام الهيئة المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة فى جميع الأحوال، وقال المدعيان شرحا لدعواهما أن الهيئة المدعى عليها أعلنت بتاريخ 13/ 12/ 1974 عن مزاد بيع قطع أرض فضاء داخل كرودون مدينة الإسكندرية بنواحى خورشيد والصبحية والرأس السوداء، فتقدما مشتريين بتلك المزايدة، وقاما بسداد التأمين المطلوب لدخول المزاد، وقد رست عليهما القطع الثلاث الموضحة بعريضة دعوهما وقاما باستكمال التأمين ليصل إلى 20% من الثمن الراسى به المزاد وذلك بالنسبة لكل منهما وأضاف المدعيان أنه بعد مضى عامين على رسو المزاد عليهما قررت الهيئة المدعى عليها إلغاء إجراءات المزاد بالنسبة لجميع المساحات المعروضة بنواحى خورشيد والصبحية والرأس السوداء والتى رسا مزاد بيعها فى جلسات 13، 14، 20، 27 نوفمبر سنة 1974 وعرضها للبيع مرة أخرى لانخفاض الأسعار التى رسا بها المزاد عن سعر المثل، ولما كانت قائمة شروط البيع التى تمت المزايدة على أساسها نصت فى البند السادس عشر منها على أن تعتبر لائحة المناقصات والمزايدات مكملة لهذه الشروط فيما لم يرد به نص، وطالما أنه لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التى تجيز إلغاءها وفقا لأحكام القانون رقم 236 لسنة 1954 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية، فلا يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيداً لإعادتها بقصد الوصول إلى ثمن أعلى، وإنما يتعين وفقا لأحكام القانون المشار إليه اعتماد إرسائها على صاحب أكبر عطاء ما دام قد أوفى بالتزامه بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة العطاء.
وبجلسة 11/ 1/ 1987 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها تأسيسا على أن المشرع فى المادة (7) من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات حدد الحالات التى يجوز فيها إلغاء المناقصة على وجه الحصر - وتسرى تلك الأحكام على المزايدة عملا بحكم المادة (11) من القانون سالف الذكر - والثابت من الاطلاع على مذكرة الهيئة العامة للاصلاح الزراعى المقدمة بجلسة 7/ 3/ 1985 أن مجلس إدارة الهيئة لم يعتمد البيع للراسى عليهم المزاد وقام بإلغاء المزاد بسبب انخفاض أسعار الأرض التى عرضت بالمزاد عن سعر المثل وهذا السبب ليس من الأسباب التى أباح القانون فيها إلغاء المزاد ومن ثم فإن قرار الإدارة بإلغاء المزاد يكون قد صدر غير متفق مع حكم القانون مما يصمه بعدم المشروعية، وهذا القرار يكون ركن الخطأ فى المسئولية وهو ما يترتب عليه مباشرة ضرر بالمدعيين مما يستوجب تعويضهما عنه، إلا أنه ليس لهما أن يحددا التعويض المستحق بناء على تطور القيمة للعين محل المزاد فى السنوات الماضية واللاحقة على جلسة المزاد فى 13/ 11/ 1974 ذلك أنه كان للمدعين إقامة دعوى الإلغاء فى حينه لإلغاء قرار إلغاء المزاد، أما وأنهما قد هجرا هذا الأسلوب القانونى لحماية الحقوق فإنه لا يكون لهما الحق فى التعويض إلا عن الأضرار التى أصابتهما من إلغاء المزاد وقت حدوثه، وهو ما نقدره بمبلغ 5000 جنيه (خمسة آلاف جنيه) ونظرا لمشاركتهما فى مزاد القطعة الأولى والثانية وانفراد المدعى الأول بالقطعة الثالثة - فإن المحكمة تقدر للمدعى الأول من التعويض مبلغ 2800 جنيها وتقدر للمدعى الثانى مبلغ 2200 جنيها.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. ع مخالفة الحكم المطعون فيه والخطأ فى تطبيقه وتأويله على سند من القول بأنه لم يقم بالمزايدة موضوع الدعوى أية حالة من الحالات التى تبرر إلغاءها طبقا لحكم المادة (7) من القانون رقم 236 لسنة 1954 المشار إليه، وكان من حق الطاعنين أن يقضى لكل منهما بصحة التعاقد القائم بينهم وبين الهيئة وبطلان إجراءات إعادة طرح المزايدة، وقد كيفت المحكمة هذا الطلب على أنه طلب إلغاء قرار إلغاء المزايدة وأن هذا التكييف لا يمثل حقيقة طلباتهما، كما أن مبلغ التعويض الذى قضت به المحكمة يخالف المبدأ الذى يحكم التعويض وهو تعويض المضرور عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة - وقد بيع الفدان الواحد فى أرض متاخمة لأرض المزاد بمبلغ 120000 جنيها (مائة وعشرين ألف جنيه) طبقا للعقود المسجلة.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1286 لسنة 33 ق. ع هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله على سند من القول بأنه طبقا لأحكام القانون وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا فإن اختصاص لجنة البت ينحصر فى إتمام الإجراءات بقصد الوصول إلى تعيين أفضل المتناقصين أو المتزايدين حسب الأحوال، وأن من حق الجهة الإدارية عدم التعاقد والعدول عنه إذا ثبت ذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، ولما كانت الهيئة الطاعنة قد قامت بإلغاء المزاد بسبب انخفاض السعر عن سعر المثل فإن قرارها فى هذا الشأن يكون سليما ومطابقا للقانون، وترتيبا على ذلك فلا يوجد خطأ ينسب للهيئة الطاعنة يستوجب التعويض عنه.
ومن حيث إن مثار النزاع المعروض هو بيان مدى حق الجهة الإدارية فى الامتناع عن اعتماد نتيجة المزاد تمهيدا لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى.
ومن حيث إن البند (16) من قائمة مزاد بيع الأراضى محل الطعن - الذى تم بتاريخ 13/ 11/ 1974 تنص على أن تعتبر لائحة المناقصات والمزايدات مكملة لشروط القائمة فيما لم يرد به نص.
ومن حيث إن المادة (7) من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أن "تلغى المناقصة بقرار مسبب من رئيس المصلحة بعد النشر عنها وقبل البت فيها إذ استغنى عنها نهائياً".
أما فى غير هذه الحالة فيجوز لرئيس المصلحة إلغاء المناقصة فى إحدى الحالات الآتية:
1 - إذا تقدم عطاء وحيد أو لم يبق بعد العطاءات المستبعدة إلا عطاء واحد.
2 - إذا اقترنت العطاءات كلها أو أكثرها بتحفظات.
3 - إذا كانت قيمة العطاء الأقل تزيد على القيمة السوقية.
ومقتضى المادة (11) من ذات القانون سريان الأحكام الخاصة بالمناقصة على المزايد وقد نصت المادة (67) من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 على أن".... ترفع اللجنة (لجنة البت) توصياتها موقعة من جميع أعضائها ومن رئيسها إلى رئيس المصلحة أو مدير السلاح لكى يتولى اعتماد توصيات اللجنة..."
ومن حيث إن المادة السابعة من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات سالفة البيان قد أجازت لسلطة الاعتماد، بناء على رأى لجنة البت فى العطاءات إلغاء المناقصة أو المزايدة بعد البت فيها، إذا كانت قيمة العطاء الأقل فى المناقصة تزيد على القيمة السوقية وفى المزايدة تقل عن تلك القيمة، ومن ثم فإذا ما صدر قرار السلطة المختصة بالاعتماد بإلغاء المزايدة لما ثبت لها من أن الثمن الذى رست به المزايدة يقل كثيراً عن القيمة السوقية، وحتى لو جاوز الثمن الأساسى المحدد بمعرفة لجنة التثمين. وكان ذلك ابتغاء مصلحة عامة تكمن فى الحصول على أكبر ثمن ممكن لممتلكاتها، فإن قرارها الصادر فى هذا الشأن يكون متفقاً وأحكام القانون، ذلك ولئن كانت لجنة البت فى المزاد تنوب عن الجهة الإدارية فى اتخاذ إجراءات البيع ويكون السعر الأساسى المقدر بمعرفة لجنة التثمين سعراً استرشادياً فحسب، تلتزم بعدم رسو المزاد بسعر يقل عنه إلا إنه يجب عليها عند اتخاذ قراراها أن يكون سعر البيع مناسباً للأسعار المتعامل بها عند رسو المزاد. ومرد ذلك أن السعر المحدد بمعرفة لجنة التثمين قد يكون مناسباً وقد لا يكون مناسب، وأن البيع فى المزادات الحكومية يقوم على فكرة البيع بأعلى سعر مناسب لأسعار السوق، وأسعار السوق يترك تقديرها لسلطة التعاقد من ظروف البيوع المماثلة، وهى ظروف لا تتوافر للجنة التثمين باعتبار أن التقدير يكون فى وقت سابق على إجراءات البيع وظروفه.
وومن حيث إنه فضلا عما تقدم فإن لجنة البت يقتصر دورها على تعيين أفضل المتناقصين أو المتزايدين وفقا لممارسة القانون بارساء المناقصة أو المزايدة عليه، وهذا الإجراء ليس الخطوة الأخيرة فى التعاقد، بل ليس إلا إجراءً تمهيدياً فى عملية التعاقد المركبة، ثم يأتى بعد ذلك دور السلطة المختصة بإبرام العقد، فإذا ما رأت أن تبرمه فإنها تلتزم بإبرامه مع المزايد أو المناقص الذى عينته لجنة البت واختصاصها فى هذا الشأن اختصاص مقيد حيث تلتزم بالامتناع عن التعاقد مع غير هذا الشخص، ولا تستبدل غيره به، إلا أن يقابل هذا الاختصاص المقيد سلطة تقديرية هى حق الجهة الإدارية فى عدم إتمام التعاقد والعدول عنه إذا ثبت ملاءمة ذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة، وذلك أمر بديهى لأن التقدم بالعطاء ولو كان يزيد على غيره من العطاءات ليس إلا ايجابا من صاحب هذا العطاء، ولابد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزايدة عليه ممن يملكه، بحيث إذا لم يصدر هذا القبول من السلطة المختصة بالتعاقد ويخطر به الراسى عليه المزاد، فإن عقداً ما لا يكون قد انعقد بينهما.
ومن حيث إنه ولئن كان من حق الجهة الإدارية - حسبما سلف البيان - الامتناع عن اعتماد نتيجة المزايدة تمهيدا لاعادتها بقصد الوصول إلى ثمن أعلى، وأن قرارها الصادر فى هذا الشأن يكون متفقا وأحكام القانون، إلا أنه يتعين على جهة الإدارة أن تصدر قرارها بإلغاء المزايدة فى وقت مناسب حسب ظروف كل حالة، وإلا كانت ملتزمة بتعويض ما عسى أن يكون قد لحق صاحب الشأن من أضرار نتيجة التراخى فى إصدار قرار الإلغاء طبقا للقواعد العامة المقررة فى المسئولية التقصيرية.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى قد أعلنت عن بيع بعض قطع الأرض الفضاء المملوكة لها داخل كردون مدينة الإسكندرية طبقا لقائمة الشروط المعلنة والتى اعتبرت لائحة المناقصات والمزايدات الحكومية جزءاً منها، وبتاريخ 13/ 12/ 1974 رست القطع الثلاث الموضحة بصحيفة الدعوى والطعن على الطاعنين فى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. ع وقاما شراء الأرض محل المزايدة وورد بهذا الإقرار أن إتمام البيع تحت تصديق الإدارة العامة للاستيلاء والتوزيع إلا أنه بتاريخ 8/ 7/ 1976 أخطرت الهيئة الطاعنين بأن الأطيان المذكورة لم يعتمد بيعها من مجلس إدارة الهيئة وذلك بجلسته المعقودة بتاريخ 17/ 5/ 1976 وذلك لانخفاض سعرها عن سعر المثل، وإعادة عرضها فى المزاد مرة أخرى وسيكون آخر سعر وصل إليه المزاد هو السعر الأساسى للتزايد - وطلبت الهيئة من المذكورين بكتابها سالف الذكر التقدم بطلب لسحب التأمين السابق سداده منهما، ومن ثم فإن قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بعدم الموافقة على البيع واعتماد توصية لجنة البت بإرساء المزايدة على المذكورين يكون متفقا وأحكام القانون، ولا يسوغ الادعاء بوجود تعاقد بين الهيئة والمذكورين بمجرد ارساء المزايدة عليهما وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يستوجب إلغاءه.
ومن حيث إنه وعلى ما سلف إيضاحه فإن دائرة توحيد المبادئ فى حكمها المشار إليه قررت مبدأ أحقية الراسى عليه المزاد فى التعويض عن الأضرار التى تكون قد لحقت به فى حالة عدم إلغاء الإدارة للمزاد فى ميعاد مناسب على أساس أن عدم اتخاذ الإدارة قرارها فى هذا الشأن يعتبر خطأ تقصيريا موجبا لمسئوليتها التقصيرية.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم فى خصوصية النزاع المعروض فإن الثابت من الأوراق أن الفترة التى انقضت ما بين ارساء المزاد ورفض جهة الإختصاص باعتماد هذا القرار وإلغاء المزاد، كانت من 13/ 11/ 1974 حتى 17/ 5/ 1979 كذلك فإن الثابت أن نسبة الـ 20% من قيمة المزاد كانت مبلغ 515 جنيه، 445 جنيه، 130 جنيه بالنسبة للقطع الثلاث.
ومن حيث إن المدة التى انقضت فيما بين إجراء المزاد وإلغائه هى فترة تقتضيها عادة قيام الإدارة ببحث الموضوع من الوجهة القانونية حتى يأتى قرارها متسقا وحكم القانون، فضلا عن أنه ليس فى الأوراق ما يفيد أنه قد لحق بالطاعنين فى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. ع ضرر نتيجة تفويت فرصته عليهم، وإذا كان الثابت أنهم قد حرموا من قيمة التأمين المشار إليه فإن التعويض فى هذه الحالة قد حدده القانون المدنى بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية والثابت أن الإدارة قامت برد المبالغ المشار إليها قبل رفع الدعوى.
ومن حيث إنه تأسيسا على ما تقدم فإنه يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة:
أولا - بقبول الطعنين شكلا.
ثانيا - فى الطعن رقم 1286 لسنة 33 ق. ع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى.
ثالثا - فى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق. ع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.