مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2123

(249)
جلسة 13 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1970 لسنة 45 القضائية

أراض زراعية - البناء عليها وتبويرها - السلطة المختصة بالإزالة.
قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 - قصد المشرع من هذا القانون حماية الرقعة الزراعية وصيانتها من التبوير أو من كل فعل أو امتناع يؤدى إلى المساس بخصوبتها وجعل هذا المساس جريمة جنائية - كما أن هذا الحماية تقضتى تدخلا من جهة الإدارة دون انتظار حكم القضاء وذلك بوقف أسباب المخالفة والحيلولة دون استعمالها وإزالة أسباب المخالفة وإعادة الأرض إلى ما كانت عليه - تفرقة بين حالتين الأولى ارتكاب فعل أو الامتناع عن فعل من شأنه تبوير الأرض الزراعية والمساس بخصوبتها والثانية اقامة مبان أو منشآت واتخاذ اجراءات تقسيم لأرض زراعية، فى الحالة الأولى للجهة الإدارية ممثلة فى وزير الزراعة أو من يفوضه سلطة وقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإدارى على نفقة المخالف ودون انتظار للحكم فى الدعوى الجنائية وفى الحالة الثانية تكون الإزالة من اختصاص القضاء الجنائى وحده وسلطة وزير الزراعة تقف عند إصدار قرار بوقف أسباب المخالفة فقط - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 25/ 1/ 1999 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقريرا بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 19 لسنة 5 ق بجلسة 29/ 11/ 1998 والذى قضى بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وطلب فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده مصروفات هذا الطلب.
وقد أعلن تقرير الطعن وفقاً للثابت بالأوراق.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظرت الدائرة الأولى فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا الطعن بجلسة 17/ 1/ 2000 والجلسات التالية، وبصدور قرار السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة بإنشاء دوائر جديدة بالمحكمة الإدارية العليا وإعادة توزيع الاختصاص بين تلك الدوائر ورد الطعن إلى الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا ونظرته بعدة جلسات وبجلستها المنعقدة بتاريخ 16/ 1/ 2001 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة (موضوع) بالمحكمة الادارية العليا لنظره بجلسة 14/ 2/ 2001 ونفاذاً لذلك ورد الطعن إلى هذه الدائرة ونظرته بالجلسة المذكورة وبجلسة 18/ 4/ 2001 قررت حجز الطعن للحكم بجلسة 13/ 6/ 2001 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أنه بتاريخ 2/ 10/ 1997 أودع المطعون ضده قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بطنطا عريضة الدعوى رقم 19 لسنة 5 ق طالبا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 3405 لسنة 1997 الصادر من محافظ الغربية فيما تضمنه من إزالة تشوينات مواد البناء على مساحة 100 متر من الأراضى الزراعية بحوض داير الناحية بناحية محلة منوف مركز طنطا وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وذلك على سند من القول بأن الأرض المملوكة له الصادر بشأنها القرار المطعون فيه ليست أرضا زراعية وإنما هى أرض غير قابلة للزراعة لانقطاع مصدرى الرى والصرف عنها وإحاطتها بالمبانى من جميع الجهات.
ونظرت المحكمة المذكورة الدعوى بعدة جلسات وبجلستها المنعقدة بتاريخ 29/ 11/ 1998 أصدرت حكمها المطعون فيه، وأقامت قضاءها على أن وقف تنفيذ القرار الإدارى يتطلب أن يتوافر ركن الجدية والاستعجال بأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها وأن يكون القرار بحسب الظاهر من الأوراق غير مشروع وفى مجال بحث ركن الجدية استعرضت بعض نصوص قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 وتعديلاته والمستفاد منها وانتهت إلى أن أرض النزاع محاطة بالأرض الفضاء وشوارع ومبان من جميع الجهات ولا تتصل بالأرض الزراعية من أى جهة مما يعنى أنها فاقدة لمصدرى الرى والصرف ولا تتوافر لها مقومات صلاحيتها للزراعة وتنتفى عنها صفة الأرض الزرعية، ويكون القرار الصادر بإزالة التشوينات بدعوى أن من شأنها تبوير الأرض الزراعية يكون بحسب الظاهر من الأراض غير قائم على السبب الصحيح المبرر له قانوناً ويتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه كما أن تنفيذ ذلك القرار يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها، ويكون طلب وقف التنفيذ موافقا صحيح حكم القانون.
ولم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى جهة الإدارة فأقامت هذا الطعن ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن مجرد وجود أحد الحدود مسكن أو منزل مقام لا يجعل الأرض محل القرار غير زراعية إذ من الممكن أن يكون المسكن المجاور محل إزالة مخالف أيضاً، والمخالف لا يرتب حقاً للأخرين فى المخالفة، وقد خلت الأوراق من أى مستند يفيد خروج الأرض محل القرار المطعون فيه من عداد الأرض الزراعية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكة قد جرى على أن وقف تنفيذ القرار الإدارى يتطلب توافر ركنين هما الجدية والاستعجال بأن يكون القرار بحسب الظاهر من الأوراق غير مشروع وأن يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة 151 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983 والقانون رقم 2 لسنة 1985 تنص على أن "يحظر على المالك أو نائبه أو المستأجر أو الحائز للأرض الزراعية بأية صفة ترك الأرض الزراعية غير منزرعة لمدة سنة من تاريخ آخر زراعة رغم توافر مقومات صلاحيتها للزراعة ومستلزمات انتاجها التى تحدد بقرار من وزير الزراعة كما يحظر ارتكاب أى فعل أو الامتناع عن أى عمل من شأنه تبوير الأرض الزراعية أو المساس بخصوبتها.
وتنص المادة 155 من هذا القانون على أن "يعاقب على مخالفة حكم المادة 151 من هذا القانون بالحبس وبغرامة لا تقل عن ......
ولوزير الزراعة قبل الحكم فى الدعوى أن يأمر بوقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الادارى على نفقة المخالف.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى فى بيان قصد المشرع من تلك النصوص وغيرها من نصوص وردت فى قانون الزراعة سالف الذكر تتناول تبوير الأرض الزراعية والبناء عليها إضفاء الحماية اللازمة للرقعة الزراعية وصيانتها من التبوير أو من كل فعل أو امتناع يؤدى إلى المساس بخصوبتها، وأن المساس بتلك الحماية جريمة جنائية توجب على المحكمة المختصة توقيع الجزاء المقرر لها، كما أن حماية الرقعة الزراعية تقتضى تدخلا من جهة الإدارة دون انتظار لحكم القضاء، ويكون ذلك بوقف أسباب المخالفة للحيلولة دون استفحالها أو إزالة أسباب المخالفة وإعادة الأرض الزراعية إلى ما كانت عليه، وفى هذا الصدد لا ينبغى التفرقة بين حالتين - الأولى حالة ارتكاب فعل أو امتناع يكون من شأنه تبوير الأرض الزراعية والمساس بخصوبتها - والثانية - حالة إقامة منشآت أو مبان أو اتخاذ إجراءات لتقسيم الأرض الزراعية، ففى الحالة الأولى يكون لجهة الإدارة ممثلة فى وزير الزراعة أو من يفوضه سلطة وقف أسباب المخالفة وإزالتها بالطريق الإدارى على نفقة المخالف ودون انتظار للحكم فى الدعوى الجنائية، وفى الحالة الثانية تكون الإزالة من اختصاص القضاء الجنائى وحده أما وزير الزراعة فتقف سلطته عند اصدرار قرار بوقف أسباب المخالفة فقط.
ومن حيث إنه وفقاً لما سلف ولما كان البادى من ظاهر الأوراق وخاصة محضر المخالفة رقم 25019 المحرر فى 24/ 9/ 1997 المودع بالأوراق رفق هذا القرار المطعون فيه أن المطعون ضده قام بتشوين مواد بناء رمل وزلط وحفر قواعد على مساحة 100 متر بداير الناحية محلة منوف مركز طنطا وقامت جهة الإدارة بتحرير محضر المخالفة المذكورة وإصدار القرار المطعون فيه وهو ما يفيد أن المخالفة المنسوبة إليه ثابتة فى حقه ولا يؤثر فى ذلك ما قدمه من صورة الحكم الصادر من محكمة مركز طنطا فى قضية النيابة العمومية رقم 3176 لسنة 1997 بتاريخ 18/ 11/ 1997 غيابيا ببراءته من تهمة تبوير الأرض الزراعية لانقطاع مصدرى الرى والصرف أو صورة تقرير الخبير المودع منه فى دعوى جار له وغير ذلك من صور مستندات تخص جاره ......، فإن ذلك لا ينفى وقوع المخالفة لأنه لم يثبت أن الحكم الغيابى صار نهائياً وقد يكون هو السبب فى انتفاء مقومات صلاحية الأرض للزراعة وانعدام مصدرى الرى والصرف لها كما أن وقوعها داخل الكتلة السكنية لا يغير من طبيعتها كأرض زراعية وإنما تظل كذلك إلى أن يصدر قرار باخراجها من عداد الأراضى الزراعية لعدم صلاحيتها لذلك من الجهة المختصة أو يقوم الدليل على انعدام مصدرى الرى والصرف لها، وإذ لم يتم شئ من ذلك فإنها تكون لازالت أرضاً صالحة للزراعة جديرة بالحماية المقررة لها، ويكون القرار الذى أصدره محافظ الغربية بصفته مفوضاً من وزير الزراعة بموجب التفويض رقم 2631 لسنة 1997 صادراً بحسب الظاهر من الأوراق من مختص بإصداره وقام على سببه الصحيح المبرر له قانونا وينتفى ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه وإذا انتفى ركن الجدية فلا محل لبحث ركن الاستعجال، ويكون طلب وقف التنفيذ غير قائم على أساس سليم من صحيح القانون جديرا بالرفض وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد جانب صواب القانون جديراً بالإلغاء مما يتعين معه الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات طبقاً لحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.