مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1996 إلى آخر فبراير سنة 1997) - صـ 285

(27)
جلسة 26 من نوفمبر سنة 1996

السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: الدكتور محمد عبد السلام مخلص، والدكتور/ حمدى محمد أمين الوكيل، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1265 لسنة 37 قضائية عليا

هيئة الشرطة - ضباط الشرطة - تأديبهم - نظام الإحالة للاحتياط - ضوابطه - الإحالة إلى المعاش بعد الاحالة للاحتياط - أسبابه.
المادة 67 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971.
المشرع خوَّل وزير الداخلية إحالة الضباط، إذا لم يكن معيناً بقرار جمهورى ولم يكن شاغلاً لرتبة لواء، إلى الاحتياط - المشرع اشترط لذلك قيام أسباب جدية تتعلق بالصالح العام تؤكد وتثبت ضرورة إحالة الضابط إلى الاحتياط دون مواجهته بما هو منسوب إليه أو سماع دفاعه فى تحقيق أو محاكمة تأديبية - يستهدف نظام الإحالة إلى الاحتياط تنحية الضابط من وظيفته لمدة معينة لا تجاوز السنتين بقصد تنبيهه إلى اعوجاج سلوكه وضعف انضباطه حتى يرجع إلى جادة الصواب - مقتضى ذلك ولازمه وضع الضابط خلال فترة الاحتياط تحت الرقابة والفحص بصفة دائمة طوال مدة الاحتياط حتى يتثنى عرض أمره قبل نهايتها على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إما عودته إلى الخدمة إذا ما تبين أنه استقام فى سلوكه واعتدل فى تصرفاته بما يرجح عودته إلى التكيف مع ما تفرضه عليه طبيعة وظيفته من واجبات أو إحالته إلى المعاش إذا ما تبين أنه ما زال مصراً على سلوكه المعوج إلى الحد الذى يفقده الصلاحية فى هيئة الشرطة - إن أسباب الاحالة إلى المعاش بعد الإحالة إلى الاحتياط وإن كانت ترتبط بأسباب الإحالة إلى الاحتياط إلا أنها يتعين أن تستخلص من وقائع تالية للإحالة الى الاحتياط وليست سابقة عليها. تطبيق.


إجراءات الطعن:

بتاريخ 5/ 3/ 1991 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا قيد برقم 1265 لسنة 37 ق وذلك طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة الجزاءات فى الدعوى رقم 2308 لسنة 43 ق بجلسة 7/ 1/ 1991 - الذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 919 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمة المطعون ضده بإحالته إلى المعاش اعتبارا من 11/ 9/ 1988 وما يترتب على ذلك من آثار، وقد طلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم له بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات، وقد أعلن الطعن للمطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق وبعد تحضير الطعن أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فيه انتهى لأسبابه إلى قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات، وقد نظرت دائرة فحص الطعون الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 1/ 2/ 1995 قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع لنظره بجلسة 9/ 5/ 1995، وقد نظرت الدائرة الأخيرة الطعن على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر بجلسة 7/ 1/ 1991 وكان الطعن قد أقيم فى 5/ 3/ 1991، فإنه يكون مقاما خلال الميعاد المحدد بالمادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص وفقا للثابت بالأوراق فى أنه بتاريخ 19/ 1/ 1989 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 2308 لسنة 43 ق أمام محكمة القضاء الإدارى للحكم له بإلغاء القرار رقم 919 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمته بإحالته إلى المعاش اعتبارا من 11/ 9/ 1988 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأوضح أنه أحيل إلى الاحتياطى بالقرار رقم 765 لسنة 1986 للصالح العام وذلك اعتباراً من 14/ 9/ 1986، وأن القرار المطعون فيه أحاله إلى المعاش اعتباراً من 11/ 9/ 1988 بالمخالفة للقانون لخلوه من الأسباب الجدية ولعدم صدوره من المجلس الأعلى للشرطة، وبجلسة 7/ 1/ 1991 صدر الحكم المطعون فيه بإلغاء قرار إحالته إلى المعاش استناداً إلى أن المادة 67 من قانون هيئة الشرطة خوّلت وزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة إحالة الضابط للاحتياط بشرط توافر أسباب جدية تتعلق بالصالح العام وأن ذلك يقتضى أن يكون فى تلك الأسباب ما يجعل بقاء الضابط بالخدمة متعارضاً مع الصالح العام، كما يقتضى أن تتقيد إحالة الضابط المحال إلى المعاش من الاحتياط بذات الشرط وذلك باعتبار أن إحالة الضابط إلى المعاش يعد من نتائج إحالته إلى الاحتياطى ولذلك فإنه إذا اتضح عدم جدية الأسباب التى قام عليها قرار الإحالة للاحتياط أو قرار الإحالة إلى المعاش من الاحتياط أو عدم تعلق تلك الأسباب بالصالح العام أو أنها لم تكن من الأهمية إلى الحد الذى يسوغ الإبعاد عن الخدمة أو كان المنسوب للضابط مجرد خطأ طارئ ينتهى أثره بمساءلته عنه على نحو آخر كان القرار باطلاً، وأن تطبيق ذلك على القرار المطعون فيه يستوجب الحكم بإلغائه لأن المطعون ضده أحيل إلى الاحتياط اعتبارا من 14/ 9/ 1986، وفى 10/ 9/ 1988 عرض أمره على المجلس الأعلى للشرطة فوافق على إحالته إلى المعاش استناداً إلى مذكرة الإدارة العامة للتفتش والرقابة المؤرخة 28/ 8/ 1988 التى جاء بها فى تواريخ مختلفة بعد إحالته للاحتياط عام 1986 تردد على مقهى والده ببلبيس ومقاهى أخرى لتعاطى المخدرات وتردد على حفلات الزفاف وخالط أشخاصا دون مستواه معروف عنهم سوء السمعة والاتجار بالمخدرات، واتهمه رئيس محكمة سوهاج بمذكرة قدمها للنيابة العامة فى 3/ 2/ 1987 بأنه دخل سكنه بسوهاج بعد كسر بابه وورد عن ذلك المحضر رقم 367 لسنة 87 إدارى أسيوط، وأن تقرير متابعة المطعون ضده المؤرخ 3/ 11/ 1987 متضمن أنه يتردد أحياناً على المقاهى بمدينة بلبيس لمجالسة بعض السائقين، وأنه أقلع عن تعاطى المخدرات بالمقاهى، وأوضح الحكم أن تلك الأسباب مستقاة، كلها من تقارير وتحريات يفترض أنها أجريت لتقييم حالة المدعى عقب إحالته إلى الاحتياطى وأن الأوراق لم تنطو على أى مستند أو قرينة تؤكد صحة ما تضمنته التحريات والتقارير وأن المطعون ضده أنكر كافة الوقائع التى نسبتها الإدارة إليه وأن ذلك يجعل الأسباب التى ساقتها الإدارة مجرد أقول مرسلة لا يدعمها دليل أو قرينة الأمر الذى يعنى انتفاء السبب الصحيح اللازم لحمل القرار المطعون فيه خاصة وأن تلك الأسباب تعارضت إذ بعد أن قررت الإدارة أنه أقلع عن تعاطى المخدرات عادت وأحالته إلى المعاش لأنه يتعاطاها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك لأن المطعون ضده أحيل إلى الاحتياطى بالقرار رقم 765 لسنة 1986 - اعتباراً من 14/ 9/ 1986 - ولم يطعن فى هذا القرار الأمر الذى يعد تسليماً منه بصحة الأسباب التى استندت إليها الإدارة فى إصدار قرار إحالته للاحتياط، ولأن متابعة مسلكه خلال فترة وجوده بالاحتياط بواسطة الإدارة العامة للتفتيش أسفر عنها عدم صلاحيته للعودة إلى الخدمة وذلك استناداً إلى تقرير إدارة البحث الجنائى بمديرية أمن الشرقية المؤرخ 19/ 2/ 1987 الذى تضمن تردده على مقهى والده ومقاهى أخرى وتعاطى المواد المخدرة بتلك المقاهى ومخالطته ذوى السمعة السيئة والمشتبه فيهم وتجار المخدرات، واتخاذه مسلكا يتسم بالرعونة واللامبالاة وحضوره يوم 1/ 10/ 1986 حفل زفاف ممرض ببلبيس ومخالطته أناساً من ذات النوع وتعاطيه المخدرات والمسكرات بالحفل وقيامه بالرقص وهو يحمل أداة التعاطى، وحضوره حفل زفاف آخر يوم 28/ 12/ 1986 ومخالطته ذات النوع من الأشخاص، كما أوضح التقرير المشار إليه أن نتائج متابعته فى آواخر عام 1986 ويناير سنة 1987 تؤكد إصراره على ذات المسلك المعيب، وأنه فى يوم 3/ 2/ 1987 كسر باب مسكن رئيس محكمة سوهاج، مما دعى الأخير إلى التقدم بمذكرة للنيابة العامة حرر عنها المحضر رقم 367 - إدارى مركز شرطة أسيوط لسنة 1987، وأن مساعد وزير الداخلية حذره من مغبة تصرفاته تلك إلا أنه استمر على ذات الدرب وفقاً لتقرير المتابعة المحرر فى 3/ 11/ 1987، وذلك بالرغم من أنه أحيل إلى الاحتياط مرتين لذات الأسباب، وأكد تقرير الطعن أن إنكار المطعون ضده الوقائع المنسوبة إليه بتقارير المتابعة لا يعنى عدم صحتها، وأن تلك الوقائع ثابتة من تقارير إدارة البحث الجنائى والإدارة العامة للتفتيش والرقابة والتحريات، وأن المطعون ضده يفتقد السيرة الحميدة والسمعة الحسنة التى تؤهله للبقاء بالوظيفة وفى المذكرة المقدمة بجلسة 7/ 12/ 1994 دفع الطاعن بعدم قبول دعوى المطعون ضده شكلاً لكونه تظلم من القرار المطعون فيه بعد الميعاد فى 22/ 11/ 1988 - بعد إذ ثبت علمه به فى 22/ 9/ 1988 وأضاف الطاعن أن تقارير المطعون ضده تتراوح ما بين الجيد والمتوسط ودون المتوسط وأن أغلبها بتقدير متوسط وأنها تشير إلى عدم الانضباط وأن أمانته ليست على المستوى المطلوب وأنه كثير التمارض ولا يحترم عمله ولا يؤديه برغبة ولا يقدر المسئولية وأن حالته تحتاج إلى المتابعة المستمرة، كما أنه أحيل إلى الاحتياط بالقرار رقم 308 لسنة 1983 اعتباراً من 28/ 2/ 83 لدأبه على التغيب واتصاله بذوى السمعة السيئة من الأشقياء وتجار المخدرات وتعاطيه المواد المخدرة والمسكرات وتوسطه لدى رئيس وحدة مباحث شرطة بلبيس لإخلاء سبيل أحد تجار المخدرات الذى ضبط فى 28/ 1/ 1983 محرزاً مواداً مخدرة، وأنه أعيد إلى الخدمة من الاحتياط بالقرار رقم 194 لسنة 1985 اعتباراً من 21/ 1/ 1985 وألحق بمديرية أمن أسيوط، وفى شهر مايو سنة 1985 جازى مجندى قوات أمن أسيوط بطريقة أدت إلى إجهادهم وتساقطهم بأرض الطابور ونقلهم للعلاج بالمستشفى وجوزى عن ذلك بخصم خمسة أيام من راتبه، وقد تضمن تقرير متابعة شهر ديسمبر سنة 1985 أنه يتردد على بعض أصحاب الحرف ويدمن تعاطى المخدرات ويتردد على تجارها ومدمنيها ويجاهر بذلك وقد جوزى عن تلك الأفعال بخصم خمسة أيام من راتبه، وفى مارس سنة 1986 استولى على أموال من إحدى السيدات ولم يردها إلا بعد تدخل رؤسائه وإجراء تحقيق فى الواقعة، ونظراً لإصراره على الانحراف فقد أحيل مرة أخرى إلى الاحتياط بالقرار رقم 765 لسنة 1986 وذلك اعتباراً من 14/ 9/ 1986، وبالرغم من ذلك فقد استمر فى مسلكه المعيب وتمسك الطاعن بالتحريات التى أجريت عن المطعون ضده باعتبارها الوسيلة التى تملكها الوزارة والتى تسفر عن وقائع لا يمكن أن تصل إليها إلا بعد أن تكون قد استفاضت وشاعت بين الناس وأكد أن تلك التحريات تكفى للدلالة على طبيعة سلوك الموظف، وأوضح الطاعن أن التاريخ الوظيفى للمطعون ضده حافل بالمساوئ وأنه عوقب بجزاءت مختلفة فى ثمانية وستين واقعة وأحيل إلى الاحتياط مرتين وحوكم تأديبياً مرة واحدة وأن ذلك من شأنه هدم الثقة فيه كرجل من رجال الأمن.
هذا وقد أودع الطاعن بياناً بالجزاءات الموقعة على المطعون ضده سنة 1974 حتى 1986 فيه محضر جلسة المجلس الأعلى للشرطة المؤرخ 10/ 9/ 1988، وقرار إحالة المطعون ضده إلى الاحتياطى للمرة الأولى رقم 208 لسنة 1983 وقرار إحالته للاحتياط للمرة الثانية رقم 765 لسنة 1986، وتقارير مباحث أمن الدولة بشأن المطعون ضده المؤرخة 3/ 12/ 1981 و1/ 5/ 1982 و16/ 5/ 1983 و20/ 5/ 1985 و21/ 12/ 1985 وتقرير إدارة البحث بمديرية أمن أسيوط المؤرخ 13/ 2/ 1986 وتقرير مكتب مفتش الداخلية بأسيوط المؤرخ 20/ 2/ 1986، وتقرير مباحث أمن الدولة المؤرخ 21/ 5/ 86 والتحقيق الذى أجرى مع المطعون ضده فى 4/ 7/ 1986 بشأن استيلائه على مبالغ من إحدى السيدات ومذكرة الإدارة العامة للتفتيش والرقابة بوزارة الداخلية المؤرخة 6/ 8/ 1986 والتى أحيل المطعون ضده على أساسها إلى الاحتياط وكتاب مدير المكتب الفنى لوزير الداخلية المؤرخ 17/ 1/ 1987 بشأن مسلك المطعون ضده بعد إحالته إلى الاحتياط وتقرير مباحث أمن الدولة المؤرخ 13/ 1/ 1987 وتقرير قسم المباحث الجنائية بمديرية أمن الشرقية المؤرخ 19/ 2/ 1987 ومحضر التحقيق المؤرخ 16/ 9/ 1986 الذى أجرى معه بشأن مسلكه بعد الإحالة إلى الاحتياط، وتقرير مفتش الداخلية بأسيوط المؤرخ 14/ 8/ 1988 - والذى أحيل بناء عليه إلى المعاش.
ومن حيث إن المطعون ضده قد رد على الطعن بمذكرة قدمها بجلسة 9/ 1/ 1996 جاء بها أن الوقائع المنسوبة إليه والتحريات التى أجريت عنه لا تمت بصلة بالواقع وأنه يقوم بعمله حالياً كرئيس لقسم المعلومات والتوثيق بمديرية أمن الإسماعيلية على خير وجه وأنه شاب قادر على العطاء ويعول أسرة من زوجة وبنتين.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالدفع بعدم قبول دعوى المطعون ضده رقم 2308 لسنة 43 ق شكلا لكونه علم بالقرار المطعون فيه فى 22/ 9/ 1988 ولم يتظلم منه إلا فى 22/ 11/ 1988 فإنه لما كان الثابت من إيصال الاستلام الصادر من إدارة الشئون العامة بوزارة الداخلية والمودع بحافظة مستندات المطعون ضده المقدمة بجلسة 9/ 1/ 1996 أنه تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 19/ 10/ 1988 فإنه يكون قد تظلم من القرار خلال الميعاد، وإذ أقام دعواه فى 19/ 1/ 1989 فإنها تكون مقامة خلال الميعاد المحدد لإقامة دعوى الإلغاء ومن ثم يكون من المتعين رفض الدفع بعدم قبول الدعوى.
ومن حيث إنه لما كانت المادة (67) من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 تنص على أنه (لوزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضابط - عدا المعينين فى وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية - إلى الاحتياطى) وذلك:
1- بناء على طلب الضابط أو الوزارة لأسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة.
2- إذا ثبتت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام ولا يسرى ذلك على الضباط من رتبة لواء ولا يجوز أن تزيد مدة الاحتياط على سنتين ويعرض أمر الضابط قبل انتهاء المدة على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إحالته إلى المعاش أو إعادته إلى الخدمة العاملة، فإذا لم يتم العرض عاد الضابط إلى عمله ما لم تكن مدة خدمته انتهت لسبب آخر طبقاً للقانون.
وتعتبر الرتبة التى كان الضابط يشغلها شاغرة بمجرد إحالته إلى الاحتياط.
ومن حيث إن المشرع خول وزير الداخلية بموجب هذا النص إحالة الضابط - إذا لم يكن معينا بقرار جمهورى ولم يكن شاغلا لرتبة لواء - إلى الاحتياط واشترط لذلك قيام أسباب جدية تتعلق بالصالح العام تؤكد وتثبت ضرورة إحالة الضابط إلى الاحتياط دون مواجهته بما هو منسوب إليه أو سماع لدفاعه فى تحقيق أو محاكمة تأديبية، وإذ يستهدف نظام الإحالة إلى الاحتياط تنحية الضابط من وظيفته لمدة معينة لا تزيد أو تجاوز السنتين بقصد تنبيهه إلى اعوجاج سلوكه وضعف انضباطه حتى يرجع إلى جادة الصواب، وكان من مقتضى ذلك ولازمه وضع الضابط خلال فترة الاحتياط تحت الرقابة والفحص بصفة دائمة طوال مدة الاحتياط حتى يتسنى عرض أمره قبل نهايتها على المجلس الأعلى للشرطة ليقرر إما إعادته إلى الخدمة إذا ما تبين أنه استقام فى سلوكه واعتدل فى تصرفاته بما يرجح عودته إلى التكيف مع ما تفرضه عليه طبيعة وظيفته من واجبات أو إحالته إلى المعاش إذا ما تبين أنه ما زال مصراً على سلوكه المعوج إلى الحد الذى يفقده الصلاحية للخدمة فى هيئة الشرطة، ومن ثم فإن أسباب الإحالة إلى المعاش بعد الإحالة إلى الاحتياط وإن كانت ترتبط بأسباب الإحالة إلى الاحتياط إلا أنها يتعين أن تستخلص من وقائع تالية للإحالة إلى الاحتياط وليست سابقة عليها.
ومن حيث إنه لما كان الثابت بالأوراق أن الوزارة قد أحالت المطعون ضده إلى الاحتياط بالقرار رقم 308 لسنة 1983 اعتباراً من 28/ 2/ 1983 - لدأبه على التغيب عن العمل واتصاله بذوى السمعة السيئة من الأشقياء وتجار المخدرات وتعاطيه المواد المخدرة والمسكرات وتوسطه لإخلاء سبيل أحد تجار المخدرات، وكان الثابت إنه بعد أن أعيد إلى الخدمة بالقرار رقم 194 لسنة 1985 - اعتباراً من 21/ 1/ 1985 لم يغير من مسلكه وأتى بتصرفات أدت إلى إحالته إلى الاحتياط مرة أخرى بالقرار رقم: 765 لسنة 1986 اعتباراً من 14/ 9/ 1986 وذلك بعد أن جازى مجندى قوات أمن أسيوط بطريقة أدت إلى تساقطهم فى أرض الطابور ودأب على التردد على بعض أصحاب الحرف وأدمن المخدرات وتردد على تجارها وجاهر بذلك واستولى على أموال من إحدى السيدات وماطل فى ردها، وبالإضافة إلى ذلك فإن تقارير كفايته طوال مدة خدمته تراوحت بين الجيد والمتوسط ودون المتوسط، كما أنه عوقب خلال فترة خدمته بثمانية وستين جزاء، وحكوكم تأديبياً مرة واحدة، وكانت حالته لم تنصلح بعد إحالته إلى الاحتياط فى المرة الثانية فقد أثبتت التقارير المؤرخة 13/ 1/ 1987 و17/ 1/ 1987 و19/ 2/ 1987 و14/ 8/ 1988 - الصادرة من ثلاث جهات مختلفة بالوزارة هى مباحث أمن الدولة، وقسم المباحث الجنائية بالشرقية ومفتش الداخلية بأسيوط، أنه يتردد على مقهى والده ببلبيس وعلى مقاهى أخرى وأنه يتعاطى المواد المخدرة بتلك المقاهى. ويخالط ذوى السمعة السيئة والمشتبه فيهم وتجار المخدرات والأشقياء وأنه حضر حفلى زفاف خالط فيها ذات النوع من الأشخاص وتعاطى فيها المخدرات والمسكرات وأنه كسر باب مسكن رئيس محكمة سوهاج، فإن قرار إحالته إلى المعاش يكون قائماً على السبب المبرر له وهو إصراره على الانحراف بسلوكه خلال فترة إحالته إلى الاحتياط للمرة الثانية على النحو الذى يفقده الصلاحية للعودة إلى الوظيفة.
ومن حيث إنه لا يغير مما تقدم ما جاء بحيثيات الحكم المطعون فيه من أن التحريات التى أجريت على المطعون ضده لا تخرج عن كونها مجرد أقوال مرسلة دون دليل، ذلك لأن تلك التحريات قد تطابقت فيما قدمته من معلومات عن مسلك المطعون ضده خلال فترة إحالته إلى الاحتياط رغم ورودها فى ثلاثة تقارير صادرة عن ثلاث جهات مختلفة بالوزارة، الأمر الذى يؤكد صحتها، وإذا كان التقرير المؤرخ 3/ 11/ 1987 قد أثبت اقلاعه عن تعاطى المخدرات بالمقاهى فإنه لم ينف تعاطيه لها بغير تلك الأماكن، كما أنه أكد استمراره فى التردد على المقاهى التى اعتاد تعاطى المخدرات بها، ومن ثم فإنه لا يفيد المطعون ضده التمسك فى مذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 9/ 1/ 1996 بعدم صحة تلك التحريات، كما وأن إدانته بعمله على خروجه عن واجبات الوظيفة بعد إعادته إليه تنفيذاً للحكم المطعون فيه وفقاً لما جاء بتلك المذكرة ليس من شأنه أن يؤثر فى مشروعية قرار إحالته إلى المعاش لأن تلك المشروعية إنما ترتبط بالأسباب والظروف والملابسات القائمة وقت إصدار القرار دون غيرها مما يجد بعد إصداره ويكون لاحقاً عليه.
ومن حيث إنه لما كان القرار المطعون فيه قد صدر صحيحاً وقائماً على سبب يبرره، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون من المتعين القضاء بإلغائه ورفض دعوى المطعون ضده.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.