أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 27 - صـ 506

جلسة 23 من مايو سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمود كامل عطيفة نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الأسيوطي، وعادل مرزوق، ومحمد وهبة، وأحمد موسى.

(113)
الطعن رقم 146 لسنة 46 القضائية

(1) تفتيش. "التفتيش بغير إذن. التفتيش بقصد التوقي". إثبات. "بوجه عام". سجون. نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
تفتيش السجين الذي يقوم به حارسه بغية الكشف عن الممنوعات التي تحظر لوائح السجن إحرازها. يعتبر إجراء إداريا وقائيا.وليس من أعمال التحقيق.
جواز التعويل على ما يسفر عنه هذا التفتيش عن أدلة كاشفة عن جريمة مخالفة ذلك خطأ في القانون.
1 - لما كانت الواقعة على الصورة التي أثبتها الحكم المطعون فيه وتضمنتها الأوراق يبين منها أن التفتيش الذي أجراه الحارسان للمطعون ضده - وكان مسجونا - إنما كان بحثا عن ماهية الممنوعات التي نمى إلى علمهما أنه توصل إليها أثناء وجوده بالمحكمة فإن ذلك التفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليهما الظروف التي يؤديان فيها واجب الحراسة بغية الكشف عن ماهية الممنوعات التي في حوزة المطعون ضده خشية استعمالها في إلحاق الأذى بنفسه أو بغيره والتي تحظر لوائح السجن إحرازها ويتعين عليهما إبلاغ السجن بها عند عودتهما به إليه... فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشا بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملا من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تسلكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق فيها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه. فإذا أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخطئا في القانون مما يعيبه ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة القاهرة. أحرز جوهرا مخدرا (أفيونا) وكان ذلك بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه والمصادرة فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جوهر مخدر قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه تأسس على بطلان تفتيش المطعون ضده استنادا إلى أن حق تفتيش المسجونين غير جائز إلا قبل إدخالهم السجن المودعين به. أما عند إيداعهم الأماكن المخصصة للمسجونين في دور المحاكم رهن المحاكمة فلا يجوز ذلك إلا إذا توافرت حالة التلبس، لأن هذه الأماكن ليست من أنواع السجون التي عددتها المادة الأولى من القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون، فلا تسري عليها أحكم ذلك القانون المتعلقة بتفتيش المسجونين قبل إيداعهم السجن، مع أن هذا النظر يخالف صحيح القانون، إذ ما دام المطعون ضده كان وقت تفتيشه مسجونا، فإن تفتيشه يكون جائزا في أي وقت عملا بلائحة السجون، هذا إلى أنه كان من حق حارسي المطعون ضده تفتيشه بعد أن نمى إلى علمهما أن ممنوعات غير معروف ماهيتها قد وصلت إلى يده وأخفاها في ملابسه وهو في طريق عودته من المحكمة إلى السجن، فهو تفتيش صحيح قانونا، وسند إباحته كائن في أنه إجراء تحفظي يسوغ القيام به للبحث عما وصل إلى يد المسجون من أشياء خشية استعمالها في إلحاق أذى بنفسه أو بغيره، وليس تفتيشا كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المطعون ضده كان مسجونا ورحل من السجن إلى محكمة القاهرة الابتدائية وأن حارسيه الشرطيين السريين بمصلحة السجون المكلفين بحراسته علما من أحد المرشدين السريين أنه يحمل بعض الممنوعات فأبلغا ذلك إلى رئيس الحرس بالمحكمة فعهد إليهما بتفتيشه وقد أسفر تفتيشهما له عن ضبط المخدر معه، وبعد أن حصل الحكم الدفع المبدي من المدافع عن المطعون ضده ببطلان التفتيش استنادا إلى أن الأماكن المخصصة في دور المحاكم لإيداع المسجونين رهن المحاكمة لا تعتبر سجونا فلا تسري عليها أحكام قانون تنظيم السجون ولوائحها ونظمها ويكون التفتيش الذي تم بالاستناد إليها باطلا. انتهى الحكم إلى بطلان هذا التفتيش وبرر قضاءه بقوله: "وبما أن القانون رقم 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون نص في مادته الأولى على أربع أنواع من السجون هي الليمانات والسجون العمومية والسجون المركزية والسجون الخاصة التي تنشأ لفئات معينة من المسجونين. وكان مؤدى هذه المادة أن الأماكن التي تخصص في دور المحاكم لإيداع المسجونين رهن المحاكمة ليست بسجون حتى تسري عليها أحكام هذا القانون الذي يوجب في مادته التاسعة تفتيش كل مسجون لدى دخوله السجن، وعليه يكون ذلك التفتيش الذي وقع على المتهم غير صحيح في القانون. ولما كانت الواقعة بحسب تصوير شهود الإثبات وفقا لأقوالهم - على ما سبق بيانه - ما كانت في حالة من حالات التلبس التي تجيز التفتيش، إذ كان ذلك، وكان عماد الاتهام في الدعوى ليس إلا ذلك الدليل المستمد من التفتيش الباطل الذي وقع على المتهم فقد خلت الأوراق من أي دليل آخر على صلته بالمخدر المضبوط ويتعين لذلك كله إعمالا للمادة 304/ 1 من إجراءات جنائية القضاء ببراءته من التهمة المسندة إليه ومصادرة المخدر المضبوط اعمالا لحكم المادة 30 عقوبات". لما كان ذلك، وكانت الواقعة على الصورة التي أثبتها الحكم المطعون فيه وتضمنتها الأوراق يبين منها أن التفتيش الذي أجراه الحارسان للمطعون ضده إنما كان بحثا عن ماهية الممنوعات التي نمى إلى علمهما أنه توصل إليها أثناء وجوده بالمحكمة فإن ذلك التفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليهما الظروف التي يؤديان فيها واجب الحراسة بغية الكشف عن ماهية الممنوعات التي في حوزة المطعون ضده خشية استعمالها في إلحاق الأذى بنفسه أو بغيره والتي تحظر لوائح السجن إحرازها ويتعين عليهما إبلاغ السجن بها عند عودتهما به إليه... فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشا بالمعنى الذي قصد الشارع إعتباره عملا من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق فيها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه. فإذا أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصبح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخطئا في القانون بما يعيبه ويوجب نقضه. ولما كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن نظر موضوع الدعوى فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.