أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 27 - صـ 519

جلسة 23 مايو سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمود عطيفه نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينة، ومحمد وهبة، وأحمد موسى.

(116)
الطعن رقم 210 لسنة 46 القضائية

(2,1) مأمورو الضبط القضائي. تفتيش "التفتيش بغير إذن". تهريب جمركي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
(1) حق موظفي الجمارك اللذين لهم صفة الضبط القضائي في تفتيش الأشياء والأشخاص في حدود نطاق الرقابة الجمركية. متى توافرت شبهة التهريب الجمركي. عدم تقيدهم في ذلك - بالنسبة للأشخاص - بقيود القبض والتفتيش المبينة بقانون الإجراءات.
عثورهم أثناء التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية. يصح الاستدلال به في هذه الجريمة.
(2) معنى الشبهة في توافر التهريب الجمركي. تقدير توافرها. موضوعي.
(3) حكم "بياناته. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تطلب صورة معينة لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما ورد به كافيا لتفهم الواقعة وظروفها.
(4) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. استيراد.
جلب المخدر هو استيراده لطرحه للتداول خارج الخط الجمركي. ملابسة هذا المعنى للفعل المادي المكون للجريمة.
متى لا يلتزم الحكم بالتحدث عن هذا المعنى استقلالا ؟
1 - البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1962 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تتم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعرف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة.
2 - من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها.
3 - إن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة.
4 - إن القانون إذ أوجب توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 على جلب المواد المخدرة قد دل على أن المراد بجلب المخدر استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس، سواء كان الجالب استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يحفل في نصه عن الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الأحراز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم الميناء محافظة الإسكندرية جلب إلى أراضي جمهورية مصر العربية جوهرا مخدرا (أفيونا) دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و 2 و 3 و 32/ أ و 36 و 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 1. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحاكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب المخدر قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في التحصيل والإسناد وانطوى على فساد في الإستدلال وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه تمسك في مرافعته ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة وفي غير حالة من حالات التلبس إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع ويرد عليه بما يفنده، وأورد في تحصيل الواقعة أن التحريات قدمت لمأمور الجمرك أثناء تفتيش أمتعة الطاعن على خلاف ما هو ثابت بالأوراق من ورودها بعد إتمام التفتيش، وأسند إلى الطاعن أنه جلب المخدر من بيروت قبل أن يورد الأسباب المؤدية إلى هذه النتيجة. هذا إلى أنه استدل على علم الطاعن بوجود المخدر في صندوق التفاح المضبوط معه بأسباب غير سائغة، ولم يستظهر أن القصد من جلب المخدر هو طرحه للتداول وأنه يفيض عن حاجته الشخصية، كما لم يعمل في حقه موجب الإعفاء المنصوص عليه في المادة 48 من قانون المخدرات مع أنه أخبر عمن سلمه المخدر في لبنان ومن كان سيتسلمه منه بالإسكندرية ولا يضيره تهاون رجال السلطة في ضبطهما، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه في 15 أغسطس سنة 1971 وصل الطاعن إلى ميناءالإسكندرية قادما من بيروت على الباخرة كرادونيس وتقدم إلى مأمور الجمرك لإنهاء الإجراءات الجمركية، الخاصة به فاشتبه الأخير في أمره لما لاحظه عليه من إرتباك وحالة غير عادية وقام بتفتيش أمتعته وأثناء ذلك وردت له إخبارية من وحدة مكافحة المخدرات بأمن المواني عن جلب الطاعن جواهر مخدرة في أمتعته وعند تفتيش صندوق تفاح من بينها وجد مخبأ في جانبين منه أربعة أكياس بها 2500 جرام من مخدر الأفيون. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة تؤدي إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال مأمور الجمرك وضابط وحدة مكافحة تهريب المخدرات ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي ومن أقوال الطاعن، وفي بيانه مؤدى هذه الأدلة أورد أقوال مأمور الجمرك التي تضمنت أن الطاعن تقدم إليه في صالة التفتيش بالجمرك لإتمام الإجراءات الجمركية فاشتبه فيه حين رأى إرتباكه وحركاته غير العادية وقام بتفتيش أمتعته ومن بينها صندوق تفاح لاحظ أن جانبين منه أكثر سمكا من الجانبين الآخرين وللطرق عليهما رنين تنبئ عن أنهما مجوفين فكسرهما ووجد بداخلهما أربعة أكياس تحوى مادة الأفيون. لما كان ذلك، وكان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع - بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير - لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفي أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تتم عن شبهة توافر التهريب الجمركي فيها - في الحدود المعرف بها في القانون - حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذي يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم يرتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة وكان من المقرر أن الشبهة في توافر التهريب الجمركي حالة ذهنية تقوم بنفس المنوط بهم تنفيذ القوانين الجمركية يصح معها في العقل القول بقيام مظنة التهريب من شخص موجود في دائرة المراقبة الجمركية، ومتى أقرت محكمة الموضوع أولئك الأشخاص فيما قام لديهم من اعتبارات أدت إلى الاشتباه في الشخص محل التفتيش - في حدود دائرة المراقبة الجمركية - على توافر فعل التهريب فلا معقب عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تفتيش أمتعة الطاعن الذي أسفر عن ضبط الجوهر المخدر مخبأ في صندوق تفاح منها، تم داخل الدائرة الجمركية بمعرفة مأمور الجمرك - وهو من مأموري الضبط القضائي - وبعد أن قامت لديه من الاعتبارات ما يؤدي إلى الاشتباه على توافر فعل التهريب في حق الطاعن لما رآه من إرتباكه وما لاحظه على الصندوق من سمك في جانبين منه وما لهما من رنين عند الطرق بما ينبئ عن أنهما مجوفين، وإذ نتج عن التفتيش الذي أجرى دليى يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على إعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا، ومن ثم فإن الدفع ببطلان القبض والتفتيش - بفرض إثارته أمام محكمة الموضوع - يكون بهذه المثابة دفاعا قانونيا ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن هي إلتفتت عن الرد عليه. وإذ كان الواضح من الحكم أن شرعية تفتيش أمتعة الطاعن في داخل الدائرة الجمركية مستمدة من قيام مظنة التهريب في حقه لدى مأمور الجمرك وأن التحريات - سواء أكانت قد قدمت إلى المأمور المذكور أثناء التفتيش أو بعد إتمامه - لم يكن لها أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي خلص إليها، فإن الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص - بفرض صحته - لا يعيب الحكم في شيء. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون، فإن تعييب الحكم بقالة أنه نسب إلى الطاعن جلب المخدر من بيروت قبل أن يورد الأدلة المؤدية إلى هذه النتيجة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بانتفاء علمه بماهية ما بداخل صندوق التفاح من مخدر ورد عليه بقوله "أن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم ولا أثاره المدافعان عنه من عدم علم المتهم أن ما يحمله مخدر ذلك أن الثابت من أقوال المتهم بتحقيقات النيابة أنه قام بفتح الصندوق ببيروت وثابت من وصف مأمور الجمرك للصندوق أن جانبيه أكثر سمكا من الجانبين الآخرين أي أنهما ملفتان للنظر، فضلا عن أن وضع الشنبر الجديد الخاص بالغطاء كان من الداخل لا من الخارج كالمعتاد فضلا عملا لاحظه المأمور من ارتباك المتهم وقيامه بفتح الغطاء بحركة غير طبيعية بالإضافة إلى أنه اتفق على أ جر مقداره خمسة عشر جنيها كما قرر نظير نقل الصندوق والحقيبة في حين أن قيمة ما كان معه في الحقيبتين من هدايا لا يتجاوز قيمته كما قرر بالمحضر مبلغ 24.100 جنيها وتستبين المحكمة من كل هذه الأمور بجلاء أن المتهم كان يعلم بأن الصندوق يحوى مخدر الأفيون وأنه جلب ذلك المخدر وهو عالم به". ولما كان ما ساقه الحكم من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافيا في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بأن صندوق التفاح المضبوط يحوى مخدرا، وكان هذا الذي استخلصه الحكم لا يخرج عن موجب الافتضاءالعقلي والمنطقي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان القانون إذ أوجب توقيع العقوبة المغلظة المنصوص عليها في المادة 33 من القانون رقم 182 لسنة 1960 على جلب المواد المخدرة قد دل على أن المراد بجلب المخدر استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس، سواء كان الجالب استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، قصدا من الشارع إلى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي. وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن المشرع نفسه لم يحفل في نصه عن الجلب بالإشارة إلى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل النخدر لحسابه، وكان ما أثبته الحكم من أن كمية المخدر التي أدخلها الطاعن البلاد مخبأة في جداري صندوق التفاح قد بلغ وزنها 2500 جرام كافيا في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي لفظ "الجلب" كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل بغير حاجة إلى استظهار القصد الخاص لهذا الفعل صراحة ولو دفع بانتفائه: فإن ما ينعناه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في بيان هذا القصد الخاص لا يكون له وجه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعن في شأن إعفائه من العقاب عملا بالمادة 48/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 ورد على ذلك بقوله "ومن حيث إنه عن القول بأن المتهم قد أبلغ السلطات عن أفراد العصابة فإنه طبقا لنص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 يشترط للاعفاء أن يؤدي إخبار المتهم الذي يحصل بعد علم السلطات المختصة بالجريمة عن باقي الشركاء فعلا إلى ضبط الجناة وهو ما لم يحدث في هذه الدعوى وعلى ذلك لا يجدي المتهم التحدي بإخباره جهات الإدارة والتحقيق عن الأشخاص الذين ذكرهم ما دام الإخبار لم يمكن من ضبط الجناة". وكان القانون يشترط في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون أخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة، والفصل في ذلك من خصائص قاضي الموضوع وله في ذلك التقدير المطلق ما دام يقيمه على نتيجة من عناصر الدعوى، وإذ كان مؤدى ما حصله الحكم المطعون فيه أن المعلومات التي أفضى بها الطاعن لم تؤد إلى القبض على باقي الجناة فإن مناط الإعفاء الوارد في الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون سالف البيان يكن غير متحقق ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون غير سديد. لما كان ما تقدم جميعا فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.