مجلس الدولة - المكتب الفنى لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التى قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2107

(260)
جلسة 17 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وممدوح حسن يوسف محمود، ود. محمد ماهر أبو العنين حسين، وأحمد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1762 لسنة 44 القضائية

دعوى - من الأصول العامة فى مجال المحاكمة ألا يضار طاعن بطعنه.
لا ينبغى أن يضار الطاعن بطعنه - لذا ينبغى عدم معاودة البحث فى المخالفات التى قرر الحكم المطعون فيه طرحها وبراءة الطاعن منها وأن يقتصر مجال المناقشة فى هذا الطعن على المخالفات التى إنتهى فيها الحكم إلى ثبوت إرتكاب الطاعن لها ومجازاته عنها - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 11/ 1/ 1998 أودع الأستاذ ....... المحامى نيابة عن الأستاذ ..... المحامى الوكيل عن الطاعن - أودع قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 1762 لسنة 44ق عليا وذلك فى القرار الصادر من مجلس التأديب الإستئنافى لضباط الشرطة فى الاستئناف رقم 49 لسنة 1996 والقاضى فى منطوقه بجلسة 23/ 11/ 1997:
أولا: عدم قبول الإستئناف المقدم من الوزارة شكلاً لتقديمه بعد الميعاد القانونى. ثانيا: قبول الإستئناف المقدم من الضابط المحال شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد القرار المستأنف، وطلب الطاعن وللأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وببراءة الطاعن مما هو منسوب إليه مع ما يترتب على ذلك من اثار. نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلسة 28/ 12/ 1999 وما تلاها من جلسات وقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الخامسة موضوع لنظره بجلسة 21/ 1/ 2001، ونظرت هذه المحكمة الطعن بتلك الجلسة وقررت بجلسة 18/ 3/ 2001 إصدار الحكم بجلسة 3/ 6/ 2001 غير أنه تقرر تأجيل النطق بالحكم لجلسة 17/ 6/ 2001 لإتمام المداولة وقد صدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد تم تقديمه فى المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبول شكلا.
ومن حيث إن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن وزير الداخلية أصدر بتاريخ 30/ 1/ 1995 القرار رقم 20 لسنة 1995 بإحالة النقيب ...... إلى مجلس التأديب الإبتدائى لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبيا لما أسند إليه بوصفه موظفا عاما (ضابط شرطة) أرتكب ما يلى: الخروج على مقتضى الواجب الوظيفى والسلوك المعيب ومخالفة التعليمات:
1 - لأنه فى يوم 17/ 11/ 1994 قام بتكليف المساعد ........ - عامل البصمة بقسم شرطة العمرانية برفع بصماته على صحيفة حالة جنائية دون تمكينه من الإطلاع أو تدوين بياناتها مما أوقع فى نفسه الشك حيال تصرفه وأفقده ثقة مرؤوسية.
2 - لقيامه بوضع صورة فوتوغرافية على النموذج المشار إليه لسيدة تدعى/ ......... وإرسالها إلى عامل البصمة المذكور لقيده مما أدى بالأخير إلى رفضه فى إتخاذ إجراءات إستخراجه وإعادته إليه على النحو الوارد بالتحقيقات.
3 - لتوجيه يوم 19/ 11/ 1994 إلى مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية بالنموذج المشار إليه محاولا إنهاء إجراءات إستخراجه دون إعتماده والمثبت عليه صورة لتلك السيدة الأمر الذى أثار الشكوك حول تصرفه وأحط من كرامته وكرامة الهيئة التى ينتمى إليها وذلك على النحو الموضح بالأوراق.
وقد أحيلت الأوراق إلى مجلس التأديب الإبتدائى لضباط الشرطة حيث قيدت لديه دعوى برقم 20/ 1995 وتم تداولها على النحو المبين بمحضر الجلسات إلى أن قرر المجلس المذكور بجلسة 14/ 1/ 1996 مجازاة الضابط المحال بخصم ثلاثة أيام من راتبه لما ثبت فى حقه، وأستند فيما تضمنه إلى أن القدر المتيقن ثبوته فى حق المحال من وقائع التحقيق هو أنه قام برفع بصمات زوجة شقيقه على نموذج صحيفة الحالة الجنائية دون أن يكون مختصا بذلك مستغلا سلطة وظيفته الأمر الذى يكون معه قد خرج على مقتضى الواجب الوظيفى وخالف التعليمات وإذ خلص المجلس إلى هذا التكييف للوقائع وهو تكييف لما ورد بقرار الإحالة فإن المجلس يكتفى بإعلان المحال حال النطق بالقرار دون إعادة الدعوى للمرافعة، أما عن الإتهامات الواردة بقرار الإحالة فإن المجلس لا يطمئن إلى ثبوتها فى حق الضابط المحال إذ إرتكزت على أقوال عامل البصمة المساعد/ ........... وأن ما أدعى به الأخير ليس له من دليل يؤيده فى الأوراق ومن جهة أخرى فإن أقوال عامل البصمة تتعارض مع أقوال رئيس وحدة المباحث/ .............. والتى أطمأن إليها المجلس وتتناقض مع أقوال مأمور القسم المؤيد، لرواية المحال من أنه أعد نموذجا لبصمات زوجة شقيقه واخر به بصماته قام بتمزيقه أمام المأمور فور علمه بعدم حاجته إليه، وإذ إنعدم الدليل المؤيد لأقوال عامل البصمة بما يجعلها مجرد زعم لا يعول عليه لذا فإن التحريات التى قامت عليها هذه الأقوال تكون بدورها غير جديرة بالتعويل ويقرر المجلس طرحها وإذ قام عليها كل من الإتهام الأول والثانى فإن المجلس يقرر براءة المحال منها، وأما الإتهام الثالث فلم يقم أيضاً دليل على ثوته مما يتعين براءة المحال منه وتبعاً لذلك يكون بريئا مما هو منسوب إليه بقرار الإحالة أما بالنسبة لما إنتهى إليه المجلس من خروج المحال على مقتضى الواجب الوظيفى بقيامه برفع بصمات زوجة شقيقة السيدة/ ........... على نموذج صحيفة الحالة الجنائية دون أن يكون مختصا بذلك ومستغلا سلطته الوظيفية فإن ما أتاه المحال لا يخرج عن كونه قاصدا مساعدة السيدة المذكورة لصلة القربى بينهما دون أن يخفى بيانا أو واقعة تمنع من إستخراج الصحيفة وإذ لاقى المحال ما لاقاه من إيقاف عن العمل لمصلحة التحقيق فإن ذلك يحدو بالمجلس إلى مجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه.
وإذ لم ترتض وزارة الداخلية ما إنتهى إليه قرار مجلس التأديب السالف فقد تقدمت بتاريخ 1/ 2/ 1996 بطلب لإستئنافه كما تقدم الضابط المحال بطلب لإستئناف ذلك القرار بتاريخ 2/ 3/ 1996 وأرفق بطلبه كتاب اللواء مساعد الوزير مدير أمن قنا والموجه إلى اللواء مساعد أول الوزير مدير الإدارة العامة للتفتيش والرقابة المؤرخ بتاريخ 21/ 2/ 1996 والمتضمن أنه قد تم تسليم المحال أسباب القرار المستأنف بتاريخ 10/ 2/ 1996 هذا وقد تم قيد الإستئناف برقم 49/ 1996 وتداوله مجلس التأديب الإستئنافى لضباط الشرطة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن أصدر قراره المطعون فيه بجلسة 23/ 11/ 1997 بعدم قبول الإستئناف المقدم من الوزارة شكلا وبقبول الإستئناف المقدم من الضابط المحال شكلا وفى الموضوع برفضه وتأيد القرار المستأنف، واستند المجلس فيما قضى به من رفض إستئناف الضابط المحال إلى أن المجلس يطمئن إلى ثبوت الإتهامات المنسوبة إلى الضابط المحال بقرار الإتهام لما وقر فى يقين المجلس من أن الضابط المحال قام فعلا بتاريخ 17/ 11/ 1994 بتكليف المساعد/ ........... عامل البصمة بقسم شرطة العمرانية برفض بصماته على صحيفة حالة جنائية ولم يمكنه من الإطلاع عليها أو تدوين بياناتها وهو الأمر المستفاد من أقوال المساعد المذكور الذى يطمئن المجلس إلى أقواله وكذلك مما هو ثابت من أقوال كل من أمين الشرطة/ .......... والمساعد أول/ ......... اللذين شهدا بأن الضابط المحال كلف الأول بتسليم المساعد/ ........... صحيفة حالة جنائية تخص زوجة أخيه ولا يعرف اسمها ولما رفض المساعد المذكور إنهاء إجراءات تلك الصحيفة كلف الثانى بإعادتها إليه مما حدا بالمحال إلى التوجه بالصحيفة إلى مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية لعمل محاولة لإستخراج الصحيفة من هناك إلا أنه إستحال عليه ذلك بسبب عدم إعتماد الصحيفة من عامل البصمة ومن ثم فإن تصوير الواقعة المنسوبة للضابط المستأنف حسبما إنتهى إليه إقتناع هذا المجلس أن الضابط المستأنف أراد مجاملة زوجة شقيقة فقام بإستخراج صحيفة حالة جنائية لها دون حضورها إلى قسم الشرطة فقام بأخذ بصماته هو بدلا منها ظنا منه أن الموضوع سوف يمر على عامل البصمة دون أن يكشفه وبناء على ما تقدم فإنه يتعين مجازاته بما يتناسب مع خطورة الذنب الإدارى الذى إرتكبه إلا أنه بالنظر إلى أن الضابط المستأنف هو وحده المستأنف بعد أن تبين أن الإستئناف المقام من الوزارة غير المقبول شكلا لتقديمه بعد الميعاد القانونى لذا فلا مناص من تأدييد القرار المستأنف حتى لا يضار المستأنف من الإستئناف المقدم منه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن القرار المطعون عليه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وتفسيره وأخل بحق الطاعن فى الدفاع وجاء متسما بالتعسف فى إستعمال السلطة، ذلك أن قرار مجلس التأديب الإبتدائى لضابط الشرطة والمؤيد من جانب المجلس الإستئنافى قد أسند مخالفة للطاعن لم ترد بقرار الإحالة وعاقبه عنها وأن الثابت من أوراق التحقيقات أن الطاعن قام بتكليف المساعد/ ........ عامل البصمة برفع بصماته على صحيفة حالة جنائية خاصة به لتقديمها إلى مصلحة السفر والجوازات لإستخراج جواز سفر خاص به كما أنه قام بتجهيز صحيفة أخرى لزوجة شقيقه التى تعمل طبيبة بيطرية وليس لها معلومات جنائية مسجلة وكل ذلك يجعل من مساعدته لها أمر مشروع لم يتجاوز العرف والتقاليد المتعارف عليها والسائدة فى المجتمع وقد أيد ذلك الشهود، وبالنسبة للإتهامات الواردة بقرار الإحالة فليس لها أساس من أوراق التحقيق ولقيامها على أقوال شهادة عامل البصمة الذى إدعى أن الضابط الطاعن إستدعاه إلى مكتبة وكلفه برفع بصماته نموذج ثم قام بوضع صورة زوجة شقيقه على النموذج وهو إدعاء ليس له دليل يؤيده لخلو الأوراق من هذا النموذج بل واشتماله على النموذج الخاص بزوجة شقيق الطاعن والثابت به بصماتها وما تأيد ذلك من أقوال رئيس وحدة المباحث ومأمور القسم وهو ما يفيد عدم صحة جميع ما نسب للطاعن سوا كان فى قرار الإحالة أو قرار مجلس التأديب الإبتدائى أو الإستئنافى لضباط الشرطة بما يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن الطاعن لا ينبغى أن يضار بطعنه لذا يتعين عدم معاودة البحث فى المخالفات التى قرر الحكم المطعون فيه طرحها وبراءة الطاعن منها وأن يقتصر مجال المناقشة فى هذا الطعن على المخالفات التى إنتهى فيها الحكم إلى ثبوت إرتكاب الطاعن لها ومجازاته عنها (طعن رقم 2567/ 36، الطعن رقم 2268 لسنة 37ق بجلسة 25/ 7/ 1992س 37ص 1924).
ومتى كان الثابت أن قرار مجلس التأديب الإبتدائى لضباط الشرطة قد إنتهى إلى براءة الطاعن من التهم الثلاث التى أسندت إليه مجازاته فقط عما أسنده إليه المجلس من قيامه برفع بصمات زوجة شقيقة على نموذج صحيفة الحالة الجنائية دون أن يكون مختصا بذلك مستغلا سلطة وظيفته - لذا فقد كان من المتعين فى مجال الطعن الإستئنافى المقدم من الطاعن أمام مجلس التأديب الإستئنافى أن يتصدى المجلس للمخالفة الأخيرة التى أدين بها الطاعن دون باقى المخالفات التى تم تبرأته منها.
ومن حيث إن المسلم به أنه ولئن كان مجلس التأديب لا يتقيد بالوصف القانونى للوقائع الواردة بقرار الإتهام إذ يجوز له تمحيص الوقائع المطروحة عليه بجميع كيوفها وأوصافها لينزل علهيا حكم القانون وإضفاء الوصف الذى يرى أنه الوصف القانونى السليم غير أن ذلك مشروط بأن تكون الوقائع المبينة بتقرير الإتهام والتى كانت مطروحة أمام المحكمة هى بذاتها التى أتخذت أساسا للوصف الجديد وتبينه العامل المحال لما يتم إجراؤه من تعديل لإمكان تقديم دفاعه فى هذا الشأن.
ومن حيث إنه وأن كان الثابت أن قرار مجلس التأديب الإبتدائى قد إنتهى إلى إضفاء وصف قانونى جديد على الوقائع المطروحة أمامه قوامة قيام الطاعن برفع بصمات زوجة شقيقة على نموذج صحيفة الحالة الجنائية دون أن يكون مختصا بذلك وخلص إلى إدانته ومجازاته عنها بالرغم من أن ذلك الإتهام الجديد لم يرد بأمر الإحالة إلا أن القدر المتيقن والثابت فى حق الطاعن المذكور أنه قد وضع نفسه موضع الريب والشبهات بتدخله فى إجراءات إستخراج صحيفة المحالة الجنائية لزوجة شقيقه وهو الأمر الذى أقربه ومن ثم فقد خالف واجبه الوظيفى بما كان يتعين معه إدانته ومجازاته عن تلك المخالفة والتى تدخل فى عموم المخالفات المسندة إليه وإذا إنتهى قرار مجلس التأديب الإبتدائى المؤيد بقرار مجلس التأديب الإستئنافى المطعون فيه إلى مجازاته بالخصم لمدة ثلاثة أيام من رابته فمن ثم فقد صادف ذلك الجزاء صحيح حكم القانون وأن كان لغير الأسباب التى إنتهت إليها هذه المحكمة ومن ثم يكون الطعن والحال كذلك مفتقرا لسنده القانونى السليم بما يتعين معه الحكم برفضه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.