أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 27 - صـ 542

جلسة 24 من مايو سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوي، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن علي المغربي، وقصدي إسكندر عزت، وفاروق محمود سيف النصر، وأحمد طاهر خليل.

(120)
الطعن رقم 228 لسنة 46 القضائية

(1) قصد جنائي. قذف وسب. إثبات بوجه عام.
توافر القصد الجنائي فى جريمتى القذف والسب. متى كانت العبارات التي وجهها المتهم شائنة. بغض النظر عن الباعث على توجيهها.
(2) قذف. سب. محكمة الموضوع، "سلطتها في تكييف الدعوى". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "سلطة محكمة النقض".
تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف. من إطلاقات القاضي في تحصيله لفهم الدعوى. شرطه. ألا يخطىء في التطبيق القانونى على الواقعة أو يمسخ دلالة الألفاظ. متى كان سائغا. خضوع ذلك لرقابة محكمة النقض.
1 - أن القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب يتوافر متى كانت العبارات التي وجهها المتهم إلى المجني عليه شائنة بذاتها بغض النظر عن الباعث على توجيهها، فمتى كانت الألفاظ دالة بذاتها على معاني السب والقذف وجبت محاسبة كاتبها عليها بصرف النظر عن البواعث التي دفعته لنشرها.
2 - من المقرر أنه وإن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن اليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى إلا أن حد ذلك أن لا يخطىء في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها. كما أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون - سبا أو قذفا - هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة السيدة زينب الجزئية ضد المطعون ضدهما متهما إياهما بأنهما بدائرة قسم السيدة محافظة القاهرة ارتكبا الأفعال المبينة بعريضة الدعوى. وطلب عقابهما بالمواد 302 و303 و306 و307 و171 من قانون العقوبات مع إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له متضامنين مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت في الدعوى غيابيا ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله والمسئول عن الحقوق المدنية وألزمت المدعي بالحقوق المدنية المصروفات مع المقاصة في أتعاب المحاماة. فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية الحكم ...... ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في الدعوى بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المدعي المدني بمصاريف الدعوى المدنية الإستئنافية. فطعن الاستاذ ........ المحامي عن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه - إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي إتنهى إلى رفض الدعوى المدنية لتبرئة المطعون ضده الأول من جريمة القذف المسندة إليه قد شابه تناقض في التسبيب أسلمه إلى الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه بعد أن سلم بأن العبارات التي وجهها المطعون ضده الأول إلى الطاعن بطريق النشر في الجريدة التي يعمل المطعون ضده الثاني رئيسا لتحريرها كانت عبارات شائنة بذاتها عاد وتناقض وخلص إلى أن المطعون ضده الأول لم يكن بقصد القذف في حق الطاعن مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أن مؤدي ما حصله عن واقعة الدعوى أن المطعون ضده الأول قد نشر في مجلة الكواكب مقالا في صيغة برقبة وجهها إلى الطاعن نصها: "إلى...... نقيب الممثلين بمناسبة تحويل نقابة الممثلين إلى بار مثل بار خريستو... في صحتك" وبعد أن أثبت الحكم أن ظاهر هذه العبارات تبدو شائنة تتضمن طعنا في حق المدعي بصفته نقيبا للممثلين عاد يقول ما مفاده أن تلك العبارات كانت قليلة بحيث لا تكشف عن حقيقة الغرض منها وأنه لما كانت جريدة الكواكب التي نشر فيها ذلك المقال من الجرائد التي تعني بنشر أنباء الفنانين وكانت لا خصومة بين المطعون ضده وبين الطاعن لا بصفته نقيبا للممثلين ولا بصفته الشخصية فإن تلك العبارات لم يكن المقصود منها سوى التنبيه إلى وجوب قيام نقابة الممثلين بمهمتها وهو ما يهم الرأي العام تتبعه مما يفقدها القصد الجنائي الواجب توافره في جريمة القذف، وهذا الذي أورده الحكم يناقض بعضه البعض فضلا عما يشوبه من فساد في الاستدلال ذلك بأن القصد الجنائي في جريمتي القذف والسب يتوافر متى كانت العبارات التي وجهها المتهم إلى المجني عليه شائنة بذاتها بغض النظر عن الباعث على توجيهها، فمتى كانت الألفاظ دالة بذاتها على معاني السب والقذف وجبت محاسبة كاتبها عليها بصرف النظر عن البواعث التي دفعته لنشرها كما أنه من المقرر أن وإن كان المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو القذف هو بما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع في الدعوى إلا أن حد ذلك أن لا يخطىء في التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم أو يمسخ دلالة الألفاظ بما يحيلها عن معناها كما أن تحري مطابقة الألفاظ للمعنى الذي استخلصته المحكمة وتسميتها باسمها المعين في القانون - سبا أو قذفا - هو من التكييف القانوني الذي يخضع لرقابة محكمة النقض باعتبارها الجهة التي تهيمن على الاستخلاص المنطقي الذي يتأدى إليه الحكم من مقدماته المسلمة، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي تبنى الحكم المطعون فيه أسبابه رغم تسليمه في صدوره بأن العبارات التي نشرها المطعون ضده الأول كانت شائنة بطبيعتها مما يتحقق بها القصد الجنائي الواجب توافره في جريمة القذف، عاد فتناقض وخلص إلى أن المطعون ضده الأول لم يكن يقصد من ورائها هذا الشين إستنادا إلى عدم وجود خصومة سابقة بين المطعون ضده الأول والطاعن في حين أن هذا التبرير لا يعدو أن يكون بحثا في الباعث على القذف مما لا يؤثر في قيام هذه الجريمة، هذا علاوة على أن الحكم قد مسخ معنى تلك العبارت وأولها على غير ما يتحمله صريح ألفاظها ورتب على ذلك أن القصد الجنائي لجريمة القذف غير متوفرة في توجيهها مع أن العبارات التي اثبتها الحكم تمس سمعة الطاعن إذ لو كانت صادقة لاوجبت احتقاره والحط من كرامته فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه، ولما كان تقدير التعويض الذي يقضي به هو من اختصاص محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونا بالإحالة وذلك بالنسبة للدعوى المدنية وحدها ما دام أن الطعن يتحدد بصفة رافعه وهو مرفوع من المدعي بالحقوق المدنية وحده.