مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 427

(57)
جلسة 7 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني مسلم نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، وممدوح حسن يوسف محمود، د. محمد ماهر أبو العينين حسين، أحمد محمد حامد محمد حامد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3016 لسنة 43 القضائية

عاملون - عاملون بقطاع الأعمال العام - تأديب
القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال العام
وينعقد اختصاص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة بنظر الدعاوى التأديبية وطعون الجزاءات التأديبية للعاملين بالشركات التابعة والخاضعة لأحكام القانون 203/ 1991 - طالما رفعت قبل صدور اللوائح المنظمة لشئون العاملين بتلك الشركات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 14/ 4/ 1997 أودع الاستاذ .......... الوكيل عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 3106/ 43ق.ع وذلك في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الدعوى رقم 1 لسنة 36 بجلسة 19/ 2/ 1997 فيما قضى به من مجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجره, وطلب الطاعن وللأسباب المبينة تفصيلا بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به بالنسبة للطاعن وهو المحال الرابع بخصم أجر شهرين من أجره والقضاء مجددا أصليا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا لنظر الدعوى واحتياطيا برفض الدعوى بالنسبة للطاعن والحكم بتبرئة ساحته مع حفظ كافة حقوقه الأخرى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. كما قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلسة 9/ 2/ 1999 والجلسات التالية وقررت إحالته إلى الدائرة الخامسة عليها موضوع لنظره بجلسة 2/ 4/ 2000 ونظرت هذه المحكمة الطعن بدورها بتلك الجلسة ما تلاها من جلسات وقررت إصدار الحكم بجلسة 19/ 11/ 2000 تم تقرير تأجيل النطق بالحكم لجلسة 17/ 12/ 2000 ثم لجلسة اليوم لإتمام المداولة حيث صدر هذا الحكم وأودعت أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن قد أقيم في المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن النيابة الإدارية قد أقامت بتاريخ 10/ 10/ 1993 الدعوى التأديبية رقم 1/ 26 أمام المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليل ضد كل من:
1 - ........... رئيس القطاع التجاري بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية (درجة عالية).
2 - ........... رئيس قطاع الفروع بالشركة المذكورة (درجة عالية).
3 - ........... المشرف على الإدارة العامة للمشتريات بالشركة (درجة أولى)
4 - ........... مراقب عام إدارة الخردوات بالشركة (درجة أولى) الطاعن
5 - ........... رئيس إدارة الشركة سابقا (فئة ممتازة)
إذا اتهمتهم بأنهم خلال الفترة من 1/ 7/ 1991 حتى 30/ 6/ 1992 لم يؤدو الواجب المنوط بهم بدقة وامانة ولم يحافظوا على أموال الشركة التي يعملون بها وأتوا ما من شأنه المساس بالمال العام بأن:
الأول:وافق على شراء السلع محل التحقيق بإصداره أوامر توريد بعضها وباستمرار توريد بعضها الآخر مكتفيا في هذه الموافقة على مذكرات العرض المقدمة من الثالث دون اقترانها بدراسة جادة لحالة السوق ومدى رواج هذه السلع ودون مراجعة أرصدة فروع الشركة واحتاجاتها من هذه السلع مما ترتب عليه تراكم المخزون منها والذي بلغت قيمته في جرد 30/ 6/ 1992 مبلغ 10292689 جنيه.
الثاني:1 - أهمل في مراجعة طلبيات الفروع تاركا تنفيذها للثالث والرابع دون رقابة منه.
2 - لم يقم بمراجعة أرصدة فروع الشركة من السلع محل التحقيق قبل تنفيذ طلبياتها منها.
الثالث: حرر طلبات توريد بعض السلع محل التحقيق دون أن يسبقها دراسة جادة لحالة السوق ومدى رواجها واحتياج الفروع منها واعتماده لطلبيات الفروع دون مراجعة لأرصدتها مما أدى إلى تكدسها بمخازن الشركة.
الرابع: لم يقم بعمل الدراسة الجادة لحالة السوق للسلع المطلوبة ومدى رواجها وملائمة أسعارها رغم اختصاصه بذلك.
الثالث والرابع: قاما بتنفيذ بعض طلبيات من بعض السلع الصادر عنها أوامر توريد قبل 1/ 7/ 1991 باتصالهما مباشرة بالموردين دون عرض الأمر على الأول والحصول على موافقته باعتباره مختصا بذلك.
الخامس:....................
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهمين تأديبيا طبقا للمواد الواردة بتقرير الاتهام وأودعت بالإضافة إلى تقرير الاتهام ملف تحقيق النيابة الإدارية في القضية رقم 14/ 93 رئاسة الهيئة وقد تداولت المحكمة المذكورة نظر الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن أصدرت حكمها الطعين بجلسة 19/ 2/ 1997 وأقامت قضاءها فيما أسند إلى المحال الرابع (الطاعن) منفردا (والموضح بتقرير الاتهام) بأنه قد ثبت في حقه من واقع ما جاء بإقراره وأقوال شهود التحقيقات وبالتالي فقد أخل بواجباته الوظيفية لعدم أدائه الأعمال المنوطة به بدقة وأمانة مما يستتبع مساءلته تأديبيا عن ذلك, وبالنسبة للمخالفة المسندة لكلا من المحالين الثالث والرابع (الطاعن) مجتمعين (والموضح بتقرير الاتهام) فقد ثبتت في حقهما من واقع ما جاء بإقرارهما وأقوال شهود التحقيقات المشار إليهم ودون أن ينال من ذلك ما دفعا به من أن ما تم توريده يختلف عن الأصناف الموجودة بالرصيد لما كشفت عنه الأوراق من أن بيان القطاع المالي قد تضمن أسماء الشركات الموردة للسلع محل التحقيق خلال عام 90/ 1990 وهي بذاتها الموردة خلال عام 91/ 1992 عن ذات منتجاتها وأنه ثابت بذلك البيان رصيد المخزن من المنتجات في 30/ 6/ 1991 أما فيما دفعا به بأن ما تم توريده من شركتي كفر الدوار والعامرية كان بضاعة أمانة لم يسدد ثمنها فذلك مردود بما كشفت عنه الأوراق أنه تم تجديد أجل سداد مستحقات الشركتين المشار إليهما من تاريخ استلام البضاعة وأنه تم سداد جزء منها وتأجيل سداد الباقي.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون للأسباب الآتية:
أولا: أن محكمة أول درجة تصدت لنظر الدعوى رغم عدم اختصاصها لسريان قانون العمل رقم 137/ 81 على العاملين بالشركات التابعة وليس القانون رقم 48/ 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام وفقا لما تقضي به المادة الخامسة من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام والمادة (44) من القانون رقم 203 لسنة 1991.
ثانيا: انتفاء المخالفة في جانب الطاعن وذلك لأن ما قام به كان في إطار النظام المتبع في شأن توفير الخردوات ولم يكن بناء على هدى من جانب الطاعن نظرا لأن شراء السلع كان يتم بطريقتين: الأولى ويه طريقة التوزيع المباشر وبموجبها يتم توريد بناء على طلب معتمد من رئيس الموقع مبينا به بيان وكميات الأصناف المطلوبة والذي يسلم إلى مندوبي الشركات والجهات الموردة وبعد إتمام التنفيذ والتوريد تقوم الجهة الموردة بتقديم المستندات المتعلقة بالتوريد حيث يتم مراجعتها من المحاسب المختص وإدارة الحسابات ثم تعرض على الطاعن بصفته مراقب عام الخردوات ثم عرضها على السلطات الأخرى المختصة, والثانية يتم بموجبها تحديد السلع المطلوبة وفق طلبيات من مواقع البيع تعرض على رئيس القطاع التجاري (المتهم الأول) ثم على الطاعن ويتم اعتماد جميع مستندات الشراء من المتهم الأول وعلي ذلك فلم يقم الطاعن بتحديد أو شراء خردوات ولا يأتي دوره إلا بعد تمام ورود البضاعة أو طلبها من مواقع البيع بعد المراجعة بمعرفة المختصين قبل الطاعن أي أن دور الطاعن ليس إلا دورا تنفيذيا لبعض المراحل على النحو السالف, ومن ناحية أخرى فقد ورد بالأوراق على خلاف الحقيقة أن المخزون من الخردوات بلغ في العام المالي 91/ 1992 بمبلغ 10139908) جنيه بدعوى وجود تجاوزات بمشتريات بغرض البيع عن المعتمد بالموازنة وقدرها (26655000) جنيه, وحقيقة الأمر أن الرقم الأخير ليس قاصرا على الخردوات وإنما يشمل كامل المبلغ المعتمد بالموازنة لتوفير كل من الخردوات والبقالة وتمثل البقالة النشاط الرئيس للشركة بكامل فروعها وأنه بالنسبة للرقم الأول (10139908) جنية قيمة الخردوات فلا يعني أن هناك خردوات بهذه القيمة بالمخازن والتي لم يكن يوجد بها ما يتعدى ثلاثة ملايين جنيه بسعر الشراء بينما الباقي كان عبارة عن خردوات معروضة بكافة فروع الشركة والذي كان ما يزال مملوكا للشركات الموردة وأن ما يرد لها هو ما يباع فقط مع ارتجاع التالف والراكد وأي كمية ترغب الشركة في ارتجاعها.
ومن حيث إنه عن النعي بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الدعوى التأديبية فإن المادة الرابعة من مواد إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال قد قضت في فقرتها الأخيرة بأن تستمر معاملة هؤلاء العاملين بجميع الأنظمة والقواعد التي تنظم شئونهم الوظيفية وذلك إلى أن تصدر لوائح أنظمة العاملين بالشركات المنقولين إليها طبقا لأحكام القانون المرافق خلال سنة من التاريخ المذكور وكما نصت المادة الخامسة من مواد إصدار ذلك القانون على أنه مع عدم الإخلال بما ورد في شأنه نص خاص في هذا القانون أو في القانون المرافق لا يسري نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978على العاملين بالشركات الخاضعين لأحكام القانون المرافق وذلك اعتبارا من تاريخ العمل باللوائح المشار إليها كما نصت المادة السادسة من ذات القانون علي تستمر محاكم مجلس الدولة في نظر الدعاوى والطعون الآتية التي رفعت إليها إلى أن يتم الفصل فيها بحكم بات وفقا للقواعد المعمول بها حاليا وذلك دون حاجة إلى أي إجراء آخر: أولا: الدعاوى التأديبية وطعون الجزاءات التأديبية وغيرها من الدعاوى المتعلقة بالعاملين بالشركات الخاضعة متى كانت قد رفعت قبل العمل باللوائح المنصوص عليها في المادة السابقة. مؤدى ما تقدم من نصوص فإن المحاكم التأديبية تكون مختصة بنظر الدعاوى التأديبية للعاملين بالشركات التابعة والخاضعة لأحكام القانون رقم 203/ 1991 طالما رفعت قبل العمل باللوائح المنظمة لشئون العاملين بهذه الشركات.
ومن حيث إنه بالتطبيق لما تقدم فإنه لما كان لم يثبت من الأوراق ما يفيد صدور لوائح وأنظمة العاملين بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية التابع لها الطاعن وعليه فإن المحكمة التأديبية تكون هي المختصة بنظر الدعوى التأديبية ويغدو ذلك الوجه من الطعن غير قائم على سند سليم من الواقع أو القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه عما نعاه الطاعن من انتفاء المخالفة في حقه فإن المخالفة الأولى بشأن عدم قيامه بعمل الدراسة الجادة لحالة السوق للسلع المطلوبة ومدى رواجها وملائمة أسعارها رغم اختصاصه بذلك فقد ثبتت في حقه صدقا وعدلا مما قرره......... رئيس مجلس الادارة بأن المسئول عن إجراء الدراسة الجادة لمعرفة حالة السوق ومدى حاجة الفرع لأصناف الخردوات التي تم التعاقد على شرائها عام 91/ 1992 هما............. مدير عام المشتريات (المحال الثالث) و.............. بالإدارة العامة للتسويق (الطاعن) وكذا ما قرره............. رئيس القطاع التجاري بالشركة (المحال الأول) باختصاص القطاع التجاري والمشتريات بمراجعة رصيد المخازن من الأصناف قبل الموافقة على توريد كميات أخرى وأن.............(الطاعن) ومن معه بمراقبة الخردوات لم يقوموا بإجراء دراسة حالة السوق ومدى احتياج الفروع للطلبيات المقدمة منها خلال السنة المالية 91/ 1992 من أصناف الخردوات والأدوات المنزلية وعرضها على القطاع التجاري وكذا ما قرره.......... رئيس القطاع المالي بالشركة من أن المسئول عن توريد أصناف الخردوات خلال عام 91/ 1992 هم كل من:.......... (المحال الأول),.............(المحال الثالث) و............. (المحال الرابع - الطاعن) وقد تأيد ذلك أيضا بما أقر به الطاعن بالتحقيقات التي أجرتها النيابة من أنه يختص بشراء أصناف الخردوات الخاصة بمواقع الشركة بناء على الطلبيات الواردة من المواقع ودراسة السوق للوقوف على الأصناف المناسبة وما أقر به أيضا من عدم قيامه بإعداد مذكرة لدراسة حالة السوق سواء من قبله أو من قبل أخصائي التسويق التابعين لإدارة المشتروات والخردوات, ولا يغير من تلك النتيجة ما تمسك به الطاعن في طعنه من أن دوره كان تنفيذيا لبعض المراحل إذ إن ذلك لا ينفي مسئوليته لما أقر به من اختصاصه بدراسة السوق للوقوف على الأصناف المناسبة وهو الأمر البديهي على ضوء وظيفته المشار إليها وهو ما يتعارض مع الاكتفاء بالرد التنفيذي على ما حاول أن يصدره, وكذلك فلا يجدي الطاعن التمسك بأن المعتمد بموازنة الشركة للشراء بغرض البيع في العام المالي 91/ 1992 وقدره (266555000) جنيه والذي تم تجاوزه إنما يشمل المعتمد لكل من الخردوات والبقالة والتي تمثل فيها البقالة النشاط الرئيسي للشركة إذ إن ذلك مردود بما تضمنه تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات موضوع التحقيق من تفصيل لقيمة المخزون من البضائع من أصناف الخردوات بمبلغ 9.351.421 جنيها مما يزيد بنسبة 214.8% عن مخزون العام السابق وبيان السبب في ذلك من إقدام الشركة على شراء ما قيمته 10.139.908 جنيه وهو ما ينطوي على عدم إجراء الدراسة الجادة لحالة السوق ومدى استيعابه لتلك الأصناف قبل الشراء.
ومن حيث إنه عن المخالفة الثانية التي أسندت إلى الطاعن ومؤداها تنفيذ بعض طلبيات السلع الصادر عنها أوامر توريد قبل 1/ 7/ 1991 باتصاله والمحال الثالث المباشر بالموردين ودون عرض الأمر على الأول (رئيس القطاع التجاري) والحصول على موافقته باعتباره مختصا بذلك فإنه بالرغم من إصدار الأخير لكتاب يؤكد محاولته درء تلك المخالفات فقد قصر التحقيق عن تحديد لتلك الطلبيات وبالتالي عن حقيقة المخالفة كما لم يتم مواجهة الطاعن بتلك المخالفة أو بعناصرها من حيث الأفعال والزمان وأدلة الثبوت الأمر الذي من شأنه تجهيل تلك الواقعة وعدم التيقن من نسبتها إلى الطاعن أو غيره, وأيا كان الرأي بشأن تلك المخالفة فإن المخالفة الأولى والثانية في حق الطاعن على النحو السالف الإشارة لا شك كانت الأساسي في إدانته على خلاف تلك المخالفة الإجرائية وهو ما يكفي لنيل الجزاء الذي اوقعته المحكمة التأديبية على الطاعن ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويضحى الطعن عليه فاقدا لأساسه القانوني السليم بما يتعين معه الحكم برفضه.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.