مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 437

(58)
جلسة 7 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ عادل محمود ذكي فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة على فكري حسن صالح، وأسامة محمود عبد العزيز محرم، وعبد المنعم أحمد عامر، وسعيد سيد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 5382 لسنة 43 القضائية

*إدارات قانونية - تأديب - إجراءاته وضماناته.
- المادة (21) من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية أراد المشرع أن يحمي مديري وأعضاء الإدارات القانونية في مجال ممارستهم لأعمالهم القانونية بحيث يمارسون أعمالهم القانونية باستقلال عن الرئاسة الإدارية لأنهم يمارسون من خلال هذا المجال وظيفة رئيسية في خدمة سيادة القانون بالنسبة لجهة الإدارة - مؤدى ذلك - تمتعهم باستقلالية يحميها المشرع بتنظيم أسلوب خاص بمساءلتهم يتضمن من الضمانات ما يحمي استقلالهم في مواجهة جهة الإدارة التنفيذية عند مباشرتهم لأعمالهم -بناء عليه - ناط المشرع مسئوليتهم التفتيش الفني بالإدارات القانونية وهي إدارة تابعة لوزارة العدل - أثر ذلك - فإن أي قرار تأديبي يصدر في مواجهتهم يجب أن يسبقه تحقيق يتم بمعرفة إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل وإلا كان القرار باطلا - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 21/ 7/ 1997 أودع الأستاذ .......... المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 5382 لسنة 43ق.ع في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة المالية وملحقاتها بجلسة 25/ 5/ 1997 في الطعن رقم 3/ 29ق المقام من الطاعن ضد المطعون ضده بصفته.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 212/ 1994 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده في 4/ 8/ 1997 وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار رقم 212 بتاريخ 9/ 6/ 1994 فيما تضمنه نم مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار.
وحددت جلسة 10/ 11/ 1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة (الدائرة الرابعة) والتي قررت بجلسة 8/ 4/ 2000 حيث جرى تداوله بالجلسات إلى أن أحيل إلى هذه الدوائر (السابعة) بجلسة 15/ 10/ 2000 فنظرته على النحو المبين بمحاضر الجلسات, وبجلسة 26/ 11/ 2000 قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم فصدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن كان قد أقام الطعن رقم 3/ 29ق بإيداع عريضته ابتداء أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بتاريخ 15/ 10/ 1994 طالبا في ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 212/ 94 فيما تضمنه من مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات والأتعاب وقال شرحا لطعنه أنه يعمل محاميا أمام المحاكم الابتدائية بالهيئة المطعون ضدها وقد فوجئ بصدور القرار المطعون فيه على سند من أنه تأخر في مباشرة إجراءات الدعوى رقم 1841 لسنة 90 بإخلاء استراحة الهيئة بالمنيا الأمر الذي ترتب عليه صدور الحكم بالإخلاء والطرد بجلسة 26/ 11/ 1992 كما أنه لم يستأنف ذلك الحكم مما فوت علي الهيئة درجة من درجات التقاضي.
ونعي الطاعن على هذا القرار قيامه على غير سبب صحيح ذلك أنه لم يكن مكلفا بمباشرة الدعوى رقم 1841/ 1990 منذ بدايتها وان الاستئناف لا يقع على عاتقه لكونه غير مقيد أمام محكمة الاستئناف آنذاك كما أن هذا القرار مشوب بعيب إساءة استعمال السلطة.
وتدوول الطعن أمام المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها حتى قررت إحالته إلى المحكمة التأديبية لوزارة المالية وملحقاتها للاختصاص والتي نظرته ثم أصدرت بجلسة 25/ 5/ 1997 الحكم المطعون فيه والذي قضى بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا تأسيسا على أن الثابت من التحقيق وشهادة الشهود عدم اتخاذ الطاعن الإجراء اللازم نحو سداد المبلغ محل الدعوى رقم 1848/ 90 مدني كلي المنيا إلى المالك لتجنب صدور حكم ضد الهيئة كما تقاعس عن حضور الجلسة المحددة لنظر الدعوى, وأهمل في مراعاة الميعاد المحدد لتقديم مذكرة لاستئناف الحكم.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه معيب بالقصور والفساد في الاستدلال لأنه أقام قضاءه برفض طلب الطاعن إلغاء الحكم المطعون فيه على أساس ثبوت ما نسب إليه بالتحقيق وشهادة الشهود وأغفل مذكرة دفاعه المقدمة أمام النيابة الإدارية التي طلب في ختامها إحالة التحقيق إلى إدارة التفتيش الفني للاختصاص باعتباره عضو إدارة قانونية إلا أن النيابة لم تستجب لطلبه وأحالت الموضوع إلى جهة الإدارة وأشارت بتوقيع الجزاء على الطاعن.
هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن الطاعن لم يباشر الدعوى رقم 1841/ 90 مدني المنيا منذ بدايتها كما أنه لم يكن مقيدا أمام محكمة الاستئناف في ذلك الوقت وليس هو المسئول عن عدم سداد الأجر محل الدعوى وخلص الطاعن إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء قرار الجزاء وما يترتب عليه من آثار.
ومن حيث إن المادة 21 من القانون رقم 47/ 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها تنص على أن "تنظيم الأحكام الخاصة بالتحقيق والنظام التأديبي لمديري الإدارات القانونية وأعضائها وبإجراءات ومواعيد التظلم مما قد يوقع عليهم من جزاءات لائحة يصدرها وزير العدل بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة 7 من هذا القانون يجوز أن تتضمن هذه اللائحة بيانات بالمخالفات الفنية والإدارية التي تقع من مديري الإدارات القانونية وأعضائها والجزاءات المقررة لكل منها والسلطة المختصة بتوقيعها ولا يجوز أن تقام الدعوى التأديبية الا بناء على تحقيق يتولاه أحد أعضاء التفتيش الفني".
وحيث إن مفاد هذا النص وفقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن المشرع في القانون رقم 47/ 1973 أراد أن يحمي مديري وأعضاء الإدارات القانونية في مجال ممارستهم لأعمالهم القانونية بحيث يمارسون أعمالهم القانونية باستقلال عن الرئاسة الإدارية لأنهم يمارسون من خلال هذا المجال وظيفة رئيسية في خدمة سيادة القانون بالنسبة لجهة الإدارة وهو ما اقتضى في هذا النطاق تمتعهم باستقلالية يحميها المشرع بتنظيم أسلوب الاستقلال خاص بمساءلتهم يتضمن من الضمانات ما يحمي لهم استقلالهم في مواجهة جهة الإدارة التنفيذية عند مباشرتهم لأعمالهم وتوفيرا لهذه الحماية, وذلك الاستقلال ناط المشرع مسؤوليتهم التفتيش الفني بالإدارات القانونية وهي إدارة تابعة لوزارة العدل ومقتضى ذلك فإن أي قرار تأديبي يصدر في مواجهتهم يجب أن يسبقه تحقيق يتم بمعرفة ادارة التفتيش الفني بوزارة العدل وإلا كان القرار باطلاً لأن هذا الإجراء يعد إجراء جوهريا لازما قبل صدور قرار الجزاء ويترتب على تخطيه بطلان القرار.
ومن حيث أنه لما كان ذلك وكان القرار الصادر من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية (المطعون ضدها) رقم 12/ 1994 بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه قد استند إلى تحقيق أجرته النيابة الإدارية ولم يسبقه تحقيق بواسطة إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل وكانت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن تتعلق بعمله الفني كعضو إدارة قانونية بالهيئة المذكورة فإن هذا القرار محل المنازعة يكون قد صدر باطلا متعينا إلغاؤه على أن ذلك لا يحول بين الجهة الإدارية وبين اتخاذ الإجراءات المقررة قانونا لمساءلة الطاعن عما نسب إليه في ضوء الأحكام الواردة بالقانون رقم 47 لسنة 73 المشار إليه على النحو السالف بيانه وتوقيع الجزاء المناسب إن كان لذلك محل وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر فإنه يكون مخالفا لأحكام القانون خليقا بالالغاء.

فلهذه الاسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم خمسة ايام من مرتبه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.