مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1996 إلى آخر فبراير سنة 1997) - صـ 381

(37)
جلسة 5 من يناير سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وإدوارد غالب سيفين وسامي أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1576 لسنة 35 قضائية عليا

أراضٍِ زراعية - حظر إقامة المنشآت عليها - اختصاص المحكمة الجنائية بإصدار قرار الإزالة في حالة المخالفة.
المادتان 152 و156 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 معدلاً بالقانون رقم 116 لسنة 1983.
لا يجوز لوزير الزراعة تجاوز حدود الاختصاص المحدد له بإصدار قرارات بازالة المباني والمنشآت التي أقيمت على الأراضي الزراعية - هذا الاختصاص معقود للقضاء فحسب - إذا أصدر الوزير قراراً بالإزالة يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص الجسيم ومن باب أولى توصم بذات العيب قرارات المحافظين الصادرة بناء على تفويض من وزير الزراعة - ذلك لا يحول دون حقهم في وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري حتى صدور الحكم في الدعوى الجنائية. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 4/ 4/ 1989 أودع الاستاذ ........... المحامي بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 1576 لسنة 35 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) بجلسة 15/ 2/ 1989 في الدعوى رقم 188 لسنة 8 ق المرفوعة من/............... والذي قضي بإلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم 466 لسنة 1985 فيما تضمنه من إزالة التعدي الواقع من المدعي على الأرض الزراعية انتفاع المدعو/.......... بإقامة منزل على مساحة 92.5م2 بالحدود والمعالم المبينة بالقرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسببا ارتأت في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع ببطلان الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى القضاء الإداري والفصل فيها مجددا.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 18/ 3/ 1996 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 9/ 6/ 1996 وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة، وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على النحو المبين بمحاضر الجلسات قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 4/ 11/ 1985 أقام/............ (المطعون ضده) الدعوى رقم 188 لسنة 8 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الأولى) ضد: 1- محافظ الدقهلية. 2- مدير عام الإصلاح الزراعي. 3- مأمور مركز المنصورة، طالبا في ختام عريضتها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 446 لسنة 1985 فيما تضمنه من إزالة التعدي على الأرض والمنزل المملوكين للمدعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال شرحا للدعوى أنه يملك منزلا بناحية الدنابيق مركز المنصورة وفوجئ في 9/ 10/ 1985 بإخطاره بالقرار رقم 446 لسنة 1985 الصادر من المدعي عليه الأول بإزالة التعدي الواقع من المدعي على الأرض الزراعية انتفاع المواطن راشد سليمان بربر والواقعة بأرض الوحدة رقم 39 بالحوشة رقم 2 بحوض البحيرة نمرة/ 5 بمساحة إجمالية 339.5 متراً مربعا ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته للواقع والقانون. وبجلسة 26/ 6/ 1986 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعي المصروفات. وتم تحضير الدعوى في الشق الموضوعي أمام هيئة مفوضي الدولة وأعدت تقريرا بالرأي القانوني فيها ثم أعيد نظر الدعوى في هذا الشق أمام محكمة القضاء الإداري.
وبجلسة 15/ 2/ 1989 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الشق الموضوعي من الدعوى وهو محل الطعن الماثل حيث قضت بإلغاء قرار محافظ الدقهلية المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من مطالعة القرار المطعون فيه أنه صدر استنادا إلى أحكام قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 116 لسنة 1983 والقانون رقم 2 لسنة 1985، وإلى التفويض الصادر من وزير الزراعة إلى المحافظين بالقرار رقم 1167 لسنة 1983 بتفويض كل منهم في نطاق اختصاصه في ممارسة سلطات وزير الزراعة المقررة بالقانون المشار إليه، كما أن القرار المطعون فيه استند إلى المادة 970 من القانون المدني. وإنه طبقاً لأحكام قانون الزراعة سالف الذكر فإن سلطة وزير الزراعة تقف عن حد وقف أسباب المخالفة دون تقرير الإزالة التي يختص بها القضاء الجنائي وحده، وأنه بالنسبة لما تقضي به المادة 970 مدني التي أجازت للوزير المختص إزالة التعدي الواقع على الأموال المملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة ومنها الهيئات العامة، وباعتبار أن المدعي أقام المباني المخالفة على أرض زراعية مملوكة للإصلاح الزراعي وانتفاع المدعو/.......... فإنه لم يصدر قرار من الجهة الإدارية المختصة طبقا للمادة (14) من قانون الإصلاح الزراعي باسترداد الأرض من المنتفع/.............. ومن ثم فإن الأرض لا زالت مملوكة له وليس للإصلاح الزراعي ومن ثم تخرج عن نطاق تطبيق المادة 970 من القانون المدني، وخلصت محكمة القضاء الإداري مما سبق إلى أن القرار المطعون فيه معيباً خليقا بالإلغاء.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، كما شابه عيب في الإجراءات أثر فيه ذلك لأنه وإن كان قانون الزراعة قد أضفى حماية جنائية تتمثل في عقوبة جنائية على مخالفة أحكام قانون الزراعة وأتبعها بعقوبة تبعية هي الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف إلا أن ذلك لا يحرم الجهة الإدارية من مزاولة اختصاصها الأصيل في حماية الرقعة الزراعية بإزالة أسباب المخالفة, وبالإضافة إلى ذلك فإن المنتفع الأصيل بالأرض محل النزاع لم يقم بسداد كامل ثمن الأرض وأنها لا تزال ملك الدولة وأن أمره معروضا على اللجنة القضائية لمخالفات المنتفعين ولم يصدر في شأنه قرار بعد، كما وأن المحكمة لم تقم بإخطار الجهة الطاعنة بخطاب موصى عليه بعلم الوصول بما يفيد إحالة الدعوى إلى المرافعة طبقا لنص المادة 30/ 2 من قانون مجلس الدولة مما ينطوى على خطأ في الإجراءات أثر في الحكم، وقدمت الهيئة الطاعنة مذكرة بدفاعها صممت فيها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، كما قدم المطعون ضده حافظة مستندات.
ومن حيث إنه عن النعي بوقوع خطأ في الإجراءات أثر في الحكم المطعون فيه فإن القرار المطعون فيه هو قرار محافظ الدقهلية رقم 446 لسنة 1985 بإزالة التعدي الواقع من المطعون ضده على أرض النزاع، ومن ثم فإن هذا القرار وإن ناط تنفيذه بمديرية الإصلاح الزراعي وجميع الجهات المختصة على ما جاء بالمادة الثانية منه فإن الخصم الأصيل في الدعوى هو محافظ الدقهلية بصفته مصدر القرار المطعون فيه وتنوب عنه في الحضور هيئة قضايا الدولة والتي ثبت حضورها جلسة المرافعة المعقودة بتاريخ 7/ 12/ 1988 ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه صدر بناء على اجراءات صحيحة ولا مطعن عليه في هذا الشأن.
ومن حيث إنه عما جاء بأسباب الطعن من حق الجهة الإدارية في إزالة البناء على الأرض الزراعية فقد حظرت المادة 152 من هذا القانون كأصل عام إقامة مبان أو منشآت على الأرض الزراعية أو ما في حكمها أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيمها لإقامة مبان عليها وتضمنت المادة 156 منه العقوبات التي توقع على مخالفة أي حكم من أحكام المادة 152 أو الشروع فيها، وقد جرى قضاء هذه المحكمة بأنه في تطبيق حكم المادة 156 سالفة الذكر لا يجوز لوزير الزراعة تجاوز حدود الاختصاص المحدد له بإصدار قرارات بإزالة المباني والمنشآت التي أقيمت على الأرض الزراعية لأن هذا الاختصاص معقود للقضاء فحسب الذي يتعين عليه في حال الإدانة أن يأمر بإزالة المباني المخالفة على نفقة المخالف وفقا لحكم الفقرة الثانية من المادة المشار إليها، فإذا ما أصدر وزير الزراعة قراراً بإزالة المباني والمنشآت المقامة على الأرض الزراعية بالمخالفة لحكم المادة (156) فإن هذا القرار يكون مشوبا بعيب عدم الاختصاص الجسيم لاغتصابه سلطة مقررة للمحكمة الجنائية وحدها، ومن باب أولى توصم بذات العيب قرارات المحافظين الصادرة استنادا إلى تفويض من وزير الزراعة بازالة المباني المقامة على أرض زراعية بالمخالفة لما سبق، على أن عدم اختصاص وزير الزراعة أو من يفوضهم في ذلك بإصدار قرارات بإزالة المباني المخالفة لا يحول دون حقهم حتى صدور الحكم في الدعوى الجنائية في وقف أسباب المخالفة بالطريق الإداري على نفقة المخالف، وذلك ما نصت عليه صراحة 156 سالفة الذكر، ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر بإزالة البناء المقام من المطعون ضده بحسبانه مقاما على أرض زراعية فإن هذا القرار يكون مخالفا للقانون.
ومن حيث إنه عما جاء في أسباب الطعن أن الأرض مملوكة للإصلاح الزراعي وتم إزالة التعدي الواقع عليها استنادا إلى المادة 970 من القانون المدني فإن مناط إعمال حكم هذه المادة أن تكون الأرض التي يتم إزالة التعدي الواقع عليها بالطريق الإداري مملوكة للدولة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو الهيئات العامة أو غيرهم من الجهات التي عينتها هذه المادة، ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام المرسوم بالقانون رقم 178 لسنة 1952 في شأن الإصلاح الزراعي وما جرى به قضاء هذه المحكمة أن ملكية الأرض الموزعة على المنتفعين من الإصلاح الزراعي ملكية معلقة على شرط فاسخ، فالملكية تثبت للمنتفع ما لم يرتكب ما من شأنه تقرير استرداد الأرض منه واعتباره مستأجرا لها من تاريخ انتفاعه بها، ويكون استرداد الأرض على هذا النحو وفقا للأحكام المبينة بذات القانون ويصدر بذلك قرار من اللجنة المشكلة طبقا لنص المادة 14 منه بعد ثبوت إخلال المنتفع بالالتزامات المنصوص عليها في هذه المادة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الأرض المقام عليها المباني الصادر في شأنها قرار الإزالة المطعون فيه ملك المنتفع/............. ولم يصدر قرار من لجنة تحقيق مخالفات المنتفعين بأراضي الإصلاح الزراعي باستردادها منه طبقا لأحكام وإجراءات المادة (14) من قانون الإصلاح الزراعي وكان المطعون ضده قد أقام البناء الصادر في شأنه قرار الإزالة على أرض النزاع التي اشتراها بعقد بيع ابتدائي من المنتفع/...........، ومن ثم فلا تكون هذه الأرض مما لا يجوز للجهة الإدارية أن تستعمل في شأنها سلطة الإزالة بالطريق الإداري المنصوص عليها في المادة 970 من القانون المدني، ويكون القرار المطعون فيه وقد صدر استناداً إلى أحكام هذه المادة قد صدر كذلك بالمخالفة لأحكام القانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم، وإذ قضي الحكم المطعون فيه بذات النظر فإنه يكون قد صادف الصواب الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الادارية الطاعنة المصروفات.