أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 27 - صـ 554

جلسة 30 من مايو سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوى، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى الاسيوطي، محمد عادل مرزوق، وأحمد فؤاد جنينة، ويعيش رشدي.

(123)
الطعن رقم 237 لسنة 46 القضائية

مسئولية مدنية. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره. إثبات. "بوجه عام". حكم."تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بانتفاء علاقة التبعية بين المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. جوهري. وجوب تمحيصه والرد عليه. مخالفة ذلك. قصور.
1 - لما كان البين من الحكم الابتدائي - الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه - أنه اقتصر في تبرير قضائه بمساءلة الطاعن عن خطأ المحكوم عليه على مجرد قوله - في عبارة مجملة - بثبوت علاقة التبعية بينهما، دون أن يبين وجه هذه التبعية ودليل ثبوتها، مع أن دفاع الطاعن قد قام على انتفائها، وهو دفاع جوهري، كان حتما على محكمة الموضوع أن تمحصه وترد عليه بما يفيده - لتعلقه بالأساس الذي ترتكز عليه مسئولية الطاعن. أما وهي لم تفعل فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة..... بأنه بدائرة قسم الرمل (أولا) تسبب بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العام البرية (الترام) من شأنه تعريض حياة الأشخاص الذين به للخطر بأن تخطى ملتقى الطرق قبل التحقق من خلو الطريق فصدم الترام ونجم عن ذلك موت.... وإصابة..... (ثانيا) تسبب خطأ في موت..... وكان ذلك ناتجا عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته للقوانين واللوائح بأن تخطى ملتقى الطرق قبل التحقق من خلو الطريق فاصطدم به الترام الذي كان يستقله المجني عليه وحدثت به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته (ثالثا) تسبب خطأ في إصابة كل من.... و.... وكان ذلك ناشئا عن إهماله ومخالفته للقوانين واللوائح بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر فصدم الثاني ولم يهدئ من سرعته عند ملتقى الطرق فاصطدم بالترام الذي كان يقوده الأول ونتج عن ذلك إصابتهما بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي (رابعا) قاد سيارة تعرض حياة الأشخاص للخطر (خامسا) لم يهدئ من سرعته عند ملتقى الطرق وتخطاها قبل التحقق من خلو الطريق (سادسا) سير سيارة دون أن تكون مستوفاة لشروط الأمن والمتانة. وطلبت معاقبته بالمواد 169/ 2 و238/ 1 و244/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و81 و88 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار وزير الداخلية وادعى ورثة المجني عليه......... مدنيا قبل المتهم وقبل......... متضامنين بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والأتعاب. ومحكمة جنح الرمل الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة عشرين جنيها لوقف التنفيذ عن جميع التهم المنسوبة إليه وإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بأن يدفعا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فاستأنف المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت بقبول الاستئنافين شكلا، وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الجنائية والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية. فطعن الأستاذ...... المحامي عن المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن - المسئول عن الحقوق المدنية - ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بالزامه - متضامنا مع المحكوم عليه بجريمة التسبب بغير عمد في حصول حادث لإحدى وسائل النقل العامة البرية نشأ عنه موت مورث المدعيين بالحقوق المدنية - بالتعويض المؤقت المطلوب، قد شابه قصور في التسبيب. ذلك بأنه اقتصر في تبرير قضائه هذا على مجرد القول بثبوت تبعية المحكوم عليه للطاعن، دون أن يبين وجه هذه التبعية ودليل ثبوتها مع أن دفاع الطاعن - الذي استمسك به في درجتي التقاضي - قد قام على انتفائها. ولا يشفع للحكم تمسك المدافع عن المدعيين ببقاء رخصة السيارة التي وقع بها الحادث باسم الطاعن وعدم نقلها لإسم مالكها الجديد - الذي أقر المحكوم عليه بالعمل لديه وقت الحادث وأدخله المدعون في الدعوى، إذ العبرة بحقيقة الواقع في علاقة التبعية، وكان على المحكمة إذا ما رأت أن الفصل في طلب التعويض يستلزم إجراء تحقيق بخصوصها ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية أن تحيل الدعوى به إلى المحكمة المدنية عملا بنص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل ولم تحقق دفاع الطاعن أو ترد عليه بما يفنده فإن حكمها يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن المدافع عن الطاعن حضر بجلسة 21 من فبراير سنة 1972 - التي أعلن الطاعن لها مدخلا في الدعوى - وتمسك بأن المحكوم عليه لا تربطه بالطاعن أية علاقة عمل لأن السيارة التي وقع بها الحادث كانت قد صارت في ملكية وحيازة شخص آخر أرشد عنه، فرد المدافع عن المدعيين بالحقوق المدنية بأن رخصة تسيير السيارة لازلت باسم الطاعن، ثم نوقش المحكوم عليه في هذا الخصوص فقرر أنه كان يعمل وقت الحادث ولا زال يعمل لدى من أرشد عنه الطاعن. وبناء على طلب المدافع عن المدعيين، أجلت المحكمة الدعوى لجلسة 3 من أبريل سنة 1972 - التي صدر بها الحكم الابتدائي - لإدخال هذا الذي أرشد عنه الطاعن، وبتلك الجلسة قرر أنه أدخله - بالفعل - تزيدا وأنه مصمم على اختصام الطاعن فقط. ويبين من محاضر جلسات محكمة ثاني درجة أن المدافع عن الطاعن عاود التمسك بدفاعه سالف الذكر في الجلستين - الأولى التي حددت لنظر استئنافه هو والمحكوم عليه، والأخيرة التي صدر بها الحكم المطعون فيه - لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي - الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه - أنه اقتصر في تبرير قضائه بمساءله الطاعن عن خطأ المحكوم عليه على مجرد قوله - في عبارة مجملة - بثبوت علاقة التبعية بينهما، دون أن يبين وجه هذه التبعية ودليل ثبوتها، مع أن دفاع الطاعن - الذي استمسك به في درجتي التقاضي على التفصيل السالف بيانه - قد قام على انتفائها، وهو دفاع جوهري كان حتما على محكمة الموضوع أن تمحصه وترد عليه بما يفنده لتعلقه بالأساس الذي ترتكز عليه مسئولية الطاعن أما وهي لم تفعل، فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوبا بقصور في التسبيب يوجب نقضه والاحالة مع إلزام المدعيين بالحقوق المدنية المصاريف.