مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2233

(263)
جلسة 20 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: السيد محمد السيد الطحان، وسامى أحمد محمد الصباغ، ومصطفى محمد عبد المعطى، وأحمد حلمى محمد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3763 لسنة 45 القضائية

تراخيص - الأملاك ذات الصلة بالرى
قانون الرى والصرف 12 لسنة 1984 - حمل المشرع الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة أو الأشخاص الاعتبارية العامة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل أو الترع أو المصارف العامة والواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين مترا، وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين مترا، بقيود منها عدم جواز إجراء أى عمل بتلك الأراضى أو إجراء حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير فى التيار تأثيرا يضر بالجسور دون الحصول على ترخيص من وزارة الرى، وكذلك الأملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف - يمنح الترخيص لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد.


إجراءات الطعن

فى يوم الأربعاء الموافقة 24/ 3/ 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3763 لسنة 45ق. عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بقنا بجلسة 27/ 1/ 1999 فى الدعوى رقم 312 لسنة 4ق والقاضى منطوقه بإلغاء القرار السلبى لجهة الإدارة بالامتناع عن توصيل التيار الكهربائى للمحل موضوع الدعوى والزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن - تحديد أقرب جلسة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل فى موضوع الطعن، وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى أولا: بقبول الطعن شكلا، ثانيا: وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مجددا أصليا بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى السلبى، واحتياطيا: برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا والزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عينت دائرة فحص الطعون لنظر الطعن بجلسة 15/ 5/ 2000 وجرى تداوله بالجلسات إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 10/ 12/ 2000، ثم أحيل إلى هذه الدائرة للاختصاص والتى نظرته بجلسة 24/ 1/ 2001 وجرى تداوله بالجلسات، وبجلسة 2/ 5/ 2001 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 20/ 6/ 2001 ومذكرات ومستندات لمن يشاء خلال أسبوعين وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث أن وقائع هذا النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 10/ 9/ 1995 أقام المطعون ضده دعواه إبتداء بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة كوم أمبو الجزئية حيث قيدت بجدولها تحت رقم 343 لسنة 1995 كوم أمبو وطلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بإلزام المدعى عليها بإدخال الكهرباء إلى دكانه المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وذلك على نفقته.
وذكر شرحا لدعواه أنه يمتلك دكانا يعتزم استغلاله استوديو للتصوير والتحميض والطبع وذلك بمنزله الكائن بناحية البيارة مركز كوم أمبو ويعتبر هذا الدكان هو مصدر رزقه وأسرته وقد تقدم بطلب للمدعى عليها لإدخال الكهرباء لذلك الدكان مع تحمله بتكاليف توصيلها إليه إلا أنهما رفضا ذلك على الرغم من أن منزله الذى يوجد به الدكان مزود بالكهرباء، ولما كان الرفض لا مبرر له فقد أقام دعواه بطلباته المشار إليها.
وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 26/ 12/ 1995 حكمت المحكمة بعدم إختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بقنا للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات.
ونفاذا لذلك أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بقنا وقيدت بقلم كتابها تحت رقم 312 لسنة 4ق، وتدوول الشق العاجل منها بجلسات المحكمة وبجلسة 10/ 10/ 1996 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى الدعوى بشقيها.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا إرتأت فى ختامه الحكم بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى المطعون فيه بامتناع الجهة الإدارية المدعى عليها عن توصيل التيار الكهربائى إلى المحل الذى يملكه المدعى بمنزله الكائن بناحية البيارة مركز كوم أمبو مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتدوول نظر الدعوى بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وبجلسة 27/ 1/ 1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بإلغاء القرار المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت بالأوراق أن الإدارة العامة لحماية النيل بإسنا قد رخصت للمدعى بتاريخ 6/ 4/ 1994 بإقامة المسكن وبإقامة محل تجارى على المساحة المقدم عنها عقود الملكية وبالشروط التى تضمنها الترخيص وتضمن البند رقم (5) من هذه الشروط أنه يجوز التعامل بهذا الترخيص فيما يختص بالخدمات المرفقية، وبناء على هذا الترخيص قام المدعى بإنشاء منزل وقد تم توصيل التيار الكهربائى إليه من قبل شركة توزيع كهرباء جنوب الصعيد وفقا لما هو واضح من فاتورة الكهرباء الخاصة بالمنزل والمرفقة بحافظة مستندات المدعى، ومن ثم يكون قرار جهة الإدارة بالامتناع عن توصيل التيار الكهربائى لمحله التجارى الكائن بذات المنزل فى غير محله، وبغير سبب قانونى يبرره مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
واذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدى الجهة الإدارية الطاعنة فقد بادرت إلى إقامة الطعن الماثل بغية الحكم لها بطلباتها المشار اليها ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله وذلك على سند من القول أن المحال المطلوب توصيل التيار الكهربائى إليه هو محل تصوير أفلام وينطبق عليه أحكام القانون رقم 453 لسنة 54 فى شأن المحال الصناعية والتجارية والتى استوجب المشرع الحصول على ترخيص بشأنها قبل التشغيل، وأن هذا المحل أصلا لم يصدر بشأنه ترخيص بالتشغيل والموافقة عليه ويكون امتناع الجهة الإدارية عن توصيل التيار الكهربائى اليه قائما على سند صحيح، ولا يغير من ذلك أن المطعون ضده قد استحصل على ترخيص ببناء المنزل الواقع به المحل من جهة الرى الخاصة بإقامة أعمال بناء على أرض محملة بقيود الرى والصرف فإن هذا الترخيص لا شأن له بالترخيص بتشغيل محل خاضع لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 الذى أوجب الحصول على ترخيص قبل تشغيل المحل ويغدو الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الادارى قائما على أسبابه القانونية وأن المطعون ضده لم يتقدم بطلب الترخيص للمحل أصلا.
ومن حيث إن المادة (5) من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984 تنص على أنه "تحمل القيود الاتية لخدمة الأغراض العامة للرى والصرف الأراضى المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل أو الترع العامة أو المصارف العامة وكذلك الأراضى الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين مترا وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين مترا.
أ- ...................... ب- ........................
ج- لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الرى إجراء أى عمل بالأراضى المذكرة أو إحداث حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير فى التيار تأثير يضر بهذه الجسور أو بأراضى أو منشآت أخرى.
وتنص المادة (9) على أنه "لا يجوز إجراء أى عمل خاص داخل حدود الأملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف أو إحداث تعديل فيها الا بترخيص من وزارة الرى وطبقا للشروط التى تحددها ويمنح الترخيص لمدة لا تزيد على عشر سنوات قابلة للتجديد ...........
ومفاد ذلك أن المشرع حمل الأراضى المملوكة ملكية خاصة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل أو الترع أو المصارف العامة والواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين مترا خارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين مترا بقيود منها عدم جواز إجراء أى عمل بتلك الأراضى أو إجراء حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التآثير فى التيار تآثيرا يضر هذه الجسور وذلك دون الحصول على ترخيص من وزارة الرى، كما حظر المشرع كذلك إجراء أى عمل داخل حدود الأملاك العامة ذات الصلة بالرى والصرف دون ترخيص بذلك من وزارة الرى، وفى هذه الحالة يمنح الترخيص لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الاطلاع على الترخيص الصادر من الادارة العامة لحماية النيل بإسنا (تفتيش حماية النيل بكوم أمبو) للمطعون ضده والمرفق بحافظة مستنداته المقدمة لمحكمة أول درجة فى 7/ 10/ 1995 والذى يستند إليه لإدخال الكهرباء إلى المحل التجارى الملحق بالسكن الذى أقامه والذى صدر الترخيص له - فإنه بالإطلاع على هذا الترخيص تبين أنه قد شابه بعض الفحوص والتضارب فى البيانات الواردة به، فمن الناحية الأولى فقد خلا هذا الترخيص من بيان مكان إقامة البناء على نحو تفصيلي سواء بالنسبة لموقعه من مدينة كوم أمبو (خارج أو داخل الكردون) أو بالنسبة لمجرى النيل ذاته، والمسافة بينه وبين جسر النيل بحسبانه انه قد جاء فى الترخيص انه فى برأيمن نهر النيل، ومن الناحية الأخرى فقد جاء فى صدر الترخيص ان البناء يقع فى قطعة الأرض المملوكة للمطعون ضده فى حين إنه قد جاء فى البند رقم 7 منه إن هذا الترخيص يعطى لمدة واحدة ولا يجوز التنازل عنه للغير وغير قابل للتجديد، وهو الأمر الذى يدخل اللبس فيما إذا كانت المبانى التى رخص للمطعون ضده ببنائها هي مبان مستديمة او مؤقنة وهل المستفاد من ذلك أن الترخيص صدر للمطعون ضده وفقا للمادة (5) أو المادة (9) المشار إليها، ومن ثم فإن الأمر يتطلب ندب خبير هندسى للإنتقال لمكان البناء محل الترخيص وتحديد مكانه وحدوده على وجه الدقة سواء بالنسبة لمدينة كوم أمبو أو بالنسبة لمجرى النيل وجسوره وسند المطعون ضده في وضع يده على الأرض المقام عليها البناء وبيان طبيعة المبانى وهل هى مؤقتة أو دائمة وله فى سبيل ذلك الإطلاع على المستندات الموجودة لدى الإدارة العامة لحماية النيل بإسنا وتفتيش حماية النيل بكوم أمبو أو أى جهة حكومية وسماع من يرى لزوما لسماعه من الشهود، وعلى الطاعن بصفته سداد مبلغ مائتى جنيه على ذمة أتعاب خبير وحددت جلسة 3/ 10/ 2001 فى حالة عدم سداد الأمانة، وبجلسة 7/ 11/ 2001 فى حالة سدادها وأبقت الفصل فى المصروفات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وتمهيديا قبل الفصل فى الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسوان ليندب أحد خبرائه الهندسيين للقيام بالمأمورية المبينة بأسباب هذا الحكم وله فى سبيل آداء مأموريته الاطلاع على أوراق الدعوى والمستندات المودعة بها وما يقدمه الخصوم من مستندات أخرى تساعد على أداء المأمورية المكلف بها، وكذا الانتقال إلى موقع المبنى المطلوب إدخال الكهرباء له وإلى أية جهة أخرى يرى لزوم الانتقال إليها وسماع من يرى لزوما لسماعه دون حلف يمين، وعلى الجهة الإدارية الطاعنة إيداع خمسمائة جنيه على ذمة أتعاب ومصروفات الخبير يتم صرفها له بدون إجراءات وعينت المحكمة جلسة 3/ 10/ 2001 فى حالة دفع الأمانة وجلسة 7/ 11/ 2001 فى حالة عدم ادائها، وعلى الخبير تقديم تقريره ومحاضر أعماله قبل الجلسة الأخيرة وأبقت الفصل فى المصروفات.