أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 27 - صـ 564

جلسة 30 من مايو سنة 1976

برياسة السيد المستشار محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق، وأحمد جنينة، وأحمد موسى.

(125)
الطعن رقم 243 لسنة 46 القضائية

(1) إثبات. "بوجه عام. شهادة. خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق الدليلين القولي والفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني. تناقضا يستعصى على الملامة والتوفيق.
(2) حكم. "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب". "أحدث عاهة". إثبات. "بوجه عام".
متى لا يعيب الخطأ في الإسناد. الحكم ؟
(3) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل شبهة يثيرها المتهم على استقلال.
1 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على المواءمة والتوفيق. ولما كان ما أورده الحكم من شهادة المجني عليه من أن الطاعن قد اعتدى عليه بالضرب بسن فأس على رأسه فأحدث الإصابة التي بينها التقرير الطبي والتي تخلفت عنها العاهة وأن أحدا غير الطاعن لم يسهم في الاعتداء عليه في هذا الموضع من جسمه، فإنه يستوي بعد ذلك أن يكون ذلك الاعتداء قد أسفر عن إصابة واحدة أو أكثر. وإذ كان ما خلص إليه الحكم من أن الجرح القطعي والكسر المنخسف قد حدثا من ضربة واحدة من آلة راضة ثقيلة ذات حافة شبه حادة كفأس سائغا وله صداه مما نقله الحكم عن التقرير الطبي، وكان هذا الذي أورده يتضمن الرد على دفاع الطاعن الذي ردده في طعنه خاصا بكيفية حصول إصابة العاهة ومدى مطابقة أقوال المجني عليه، لما ورد بالتقرير الطبي الشرعي، فلا محل لما يثيره في هذا الخصوص الذي فصلت فيه المحكمة في حدود سلطتها التقديرية مما لا يصح مصادرتها في عقيدتها بشأنه.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الاسناد ما لم يتناول من الادلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد استخلص إدانة الطاعن باحداث إصابة العاهة بالمجني عليه من جماع أدلة الثبوت التي أوردها على أن الطاعن وحده الذي اعتدى بالضرب بسن الفأس على رأس المجني عليه، فإن خطأ الحكم إذ نسب إلى المجني عليه القول بأن الطاعن ضربه على مؤخر رأسه حال أنه قرر أنه ضربه على رأسه دون أن يحدد موضع الضربة - بفرض صحة هذا الخطأ - لا يعيب الحكم ولا ينال من صحته.
3 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر في قضية الجناية رقم 1076 سنة 1971 بأنهما بدائرة مركز أخميم محافظة سوهاج ضربا عمدا مع سبق الإصرار..... بأن أعدا لذلك فأسا وعصا وقصدا إليه وما أن ظفرا به حتى انهال على رأسه المتهم الأول (الطاعن) بجسم صلب راضٍ ثقيل (حافة فأس) بضربة واحدة في حين كاله المتهم الثاني عدة ضربات بجسم راض (عصا) في حاجبه الأيسر وشفتاه وأنفه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جراء أولاهما عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي الفقد العظمي القريني بعظام الجمجمة. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 231 و240/ 1 و2 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. وادعى المجني عليه مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض والمصاريف. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بالمادتين 240/ 1 و241 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول (الطاعن) بالسجن ثلاث سنوات وبحبس المتهم الثاني شهرا مع الشغل وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض باعتبار أن الطاعن أحدث بالمجني عليه عاهة مستديمة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أثار في مرافعته تعارض الدليلين الفني والقولي إذ أثبت التقرير الطبي وجود اصابتين مستقلتين بالمجني عليه إحداهما كسر منخسف في مؤخرة الجدارية اليسرى نشأت عنها العاهة والأخرى جرح قطعي بفروة الرأس في حين أن المجني عليه قرر أن الطاعن ضربه بسن فأس في رأسه بما مؤداه أن الدليل القولي ينحسر عن إصابة العاهة، إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع الجوهري وتساند إلى الدليلين معا رغم تعارضهما، وذهب إلى القول بأن الإصابتين من ضربة واحدة وهو ما لا يسانده التقرير الفني. وأسند إلى المجني عليه قوله بأن الطاعن ضربه ضربه بسن الفأس على مؤخرة رأسه في حين أنه لم يحدد موضعها من الرأس. هذا وقد أثار الدفاع أن ما أثبته التقرير الفني من خلو الفأس المضبوطة من آثار الدماء يدحض قالة شاهدي الاثبات باستخدامه في ارتكاب الحادث غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيرادا أو ردا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث العاهة المستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة تؤدي إلى ما رتب عليها مستمدة مما شهد به المجني عليه من أن الطاعن ضربه ضربة بسن الفأس على مؤخر رأسه فأحدث به الإصابة التي نشأت عنها العاهة، وما قرره شاهد الإثبات الآخر من رؤيته الطاعن وهو يضرب المجني عليه بسن الفأس في رأسه، وما ثبت من التقرير الطبي من أن المجني عليه أدخل المستشفى في يوم الحادث مصابا بكسر منخسف في مؤخرة الجدارية اليسرى وجرح قطعي بفروة الرأس وأجريت له عملية تربنة رفعت بها العظام المنخسفة وما انتهى إليه التقرير من أن إصابة مؤخر الجانب الأيسر بفروة الرأس قطعية رضية تحدث من المصادمة بجسم صلب راض ثقيل ذي حافة شبه حادة ويجوز حدوثها من الضرب بسن فأس وتخلف لديه من جرائها فقد عظمي بما يعتبر عاهة مستديمة تقدر بحوالي 30 %. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضا يستعصى على المواءمة والتوفيق. ولما كان ما أورده الحكم من شهادة المجني عليه من أن الطاعن قد اعتدى عليه بالضرب بسن فأس على رأسه فأحدث الاصابة التي بينها التقرير الطبي والتي تخلفت عنها العاهة وأن أحدا غير الطاعن لم يسهم في الاعتداء عليه في هذا الموضع من جسمه، فإنه يستوي بعد ذلك أن يكون ذلك الاعتداء قد أسفر عن إصابة واحدة أو أكثر. وإذ كان ما خلص إليه الحكم من أن الجرح القطعي والكسر المتخسف قد حدثا من ضربة واحدة من آلة راضة ثقيلة ذات حافة شبه حادة كفأس سائغا وله صداه مما نقله الحكم عن التقرير الطبي، وكان هذا الذي أورده يتضمن الرد على دفاع الطاعن الذي ردده في طعنه خاصا بكيفية حصول إصابة العاهة ومدى مطابقة أقوال المجني لما ورد بالتقرير الطبي الشرعي، فلا محل لما يثيره في هذا الخصوص الذي فصلت فيه المحكمة في حدود سلطتها التقديرية مما لا يصح مصادرتها في عقيدتها بشأنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الاسناد ما لم يتناول من الادلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد استخلص إدانة الطاعن باحداث إصابة العاهة بالمجني عليه من جماع أدلة الثبوت التي أوردها على أن الطاعن وحده الذي اعتدى بالضرب بسن الفأس على رأس المجني عليه، فإن خطأ الحكم إذ نسب إلى المجني عليه القول بأن الطاعن ضربه على مؤخر رأسه حال أنه قرر أنه ضربه على رأسه دون أن يحدد موضع الضربة - بفرض صحة هذا الخطأ - لا يعيب الحكم ولا ينال من صحته. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما ينعاه الطاعن بخصوص خلو الفأس المضبوطة من آثار الدماء لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.