مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2257

(265)
جلسة 23 من يونيو سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: فريد نزيه تناغو، ومحمد عادل حسيب، ويسرى هاشم الشيخ، ود. محمد ماجد محمود نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 1033 لسنة 43 القضائية

عاملون مدنيون - تأديب - سقوط الدعوى التأديبية - الإرتباط بين سقوط الدعوى التأديبية والدعوى الجنائية.
المادة 116 مكرر (أ) من قانون العقوبات.
فى حالة ما إذا كون الفعل المنسوب إلى الموظف العام جريمة جنائية، فإن المشرع قد ربط بين مدة التقادم المسقط للدعوى التأديبية عن هذا الفعل وبين التقادم المسقط للدعوى الجنائية، بحيث إنه طالما أن الدعوى الجنائية لم تسقط بمضى المدة فإن الدعوى التأديبية تتبعها فى هذا الشأن وتظل قائمة ولا تسقط إلا بإكتمال التقادم المسقط للدعوى الجنائية - فى حالة الجرائم المنصوص عليها فى المادة 116 مكررًا من قانون العقوبات فإن المشرع لم يجعل سريان مدة التقادم المسقط للدعوى الجنائية عنها من تاريخ وقوعها كما هو الحال فى باقى الجرائم وإنما قضى بأن بدء سريان مدة التقادم المسقط عنها يبدأ من تاريخ إنتهاء خدمة الموظف أو زوال الصفة الوظيفية عنه، وذلك ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك - التحقيق فى هذه الحالة هو بطبيعة الحال التحقيق الجنائى ويترتب عليه بدء مدة التقادم من تاريخ إجراءه وليس من تاريخ إرتكاب الفعل، وإلا لأفرغ قانون الإجراءات من مضمونه - ولما كانت مدة التقادم المسقط للدعاوى التأديبية عن الفعل الذى يكون جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات ترتبط بمدة التقادم المسقط لتلك الدعاوى الجنائية وهى لا تبدأ إلا من تاريخ إنتهاء الخدمة أو زوال الصفة على النحو المتقدم - لذلك فإن مدة التقادم المسقط للدعوى التأديبية عن هذه الأفعال لا تكتمل إلا بإكتمال التقادم المسقط للدعوى الجنائية والذى لا يبدأ إلا من تاريخ إنتهاء خدمة الموظف أو زوال صفته الوظيفية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 23/ 12/ 1996 أودع الطاعن - بصفته - تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا وقيد بالرقم عاليه طعنا على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا "الدائرة الثانية" فى الدعوى رقم 582 لسنة 20ق طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بالعقوبة التى تراها المحكمة مناسبة فى هذا الشأن.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع أولا: برفض الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول - ثانيا: بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط الدعوى التأديبية بالنسبة للمطعون ضده الثانى بمضى المدة والقضاء مجددا بعدم سقوطها مع إحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بطنطا لإعادة محاكمة المطعون ضده الثانى بشأن ما نسب إليه فى قضية النيابة الادارية ببنها رقم 228 لسنة 1994.
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9/ 2/ 2000 وبجلسة 30/ 9/ 2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الرابعة" لنظره بجلسة 4/ 11/ 2000، وبتلك الجلسة والجلسات التالية إستمعت المحكمة إلى ما رأت لزوما للإستماع إليه من إيضاحات ذوى الشأن، ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق والإستماع إلى الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد إستوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - فى أن النيابة الإدرية كانت قد أقامت الدعوى التأديبية رقم 582 لسنة 20ق بتاريخ 18/ 6/ 1994 بإيداع أوراقها قلم كتاب هذه المحكمة ضد المطعون ضدهما وطلبت محاكمتهما تأديبيا بشأن ما نسب إليهما بتقرير الإتهام لأنهما خلال المدة من 2/ 6/ 1985 حتى فبراير 1994 خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يؤديا عملهما بدقة ولم يحافظا على أموال وممتلكات الجهة التى يعملان بها وخالفا القواعد والأحكام المنصوص عليها باللوائح والقوانين وإتيان ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول: فوض الثانى فى التعاقد مع شركة بنها للصناعات الإلكترونية على شراء أجهزة تليفزيونية للعاملين بالوحدة المحلية بجحجرة رغم عدم إختصاصه بذلك مما سهل له التقاعس عن سداد باقى الأقساط المستحقة للشركة والإضرار بمصلحة الدولة.
الثانى: تعاقد مع الشركة المذكورة لشراء أجهزة تليفزيونية للعاملين بالوحدة وتقاعس عن سداد باقى مستحقات الشركة بما من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة.
وقد ارتأت النيابة الإدارية أن الطاعنين قد إرتكبا المخالفة المالية المنصوص عليها فى المادتين 76/ 1، 5، 77/ 1، 4 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمادة 11، 21، 4 من القانون رقم 144 لسنة 1988 بشأن الجهاز المركزى للمحاسبات وطلبت محاكمتهما تأديبيا بهذه المواد والمواد الأخرى المذكورة تفصيلا بتقرير الإتهام.
وبجلسة 26/ 10/ 1996 حكمت المحكمة التأديبية بطنطا بسقوط الدعوى التأديبية بمضى المدة وأقامت قضاءها على أساس أن المخالفات موضوع الدعوى قد أقترفت فى غضون عام 1985 ولم يتخذ بشأنها أى إجراء من إجراءات التحقيق إلا فى عام 1993 أى بعد ما يقرب من ثمان سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله لأن المخالفة المنسوبة للمحالين تشكل جريمة جنائية ومن ثم لا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية.
ومن حيث إن لمادة 91 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن تسقط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضى سنة من تاريخ علم الرئيس المباشر بوقوع المخالفة أو ثلاث سنوات من تاريخ إرتكابها أى المدتين أقرب.
وتنقطع هذه المدة بأى إجراء من إجراءات ا لتحقيق أو الإتهام أو المحاكمة وتسرى المدة من جديد إبتداء من آخر إجراء.
ومع ذلك إذا كون الفعل جريمة جنائية فلا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية.
وتنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية على أن تنقضى الدعوى الجنائية فى مواد الجنايات بمضى عشر سنين من يوع وقوع الجريمة وفى مواد الجنح بمضى ثلاث سنين وفى المواد الجنح بمضى ثلاث سنين وفى مواد المخالفات بمضى سنة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرتين السابقتين لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية فى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات والتى تقع من موظف عام إلا من تارخ إنتهاء الخدمة أو زوال الصفة ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات فإن لمادة 116 مكرر ( أ ) الواردة بهذا الباب تنص على أن:
"كل موظف عام تسبب بخطئه فى الحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التى يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهد بها إلى تلك الجهة بأن كان ذلك ناشئًا عن إهمال فى أداء وظيفته أو عن إخلال بواجباتها أو عن إساءة إستعمال السلطة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ومن حيث إن المستفاد من جماع النصوص المتقدمة حسبما إستقرت عليه أحكام هيئة المحكمة أنه فى حالة ما إذا كون الفعل المنسوب إلى الموظف العام جريمة جنائية فإن المشرع قد ربط بين مدة التقادم المسقط للدعوى التأديبية عن هذا الفعل وبين مدة التقادم المسقط للدعوى الجنائية بحيث أنه طالما أن الدعوى الجنائية لم تسقط بمضى المدة فإن الدعوى التأديبية تتبعها فى هذا الشأن وتظل قائمة ولا تسقط إلا بإكتمال التقادم المسقط للدعوى الجنائية وأنه فى حالة الجرائم المنصوص عليها فى المادة 116 مكررًا فإن المشرع لم يجعل سريان مدة التقادم المسقط للدعوى الجنائية عنها من تاريخ وقوعها كما هو الحال فى باقى الجرائم وإنما قضى بأن بدء سريان مدة التقادم المسقط عنها يبدأ من تاريخ إنتهاء خدمة الموظف أو زوال الصفة الوظيفية عنه، وذلك ما لم يبدأ التحقيق فيها قبل ذلك والتحقيق فى هذه الحالة هو بطبيعة الحال التحقيق الجنائى ويترتب عليه بدء مدة التقادم من تاريخ إجرائه وليس من تاريخ إرتكاب الفعل، وإلا لأفرغ قانون الإجراءات من مضمونه ولما كانت مدة التقادم المسقط للدعاوى التأديبية عن الفعل الذى يكون جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات ترتبط بمدة التقادم المسقط لتلك الدعاوى الجنائية وهى لا تبدأ إلا من تاريخ إنتهاء خدمة الموظف أو زوال صفته الوظيفية.
ومن حيث إن الثابت أن المنسوب إلى المطعون ضده الثانى أنه تعاقد مع شركة بنها للصناعات الإلكترونية على شراء أجهزة تليفزيون للعاملين بالوحدة المحلية بجحجرة وتقاعس عن سداد باقى مستحقات الشركة بما من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة للدولة وأن الثابت من التحقيقات التى أجرتها النيابة الإدارية أنه بتاريخ 29/ 7/ 1990 صدر حكم هيئة التحكيم رقم 47 لسنة 1990 صدر حكم هيئة التحكيم رقم 47 لسنة 1990 لصالح شركة بنها للصناعات الإلكترونية والقاضى بإلزام الوحدة المحلية بجحجرة مركز بنها والمحافظة بأن يدفعا مبلغ وقدره 5400 جنيه (خمسة آلاف وأربعمائة جنيه) مع الصمروفات ومبلغ 20 جنيه أتعاب محاماة وهو باقى أقساط تليفزيونات كانت الوحدة قد إشترتها من الشركة وتقاعست عن سداد الأقساط الباقية التى تمثل المبلغ المحكوم به، وأن الحكم قد صدر ضد الوحدة نتيجة لتعاقد خاطئ أجراه كل من رئيس الوحدة المحلية/ .... والذى بدوره فوض رئيس شئون العاملين/ ...... لإجراء التعاقد والذى أضيرت به المصلحة العامة رغم أن التعاقد الذى هو فى حقيقته تعاقد شخصى وليس مصلحى ومن ثم فإن ما نسب إلى المطعون ضده الثانى إنما يشكل جريمة من الجرائم المنصوص عليها فى المادة 116 مكررا (أ) من قانون العقوبات وهى جنحة الإضرار غير العمدى بالمال العام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه قد تم إبلاغ النيابة العامة فى 1/ 3/ 1993 وأن النيابة العامة قد إنتهت إلى ثبوت واقعة الإضرار بالمال العام قبل المتهمين المذكورين وقدرت بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية قبل الطاعن الثانى بعد أن تبين لها أنه تم إنهاء خدمته من جهة عمله وإستبعدت محاكمة الأخر جنائياً.
ومن حيث إن المدة المسقطة للدعوى الجنائية لا تبدأ بالنسبة للطاعن/ ........ إلا من تاريخ إحالته للمعاش فى 13/ 2/ 1991 بالقرار رقم 105 لسنة 1991، وإذ كان الثابت أنه أجرى مع المذكور التحقيق بمعرفة النيابة العامة ثم الإدارية فى غضون عام 1993 وإنتهى تقرير الإتهام الصادر من النيابة الإدارية بإقامة الدعوى التأديبية بتاريخ 18/ 6/ 1994 فمن ثم تكون الدعوى قد أقيمت قبل إكتمال مدة التقادم المسقط مما يجعلها مقامة خلال المواعيد القانونية ومن ثم فلا تسقط الدعوى بشأن المخالفة المنسوبة إليه مبضى المدة وكان يتعين محاكمته تأديبيًا على ضوء الإتهام المنسوب إليه بتقرير الإتهام الأمر الذى يضحى معه الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط الدعوى التأديبية بالنسبة له بمضى المدة غير قائم على سند سليم من الواقع والقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه وإعادة الدعوى التأديبية رقم 582 لسنة 20ق إلى المحكمة التأديبية بطنطا لإعادة محاكمة المحال الثانى لما نسب إليه بتقرير الإتهام لعدم تعرض المحكمة التأديبية وحتى لا يتم تفويت درجة من درجات التقاضى على الخصوم وتهيئة الدعوى للفصل فى موضوعها.
ومن حيث إنه بالنسبة للمطعون ضده الأول فإن ما نسب إليه من قيامه بتفويض المطعون ضده الثانى فى التعاقد مع شركة بنها للصناعات الإلكترونية على شراء أجهزة تليفزيونية للعاملين بالوحدة المحلية بجحجرة رغم عدم إختصاصه بذلك، فإن المطعون ضده ما زال فى الخدمة، والمخالفة المنسوبة إليه إدارية ومن ثم تسقط الدعوى التأديبية بشأنها بمضى ثلاث سنوات من تاريخ إرتكاب المخالفة عملا بحكم المادة 91 من قانون العاملين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 وتعديلاته.
ومن حيث أن المخالفة المنسوبة للمطعون ضده الأول قد أرتكبت فى غضون عام 1985 ولم يبدأ التحقيق فيها إلا فى عام 1993 فمن ثم تنقضى الدعوى التأديبية بشأنها بمضى المدة، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحقيقة والقانون فيما قضى به فى هذا الشأن.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع
أولا: برفض الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول.
ثانيا: بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من سقوط الدعوى التأديبية بالنسبة للمطعون ضده الثانى بمضى المدة والقضاء بعدم سقوطها مع احالة الدعوى رقم 582 لسنة 20ق إلى المحكمة التأديبية بطنطا لنظرها بهيئة أخرى.