مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثانية والأربعون - الجزء الأول (من أول أكتوبر سنة 1996 إلى آخر فبراير سنة 1997) - صـ 409

(40)
جلسة 12 من يناير سنة 1997

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد محمد السيد الطحان، وإدوار غالب سيفين، وسامي أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4055 لسنة 37 قضائية عليا

إدارة محلية - التصرف في أموال الدولة الثابتة أو المنقولة - سلطة المجلس الشعبي المحلي. المادة 14 من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981 و145 لسنة 1988.
ناط المشرع بالمجلس الشعبي المحلي للمحافظة سلطة التصرف بالمجان في مال من أموال المحافظة الثابتة أو المنقولة وكذا سلطة التأجير بالمجان أو بأقل من أجر المثل لإحدى الجهات بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام - لا يجوز لأية سلطة أخرى التغول على سلطة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في هذا الشأن - صدور قرار من المحافظ دون الحصول على موافقة المجلس الشعبي المحلي يجعل القرار موصوماً بعيب مخالفة القانون. تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 8/ 1991 أودع الحاضر عن هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 26/ 6/ 1991 في الدعوى رقم 3389 لسنة 1 ق والذي قضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان أولاً: وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وثانياً: قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات.
وقد تم إعلان الطعن قانونا على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعينت جلسة 5/ 2/ 1996 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي تداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) موضوع لنظره بجلسة 11/ 8/ 1996 وبجلسة 22/ 12/ 1996 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 12/ 1/ 1997.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضدهم كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 3389 لسنة 1 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة في 9/ 6/ 1990 طلبوا في ختامها الحكم بصفة مسنعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من محافظ أسوان رقم 104 لسنة 1990 الصادر بتاريخ 14/ 4/ 1990 بتخصيص قطعة أرض بناحية الطوناب بقرية الرديسية مركز إدفو لإقامة مركز شباب وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعون شرحا لدعواهم إن المجلس الشعبي المحلي لقرية الرديسية كان قد قرر تخصيص الأرض الواقعة شرق وبحري مساكن القرية للمنفعة العامة، واعتمد ذلك من مجلس محلي مركز إدفو، إلا أن هذه الأرض استطرقت لخدمة مساكن القرية الملاصقة لها وأصبحت حرما للطريق البري السريع أسوان/ القاهرة، وأفادت مديرية الشباب والرياضة بالوحدة المحلية لمركز ومدينة إدفو من أنه يوجد بالمنطقة مركز للشباب وأنه لا حاجة إلى إنشاء مركز شباب آخر، ولذلك فقد أصدر المجلس المحلي للقرية قرارا اعتمده المجلس المحلي للمحافظة بتخصيص الأرض لإقامة مسجد ومكتب تحفيظ القرآن الكريم بالجهود الذاتية تحقيقا لرغبة أهالي القرية.
ويستطرد المدعون قائلين أن محافظ أسوان أصدر في 12/ 4/ 1990 قرارا بتخصيص قطعة الأرض ملك الدولة بناحية الطوناب قرية الرديسية مركز إدفو لإقامة مركز شباب عليها فتظلم المدعون من هذا القرار ناعين عليه مخالفته للقانون لأن المحافظ لم يراع التسلسل القانوني عند إصدار القرار على النحو الذي أوجبته نصوص القانون رقم 43 لسنة 1979 بنظام الحكم المحلي، ومن ناحية أخرى فإن المجلس الشعبي المحلي لقرية الرديسية وافق على تخصيص الموقع المشار إليه لإقامة مسجد ومكتب تحفيظ القرآن الكريم، كما وافق على ذلك المجلس الشعبي المحلي للمحافظة إلا أن المحافظ أصدر قراره بالمخالفة لقرارات المجالس المحلية.
وخلص المدعون إلى أن في استمرار إقامة المنشآت بالموقع محل النزاع ما يلحق أضرارا بالغة بأهالي القرية يتعذر تداركها.
وعقبت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ولانتفاء شرط المصلحة واحتياطيا رفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعي على سند من أن القرار المطعون فيه صدر ممن يملك إصداره قانونا ووقع على مال مملوك للدولة وتم التخصيص لمديرية الشباب والرياضة، وكان القصد من التصرف تحقيق غرض ذي نفع عام وهو إقامة ناد للشباب.
وبجلسة 26/ 6/ 1991 أصدرت المحكمة حكمها الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها ردا على الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء شرط المصلحة على سند من أن المدعين من أهالي قرية الرديسية التي تقع في دائرتها قطعة الأرض الصادر بشأنها القرار المطعون فيه، وكان للأهالي - ومنهم المدعين - مصلحة مشروعة في إلغاء القرار المطعون فيه لكي يتم تخصيص الأرض المشار إليها لإنشاء مسجد ومكتب تحفيظ القرآن الكريم.
وعن ركن الجدية أسست المحكمة قضاءها على أن سلطة التصرف في الأموال الثابتة والمنقولة المملوكة للمحافظة أو المركز مقررة لكل من المجلس الشعبي للمحافظة أو المركز بحسب الأحوال ومن ثم يشترط لكي يكون قرار المحافظ بالتصرف في مال مملوك للمحافظة متفقا وأحكام القانون أن تكون هناك موافقة مسبقة من المجلس المحلي المختص, ولما كان القرار المطعون فيه صدر على نحو مغاير لموافقة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة اللاحقة لصدور القرار المطعون فيه مما يجعله صادرا بالمخالفة لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1979.
وعن ركن الاستعجال أوضحت المحكمة أن تنفيذ القرار المطعون فيه يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها تتمثل في عدم تمكين أهالي القرية من إنشاء مسجد ومكتب تحفيظ القرآن لإقامة الشعائر الدينية ويتحقق بذلك ركن الاستعجال.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سند من أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأن القرار صدر ممن يملك إصداره قانونا ومستندا على صحيح أحكام قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية وأن التصرف الناتج عن القرار كان بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام وهو إقامة ملاعب للشباب بقرية الرديسية.
ومن حيث إن البادى من الأوراق أنه كان قد عرض على المجلس الشعبي المحلي لقرية الرديسية بجلسته المنعقدة في 1/ 3/ 1990 تقرير لجنة الإسكان والمرافق بشأن تخصيص مساحة محددة لاقامة مركز شباب عليها، وكان ثمة طلب مقدم من أهالي المنطقة بتخصيص ذات المساحة لإقامة مسجد ومكتب تحفيظ القرآن الكريم ودورة مياه عمومية، فأوصى المجلس بأن يختار مركز الشباب موقعا آخر وأن تخصص المساحة لإقامة مسجد ومكتب تحفيظ قرآن كريم ودورة مياه، ووافق المجلس التنفيذي على ذلك، إلا أن محافظ أسوان أصدر قراره المطعون فيه بتخصيص قطعة أرض ملك الدولة مساحتها 12600 متر2 بناحية الطوناب بقرية الرديسية لإقامة ملاعب لمركز الشباب، وواضح من ديباجة القرار أنه صدر استنادا على قانون الإدارة المحلية وعلى ما جاء بمذكرة مديرية الشباب والرياضة بأسوان.
ومن حيث إن المادة 14 من قانون الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981 و145 لسنة 1988 تنص على أنه "يجوز للمجلس الشعبي المحلي للمحافظة التصرف بالمجان في مال من أموالها الثابتة أو المنقولة أو تأجيره بإيجار مثلي أو بأقل من أجر المثل بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام وذلك إذا كان التصرف أو التأجير لإحدى الوزارات أو المصالح الحكومية أو الهيئات العامة أو لأحد الأشخاص الاعتبارية العامة أو شركات القطاع العام والجمعيات والمؤسسات الخاصة ذات النفع العام.."
ويبين من النص المشار إليه أن المشرع ناط بالمجلس الشعبي المحلي للمحافظة سلطة التصرف بالمجان في مال من أموال المحافظة الثابتة أو المنقولة وكذا سلطة التأجير المجان أو بأقل من أجر المثل لإحدى الجهات المشار إليها بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام ومن ثم لا يجوز لأية سلطة أخرى التغول على سلطة المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في هذا الشأن المتعلق بالتصرف بالمجان أو بالإيجار في أي مال مملوك للمحافظة، وأن المحافظ إن أراد إصدار قرار في هذا الشأن ينبغي عليه الحصول أولاً على موافقة المجلس المحلي للمحافظة وإن صدر قرار من المحافظ دون الحصول على موافقة المجلس الشعبي المحلي يجعل القرار موصوماً بعيب مخالفة القانون.
ومن حيث إنه تطبيقا لما تقدم ولما كان البادي من الأوراق أن قرار محافظ أسوان صدر بتخصيص قطعة أرض تقع بقرية الرديسية لإقامة ملاعب لمركز شباب الطوناب، دون العرض على المجلس الشعبي المحلي للمحافظة لأخذ موافقته بحسبان أنه هو صاحب الاختصاص الأصيل في التصرف بالمجان في مال من أموال المحافظة (التي تقع القرية المعنية في نطاقها) فإنه بذلك يكون مخالفا لنص المادة 14 من قانون نظام الإدارة المحلية، ولا يغير من ذلك ما ساقته الجهة الإدارية من أن موضوع مركز شباب الطوناب عرض ومعه قرار المحافظ المطعون فيه, على المجلس الشعبي المحلي للمحافظة الذي وافق على قرار المحافظ ذلك أن موافقة المجلس المذكور لم تكن - على النحو البادي من الأوراق - متطابقة مع ما انتهى إليه قرار المحافظ، ذلك لأن موافقة المجلس كان موضوعها تقرير لجنة الشباب والرياضة، التي وافقت على حدود الملاعب المزمع إقامتها لمركز الشباب وهي حدود تختلف عن تلك الواردة بالقرار المطعون فيه والرسم الكروكي المرافق له، وأن موافقة المجلس الشعبي تمت على أن تخصص المساحة المتبقية من المساحة التي تضمنها قرار المحافظ تخصص لإقامة مسجد ومكتب لتحفيظ القرآن الكريم، وهو ما لم يتضمنه القرار المطعون فيه ولم يصدر ما يفيد تعديله ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بوقف تنفيذ القرار المشار إليه لأنه جاء بحسب الظاهر غير قائم على أساس صحيح من القانون، وعلى توافر ركن الاستعجال يكون قد أصاب الحق فيما قضي به ويكون النعي عليه بالطعن الماثل غير صحيح جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم مصروفاتها.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الجهة الادارية الطاعنة المصروفات.