مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) - صــ 2265

(266)
جلسة 23 من يونيه سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أمين المهدى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ د. فاروق عبد البر، وأحمد عبد الفتاح حسن، وأحمد عبد الحميد عبود، وأحمد حسين المقاول نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 4842 لسنة 43 القضائية

اثبات - تقرير الخبير - سلطة المحكمة فى تقديره.
الاستعانة بأهل الخبرة كإجراء من إجراءات الاثبات أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع، وهى لا تلتزم إلا بما تراه حقاً وعدلاً من رأى أهل الخبرة، ولها أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير ولها أن تطرح ما انتهى إليه كله أو بعضه، فإذا كان ذلك وكانت حقوق المتعاقد مع الجهة الإدارية والتزاماته تتحقق طبقاً لنصوص العقد المبرم بينهما فيتعين تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه - تطبيق.


إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 26/ 6/ 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد/ وزير الاسكان والتعمير بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 4842 لسنة 43ق. ع، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) فى الدعوى رقم 3015 لسنة 47ق بجلسة 11 من مايو سنة 1997، القاضى بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لوزير الاسكان والتعمير بصفته وفى الموضوع بإلزامه بأن يؤدى للمدعى مبلغاً مقداره عشرة آلاف جنيه ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة وطلب الطاعن - للأسباب الواردة فى تقرير الطعن - الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل فى موضوع الطعن، وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أولاً: بعدم قبول الدعوى المطعون فى حكمها بالنسبة للسيد/ وزير الاسكان لرفعها على غير ذى صفة، ثانياً: برفض الدعوى المطعون فى حكمها مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وتم إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 21 من يونيه سنة 1999، وفيها وفى الجلسات التالية نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، حتى قررت الدائرة بجلسة 15 من مايو سنة 2000 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 16 من يوليه سنة 2000، وتدوول نظر الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسات وفقاً لما هو ثابت بالمحاضر. وبجلسة 10 من ديسمبر سنة 2000 قررت إصدار الحكم بجلسة 24 من فبراير سنة 2001، وبتلك الجلسة قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة 31 من مارس سنة 2001 ثم لجلستى 23.9 من يونيه سنة 2001 لاتمام المداولة قانونا. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن السيد ....... ـ الممثل القانوني لشركة "المقاولون الصريون"، أقام الدعوى رقم 12824 لسنة 1989 أمام محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية، بعريضة أودعها قلم كتاب بتاريخ 16/ 9/ 1989 ضد كل من 1 - السيد/ وزير الإسكان والتعمير "بصفته الرئيس الأعلى للهيئة العامة للصرف الصحى، 2 - السيد/ رئيس الهيئة العامة للصرف الصحى التابع لها الجهاز التنفيذى لمشروع الصرف الصحى للقاهرة الكبرى، 3 - السيد/ مدير عام الجهاز التنفيذى لمشروع الصرف الصحى لقاهرة الكبرى، طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا إليه مبلغ 45400 جنيه والمصروفات لحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة. وقال المدعى - شرحاً لدعواه - أن الشركة التى يمثلها تمتلك قطعة أرض بناحية الخصوص - مركز الخانكة بمحافظة القليوبية - مقام عليها مبانى لمصنع بلاط ورخام وورش ومخازن للمعدات الخاصة بها. وأنه تم نزع ملكية جزء من هذه الأرض بموجب قرار نزع الملكية رقم 53 لسنة 1986 لتنفيذ مسار مواسير الصرف الصحى للقاهرة الكبرى، وهذا المسار محدد من حيث المساحة العرضية والطولية فى القرار المشار إليه، ولما كان المسار مشغولاً بمعدات وورش المدعى، ويستلزم حفرة إقصاء هذه المعدات، فقد تم عمل مناقصة لهذا الغرض لرفع تلك المهمات والتشوينات، وكان أرخص العروض بمبلغ 35000 جنيه، كما تبين أن تنفيذ أعمال مشروع مد مواسير الصرف الصحى يستلزم إستيلاء الجهة القائمة على تنفيذ المشروع على الجزء الباقى من أرض الشركة لتشوين معدات ذلك المشروع، وبذلك استحال على المدعى تشوين معداته بالإضافة إلى توقف العمل فى مشروعاته ومصانعه، لذلك حرر إتفاقاً بينه وبين المدعى عليه الثالث بتاريخ 8/ 5/ 1988 التزم المدعى بموجبه أن يقوم بتسليم المدعى عليه الثالث أرض المشروع وتمكينه من مساحات أخرى مجاورة مع رفع المعدات والتشوينات الموجودة على باقى المساحة مقابل التزام المدعى عليه الثالث بدفع مبلغ 32000 جنيه نظير قيام المدعى برفع هذه التشوينات والمعدات بالإضافة إلى مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً عن الضرر الحاصل بسبب الاعطال التى تلحق بالمدعى طوال مدة تنفيذ المشروع وهى شهران وبأن يدفع للمدعى عليه الثالث مبلغ 700 جنيه عن كل يوم يتأخر فيه العمل فى المشروع بعد مدة الشهرين المحددة للتنفيذ، كما التزم أيضاً بتعويض عن قيمة الأرض سواء المنزوعة ملكيتها أو المستولى عليها أو المستأجرة. وأضاف المدعى أن المدعى عليه الثالث نفذ التزامه الأول بدفع مبلغ 32000 جنيه نظير قيام المدعى برفع التشوينات والمعدات، كما قام بسداد مبلغ 5000 جنيه قيمة التعويض عن الأضرار التى لحقت به طوال مدة الشهرين المحددين لتنفيذ المشروع، إلا أنه لم يقم بتنفيذ باقى التزاماته المشار إليها بالرغم من قيام المدعى بتنفيذ إلتزامه بتسليم الأرض بعد رفع ما بها من إشغالات، وخلص من ذلك إلى طلب الحكم بطلباته آنفة الذكر.
وبجلسة 27/ 11/ 1990 أصدرت محكمة جنوب القاهرة الإبتدائية حكماً تمهيدياً فى الدعوى وقبل الفصل فى موضوعها بندب خبير حكومى مختص لمباشرة المأمورية المبينة بأسباب ذلك الحكم حيث باشر مكتب خبراء وزارة العدل بوسط القاهرة تلك المأمورية وأودع تقريره ومحاضر أعماله والمقيدة برقم 145 لسنة 1991، وبجلسة 12/ 5/ 1992 أودع وكيل المدعى مذكرة دفاع حدد فيها طلباته بأنها بطلب الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا له أولاً: مبلغ 700 جنيه تعويضاً عن كل يوم تأخير يزيد على مدة الشهرين المتفق على تنفيذ مشروع الصرف الصحى خلالهما وذلك عن المدة شهر أغسطس سنة 1988 وحتى الآن، ثانياً: مبلغ 20000 جنيه مقابل استغلال المدعى عليهم للمساحات الأخرى من الأرض المملوكة له مع الزامهم المصروفات، وبجلسة 24/ 11/ 1992 حكمت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثانى، وثانياً: وفى موضوع الدعوى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، مع إبقاء الفصل فى المصروفات. ووردت أوراق الدعوى إلى سكرتارية محكمة القضاء الإدارى وقيدت برقم 3015 لسنة 47ق.
وبجلسة 11/ 5/ 1997 قضت محكمة القضاة الإدارى بقبول الدعوى شكلا بالنسبة لوزير الاسكان والتعمير بصفته، وفى الموضع بإلزامه بصفته بأن يؤدى للمدعى مبلغاً مقداره عشرة آلاف جنيه ورفضت ما عدا ذلك من طلبات وألزمت الطرفين المصروفات مناصفة. وأقامت قضاءها على أن الحكم بعدم الاختصاص الولائى للقضاء المدنى ينصرف إلى أصل المنازعة بالحالة التى كانت عليها ابتداء، ومؤدى ذلك ولازمة أن تعود المنازعة مبتدأة بين أطرافها جميعا على النحو الواردة بعريضتها أمام جهة الاختصاص بنظرها قانوناً وهى محكمة القضاء الإدارى التى يكون لها أن تبسط ولايتها كاملة على الدعوى بما فى ذلك كافة ما يثار بشأنها من دفوع وأوجه دفاع، وأن الاتفاق المؤرخ فى 8/ 5/ 1988، السند القانونى فى الدعوى، مبرم بين المدعى والجهاز التنفيذى لمشروع الصرف الصحى للقاهرة الكبرى المنشأ بقرار وزير التعمير والدولة للاسكان واستصلاح الأراضى رقم 497 لسنة 1981 والذى يبين من مادته الأولى أن الجهاز التنفيذى لمشروع الصرف الصحى للقاهرة الكبرى هو أحد أجهزة وزارة التعمير والاسكان والتى يمثلها المدعى عليه الأول بصفته، وبالتالى يكون صاحب الصفة فى الدعوى الماثلة، دون المدعى عليهما الثانى والثالث، فيكون اختصامهما اختصاماً لغير ذى صفة. وأضافت المحكمة بالنسبة لطلب المدعى إلزام الجهة الإدارية بأداء مبلغ سبعمائة جنيه عن كل يوم تأخير عن مدة الشهرين المحددة لتنفيذ المشروع المار بأرضه، أن المدعى - وعلى ما استظهره الخبير السابق انتدابه فى الدعوى - لم يثبت حدوث هذا التأخير ومدته، وخلصت من ذلك إلى رفض هذا الطلب. وعن طلب المدعى إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى إليه مبلغ عشرين ألف جنيه مقابل استغلال مساحة 2300 متر مربع من الأرض المملوكة له، فإن الثابت من المعاينة التى أجراها الخبير لأرض النزاع بتاريخ 23/ 10/ 1991 أن هناك مساحة مشغولة بمخلفات المشروع تقدر بحوالى 2300 متر مربع، وهى غير مستغلة من طرفى النزاع وقدرت المحكمة التعويض الجابر للأضرار التى لحقت بالمدعى من جراء عدم الاستفادة بأرضه تلك الفترة بمبلغ عشرة آلاف جنيه. استطردت المحكمة قائلة أن ما أورده تقرير الخبير فى الصفحة الخامسة من عباره ".......... وتقدر هذه المساحة بمقدار 2300 متر مربع وهى مستغلة من طرفى النزاع........، إنما جاء على سبيل الخطأ المادى.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن بصفته، فقد أقام طعنه الماثل، ناعياً على الحكم الطعين مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله، على سند من أن الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى رقم 12824 لسنة 1989 مدنى كلى جنوب القاهرة بجلسة 24/ 11/ 1992 قاضياً أولا بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليه الأول والثانى، قد حاز قوة الأمر المقضى بعدم الطعن عليه، ومن ثم كان يتعين على محكمة القضاء الإدارى، المحالة إليها الدعوى، أن تلتزم بالفصل فقط فيما لم تفصل فيه المحكمة التى أحالت الدعوى، وبالتالى يكون قضاء محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لوزير الاسكان (المدعى عليه الأول) جاء بالمخالفة لصحيح حكم القانون إذ أهدر حجية الحكم الصادر من المحكمة المدنية. وأضاف الطاعن أن الجهاز التنفيذى لمشروع الصرف الصحى قد قام بتنفيذ بنود الاتفاق المؤرخ فى 8/ 5/ 1988 وأن الحكم الطعين أخطأ فى استناده إلى تقرير الخبير، إذ تضمن هذا التقرير تناقضاً فى أسبابه، إذ جاء بالصفحة الخامسة من التقرير "أن هناك مساحة مشغولة بمخلفات المشروع وتقدر هذه المساحة بمقدار 2300 متر مربع وهى مستغلة من قبل طرفى النزاع....."، وجاء فى الصفحة الرابعة من التقرير أن الأرض غير مستغلة بالفعل من قبل أى من طرفى الدعوى، خاصة وأن المحكمة غير ملزمة برأى الخبير، ولها أن تطرحه كله أو بعضه. وخلص الطاعن من ذلك إلى انتفاء ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية، مما يترتب عليه عدم انعقاد مسئولية الإدارة لعدم توافر أركان المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن الطاعن بصفته ينعى على الحكم الطعين أنه خالف القانون فى قضائه بقبول الدعوى شكلاً بالنسبة لوزير الاسكان والتعمير بصفته (المدعى عليه الأول فى الدعوى) بعد أن أصدرت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حكمها فى الدعوى رقم 12824 لسنة 1989 بجلسة 24/ 11/ 1992 (وهى المحكمة التى رفعت أمامها الدعوى ابتداء) ويقضى أولاً: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثانى، وثانياً: وفى موضوع الدعوى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى، بحسبان أن الحكم الطعين تضمن إهدارا لحجية الحكم الصادر من المحكمة المدنية الذى أصبح نهائيا بعدم الطعن عليه، فذلك النعى غير سديد ذلك أن الحكم بعدم الاختصاص الولائى لمحاكم القضاء المدنى ينصرف إلى أصل المنازعة بالحالة التى كانت عليها وقت رفعها ابتداء، ومؤدى ذلك ولازمه أن تعود المنازعة مبتدأة بين أطرافها جميعاً على النحو الوارد بعريضتها، أمام جهة الاختصاص بنظرها قانوناً، فأمر الاختصاص الولائى يعتبر مطروحاً دائماً على المحكمة وعلى أن تتصدى له قبل الفصل فى أن دفوع أخرى أو أوجه دفاع. وبالترتيب على ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذا أقام قضاءه على أن المدعى عليه فى الدعوى هو وزير الاسكان والتعمير بحسبان أنه صاحب الصفة قانونا فى الدعوى، على النحو الوارد بأسباب الحكم الطعين، يكون صحيحا فيما انتهى إليه فى هذا الصدد (وبمثل هذا القضاء قام الحكم الصادر من هذه المحكمة فى الطعن رقم 3 من ديسمبر سنة 1988 فى الطعن رقم 1252 لسنة 33ق). ومن نافلة القول أن الحكم الصادر من المحكمة المدنية بعدم اختصاصها بنظر المنازعة برفعها يتداعى بآثاره القانونية على ما قد تكون قد بادرت بالفصل فيه من أمور القبول، إذ يتعين دائماً أن يكون التصدى أولاً لأمر الاختصاص الولائى، ويعتبر مطروحاً دائماً على المحكمة وعليها أن تفصل فيه قبل نظر أمر القبول أو موضوع الدعوى، والحكم بعدم الاختصاص الولائى، متى أصبح نهائياً، يكشف عن أن ما قد يكون قد صدر بشأن المنازعة إنما صدر من محكمة غير مختصة ولائياً فلا تلحقه حجية تتعارض مع حجية الحكم بعدم الاختصاص. ويكون ما تدفع به الجهة الإدارية فى هذا الصدد دفعاً لا يستقيم فى القانون على سند من صحيح أحكامه، مما يتعين معه رفض الدفع والالتفات عنه.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فالثابت من الأوراق أن المطعون ضده يمتلك قطعة أرض بناحية الخصوص مركز الخانكة يقيم عليها مصنع بلاط ورخام، وبمناسبة قيام الجهاز التنفيذي لمشروع الصرف الصحى للقاهرة الكبرى بتنفيذ مشروع الصرف الصحى - بعد استصدار القرار رقم 53 لسنة 1986 بنزع ملكية الأرض المطلوبة لمسار خط طرد الصرف الصحى الخارج والداخل إلى محطة الرفع - تبين أن مسار المشروع تعترضه شونات ومخلفات مصانع المطعون ضده، وبتاريخ 8/ 5/ 1988 تم الاتفاق بينه وبين الجهاز المذكور على أن يقوم الجهاز بسداد مبلغ 32000 جنيه مقابل قيام المطعون ضده برفع التشوينات والمخلفات الكائنة بالموقع، كما يقوم الجهاز أيضاً بسداد مبلغ خمسة آلاف جنيه كتعويض عن التعطيل الذى سيصيب مصانع المطعون ضده من جراء أعمال المشروع لمدة أقصاها شهرين، وفى حالة التراخى بعد مدة الشهرين يلتزم الجهاز بدفع مبلغ مقداره سبعمائة جنيه يومياً عن كل يوم تأخير للمطعون ضده.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الاستعانة بأهل الخبرة كاجراء من إجراءات الاثبات أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع، وهى لا تلتزم إلا بما تراه حقا وعدلاً من رأى لأهل الخبرة، ولها أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير ولها أن تطرح ما انتهى إليه كله أو بعضه. فإذا كان ذلك وكانت حقوق المتعاقد مع الجهة الإدارية والتزاماته تتحدد طبقاً لنصوص الاتفاق المبرم بينهما، ويتعين تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه.
ومن حيث إن الخبير الذى انتدبته المحكمة المدنية فى الدعوى، أثبت، ضمن ما أثبته فى تقريره، أن الأرض محل النزاع مشغولة بمخلفات مشروع الصرف الصحى للقاهرة الكبرى وأنها بالحالة الموجودة عليها الآن لا يمكن استغلالها من قبل المطعون ضده نظراً لوجود المخلفات الموضحة بمحضر المعاينة، باستثناء مسطح 400 متر مربع وكذلك الطريق الأوسط الموضح بالرسم المرفق فهما مستغلان من قبل المطعون ضده، وأن الأرض موضوع النزاع قد أصابها ضرر نظراً لوجود أكوام من المخلفات الناتجة عن مد مواسير الصرف الصحى للقاهرة الكبرى. كما أشار التقرير إلى أنه بالنسبة لطلب التعويض عن استغراق المشروع مدة (22) يوما أزيد من المدة المتفق عليها، بأن المطعون ضده لم يقدم ما يثبت هذا التأخير ومدته، لذا تعذر بيان أحقيته فى ذلك، وبالنسبة لمطالبة المطعون ضده بتعويض قدره خمسة عشر ألف جنيه مقابل استغلال المساحات الأخرى من الأرض المملوكة للمطعون ضده، فقد تبين من المعاينة على الطبيعة لأرض النزاع أن هناك مساحة قدرها 2300 متر مربع مشغولة بمخلفات المشروع وهى غير مستغلة من طرفى النزاع، ويكون للمطعون ضده الحق فى التعويض عن شغل هذا المسطح بمخلفات المشروع دون أن تتم إزالة مابها من مخلفات لكى يتمكن المطعون ضده من استغلالها وأنه يترك للمحكمة تقدير هذا التعويض.
ومن حيث إن المطعون ضده كان قد طلب إلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى إليه مبلغا مقداره عشرون ألف جنيه مقابل استغلال مساحة 2300 متر مربع من الأرض المملوكة له ولما كان الثابت من المعاينة التى أجراها الخبير على الطبيعة لأرض النزاع بتاريخ 23/ 10/ 1991 أن هناك مساحة مشغولة بمخلفات المشروع تقدر بحوالى 2300 متر مربع وهى غير مستغلة من طرفى النزاع "ص4 من التقرير"، الأمر الذى قدرت معه محكمة القضاء الإدارى التعويض الجابر للأضرار التى لحقت به من جراء حرمانه من استغلال هذه الأرض طوال تلك الفترة بمبلغ عشرة آلاف جنيه، بحسبان أن مدة حرمانه من استغلالها جاوزت الثلاث سنوات، لذا يكون قضاؤها صحيحاً، مما يتعين معه رفض الطعن. ولا ينال من ذلك، ما أبداه الطاعن من أن تقرير الخبير قد شابه التناقض والتعارض فى أسبابه، ذلك أنه ولئن كانت الصفحة الخامسة من تقرير الخبير قد تضمنت أن أرض النزاع مستغلة من قبل طرفي النزاع وقت المعاينة،إلا أن محضر المشار إليها تفصيلا في الصفحة الثالثة من التقرير، أثبت أن الأرض مشغولة بمخلفات المشروع على النحو المبين تفصيلاً بذلك المحضر وانتهى فى الصفحة الرابعة من التقرير إلى أن الأرض غير مستغلة بالفعل من قبل أى من طرفى الدعوى، وفى ضوء ما تقدم فإن هذه المحكمة ترى أن ما ورد بالصفحة الخامسة من عبارة "....... وتقدر هذه المساحة بمقدار 2300م2 وهى مستغلة من قبل طرفى النزاع......"، إنما هو محض خطأ مادى، وصحته "وهى غير مستغلة...." فذلك وحدة هو الذى يتفق مع ما ورد صراحة بتقرير الخبير، مما يتعين معه مراعاة الفهم الصحيح والسليم للمعنى، دون الوقوف عند الخطأ المادى الواضح الذى لا يخفى على نظر والذى تدركه البصيرة، فلا يكون ثمة محل للمجادلة فى أن ما ورد من خطأ مادى له معنى يمكن أن يخالف ما ورد بصلب تقرير الخبير، ومن ثم فإن المحكمة تطرح ما أبداه الطاعن فى هذا الشأن.
ومن حيث إن من أصابه الخسر يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.