مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العلياا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الأول (من أول 15 أكتوبر سنة 2000 إلى آخر فبراير سنة 2001) - صـ 467

(62)
جلسة 13 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ إسماعيل صديق راشد نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الاساتذة/ فريد نزيه تناغو، ومحمد عادل حسيب، ويسري هاشم الشيخ، ود. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعن رقم 3089 لسنة 41 قضائية -عليا

عاملون مدنيون - تأديب - سقوط الدعوى التأديبية - استقلال الدعوى التأديبية عن الدعوى الجنائية - المادة 91 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983
حدد المشرع بنص المادة 91 من قانون نظام العاملين المدنيين ميعاد سقوط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بانقضاء ثلاث سنوات على ارتكاب المخالفة دون اتخاذ أي إجراء من الإجراءات القاطعة لهذه المدة والتي حددها المشرع.
لا يشترط لإحداث هذه الإجراءات لأثرها القاطع لمدة سقوط الدعوى التأديبية أن تتخذ في مواجهة العامل: وترتيبا على ذلك فإن تداول الدعوى التأديبية أمام المحكمة التأديبية - بغض النظر عن إعلان المحال إعلانا صحيحا بالاتهام أو بالجلسات المحددة لنظر الدعوى - يكفي وحده لقطع تلك المدة دون اشتراط اقترافه بإجراء آخر صحيح أو غير صحيح إذ أن تداول المحكمة الدعوى بجلسات المرافعة إلى أن تتهيأ للفصل فيها هو إجراء من إجراءات المحاكمة يكفي وحده لقطع مدة سقوط الدعوى التأديبية حتى ولو لم يعلن المحال إعلانا صحيحا بالجلسات المحددة لنظر الدعوى. وليس هناك أثر في عدم صحة إعلان المحال إلا في عدم جواز الحكم عليه بإحدى العقوبات التأديبية إلى أن يحضر ويبدي دفاعه أو يعلن إعلانا صحيحا بقرار الاتهام والجلسة المحددة لنظره, فإذا لم يحضر المحال ولم يعلن إعلانا صحيحا وصدر حكما بمجازاته كان هذا الحكم باطلا لتفويته على المحال فرصة الدفاع عن نفسه وهي ضمانة أساسية من ضمانات المحكمة التأديبية, دون أن ينال ذلك من الأثر المترتب على تداول المحكمة التأديبية للدعوى وهو قطع المدة المشار إليها والمحددة لسقوط الدعوى التأديبية - استقلال الدعوى التأديبية عن الدعوى الجنائية في هذا الشق - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 20/ 5/ 1995 أودعت الأستاذة ........... الوكيل العام بإدارة الدعوى التأديبية نائبة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3089 لسنة 41 قضائية. عليا, في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية ببور سعيد بجلسة 21/ 3/ 1995 في الدعوى رقم 26 لسنة 1ق, والقاضي بانقضاء الدعوى التأديبية قبل المطعون ضده وطلبت النيابة الإدارية في ختام تقرير الطعن - لما ورد به من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلا, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء مجددا بتوقيع الجزاء التأديبي المناسب الذي تقدره هيئة المحكمة.
وقد أعلن الطعن إداريا (إلى مأمور القسم) نظرا لغلق المسكن.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت في ختامه - للأسباب الواردة به - الحكم بقبول الطعن شكلا, ورفضه موضوعا.
تحددت جلسة 27/ 5/ 1998 لنظر دائرة فحص الطعون للطعن, ثم تدوول أمامها بجلسات المرافعة التالية, حيث قدمت النيابة الادارية مذكرة بجلسة 12/ 8/ 1998 وبجلسة 29/ 9/ 1999 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة - موضوع) لنظره بجلسة 13/ 11/ 1999, وقد نظرته المحكمة بتلك الجلسة, وبالجلسات التالية على النحو المبين بالمحاضر.
وبجلسة 25/ 11/ 2000 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 13/ 1/ 2001, وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به علانية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 20/ 5/ 1989 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية للتعليم أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بجدولها برقم 1845 لسنة 31ق مشتملة على تقرير اتهام ضد ............ المدرس بمدرسة السادس من أكتوبر التجارية بنين بالسويس نسبت إليه فيه بأنه انقطع عن العمل في غير الأحوال المقررة قانونا خلال المدة من 28/ 1/ 1989 إلى 30/ 3/ 1989 بدائرة مديرية التربية والتعليم بالسويس وطلبت محاكمته تأديبيا طبقا للمواد المبينة بتقرير الاتهام.
وقد نظرت المحكمة التأديبية للتعليم الدعوى بجلسة 1/ 10/ 1990 بما تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضرها, وبجلسة 21/ 10/ 1999 قررت إحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية ببور سعيد التي وردت إليها وقيدت بجدولها برقم 26 لسنة 1ق, وقد نظرتها المحكمة التأديبية ببور سعيد بجلسة 14/ 12/ 1991 وبجلساتها التالية. وبجلسة 21/ 3/ 1995 حكمت المحكمة بانقضاء الدعوى التأديبية بمضي المدة. وأقامت قضاءها هذا على أن المتهم لم يعلن إعلانا صحيحا من 1/ 10/ 1990 ولمدة تزيد على ثلاث سنوات وأن تأجيل نظر الدعوى أمام المحكمة لا ينتج أثرا في قطع التقادم إلا بإعلان المتهم بالحضور لجلسة المحاكمة إعلانا صحيحا, وهذا المبدأ هو من أصول المحاكمات الجنائية على نحو ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض في ضوء نص المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية وهو واجب الإتباع في المحاكمات التأديبية.
ومن حيث إن مبنى الطعن في الحكم المشار إليه هو أنه وفقا لما تقضي به المادة 91 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983, تقطع إجراءات المحاكمة التأديبية مدة سقوط الدعوى التأديبية وتشمل هذه الإجرءات إيداع أوراق التحقيق وقرار الإحالة قلم كتاب المحكمة التأديبية ونظر الدعوى في الجلسات التي تعقدها المحكمة وإعلان ذوي الشأن واستجواب العامل المقدم للمحاكمة وسماع الشهود ولا تقتصر على إجراءات الإعلان فقط.
ومن حيث إن المادة (91) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 قد نصت على أن: تسقط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي ثلاث سنوات من ارتكاب المخالفة وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من آخر إجراء.
وإذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب على انقطاعها بالنسبة للباقين ولو لم تكن قد اتخذت ضدهم إجراءات قاطعة للمدة.
ومع ذلك إذا كون الفعل جريمة جنائية فلا تسقط الدعوى التأديبية إلا بسقوط الدعوى الجنائية.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع حدد ميعاد سقوط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بانقضاء ثلاث سنوات على ارتكاب المخالفة دون اتخاذ أي إجراء من الإجراءات القاطعة لهذه المدة والتي حددها المشرع بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة, ولم يشترط المشرع لإحداث هذه الإجراءات لأثرها القاطع لمدة سقوط الدعوى التأديبية أن تتخذ في مواجهة العامل, ومن ثم فلا وجه لاشتراط مثل هذا الشرط الذي لم ينص عليه القانون, وترتيبا على ذلك فإن تداول الدعوى أمام المحكمة التأديبية بحسبانه إجراء من إجراءات المحاكمة التأديبية يقطع المدة المحددة لسقوط الدعوى التأديبية وذلك بغض النظر عن إعلان المحال إعلانا صحيحا بالاتهام أو بالجلسات المحددة لنظر الدعوى, ذلك أن المشرع رتب على اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة قطع مدة السقوط المشار إليها ومن ثم فإن اتخاذ أي إجراء من هذه الإجراءات يكفي وحده لقطع تلك المدة دون اشتراط اقترانه بإجراء آخر صحيح أو غير صحيح وإذ أن تداول المحكمة للدعوى بجلسات المرافعة إلى أن تتهيأ للفصل فيها هو إجراء من إجراءات المحاكمة فإنه يضحى وحده كافيا لقطع مدة سقوط الدعوى التأديبية حتى ولو لم يعلن المحال إعلانا صحيحا بالجلسات المحددة لنظر الدعوى, إذ تظل الدعوى التأديبية قائمة طالما لم تنقض بين جلسة وأخرى مدة الثلاث السنوات المشار إليها, وما من أثر في عدم صحة إعلان المحال إلا في عدم جواز الحكم عليه بإحدى العقوبات التأديبية إلى أن يحضر ويبدي دفاعه أو يعلن إعلانا صحيحا بقرار الاتهام والجلسة المحددة لنظره, فإذا لم يحضر المحال ولم يعلن إعلانا صحيحا وصدر حكم بمجازاته كان هذه الحكم باطلا لتفويته على المحال فرصة الدفاع عن نفسه وهي ضمانة أساسية من ضمانات المحاكمة التأديبية, دون أن ينال ذلك من الأثر المترتب على تداول المحكمة التأديبية للدعوى وهو قطع المدة المشار إليها والمحددة لسقوط الدعوى التأديبية.
ومن حيث إن الدعوى التأديبية تستقل عن الدعوى الجنائية فإن القاضي التأديبي لا يلزم كأصل عام بأحكام قانون العقوبات أو قانون الإجراءات الجنائية وإنما يستهدي بها ويستعير منها ما يتلاءم مع نظام التأديب, ومن ثم فلا وجه للأخذ بما استقر عليه قضاء محكمة النقض في تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية المنظمة للإجراءات القاطعة لمدة تقادم الدعوى الجنائية, عند تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة (91) المشار إليها من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المنظمة لأحكام سقوط الدعوى التأديبية تجاه العاملين الموجودين بالخدمة الذين يسري عليهم هذا القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد نحا خلاف ما تقدم, فإنه يكون أخطأ في تأويل القانون مما يتعين معه إلغاؤه, وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل فيما نسب إلى المطعون ضده مجددا من هيئة أخرى حتى لا تفوت عليه درجة من درجات التقاضي.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى رقم 26 لسنة 1 ق إلى المحكمة التأديبية ببور سعيد للفصل فيها مجددا.