مجلس الدولة - المكتب الفني لرئيس مجلس الدولة - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة والأربعون - الجزء الثالث (من يونيه سنة 2001 إلى آخر سبتمبر 2001) صــ 2277

(267)
جلسة 23 من يونية سنة 2001

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق على عبد القادر نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمود إسماعيل رسلان، وبخيت محمد إسماعيل، وعطية عماد الدين نجم، ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح نواب رئيس مجلس الدولة.

الطعنين رقمى 3364، 5435 لسنة 44 القضائية

(أ) عاملون مدنيون بالدولة - أجر - المقابل النقدى لرصيد الأجازات - عناصره.
المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - المشرع حدد الأساس الذى يحسب بناء عليه التعويض أو المقابل عن رصيد الأجازات الدورية التى يحصل عليها العامل بسبب راجع إلى ظروف العمل بأنه الأجر الأساسى مضافا إليه العلاوات الخاصة عند انتهاء خدمة العامل وهو ما يعنى أن المشرع قد أخذ بأقصى أجر أساسى تقاضاه العامل رغم تباين الأجر الذى كان يتقاضاه العامل خلال فترات الأجازات الدورية التى حرم منها - تطبيق.
(ب) دعوى - دفوع فى الدعوى - الدفع بعدم الدستورية.
المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة1979 - المحكمة المختصة بالفصل فى المنازعة موضوعاً هى التى تختص بتقدير مدة جدية الدفع بعدم دستورية أى نص سواء من تلقاء نفسها أو بناء على دفع من الخصوم ولا يكون الدفع جدياً إلا إذا كان له سند من الدستور يجعله مرجح الكسب عندما تقام الدعوى بعدم دستوريته.


إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 9/ 3/ 1998 أودع الأستاذ/ ......... المحامى بصفته وكيلا عن السيد المستشار/ ............ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن طالباً فى ختامه الحكم له بأحقية فى المقابل النقدي لرصيد أجازاته التى حرم منها بسبب ظروف العمل ومقتضياته طوال مدة خدمته دون تقيد بمدة الثلاثة أشهر أو إحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا لتقضى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المضافة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 فيما قررته من وجوب التقيد بهذه المدة عند استحقاق المقابل النقدى المشار إليه أو الاذن له برفع الدعوى الدستورية فى هذا الشأن.
وبتاريخ 23/ 5/ 1998 أودع الأستاذ/ ......... بصفته وكيلا عن الأستاذ المستشار/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 5435 لسنة 44 ق. ع طالباً فى ختامه الحكم بأحقيته فى المقابل النقدى لرصيد أجازته التى حرم منها بسبب ظروف العمل ومقتضياته طوال مدة خدمته دون تقيد بمدة الثلاثة أشهر متى قضت المحكمة بذلك على أن يشمل الحكم حساب هذا المقابل على أساس الأجر الشامل ولا يقتصر على الأجر الأساسى أو إحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا أو الأذن له برفع الدعوى الدستورية فى هذا الشأن بالإضافة إلى مطلبه الذى تضمنته الدعوى رقم 3364 لسنة 44ق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بوقف نظر الطعنين الماثلين لحين الفصل فى دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 مستبدلة بالقانون رقم 219 لسنة 1991 فيما تضمنته من تحديد المقابل النقدى لرصيد أجازات العامل الاعتيادية بما لا يجاوز أجر أربعة أشهر على أن يقوم برفع الدعوى بعدم دستورية هذه الفقرة أمام المحكمة الدستورية العليا خلال الأجل الذى تحدده له المحكمة الإدارية العليا وفقا لنص المادة 29/ ب من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979.
وقد نظر الطعنين أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 23/ 6/ 2001 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 3364 لسنة 44ق. ع إلى الطعن 5435 لسنة 44ق. ع ليصدر فيهما حكم واحد وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الطعنين للحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم واودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية المقررة.
ومن حيث إن الطاعن قد أقام الطعن رقم 3364 لسنة 44ق. ع وقال شرحاً لطعنه أنه يعمل نائباً لرئيس مجلس الدولة وبلغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش فى عام 1997 وطبق فى شأنه الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 استناداً لما نصت عليه المادة (1) من القانون ذاته باعتبار أن قانون مجلس الدولة لم يتضمن نصا ينظم مدي استحقاق عضو مجلس الدولة عند انتهاء خدمته قبل استنفاد رصيده من الأجازات الاعتيادية لأجره الأساسى الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته عن هذا الرصيد بما لا يجاوز اجر ثلاثة أشهر، وقد قامت الجهة المختصة بمجلس الدولة بتقرير أحقية الطاعن فى مرتبه الأساسى عن رصيده من الأجازات الاعتيادية بما لا يجاوز مرتب ثلاثة أشهر مع أن للطاعن رصيد من هذه الأجازات يجاوز ثلاثة أشهر عن مدة خدمته، وأضاف الطاعن أن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 17/ 5/ 1997 فى القضية رقم 47 لسنة 18ق دستورية بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 45 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 من ألا تزيد عن ثلاثة أشهر مدة الأجازة السنوية التى يجوز للعامل أن يضمها ولو كان الحرمان من هذه الأجازة - فيما جاوز من رصيدها هذا الحد الأقصى - عائداً إلى رب العمل، واستطرد الطاعن أنه بناء على المبادئ التى قررتها المحكمة الدستورية العليا فى حكمها سالف الذكر فإن نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فيما قضى به من استحقاق العامل عن رصيد أجازاته الأجر الأساسى الذى كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز ثلاثة أشهر هذا النص يكون متعارضاً مع أحكام الدستور.
وقال الطاعن شرحا لطعنه رقم 5435 لسنة 44ق. ع أنه يضيف إلى طلبه الوارد فى الدعوى رقم 3364 لسنة 44ق. ع طلباً آخر متضمناً تعديل طلباته فى الدعوى المذكورة وهو أن يحسب المقابل النقدى لرصيد أجازاته التى حرم منها بسبب ظروف العمل ومقتضياته طوال مدة خدمته على أساس الأجر الشامل وليس على أساس الأجر الأساسى بناء على أن ما قضت به المادة (65) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة مخالف للدستور بما تضمنته من أن يكون استحقاق المقابل النقدى لهذا الرصيد على أساس الأجر الأساس دون الأجر الشامل.
حيث إن من المسلم به أن أجر العامل يشمل مرتبه وسائر العناصر الأخرى التى يتكون منها الأجر الشامل.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 219 لسنة 1991 بتعديل نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن "يستبدل بنص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 النص الآتي:
"فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الأجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسى مضافاً إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وذلك بما لا يجاوز أربعة أشهر ولا تخضع هذه المبالغ لأية ضرائب أو رسوم".
وقد نصت المادة الثانية من القانون رقم 219 لسنة 1991 على أن "تسرى أحكام هذا القانون على العاملين بكادرات خاصة ويلغى كل حكم ورد على خلاف ذلك فى القواعد المنظمة لشئونهم".
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قد انتهت فى القضية رقم 2 لسنة 21 قضائية "دستورية" بجلسة 6 من مايو سنة 2000 إلى الحكم" بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدى لرصيد أجازاته الاعتيادية فيما جاوز أربعة أشهر متى كان عدم الحصول على هذا الرصيد راجعاً إلى أسباب اقتضتها مصلحة العمل". وقد أسست حكمها على أنه كلما كان فوات الأجازة راجعاً إلى جهة العمل أو لأسباب اقتضتها ظروف آدائه دون ان يكون لارادة العامل دخل فيها كانت جهة العمل مسئولة عن تعويضه عنها فيجوز للعامل عندئذ - كأصل عام - أن يطلبها جملة فيما جاوز ستة أيام كل سنة إذا كان اقتضاء ما تجمع من إجازاته السنوية على هذا النحو ممكناً عينا وإلا كان التعويض النقدى عنها واجبا تقديراً بأن المدة التى امتد إليها الحرمان من استعمال تلك الأجازة مردها إلى جهة العمل فكان لزاماً أن تتحمل وحدها تبعة ذلك، ولما كان الحق فى التعويض لا يعدو أن يكون من عناصر الذمة المالية للعامل مما يندرج فى إطار الحقوق التى تكفلها المادتان 32، 34 من الدستور اللتان صان بهما الملكية الخاصة والتى تتسع للأموال بوجه عام فإن حرمان العامل من التعويض المكافئ للضرر والجابر له يكون مخالفاً للحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية طبقاً للمادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن عين اعتبارا من 10/ 3/ 1962 بمجلس الدولة وظل يعمل به إلى أن أحيل إلى المعاش اعتباراً من 20/ 12/ 1997، وكان الثابت أنه رغم تدوول نظر الطعن أمام المحكمة فإن جهة الإدارة المطعون ضدها لم تودع ثمة مذكرة بدفعها ولم ترد على ما أورده الطاعن بعريضة طعنه واكتفت بايداع بيان رسمى برصيد أجازات الطاعن منذ تعيينه فى 10/ 3/ 1962وحتى تاريخ بلوغ الطاعن السن القانونية للإحالة إلى المعاش.
ومن حيث إن كان عبء الإثبات يقع بحسب الأصل على عاتق المدعى إلا أن الأخذ بهذا الأصل فى مجال منازعات الإدارة الناشئة عن العلاقة الوظيفية أمر لا يستقيم مع واقع الحال وقواعد العدالة نظراً لاحتفاظ جهة الإدارة بالأوراق والمستندات و الملفات ذات الأثر فى حسم النزاع وعليها من ثم تقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والتى من شأنها إنزال حكم القانون على المنازعة فإذا ما تقاعست عن ذلك فإن هذا التقاعس يقيم قرينة قانونية لصالح خصم الإدارة بصحة الوقائع التى أوردها بعريضة طعنه.
ومن حيث إنه بالبناء على ذلك فإنه يتعين الحكم بأحقية الطاعن فى رصيد أجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها بسبب ظروف العمل والتى أوردتها جهة الإدارة بحافظة مستنداتها مع مراعاة خصم مدد الأجازات عن فترات الإعارة والأجازات الخاصة بدون مرتب وما يماثلهما من فترات لم يؤدى عملاً خلالها بمجلس الدولة فضلا عن الأجازات الدورية التي لم يحصل عليها الطاعن وحصل عن أدائه العمل خلالها على مقابل نقدى (جلسات الصيف).
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن حساب المقابل النقدى على الأجر الشامل الذى كان يتقاضاه وليس على الأجر الأساسى، أو إحالة الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا أو الإذن له برفع الدعوى بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (65) السالف الإشارة إليها فيما تضمنته من تحديد الأساس الذى يصرف استناداً إليه رصيد الأجازات الاعتيادية بأنه الأجر الأساسى مضافا إليه العلاوات الخاصة، فإنه طبقاً للمادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة فإن المحكمة المختصة بالفصل فى المنازعة موضوعا هى التى تختص بتقدير مدى جدية الدفع بعدم دستورية أى نص سواء من تلقاء نفسها أو بناء على دفع من الخصوم ولا يكون الدفع جدياً إلا إذا كان له سند من الدستور يجعله مرجح الكسب عندما تقام الدعوى بعدم دستوريته أمام المحكمة الدستورية العليا.
ومن حيث إن المشرع قد حدد الأساس الذى يحسب بناء عليه التعويض أو المقابل عن رصيد الأجازات الدورية التى لم يحصل عليها العامل بسبب راجع إلى ظروف العمل بأنه الأجر الأساسى مضافاً إليه العلاوات الخاصة عند انتهاء خدمة العامل وهو ما يعنى أن المشرع قد أخذ بأقصى أجر أساسى تقاضاه العامل رغم تباين الأجر الذى كان يتقاضاه العامل خلال فترات الأجازات الدورية التى حرم منها. فإن ما قرره النص لا يكون مجافياً للعدالة ولامصادر الحق أو قاصرا عن جبر الضرر الذى حاق بالعامل نتيجة لعدم حصوله على أجازاته بسبب ظروف العمل بل مستهدفاً توحيداً لقاعدة حساب مقابل رصيد الأجازات بتنظيم تشريعى لا يكون محلاً لخلاف أو تباين للرأى دون أن يصادر الحق فى التعويض أو كونه جابر ومكافئ للضرر الذى أصاب العامل، ومن ثم فإن الدفع بعدم دستورية نص المادة (65) فيما تضمنته من تحديد المقابل النقدى بالأجر الأساسى مضافًغ إليه العلاوات الخاصة لا يكون قائماً على أساس جدى.
ومن حيث إن المادة (65) السالف الإشارة إليها قد حددت أن رصيد الأجازات الاعتيادية يستحق عنها العامل من أجره الأساس مضافاً إليه العلاوات الخاصة التى كان يتقاضاها عند انتهاء خدمته وهو تحديد لا يحتمل تأويلاً أو تفسيراً.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بأحقية الطاعن فى تقاضى المقابل النقدى لرصيد أجازاته الاعتيادية التى لم يحصل عليها بسبب مقتضيات العمل على النحو المبين بالأسباب محسوباً على أجره الأساسى عند انتهاء خدمته مضافاً إليه العلاوات الخاصة مع مراعاة خصم ما سبق صرفه له، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.